قال النووي في شرح صحيح مسلم (9/164):
(( وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي) حديث حسن رواه أحمد بن حنبل في مسنده، والبيهقي وغيرهما بإسناد حسن والله أعلم.
واعلم أن مذهبنا أنه لا يختص هذا التفضيل بالصلاة في هذين المسجدين بالفريضة، بل يعم الفرض والنفل جميعا، وبه قال مطرف من أصحاب مالك. وقال الطحاوي: يختص بالفرض، وهذا مخالف إطلاق هذه الأحاديث الصحيحة، والله أعلم.
واعلم أن الصلاة في مسجد المدينة تزيد على فضيلة الألف فيما سواه، إلا المسجد الحرام؛ لأنها تعادل الألف بل هي زائدة على الألف، كما صرحت به هذه الاحاديث)).
وقال ابن الهمام الحنفي في فتح القدير (3/182):
(( فقد ثبت أن صلاة في مسجده تعدل ألف صلاة في غيره على ما قدمنا، وهذا التفضيل مختص بالفرائض، وقيل في النفل أيضا، ولعلنا قدمنا ما ينفيه في كتاب الصلاة، وقد اشتهر عنه عليه الصلاة والسلام (أن أفضل صلاة الرجل في منزله إلا المكتوبة)، وهذا قاله وهو في المدينة يشافه به الحاضرين عنده في المسجد والغائبين، ثم هو صلى الله عليه وسلم لم يؤثر عنه التنفل في المسجد، بل في بيته من التهجد وركعتي الفجر وغيرها، ولو كان كذلك لم يصل نافلة إلا في المسجد، أو يكون ذلك هو الأكثر وخلافه قليل في بعض الأحايين، خصوصا ومن بيته إلى المسجد نقل في قدم واحدة.
وقد يقال أيضا: إن ذلك إنما هو في حق الرجال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر المرأة التي سألته الحضور والصلاة معه أن تصلي في بيتها، مع أن الخروج لهن كان مباحا إذ ذاك، وقد قدمنا تخريج هذا الحديث في باب الإمامة من كتاب الصلاة، فعلم أن إطلاق الخروج لهن إذ ذاك كان مباحا ليتعلمن ما يشاهدنه من آداب الصلاة، وحسن أداء الناس، وغير ذلك من العلم، ويتعودن المواظبة، ولا يستثقلن الصلاة في البيت، وغير ذلك من المصالح، والله أعلم )).