قال النووي في المجموع شرح المهذب (9/287):
"...من الحيوان ما لا ينتفع به، فلا يصح بيعه، وذلك كالخنافس، والعقارب، والحيات، والديدان، والفأرة، والنمل، وسائر الحشرات ونحوها، قال أصحابنا: ولا نظر إلى منافعها المعدودة من خواصها؛ لأنها منافع تافهة. قال أصحابنا: وفي معناه السباع التي لا تصلح للاصطياد، ولا القتال عليها, ولا تؤكل، كالأسد، والذئب، والنمر، والدب وأشباهها، فلا يصح بيعها؛ لأنه لا منفعة فيها. قال أصحابنا: ولا ينظر إلى اقتناء الملوك لها للهيبة والسياسة, هذا هو المذهب والمنصوص, وبه قطع المصنف وسائر العراقيين، وجمهور الخراسانيين. وحكى القاضي حسين، وإمام الحرمين، والغزالي، وجماعة آخرون من الخراسانيين، وجها شاذا ضعيفا: أنه يجوز بيع السباع؛ لأنها طاهرة، والانتفاع بجلودها بالدباغ متوقع, وضعفوا هذا الوجه؛ بأن المبيع في الحال غير منتفع به, ومنفعة الجلد غير مقصودة ".
وقال العراقي في طرح التثريب (8/1):
" فيه الأمر بقتل الحيات، وهو عند أصحابنا وغيرهم للاستحباب، سواء كان الإنسان مُحْرِماً أم لا، وممن صرح بذلك الرافعي في الحج، لكنه قال في أوائل الأطعمة: قال صاحب التلخيص: وساعد الأصحاب ما أمر بقتله من الحيوان، فهو حرام, والسبب فيه أن الأمر بقتله إسقاط لحرمته، ومنع من اقتنائه, ولو كان مأكولا لجاز اقتناؤه للتسمين، وإعداده للأكل، فقال شيخنا الإمام جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي: هذا يقتضي مخالفة ما تقدم، وفيما قاله نظر; لأن المذكور في الأطعمة منع اقتنائه، ولا يلزم من ذلك وجوب قتله، فلا مخالفة بين الكلامين, وقال أبو العباس القرطبي: هذا الأمر وما في معناه، من باب الإرشاد إلى دفع المضرة المخوفة من الحيات، فما كان منها محقق الضرر وجبت المبادرة إلى قتله.
قلت: جعله أولا من باب الإرشاد، وهو منحط عن الاستحباب؛ لأنه ما كان لمصلحة دنيوية، بخلاف الاستحباب؛ فإن مصلحته دينية، ثم جعل المبادرة لقتله واجبة، ولا منافاة بينهما؛ فإن الوجوب إنما هو عند تحقق الضرر، وذلك بأن يعدو على الإنسان، فالمبادرة إلى قتله واجبة، فقد صرح أصحابنا أن الاستسلام للبهيمة حرام ".
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير (3/13):
" وكذا لا يصح بيع (بقية حشرات، كعقرب وفأر) وخنافس وصراصر وحيات ".