قال القرطبي:" الصحيح أن مريم نبية؛ لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك، وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها. وقال الكرماني: لا يلزم من لفظ الكمال ثبوت نبوتها؛ لأنه يطلق لتمام الشيء، وتناهيه في بابه، فالمراد بلوغها النهاية في جميع الفضائل التي للنساء، قال: وقد نقل الإجماع على عدم نبوة النساء. كذا قال، وقد نقل عن الأشعري أن من النساء من نُبِىء، وهن ست: حواء، وسارة، وأم موسى، وهاجر، وآسية، ومريم، والضابط عنده أن من جاءه الملك عن الله بحكم، من أمر أو نهي، أو بإعلام مما سيأتي، فهو نبي، وقد ثبت مجيء الملك لهؤلاء بأمور شتى من ذلك من عند الله عز وجل، ووقع التصريح بالإيحاء لبعضهن في القرآن، وذكر ابن حزم في الملل والنحل أن هذه المسألة لم يحدث التنازع فيها إلا في عصره بقرطبة، وحكى عنهم أقوالا ثالثها الوقف، قال: وحجة المانعين قوله تعالى:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا﴾، قال: وهذا لا حجة فيه؛ فإن أحدا لم يدع فيهن الرسالة، وإنما الكلام في النبوة فقط، قال: وأصرح ما ورد في ذلك قصة مريم، وفي قصة أم موسى ما يدل على ثبوت ذلك لها، من مبادرتها بالقاء ولدها في البحر، بمجرد الوحي إليها بذلك، قال: وقد قال الله تعالى بعد أن ذكر مريم والأنبياء بعدها ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ﴾ (مريم: من الآية58) فدخلت في عمومه، والله أعلم. ومن فضائل آسية امرأة فرعون: أنها اختارت القتل على الملك، والعذاب في الدنيا على النعيم الذي كانت فيه، وكانت فراستها في موسى عليه السلام صادقة حين قالت:﴿ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي﴾ انظر: فتح الباري لابن حجر (6/447_448)