قال الموفق في المغني (2/537_538):
((الأفضل في تطوع النهار أن يكون مثنى مثنى؛ لما روى علي بن عبد الله البارقي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) رواه أبو داود والأثرم، ولأنه أبعد عن السهو, وأشبه بصلاة الليل، وتطوعاتِ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن الصحيح في تطوعاته ركعتان.
وذهب الحسن, وسعيد بن جبير, ومالك, والشافعي, وحماد بن أبي سليمان، إلى أن تطوع الليل والنهار مثنى مثنى لذلك.
والصحيح أنه إن تطوع في النهار بأربع فلا بأس, فعل ذلك ابن عمر, وكان إسحاق يقول: صلاة النهار أختار أربعا, وإن صلى ركعتين جاز، ويشبهه قول الأوزاعي, وأصحاب الرأي; لما روي عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أربع قبل الظهر لا تسليم فيهن، تُفتح لهن أبواب السماء) رواه أبو داود، ولأن مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى) أن صلاة النهار رباعية .
ولنا على أن الأفضل مثنى، ما تقدم, وحديث أبي أيوب يرويه عبيد الله بن معتب, وهو ضعيف, ومفهوم الحديث المتفق عليه يدل على جواز الأربع، لا على تفضيلها, وأما حديث البارقي فإنه تفرد بزيادة لفظة (النهار) من بين سائر الرواة, وقد رواه عن ابن عمر نحو من خمسة عشر نفسا, لم يقل ذلك أحد سواه, وكان ابن عمر يصلي أربعا, فيدل ذلك على ضعف روايته, أو على أن المراد بذلك الفضيلة, مع جواز غيره، والله أعلم)).
قال النووي في المجموع شرح المهذب (3/549-550):
((مذهبنا ـ أي: الشافعية ـ أن الأفضل في نفل الليل والنهار أن يسلم من كل ركعتين, وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وحماد بن أبي سليمان، ومالك وأحمد، واختاره ابن المنذر.وحكي عن ابن عمر وإسحاق بن راهويه أن الأفضل في النهار أربع.
وقال الأوزاعي وأبو حنيفة: صلاة الليل مثنى، وصلاة النهار إن شاء أربعا، وإن شاء ركعتين.
دليلنا الحديث السابق (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) وهو صحيح كما بيناه قريبا, وقد ثبت في كون صلاة النهار ركعتين ما لا يحصى من الأحاديث, وهي مشهورة في الصحيح، كحديث (ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعده), وكذا قبل العصر، وبعد المغرب والعشاء, وحديث ركعتي الضحى, وتحية المسجد, وركعتي الاستخارة, وركعتين إذا قدم من سفر, وركعتين بعد الوضوء, وغير ذلك.
وأما الحديث المروي عن أبي أيوب رضي الله عنه يرفعه: (أربع قبل الظهر لا تسليم فيهن يفتح لهن أبواب السماء) فضعيف متفق على ضعفه, وممن ضعفه يحيى بن سعيد القطان، وأبو داود والبيهقي، ومداره على عبيدة بن معتب، وهو ضعيف، والله أعلم)).