قالَ ابْنُ نُجَيْمٍ (2/36ـ37) : " وَيُكْرَهُ غَرْسُ الأَشْجارِ في المسْجِدِ ؛ لأَنَّهُ يُشْبِهُ البَيْعَةَ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ نَفْعٌ لِلمَسْجِدِ ، كأَنْ يَكُونَ ذَا نَزٍّ أَوْ أُسْطُوانِيَّةٍ لا تَسْتَقِرُّ فَيَغْرِسُ لِيَجْذِبَ عُرُوقَ الأَشْجارِ ذَلِكَ النَّزُّ ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلا ... وَلا يَتَّخِذُ في المسْجِد بِئْرَ ماءٍ ؛ لأَنَّهُ يُخِلُّ حُرْمَةَ المسْجِدِ ؛ فَإِنَّهُ يَدْخُلُهُ الجنُبُ وَالحائِضُ ، وَإِنْ حَفَرَ فَهُوَ ضامِنٌ بِما حَفَرَ ، إِلَّا أَنَّ ما كانَ قَدِيمًا فَيَتْرُكُ ، كَبِئْرِ زَمْزَمَ في المسْجِدِ الحرامِ , وَلا بَأْسَ بِرَمْيِ عُشِّ الخُفَّاشِ وَالحَمامِ ؛ لأَنَّ فِيهِ تَنْقِيَةُ المسْجِدِ مِنْ زَقِّها. وَقالُوا وَلا يَجُوزُ أَنْ تُعْمَلَ فِيهِ الصَّنائِعُ ؛ لأَنَّهُ مُخْلِصٌ للهِ تَعالَى فَلا يَكُونُ مَحَلَّاً لِغَيْرِ العِبادَةِ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قالُوا في الخَيَّاطِ إِذا جَلَسَ فِيهِ لِمَصْلَحَتِهِ ، مِنْ دَفْعِ الصِّبْيانِ وَصِيانَةِ المسْجِدِ لا بَأْسِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ ، وَلا يَدُقُّ الثَّوْبَ عِنْدَ طَيِّهِ دَقَّا عَنِيفًا ، وَالَّذِي يَكْتُبُ إِنْ كانَ بِأَجْرٍ يُكْرَهُ ، وَإِنْ كانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ لا يُكْرَهُ. قالَ في فَتْحِ القَدِيرِ : هَذا إِذا كَتَبَ القُرْآنَ وَالعِلْمَ ؛ لأَنَّهُ في عِبادَةٍ ، أَمَّا هَؤُلاءِ المكَتِّبُونَ الَّذِينَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ الصِّبْيانُ وَاللَّغَطُ فَلا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَغَطٌ ؛ لأَنَّهُمْ في صِناعَةٍ لا عِبادَةَ ؛ إِذْ هُمْ يَقْصِدُونَ الإِجارَةَ لَيْسَ هُوَ للهِ بَلْ لِلارْتِزاقِ . وَمُعَلِّمُ الصِّبْيانِ القُرْآنَ كالكاتِبِ إِنْ كانَ لأَجْرٍ لا وَحِسْبَةً لا بَأْسَ بِهِ ا هـ . وفي الخُلاصَةِ : رَجُلٌ يَمُرُّ في المسْجِدِ وَيَتَّخِذُهُ طَرِيقاً إِنْ كانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لا يَجُوزُ وَبُعِذْرٍ يَجُوزُ ، ثُمَّ إِذا جازَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ تَحِيَّةَ المسْجِدِ مَرَّةً ا هـ . وَفِي القَنِيَّةِ : يَعْتادُ المرُورَ في الجامِعِ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ ، وَلَوْ دَخَلَ المسْجِدِ لِلمُرُورِ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَدِمِ ، قِيلَ: يَخْرُجُ مِنْ بابِ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ . وَقِيلَ: يُصَلِّي ثُمَّ يَتَخَيَّرُ في الخُرُوجِ. وَقِيلَ: إِنْ كانَ مُحْدِثا يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ إِعداماً لما جَنَى. وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ مَكانٍ في المسْجِدِ لِنَفْسِهِ ؛ لأَنَّهُ يُخِلُّ بِالخُشُوعِ ".