قال النووي في المجموع (2/200-201):
" يجوز النوم في المسجد، ولا كراهة فيه عندنا, نص عليه الشافعي رحمه الله في الأم، واتفق عليه الأصحاب, قال ابن المنذر في الإشراف: رخص في النوم في المسجد ابن المسيب، وعطاء، والحسن، والشافعي.
وقال ابن عباس: لا تتخذوه مرقدا، وروي عنه: إن كنت تنام للصلاة فلا بأس.
وقال الأوزاعي: يكره النوم في المسجد.
وقال مالك: لا بأس بذلك للغرباء، ولا أرى ذلك للحاضر.
وقال أحمد وإسحاق: إن كان مسافرا أو شبهه فلا بأس, وإن اتخذه مقيلا ومبيتا فلا.
قال البيهقي في السنن الكبير: روينا عن ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وسعيد ابن جبير، ما يدل على كراهيتهم النوم في المسجد، قال: فكأنهم استحبوا لمن وجد مسكنا أن لا يقصد النوم في المسجد.
واحتج الشافعي ثم أصحابنا لعدم الكراهة بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنت أنام في المسجد، وأنا شاب عزب ) وثبت أن أصحاب الصفة كانوا ينامون في المسجد، وأن العرنيين كانوا ينامون في المسجد، وثبت في الصحيحين أن عليا رضي الله عنه نام فيه، وأن صفوان بن أمية نام فيه، وأن المرأة صاحبة الوشاح كانت تنام فيه، وجماعات آخرين من الصحابة، وأن ثمامة بن أثال كان يبيت فيه قبل إسلامه، وكل هذا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الشافعي في الأم: وإذا بات المشرك في المسجد فكذا المسلم, واحتج بنوم ابن عمر وأصحاب الصفة. وروى البيهقي عن ابن المسيب عن النوم في المسجد فقال: أين كان أصحاب الصفة ينامون ؟! يعني لا كراهة؛ فإنهم كانوا ينامون فيه.
قال الشافعي في المختصر: ولا بأس أن يبيت المشرك في كل مسجد إلا المسجد الحرام, قال أصحابنا: لا يمكن كافر من دخول حرم مكة, وأما غيره فيجوز أن يدخل كل مسجد ويبيت به بإذن المسلمين، ويمنع منه بغير إذن.
ولو كان الكافر جنبا فهل يمكن من اللبث في المسجد ؟ فيه وجهان مشهوران، أصحهما يمكن, وستأتي المسألة مبسوطة حيث ذكرها المصنف في كتاب الجزية، إن شاء الله تعالى ".