مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي يَنْبَغِي لِطالِبِ العِلْمِ تَحْصِيلُها لِيَنالَ مَطْلُوبَهُ ، مَعَ ما يُلاحَظُ بِهِ مِنَ التَّوْفِيقِ وَيُمَدُّ بِهِ مِنَ المعُونَةِ ، تِسْعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُها: العَقْلُ الَّذِي يُدْرِكُ بِهِ حَقائِقُ الأُمُورِ. وَالثَّانِي: الفِطْنَةُ الَّتِي يُتَصَوَّرُ بِها غَوامِضُ العُلُومِ. وَالثَّالِثُ: الذَّكاءُ الَّذِي يَسْتَقِرُّ بِهِ حِفْظُ ما تَصَوَّرَهُ ، وَفَهْمُ ما عَلِمَهُ. وَالرَّابِعُ: الشَّهْوَةُ الَّتِي يَدُومُ بِها الطَّلَبُ ، وَلا يُسْرِعُ إِلَيْهِ الملَلُ. وَالخامِسُ: الاكْتِفاءُ بِمادَّةٍ تُغْنِيهِ عَنْ كَلَفِ الطَّلَبِ. وَالسَّادِسُ: الفَراغُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ التَّوَفُّرُ ، وَيَحْصُلُ بِهِ الاسْتِكْثارُ. وَالسَّابِعُ: عَدَمُ القَواطِعِ المذْهِلَةِ ، مِنْ هُمُومٍ ، وَأَمْراضٍ. وَالثَّامِنُ: طُولُ العُمُرِ وَاتِّساعُ المدَّةِ ؛ لِيَنْتَهِيَ بِالاسْتِكْثارِ إِلَى مَراتِبِ الكَمالِ. وَالتَّاسِعِ: الظَّفَرِ بِعالِمٍ سَمْحٍ بِعِلْمِهِ ، مُتَأَنٍّ في تَعْلِيمِهِ. فَإِذا اسْتَكْمَلَ هَذِهِ الشُّرُوطَ التِّسْعَةَ فَهُوَ أَسْعَدُ طالِبٍ ، وَأَنْجحَ ُمُتَعَلِّمٍ ، وَقَدْ قالَ الإِسْكَنْدَرُ: يَحْتاجُ طالِبُ العِلْمِ إِلَى أَرْبِعٍ: مُدَّةٍ وَجِدَةٍ وَقَرِيحَةٍ وَشَهْوَةٍ ، وَتَمامِها في الخامِسَةِ: مُعَلِّمٌ ناصِحٌ . أَدَبُ الدُّنْيا وَالدِّينِ لِلماوَرْدِي (67_68)---