مِنْ عَلاماتِ أَهْلِ الحَقِّ أَنَّهُمْ: ((لَمْ يُشْتَهِرُوا بِاسِمْ يُعْرَفُونَ بِهِ عِنْدَ النَّاسِ ، مِنَ الأَسْماءِ الَّتِي صارَتْ أَعْلامًا لأَهْلِ الطَّرِيقِ ، وَأَيْضَاً فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَقَيَّدُوا بِعَمَلٍ وَاحِدٍ يَجْرِي عَلَيْهِمْ اسِمُهُ فَيُعْرَفُونَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الأَعْمالِ ؛ فَإِنَّ هَذا آفَةٌ في العُبُودِيَّةِ،وَهِيَ عُبُودِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ. وَأَمَّا العُبُودِيَّةُ المطْلَقَةُ فَلا يُعْرَفُ صاحِبُها بِاسْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَعانِي أَسْمائِها، فَإِنَّهُ مُجِيبٌ لِداعِيها عَلَى اخْتِلافِ أَنْواعِها،فَلَهُ مَعَ كُلِّ أَهْلِ عُبُودِيَّةٍ نَصِيبٌ يَضْرِبُ مَعَهُمْ بِسَهْمٍ،فَلا يَتَقَيَّدُ بِرَسْمٍ،وَلا إِشارَةٍ وَلا اسْمٍ،وَلا بِزِيٍّ ،وَلا طَرِيقٍ وَضْعِيٍّ اصْطِلاحِيٍّ،بَلْ إِنْ سُئِلَ عَنْ شَيْخِهِ، قالَ: الرَّسُولُ ،وَعَنْ طَرِيقِهِ،قالَ: الاتِّباعُ، وَعَنْ خِرْقَتِهِ، قالَ: لِباسُ التَّقْوَى ،وَعَنْ مَذْهَبِهِ قالَ: تَحْكِيمُ السُّنَّةِ،وَعَنْ مَقْصُودِهِ وَمَطْلَبِهِ،قالَ: ( يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (الكهف: من الآية28) ، وَعَنْ رَباطِهِ وَعَنْ خانكاهُ قالَ: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور:36_37) وَعَنْ نَسَبِهِ،قالَ: أَبِي الإِسْلامُ لا أَبَ لِي سِواهُ إِذا افْتَخَرُوا بِقَيْسٍ أَوْ تَمِيمِ وَعَنْ مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ، قالَ: ما لَكَ وَلَها ؟! مَعَها حِذاؤُها وَسِقاؤُها،تَرِدُ الماءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ حَتَّى تَلْقَى رَبَّها. وَاحَسْرَتاهُ تَقْضَّىَ العُمُرُ وَانْصَرَمَتْ ساعاتـُهُ بَيْنَ ذُلِّ العَجْزِ وَالكَسَـلِ وَالقَوْمُ قَدْ أَخَذُوا دُرُبَ النَّجاةِ وَقَدْ سارُوا إِلَى المطْلَبِ الأَعْلَى عَلَى مَهَلٍ مَدارِجَ السَّالِكِينَ(3/174).