زكاةُ ثمرةِ النخيلِ
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد.
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن اللهَ فرضَ عليكم زكاةً فيما يخرجُ من الأرضِ من الثمارِ، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) سورة البقرة (267). .
وقد تساءلَ كثيرٌ من الناسِ عن زكاةِ ثمارِ النخيلِ وما الواجبُ فيها؟
فاعلموا بارك الله فيكم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد بيَّنَ لأمتِه ما يجب عليهم من زكاةِ الثمارِ بياناً شافياً، ففي "صحيح البخاري" من حديث عبدِ الله بنِ عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فيما سَقَت السَّماءُ والعيونُ أو كان عَثَريًّا العُشْرُ ، وفيما سُقِيَ بالنَّضْحِ نصفُ العُشرِ ) أخرجه البخاري (1483) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فما سقيَ بلا كُلفةٍ ولا مَؤونةٍ فإن الواجبَ فيه العُشرُ، كما أخبرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، وأما ما سُقِيَ بالنَّضحِ –أي: بالسواني أو المكائنِ- ففيه نصفُ العشرِ.
وهذا الحكمُ يشملُ كلَّ أنواعِ النخيلِ الجيِّدِ منها والرديء، ما كان منها في البساتينِ أو البيوتِ لا فرقَ في ذلك.
أيها المؤمنون.
إن كثيراً ممن عندهم نخلٌ في بيوتِهم يغفلون عن هذا الأمرِ، فلا يخرِجون الزكاةَ عنها، وهم بهذا الفعلِ مخطئون، فالواجبُ عليهم أن يقدِّروا ثمرةَ ما في البيتِ، ويخرِجوا عُشرَها إن كانت مما سقت السماءُ، أو نصف عُشرِها إن كانت مما سقِيَ بالنضْحِ .
فإن قال قائلٌ: إن ثمرةَ نخلِ البيوتِ تؤكلُ شيئاً فشيئاً، ويصعُبُ تقديرُ العُشرِ فيها أو نصفِ العُشر؟
فالجواب على هذا: أنه يجبُ على صاحبِ النخلِ أن يقدِّرَ ثمنَ الثمرِ الذي في بيتِه، ويخرجَ من ثمنِه نصفَ العُشرِ إن كان مما سُقِيَ بالنَّضحِ، فعلى سبيل المثالِ: لو قدَّرنا أن ثمرَ نخلِ البيت يساوي ألفَ ريالٍ، فإن على صاحبِ الثمرِ أن يخرجَ نصفَ العُشر إن كان مما سُقِيَ بالنضْحِ ، ونصفُ عُشر الألفِ خمسون ريالا، فزكاتُه خمسون ريالاً.
فاتقوا اللهَ أيها المسلمون، وإياكم ومنعَ ما أوجبَ اللهُ عليكم في أموالِكم، واحذروا يا عبادَ الله من إخراجَ الرَّديء من الطيبِ، فإن اللهَ قد نهاكم عنه فقال: ﴿وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ) سورة البقرة (267) فإن اللهَ تعالى طيبٌ لا يقبلُ إلا طيباً،، وفقنا الله وإياكم لطاعته والاستجابة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم .