×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / التفسير / القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن / الدرس(11) القاعدة الثالثة والعشرون : إرشادات القرآن على نوعين

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

القاعدة الثالثة والعشرون :إرشادات القرآن على نوعين أحدهما: أن يرشد أمرا ونهيا وخبرا إلى أمر معروف شرعا أو معروف عرفا كما تقدم . والنوع الثاني: أن يرشد إلى استخراج الأشياء النافعة من أصول معروفة، ويعمل الفكر في استفادة المنافع منها . وهذه القاعدة شريفة جليلة القدر . أما النوع الأول: فأكثر إرشادات القرآن في الأمور الخبرية والأمور الحكمية داخلة فيها وأما النوع الثاني: وهو المقصود هنا، فإنه دعا عباده في آيات كثيرة إلى التفكر في خلق السماوات والأرض، وما خلق الله فيها من العوالم، وإلى النظر فيها . وأخبر أنه سخرها لمصالحنا ومنافعنا، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه}  +++الجاثية: 13--- فنبه العقول على التفكر فيها، واستخراج أنواع العلوم والفوائد منها . وذلك أننا إذا فكرنا فيها، ونظرنا حالها وأوصافها وانتظامها، ولأي شيء خلقت ولأي فائدة أبقيت؟ وماذا فيها من الآيات وما احتوت عليه من المنافع؟ أفادنا هذا الفكر فيها علمين جليلين: أحدهما: أننا نستدل بها على ما لله من صفات الكمال والعظمة، والحكم البالغة، وما له من النعم الواسعة والأيادي المتكاثرة، وعلى صدق ما أخبر به من المعاد والجنة والنار، وعلى صدق رسله وحقيقة ما جاءوا به . وهذا النوع قد أكثر منه أهل العلم . وكل ذكر ما وصل إليه علمه، فإن الله أخبر أن الآيات إنما ينتفع بها أولو الألباب . وهذا أجل العلمين وأعلاهما، وأكملهما . والعلم الثاني: أننا نتفكر فيها ونستخرج منها المنافع المتنوعة، فإن الله سخرها لنا، وسلطنا على استخراج جميع ما لنا فيها من المنافع والخيرات الدينية والدنيوية . فذلل لنا أرضها لنحرثها ونزرعها ونغرسها، ونستخرج معادنها وبركتها، وجعلها طوع علومنا وأعمالنا لنستخرج منها الصناعات النافعة . فجميع فنون الصناعات على كثرتها وتنوعها وتفوقها لاسيما في هذه الأوقات كل ذلك داخل في تسخيرها لنا . وقد عرفت الحاجة بل الضرورة في هذه الأوقات إلى استنباط المنافع وترقية الصنائع إلى ما لا حد له . وقد ظهر في هذه الأوقات من موادها وعناصرها أمور فيها فوائد عظيمة للخلق . وقد تقدم لنا في قاعدة اللازم: أن ما لا تتم الأمور المطلوبة إلا به فهو مطلوب . وهذا يدل على أن تعلم الصناعات والمخترعات الحادثة من الأمور المطلوبة شرعا، كما هي مطلوبة لازمة عقلا، وأنها من الجهاد في سبيل الله، ومن علوم القرآن . فإن الله نبه العباد أنه جعل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، وأنه سخر لهم ما في الأرض . فعليهم أن يسعوا لتحصيل هذه المنافع من أقرب الطرق إلى تحصيلها، وهي معروفة بالتجارب . وهذا من آيات القرآن . وهو أكبر دليل على سعة علم الله وحكمته ورحمته بعباده بأن أباح لهم جميع النعم، ويسر لهم الوصول إليها بطرق لا تزال تحدث وقتا بعد وقت . وقد أخبر أن القرآن تذكرة يتذكر بها العباد كل ما ينفعهم فيسلكونه وما يضرهم فيتركونه، وأنه هداية لجميع المصالح . القاعدة الرابعة والعشرون :التوسط والاعتدال وذم الغلو القرآن يرشد إلى التوسط والاعتدال وذم التقصير والغلو ومجاوزة الحد في كل الأمور . قال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والأحسان}  +++النحل: 90--- وقال: {قل أمر ربي بالقسط}  +++الأعراف: 29--- والآيات الآمرة بالعدل والإحسان والناهية عن ضدهما كثيرة . والعدل في كل الأمور: لزوم الحد فيها وأن لا يغلو ويتجاوز الحد، كما لا يقصر ويدع بعض الحق . ففي عبادة الله أمر بالتمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في آيات كثيرة ونهى عن مجاوزة ذلك، وتعدي الحدود وذم المقصرين عنه في آيات كثيرة . فالعبادة التي أمر الله بها ما جمعت الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول، فإذا خلت من الأمرين أو أحدهما فهي لاغية . وفي حق الأنبياء والرسل صلى الله عليهم وسلم أمر بالاعتدال وهو الإيمان بهم، ومحبتهم المقدمة على محبة الخلق، وتوقيرهم واتباعهم، ومعرفة أقدارهم ومراتبهم التي أكرمهم الله بها . ونهى في آيات كثيرة عن الغلو فيهم وهو أن يرفعوا فوق منزلتهم التي أنزلهم الله، ويجعل لهم من حقوق الله التي لا يشاركه فيها مشارك شيء . كما نهى عن التقصير في حقهم بتكذيبهم أو ترك محبتهم وتوقيرهم أوعدم اتباعهم . وذم الغالين فيهم كالنصارى ونحوهم في عيسى، كما ذم الجافين لهم كاليهود حين قالوا في عيسى ما قالوا، وذم من فرق بينهم فآمن ببعض دون بعض، وأخبر أن هذا كفر بجميعهم . وكذلك يتعلق هذا الأمر في حق العلماء والأولياء فتجب محبتهم ومعرفة أقدارهم، ولا يحل الغلو فيهم، وإعطاؤهم شيئا من حق الله، وحق رسوله الخالص، ولا يحل جفاؤهم ولا عداوتهم، فمن عادى لله وليا فقد بارزه بالحرب . وأمر بالتوسط في النفقات والصدقات، ونهى عن الإمساك والتقصير والبخل، كما نهى عن الإسراف والتبذير . وأمر بالقوة والشجاعة بالأقوال والأفعال، ونهى عن الجبن، وذم الجبناء وأهل الخور وضعفاء النفوس، كما ذم المتهورين الذين يلقون بأيديهم إلى التهلكة . وأمر وحث على الصبر في آيات كثيرة، ونهى عن الجزع والهلع والتسخط، كما نهى عن التجبر والقسوة وعدم الرحمة في آيات كثيرة . وأمر بأداء الحقوق لكل من له حق عليك: من الوالدين والأقارب والأصحاب ونحوهم والإحسان إليهم قولا وفعلا، وذم من قصر في حقهم أو أساء إليهم قولا وفعلا، كما ذم من غلا فيهم وفي غيرهم حتى قدم رضاهم على رضا الله وطاعتهم على طاعة الله . وأمرنا بالاقتصاد في الأكل والشرب واللباس، ونهى عن السرف والترف، كما نهى عن التقصير الضار بالقلب والبدن . وبالجملة فما أمر الله بشيء إلا كان بين خلقين ذميمين: تفريط وإفراط . القاعدة الخامسة والعشرون :حدود الله قد أمر بحفظها ونهى عن تعديها وقربانها قال تعالى: {والحافظون لحدود الله}  +++التوبة: 112--- وقال: {تلك حدود الله فلا تعتدوها}  +++البقرة: 229--- وقال: {تلك حدود الله فلا تقربوها}  +++البقرة: 187--- . أما حدود الله: فهي ما حده لعباده من الشرائع الظاهرة والباطنة، التي أمرهم بفعلها، والمحرمات التي أمرهم بتركها . فالحفظ لها يكون بأداء الحقوق اللازمة، وترك المحرمات الظاهرة والباطنة . ويتوقف هذا الفعل وهذا الترك على معرفة الحدود على وجهها، ليعرف ما يدخل في الواجبات والحقوق، فيؤديها على ذلك الوجه كاملة غير ناقصة، وما يدخل في المحرمات ليتمكن من تركها، ولهذا ذم الله من لم يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله، وأثنى على من عرف ذلك . وحيث قال الله تعالى: {تلك حدود الله فلا تعتدوها}  +++البقرة: 229--- كان المراد بها: ما أحله لعباده، وما فصله من الشرائع . فإنه نهى عن مجاوزتها وأمر بملازمتها . كما أمر بملازمة ما أحله من الطعام والشراب واللباس والنكاح، ونهى عن تعدي ذلك إلى ما حرم من الخبائث . وكما أمر بملازمة ما شرعه من الأحكام في النكاح والطلاق والعدة وتوابع ذلك، ونهى عن تعدي ذلك إلى فعل ما لا يجوز شرعا . وكما أمر بالمحافظة على ما فصله من أحكام المواريث ولزوم حده . ونهى عن تعدي ذلك، وتوريث من لا يرث، وحرمان من يرث، وتبديل ما فرضه وفصله بغيره . وحيث قال تعالى: {تلك حدود الله فلا تقربوها}  +++البقرة: 187--- كان المراد بذلك: المحرمات . فإن قوله: {فلا تقربوها}  نهي عن فعلها،ونهي عن مقدماتها وعن أسبابها الموصلة إليها والموقعة فيها . كما نهاهم عن المحرمات على الصائم، وبين لهم وقت الصيام فقال: {تلك حدود الله فلا تقربوها}  . وكما حرم على الأزواج أن يأخذوا مما آتوا أزواجهم شيئا إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، قال: {تلك حدود الله فلا تقربوها}  وكما بين المحرمات في قوله: {ولا تقربوا الزنى} +++الإسراء: 32--- {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن}  +++الإسراء: 34--- فالخير والسعادة والفلاح في معرفة حدود الله، والمحافظة عليها . كما أن أصل كل الشر وأسباب العقوبات الجهل بحدود الله، أوترك المحافظة عليها أو الجمع بين الشرين. والله أعلم .

المشاهدات:1959
القاعدة الثالثة والعشرون :إرشادات القرآن على نوعين
أحدهما: أن يرشد أمراً ونهياً وخبراً إلى أمر معروف شرعاً أو معروف عرفاً كما تقدم .
والنوع الثاني: أن يرشد إلى استخراج الأشياء النافعة من أصول معروفة، ويعمل الفكر في استفادة المنافع منها .
وهذه القاعدة شريفة جليلة القدر .
أما النوع الأول: فأكثر إرشادات القرآن في الأمور الخبرية والأمور الحكمية داخلة فيها
وأما النوع الثاني: وهو المقصود هنا، فإنه دعا عباده في آيات كثيرة إلى التفكر في خلق السماوات والأرض، وما خلق الله فيها من العوالم، وإلى النظر فيها .
وأخبر أنه سخرها لمصالحنا ومنافعنا، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ}  الجاثية: 13 فنبه العقول على التفكر فيها، واستخراج أنواع العلوم والفوائد منها .
وذلك أننا إذا فكرنا فيها، ونظرنا حالها وأوصافها وانتظامها، ولأي شيء خلقت ولأي فائدة أبقيت؟ وماذا فيها من الآيات وما احتوت عليه من المنافع؟ أفادنا هذا الفكر فيها علمين جليلين:
أحدهما: أننا نستدل بها على ما لله من صفات الكمال والعظمة، والحكم البالغة، وما له من النعم الواسعة والأيادي المتكاثرة، وعلى صدق ما أخبر به من المعاد والجنة والنار، وعلى صدق رسله وحقيقة ما جاءوا به .
وهذا النوع قد أكثر منه أهل العلم . وكلٌّ ذكر ما وصل إليه علمه، فإن الله أخبر أن الآيات إنما ينتفع بها أولو الألباب .
وهذا أجل العِلْمين وأعلاهما، وأكملهما .
والعلم الثاني: أننا نتفكر فيها ونستخرج منها المنافع المتنوعة، فإن الله سخرها لنا، وسلطنا على استخراج جميع ما لنا فيها من المنافع والخيرات الدينية والدنيوية . فذلل لنا أرضها لنحرثها ونزرعها ونغرسها، ونستخرج معادنها وبركتها، وجعلها طوع علومنا وأعمالنا لنستخرج منها الصناعات النافعة . فجميع فنون الصناعات على كثرتها وتنوعها وتفوقها ـ لاسيما في هذه الأوقات ـ كل ذلك داخل في تسخيرها لنا . وقد عُرفت الحاجة بل الضرورة في هذه الأوقات إلى استنباط المنافع وترقية الصنائع إلى ما لا حد له . وقد ظهر في هذه الأوقات من موادها وعناصرها أمور فيها فوائد عظيمة للخلق .
وقد تقدم لنا في قاعدة اللازم: أن ما لا تتم الأمور المطلوبة إلا به فهو مطلوب . وهذا يدل على أن تعلم الصناعات والمخترعات الحادثة من الأمور المطلوبة شرعاً، كما هي مطلوبة لازمة عقلاً، وأنها من الجهاد في سبيل الله، ومن علوم القرآن .
فإن الله نبه العباد أنه جعل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، وأنه سخر لهم ما في الأرض . فعليهم أن يسعوا لتحصيل هذه المنافع من أقرب الطرق إلى تحصيلها، وهي معروفة بالتجارب .
وهذا من آيات القرآن . وهو أكبر دليل على سعة علم الله وحكمته ورحمته بعباده بأن أباح لهم جميع النعم، ويسر لهم الوصول إليها بطرق لا تزال تحدث وقتاً بعد وقت . وقد أخبر أن القرآن تذكرة يتذكر بها العباد كل ما ينفعهم فيسلكونه وما يضرهم فيتركونه، وأنه هداية لجميع المصالح .
القاعدة الرابعة والعشرون :التوسط والاعتدال وذم الغلو
القرآن يرشد إلى التوسط والاعتدال وذم التقصير والغلو ومجاوزة الحد في كل الأمور .
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ}  النحل: 90 وقال: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ}  الأعراف: 29 والآيات الآمرة بالعدل والإحسان والناهية عن ضدهما كثيرة .
والعدل في كل الأمور: لزوم الحد فيها وأن لا يغلو ويتجاوز الحد، كما لا يقصر ويدع بعض الحق .
ففي عبادة الله أمر بالتمسك بما كان عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آيات كثيرة ونهى عن مجاوزة ذلك، وتعدي الحدود وذم المقصرين عنه في آيات كثيرة .
فالعبادة التي أمر الله بها ما جمعت الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول، فإذا خلت من الأمرين أو أحدهما فهي لاغية .
وفي حق الأنبياء والرسل ـ صلى الله عليهم وسلم ـ أمر بالاعتدال وهو الإيمان بهم، ومحبتهم المقدمة على محبة الخلق، وتوقيرهم واتباعهم، ومعرفة أقدارهم ومراتبهم التي أكرمهم الله بها . ونهى في آيات كثيرة عن الغلو فيهم وهو أن يُرفعوا فوق منزلتهم التي أنزلهم الله، ويجعل لهم من حقوق الله التي لا يشاركه فيها مشارك شيء . كما نهى عن التقصير في حقهم بتكذيبهم أو ترك محبتهم وتوقيرهم أوعدم اتباعهم . وذمَّ الغالين فيهم كالنصارى ونحوهم في عيسى، كما ذمَّ الجافين لهم كاليهود حين قالوا في عيسى ما قالوا، وذمَّ من فرق بينهم فآمن ببعض دون بعض، وأخبر أن هذا كفر بجميعهم .
وكذلك يتعلق هذا الأمر في حق العلماء والأولياء فتجب محبتهم ومعرفة أقدارهم، ولا يحلُّ الغلو فيهم، وإعطاؤهم شيئاً من حق الله، وحق رسوله الخالص، ولا يحلُّ جفاؤهم ولا عداوتهم، فمن عادى لله ولياً فقد بارزه بالحرب .
وأمر بالتوسط في النفقات والصدقات، ونهى عن الإمساك والتقصير والبخل، كما نهى عن الإسراف والتبذير .
وأمر بالقوة والشجاعة بالأقوال والأفعال، ونهى عن الجبن، وذم الجبناء وأهل الخور وضعفاء النفوس، كما ذم المتهورين الذين يلقون بأيديهم إلى التهلكة .
وأمر وحث على الصبر في آيات كثيرة، ونهى عن الجزع والهلع والتسخط، كما نهى عن التجبر والقسوة وعدم الرحمة في آيات كثيرة .
وأمر بأداء الحقوق لكل من له حق عليك: من الوالدين والأقارب والأصحاب ونحوهم والإحسان إليهم قولا وفعلاً، وذمَّ من قصر في حقهم أو أساء إليهم قولاً وفعلاً، كما ذم من غلا فيهم وفي غيرهم حتى قدم رضاهم على رضا الله وطاعتهم على طاعة الله .
وأمرنا بالاقتصاد في الأكل والشرب واللباس، ونهى عن السرف والترف، كما نهى عن التقصير الضار بالقلب والبدن .
وبالجملة فما أمر الله بشيء إلا كان بين خلقين ذميمين: تفريط وإفراط .
القاعدة الخامسة والعشرون :حدود الله قد أمر بحفظها ونهى عن تعديها وقربانها
قال تعالى: {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}  التوبة: 112 وقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا}  البقرة: 229 وقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}  البقرة: 187 .
أما حدود الله: فهي ما حده لعباده من الشرائع الظاهرة والباطنة، التي أمرهم بفعلها، والمحرمات التي أمرهم بتركها . فالحفظ لها يكون بأداء الحقوق اللازمة، وترك المحرمات الظاهرة والباطنة .
ويتوقف هذا الفعل وهذا الترك على معرفة الحدود على وجهها، ليعرفَ ما يدخل في الواجبات والحقوق، فيؤديها على ذلك الوجه كاملة غير ناقصة، وما يدخل في المحرمات ليتمكن من تركها، ولهذا ذمَّ الله من لم يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله، وأثنى على من عرف ذلك .
وحيث قال الله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا}  البقرة: 229 كان المراد بها: ما أحله لعباده، وما فصله من الشرائع . فإنه نهى عن مجاوزتها وأمر بملازمتها .
كما أمر بملازمة ما أحله من الطعام والشراب واللباس والنكاح، ونهى عن تعدي ذلك إلى ما حرم من الخبائث .
وكما أمر بملازمة ما شرعه من الأحكام في النكاح والطلاق والعدة وتوابع ذلك، ونهى عن تعدي ذلك إلى فعل ما لا يجوز شرعاً .
وكما أمر بالمحافظة على ما فصله من أحكام المواريث ولزوم حده . ونهى عن تعدي ذلك، وتوريث من لا يرث، وحرمان من يرث، وتبديل ما فرضه وفصله بغيره .
وحيث قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}  البقرة: 187 كان المراد بذلك: المحرمات . فإن قوله: {فَلا تَقْرَبُوهَا}  نهي عن فعلها،ونهي عن مقدماتها وعن أسبابها الموصلة إليها والموقعة فيها .
كما نهاهم عن المحرمات على الصائم، وبين لهم وقت الصيام فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}  . وكما حرم على الأزواج أن يأخذوا مما آتوا أزواجهم شيئاً إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}  وكما بين المحرمات في قوله: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} الإسراء: 32 {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}  الإسراء: 34
فالخير والسعادة والفلاح في معرفة حدود الله، والمحافظة عليها . كما أن أصل كل الشر وأسباب العقوبات الجهل بحدود الله، أوترك المحافظة عليها أو الجمع بين الشرين. والله أعلم .

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93795 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89657 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف