×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

 وفي السنن عن ابن عمر قال : {كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد يقول رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة أو قال أكثر من مائة مرة} " وقد أمر الله سبحانه عباده أن يختموا الأعمال الصالحات بالاستغفار فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة يستغفر ثلاثا ويقول " {اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام} كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عنه وقد قال تعالى : {والمستغفرين بالأسحار} فأمرهم أن يقوموا بالليل ويستغفروا بالأسحار . وكذلك ختم سورة المزمل وهي سورة قيام الليل بقوله تعالى : {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} وكذلك قال في الحج : {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين} {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} بل أنزل سبحانه وتعالى في آخر الأمر لما غزا النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك وهي آخر غزواته : {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم} {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم} وهي آخر ما نزل من القرآن . وقد قيل : إن آخر سورة نزلت قوله تعالى {إذا جاء نصر الله والفتح} {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا} {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} فأمره تعالى أن يختم عمله بالتسبيح والاستغفار وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده : " {سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي - يتأول القرآن} " وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : " {اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت لا إله إلا أنت} " وفي الصحيحين أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه {قال يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم} " وفي السنن عن أبي بكر رضي الله عنه {قال يا رسول الله علمني دعاء أدعو به إذا أصبحت وإذا أمسيت فقال قل : اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم . قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك} " . فليس لأحد أن يظن استغناءه عن التوبة إلى الله والاستغفار من الذنوب ؛ بل كل أحد محتاج إلى ذلك دائما . قال الله تبارك وتعالى : {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما} فالإنسان ظالم جاهل وغاية المؤمنين والمؤمنات التوبة وقد أخبر الله تعالى في كتابه بتوبة عباده الصالحين ومغفرته لهم . وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " {لن يدخل الجنة أحد بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل} " وهذا لا ينافي قوله {كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية} فإن الرسول نفى باء المقابلة والمعادلة والقرآن أثبت باء السبب . وقول من قال : إذا أحب الله عبدا لم تضره الذنوب . معناه أنه إذا أحب عبدا ألهمه التوبة والاستغفار فلم يصر على الذنوب ومن ظن أن الذنوب لا تضر من أصر عليها فهو ضال مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة ؛ بل من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره . وإنما عباده الممدوحون هم المذكورون في قوله تعالى {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين} {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} ومن ظن أن " القدر " حجة لأهل الذنوب فهو من جنس المشركين الذين قال الله تعالى عنهم : {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} قال الله تعالى رادا عليهم : {كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} {قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} . ولو كان " القدر " حجة لأحد لم يعذب الله المكذبين للرسل كقوم نوح وعاد وثمود والمؤتفكات وقوم فرعون ولم يأمر بإقامة الحدود على المعتدين ولا يحتج أحد بالقدر إلا إذا كان متبعا لهواه بغير هدى من الله ومن رأى القدر حجة لأهل الذنوب يرفع عنهم الذم والعقاب فعليه أن لا يذم أحدا ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه ؛ بل يستوي عنده ما يوجب اللذة وما يوجب الألم فلا يفرق بين من يفعل معه خيرا وبين من يفعل معه شرا وهذا ممتنع طبعا وعقلا وشرعا . وقد قال تعالى : {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} ؟ وقال تعالى : {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} ؟ وقال تعالى : {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} وقال تعالى : {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} وقال تعالى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} أي مهملا لا يؤمر ولا ينهى . وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " {احتج آدم وموسى قال موسى : يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه وكتب لك التوراة بيده فبكم وجدت مكتوبا علي قبل أن أخلق {وعصى آدم ربه فغوى} ؟ قال : بأربعين سنة ، قال : فلم تلومني على أمر قدره الله علي قبل أن أخلق بأربعين سنة ؟ قال : فحج آدم موسى} " أي : غلبه بالحجة . وهذا الحديث ضلت فيه طائفتان : " طائفة " كذبت به لما ظنوا أنه يقتضي رفع الذم والعقاب عمن عصى الله لأجل القدر . و " طائفة " شر من هؤلاء جعلوه حجة وقد يقولون : القدر حجة لأهل الحقيقة الذين شهدوه أو الذين لا يرون أن لهم فعلا . ومن الناس من قال : إنما حج آدم موسى لأنه أبوه أو لأنه كان قد تاب أو لأن الذنب كان في شريعة واللوم في أخرى أو لأن هذا يكون في الدنيا دون الأخرى . وكل هذا باطل . ولكن وجه الحديث أن موسى عليه السلام لم يلم أباه إلا لأجل المصيبة التي لحقتهم من أجل أكله من الشجرة فقال له : لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ لم يلمه لمجرد كونه أذنب ذنبا وتاب منه ؛ فإن موسى يعلم أن التائب من الذنب لا يلام وهو قد تاب منه أيضا ولو كان آدم يعتقد رفع الملام عنه لأجل القدر لم يقل : {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} . والمؤمن مأمور عند المصائب أن يصبر ويسلم وعند الذنوب أن يستغفر ويتوب قال الله تعالى : {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} فأمره بالصبر على المصائب والاستغفار من المعائب . وقال تعالى : {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال ابن مسعود : هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم فالمؤمنون إذا أصابتهم مصيبة مثل المرض والفقر والذل صبروا لحكم الله وإن كان ذلك بسبب ذنب غيرهم كمن أنفق أبوه ماله في المعاصي فافتقر أولاده لذلك فعليهم أن يصبروا لما أصابهم وإذا لاموا الأب لحظوظهم ذكر لهم القدر . و " الصبر " واجب باتفاق العلماء وأعلى من ذلك الرضا بحكم الله و " الرضا " قد قيل : إنه واجب وقيل : هو مستحب وهو الصحيح وأعلى من ذلك أن يشكر الله على المصيبة لما يرى من إنعام الله عليه بها حيث جعلها سببا لتكفير خطاياه ورفع درجاته وإنابته وتضرعه إليه وإخلاصه له في التوكل عليه ورجائه دون المخلوقين وأما أهل البغي والضلال فتجدهم يحتجون بالقدر إذا أذنبوا واتبعوا أهواءهم ويضيفون الحسنات إلى أنفسهم إذا أنعم عليهم بها كما قال بعض العلماء أنت عند الطاعة قدري وعند المعصية جبري ؛ أي مذهب وافق هواك تمذهبت به . وأهل الهدى والرشاد إذا فعلوا حسنة شهدوا إنعام الله عليهم بها وأنه هو الذي أنعم عليهم وجعلهم مسلمين وجعلهم يقيمون الصلاة وألهمهم التقوى وأنه لا حول ولا قوة إلا به فزال عنهم بشهود القدر العجب والمن والأذى وإذا فعلوا سيئة استغفروا الله وتابوا إليه منها ؛ ففي صحيح البخاري عن شداد بن أوس قال : {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها إذا أصبح موقنا بها فمات من ليلته دخل الجنة} " . 

المشاهدات:2666

 وَفِي السُّنَنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : {كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ يَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّك أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ قَالَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ} " وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ أَنْ يَخْتِمُوا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَاتِ بِالِاسْتِغْفَارِ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ يَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ " {اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {وَالْمُسْتَغْفِرِين بِالْأَسْحَارِ} فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقُومُوا بِاللَّيْلِ وَيَسْتَغْفِرُوا بِالْأَسْحَارِ . وَكَذَلِكَ خَتَمَ سُورَةَ الْمُزَّمِّلِ وَهِيَ سُورَةُ قِيَامِ اللَّيْلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْحَجِّ : {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} بَلْ أَنْزَلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي آخِرِ الْأَمْرِ لَمَّا غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ وَهِيَ آخِرُ غَزَوَاتِهِ : {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلَّا إلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} وَهِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ . وَقَدْ قِيلَ : إنَّ آخِرَ سُورَةٍ نَزَلَتْ قَوْله تَعَالَى {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فَأَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَخْتِمَ عَمَلَهُ بِالتَّسْبِيحِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : " {سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي - يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ} " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " {اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي . اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجِدِّي وَخَطَئِي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ} " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي قَالَ : قُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتِ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} " وَفِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ إذَا أَصْبَحْت وَإِذَا أَمْسَيْت فَقَالَ قُلْ : اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضُ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إلَى مُسْلِمٍ . قُلْهُ إذَا أَصْبَحْت وَإِذَا أَمْسَيْت وَإِذَا أَخَذْت مَضْجَعَك} " . فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَظُنَّ اسْتِغْنَاءَهُ عَنْ التَّوْبَةِ إلَى اللَّهِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ الذُّنُوبِ ؛ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ دَائِمًا . قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} فَالْإِنْسَانُ ظَالِمٌ جَاهِلٌ وَغَايَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ التَّوْبَةُ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِتَوْبَةِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ وَمَغْفِرَتِهِ لَهُمْ . وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ وَلَا أَنَا إلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةِ مِنْهُ وَفَضْلٍ} " وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} فَإِنَّ الرَّسُولَ نَفَى بَاءَ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُعَادَلَةِ وَالْقُرْآنُ أَثْبَتَ بَاءَ السَّبَبِ . وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : إذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا لَمْ تَضُرَّهُ الذُّنُوبُ . مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا أَحَبَّ عَبْدًا أَلْهَمَهُ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ فَلَمْ يُصِرَّ عَلَى الذُّنُوبِ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الذُّنُوبَ لَا تَضُرُّ مَنْ أَصَرَّ عَلَيْهَا فَهُوَ ضَالٌّ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ ؛ بَلْ مَنْ يَعْمَلُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ . وَإِنَّمَا عِبَادُهُ الْمَمْدُوحُونَ هُمْ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} {وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ " الْقَدَرَ " حُجَّةٌ لِأَهْلِ الذُّنُوبِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ : {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَادًّا عَلَيْهِمْ : {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إنْ تَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إلَّا تَخْرُصُونَ} {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} . وَلَوْ كَانَ " الْقَدَرُ " حُجَّةً لِأَحَدِ لَمْ يُعَذِّبْ اللَّهُ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ كَقَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ وَقَوْمَ فِرْعَوْنَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْمُعْتَدِينَ وَلَا يَحْتَجُّ أَحَدٌ بِالْقَدَرِ إلَّا إذَا كَانَ مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ وَمَنْ رَأَى الْقَدَرَ حُجَّةً لِأَهْلِ الذُّنُوبِ يَرْفَعُ عَنْهُمْ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَذُمَّ أَحَدًا وَلَا يُعَاقِبَهُ إذَا اعْتَدَى عَلَيْهِ ؛ بَلْ يَسْتَوِي عِنْدَهُ مَا يُوجِبُ اللَّذَّةَ وَمَا يُوجِبُ الْأَلَمَ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مَنْ يَفْعَلُ مَعَهُ خَيْرًا وَبَيْنَ مَنْ يَفْعَلُ مَعَهُ شَرًّا وَهَذَا مُمْتَنِعٌ طَبْعًا وَعَقْلًا وَشَرْعًا . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} ؟ وَقَالَ تَعَالَى : {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} ؟ وَقَالَ تَعَالَى : {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} أَيْ مُهْمَلًا لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " {احْتَجَّ آدَمَ وَمُوسَى قَالَ مُوسَى : يَا آدَمَ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَك اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيك مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَك مَلَائِكَتَهُ لِمَاذَا أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَك مِنْ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمَ : أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاك اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَكَتَبَ لَك التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ فَبِكَمْ وَجَدْت مَكْتُوبًا عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} ؟ قَالَ : بِأَرْبَعِينَ سَنَةٍ ، قَالَ : فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةٍ ؟ قَالَ : فَحَجَّ آدَمَ مُوسَى} " أَيْ : غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ . وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَلَّتْ فِيهِ طَائِفَتَانِ : " طَائِفَةٌ " كَذَّبَتْ بِهِ لَمَّا ظَنُّوا أَنَّهُ يَقْتَضِي رَفْعَ الذَّمِّ وَالْعِقَابِ عَمَّنْ عَصَى اللَّهَ لِأَجْلِ الْقَدَرِ . وَ " طَائِفَةٌ " شَرٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ جَعَلُوهُ حُجَّةً وَقَدْ يَقُولُونَ : الْقَدَرُ حُجَّةٌ لِأَهْلِ الْحَقِيقَةِ الَّذِينَ شَهِدُوهُ أَوْ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ أَنَّ لَهُمْ فِعْلًا . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ : إنَّمَا حَجَّ آدَمَ مُوسَى لِأَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ تَابَ أَوْ لِأَنَّ الذَّنْبَ كَانَ فِي شَرِيعَةٍ وَاللَّوْمَ فِي أُخْرَى أَوْ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْأُخْرَى . وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ . وَلَكِنَّ وَجْهَ الْحَدِيثِ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَلُمْ أَبَاهُ إلَّا لِأَجْلِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي لَحِقَتْهُمْ مِنْ أَجْلِ أَكْلِهِ مِنْ الشَّجَرَةِ فَقَالَ لَهُ : لِمَاذَا أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَك مِنْ الْجَنَّةِ ؟ لَمْ يَلُمْهُ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَتَابَ مِنْهُ ؛ فَإِنَّ مُوسَى يَعْلَمُ أَنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ لَا يُلَامُ وَهُوَ قَدْ تَابَ مِنْهُ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ آدَمَ يَعْتَقِدُ رَفْعَ الْمَلَامِ عَنْهُ لِأَجْلِ الْقَدَرِ لَمْ يَقُلْ : {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} . وَالْمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ عِنْدَ الْمَصَائِبِ أَنْ يَصْبِرَ وَيُسَلِّمَ وَعِنْدَ الذُّنُوبِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ وَيَتُوبَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {فَاصْبِرْ إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ المعائب . وَقَالَ تَعَالَى : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ فَالْمُؤْمِنُونَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ مِثْلُ الْمَرَضِ وَالْفَقْرِ وَالذُّلِّ صَبَرُوا لِحُكْمِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ ذَنْبِ غَيْرِهِمْ كَمَنْ أَنْفَقَ أَبُوهُ مَالَهُ فِي الْمَعَاصِي فَافْتَقَرَ أَوْلَادُهُ لِذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَصْبِرُوا لِمَا أَصَابَهُمْ وَإِذَا لَامُوا الْأَبَ لِحُظُوظِهِمْ ذَكَرَ لَهُمْ الْقَدَرَ . وَ " الصَّبْرُ " وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ الرِّضَا بِحُكْمِ اللَّهِ وَ " الرِّضَا " قَدْ قِيلَ : إنَّهُ وَاجِبٌ وَقِيلَ : هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ عَلَى الْمُصِيبَةِ لِمَا يَرَى مِنْ إنْعَامِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِهَا حَيْثُ جَعَلَهَا سَبَبًا لِتَكْفِيرِ خَطَايَاهُ وَرَفْعِ دَرَجَاتِهِ وَإِنَابَتِهِ وَتَضَرُّعِهِ إلَيْهِ وَإِخْلَاصِهِ لَهُ فِي التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَرَجَائِهِ دُونَ الْمَخْلُوقِينَ وَأَمَّا أَهْلُ الْبَغْيِ وَالضَّلَالِ فَتَجِدُهُمْ يَحْتَجُّونَ بِالْقَدَرِ إذَا أَذْنَبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَيُضِيفُونَ الْحَسَنَاتِ إلَى أَنْفُسِهِمْ إذَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِهَا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْتَ عِنْدَ الطَّاعَةِ قَدَرِيٌّ وَعِنْدَ الْمَعْصِيَةِ جَبْرِيٌّ ؛ أَيُّ مَذْهَبٍ وَافَقَ هَوَاك تَمَذْهَبْت بِهِ . وَأَهْلُ الْهُدَى وَالرَّشَادِ إذَا فَعَلُوا حَسَنَةً شَهِدُوا إنْعَامَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِهَا وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَهُمْ مُسْلِمِينَ وَجَعَلَهُمْ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَأَلْهَمَهُمْ التَّقْوَى وَأَنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِهِ فَزَالَ عَنْهُمْ بِشُهُودِ الْقَدَرِ الْعَجَبُ وَالْمَنُّ وَالْأَذَى وَإِذَا فَعَلُوا سَيِّئَةً اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَتَابُوا إلَيْهِ مِنْهَا ؛ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ : {قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُك وَأَنَا عَلَى عَهْدِك وَوَعْدِك مَا اسْتَطَعْت أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْت أَبُوءُ لَك بِنِعْمَتِك عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ مَنْ قَالَهَا إذَا أَصْبَحَ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ} " . 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93795 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89655 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف