(سورة القمر)
قوله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} يدل على أن عاقر الناقة واحد وقد جاءت آيات أُخر تتدل على كونه غير واحد كقوله فعقروا الناقة الآية.
وقوله: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا}.
والجواب من وجهين: الأول _ أنهم تمالئوا كلهم على عقرها فانبعث أشقاهم لمباشرة الفعل فأسند العقر إليهم لأنه رضاهم وممالأتهم.
الوجه الثاني _ هو ما قدمنا في سورة الأنفال من إسناد الفعل إلى المجموع مرادا به بعضه وذكرنا في الأنفال نظائره في القرآن العظيم والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ}. تقدم وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} الآية.
(سورة الرحمن)
قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ}.
لا يخفى ما يسبق إلى الذهن من أن إرسال شواظ النار الذي هو لهبها والنحاس الذي هو دخانها أو النحاس المذاب وعدم الانتصار ليس في شيء منه إنعام على الثقلين. وقوله لهم فبأي آلاء الله أي نعمه على الجن والإنس.
والجواب من وجهين: الأول _ أن تكرير {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} للتوكيد ولم يكرر متواليا لأن تكريره بعد كل آية أحسن من تكريره متواليا وإذا كان للتوكيد فلا إشكال لأن المذكور منه بعد ما ليس من الآلاء مؤكد للمذكور بعد ما هو من الآلاء.
الوجه الثاني _ أن {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} لم تذكر إلا بعد ذكر نعمة أو موعظة أو إنذار وتخويف وكلها من آلاء الله التي لا يكذب بها إلا كافر جاحد. أما في ذكر النعمة فواضح. وأما في الموعظة فلأن الوعظ تلين له القلوب فتخشع وتنيب فالسبب الموصل إلى ذلك من أعظم النعم فظهر أن الوعظ من أكبر الآلاء.. وأما في الإنذار والتخويف كهذه الآية ففيه أيضا أعظم نعمة على العبد لأن إنذاره في دار الدنيا من أهوال يوم القيامة من أعظم نعم الله عليه ألا ترى أنه لو كان أمام إنسان مسافر مهلكة كبرى وهو مشرف على الوقوع فيها من غير أن يعلم بها فجاءه إنسان فأخبره بها وحذره عن الوقوع فيها أن هذا يكون يدا له عنده وإحسانا يجازيه عليه جزاء أكبر الأنعام وهذا الوجه الأخير هو مقتضى الأصول لأنه قد تقرر في علم الأصول أن النص إذا احتمل التوكيد والتأسيس فالأصل حمله على التأسيس لا على التوكيد لأن في التأسيس زيادة معنى ليست في التوكيد وعلى هذا القول فتكرير {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} إنما هو باعتبار أنواع النعم المذكورة قبلها من إنعام أو موعظة أو إنذار وقد عرفت أن كلها من آلاء الله فالمذكورة بعد نعمة كالمذكورة بعد قوله: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ} الآية وبعد قوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} الآية لأن السفن واللؤلؤ والمرجان من آلاء الله كما هو ضروري والمذكورة بعد موعظة كالمذكورة بعد قوله: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ } الآية. والمذكورة بعد إنذار أو تخويف كالمذكورة بعد قوله: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ}. الآية . . والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ} تقدم وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . وقوله: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ إليهم} الآية. في سورة الأعراف.
(سورة الواقعة)
قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} يقتضي أنه لم يقسم بهذا القسم.
وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} يدل على خلاف ذلك.
والجواب من وجهين:
الأول _ أن ((لا)) النافية يتعلق نفيها بكلام الكفار فمعناها إذا ليس الأمر كما يزعمه الكفار المكذبون للرسول وعليه أقسم إثبات مؤتنف.
الثاني _ أن لفظة (لا) صلة وقد وعدنا ببيان ذلك بشواهده في الجمع بين قوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ} مع قوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}.