(سورة الصف)
قوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} هذه الآية الكريمة تدل بظاهرها على أن الخارج عن طاعة الله لا يهديه الله. وقد جاءت آيات أُخر تدل على خلاف ذلك كقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا} الآية. وقوله تعالى: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}.
والجواب: أن الآية من العام المخصوص فهي في خصوص الأشقياء الذين أزاغ الله قلوبهم عن الهدي لشقاوتهم الأزلية وقيل المعنى لا يهديهم ما داموا على فسقهم فإن تابوا منه هداهم.
(سورة الجمعة)
قوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} - فيه الاشكال والجواب مثل ما ذكرنا آنفا في قوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.
قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} الآية. لا يخفى أن أصل مرجع الضمير هو الأحد الدائر بين التجارة واللهو لدلالة لفظة أو على ذلك ولكن هذا الضمير رجع إلى التجارة وحدها دون اللهو فبينه وبين مفسره بعض منافاة في الجملة. والجواب أن التجارة أهم من اللهو وأقوى سببا في الانفضاض عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم انفضوا عنه من أجل العير، واللهو كان من أجل قدومها مع أن اللغة العربية يجوز فيها رجوع الضمير لأحد المذكورين قبله.. أما في العطف فواضح لأن الضمير في الحقيقة راجع إلى الأحد الدائر الذي هو واحد لا بعينه. كقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}
وأما الواو فهو فيها كثير. ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا} الآية - وقوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} - وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا}الآية - وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْه} الآية - ونظيره من كلام العرب قول نابغة ذبيان: -
وقد أراني ونعما لاهيين بها
والدهر والعيش لم يهمم بامرار
(سورة المنافقون)
قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} الآية. هذا الذي شهدوا عليه حق لأن رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم حق لا شك فيها وقد كذبهم الله بقوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون، مع أن قوله والله يعلم أنك لرسوله كأنه تصديق لهم.
والجواب أن تكذيبه تعالى لهم منصب على إسنادهم الشادة إلى أنسهم في قولهم نشهد وهم في باطن الأمر لا يشهدون برسالته بل يعتقدون عدمها أو يشكون فيه كما يدل للأول قوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} إلى قوله: {وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ}. ويدل للثاني قوله تعالى: {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية ظاهر هذه الآية الكريمة أنه لا يغفر للمنافقين مطلقا وقد جاءت آية توهم الطمع في غفرانه لهم إذا استغفر لهم رسوله صلى الله عليه وسلم أكثر من سبعين مرة. وهي قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}
والجواب أن هذه الآية هي الأخيرة بينت أنه لا يغفر لهم على كل حال لأنهم كفار في الباطن.
(سورة التغابن)
قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} تقدم رفع الاشكال بينه وبين قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} في سورة آل عمران
(سورة الطلاق)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}. الآية. ظاهر في خصوص الخطاب به صلى الله عليه وسلم وقوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ} الآية يقتضي خلاف ذلك.
والجواب هو ما تقدم محررا في سورة الروم من أن الخطاب الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم حكمه عام لجميع الأمة.
قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأََنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً}.
أفرد الضمير في هذه الآية في قوله يؤمن وقوله يعمل وقوله يدخله وقوله، وجمع في قوله خالدين.
والجواب أن الإفراد باعتبار لفظ من والجمع باعتبار معناها وهو كثير في القرآن العظيم. وفي هذه الآية الكريمة رد على من زعم أن مراعاة المعنى لا تجوز بعدها مراعاة اللفظ لأنه في هذه الآية راعى المعنى في قوله خالدين ثم راعى اللفظ بعد ذلك في قوله قد أحسن الله له رزقا.