إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِيِنَهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوُذُ بِاللهِّ مِنْ شُروُرِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنِ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيِكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ واَقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنِ, أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقوُا اللهَ الَّذيِ إذا قُلْتُمْ سَمِعَ، وَإِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ، وَاحْذروُا المَوْتَ الَّذيِ إِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ هَرَبْتُمْ أَدْرَكَكُمْ: ﴿أََيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾النساء: 78.
الَّلهُمَّ ارْزُقْنا ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَحُسْنَ عِبادَتِكَ، وَأَعَنَّا عَلَىَ مَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ في السِرِّ وَالعَلَنِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّ رَبَّكُمْ اللهُ الَّذيِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، رَبُّ السَّمواتِ وَالأَرْضِ، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ، خَلَقَ السَّمواتِ وَالأَرْضَ وَقَدَّرَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، وَعَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصوُهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ، مِنَ بَديِعِ حِكْمَتِهِ الباهِرَةِ وَعظيمِ مِنَّتِهِ عَلَىَ عِبادِهِ، وَجَليِلِ إِتْقانِهِ لِصِنْعَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِخَلْقِهِ، أَنْ ﴿جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾الفرقان: 62؛ فَفِيِ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ آياتٌ وَعِبَرٌ يَفْتَحُ اللهُ لهَا بَصائِرَ مَنِ ادَّكَرَ وَشَكَرَ؛ فَكوُنوُا مِنَ الذَّاكِريِنَ الشَّاكِريِنَ المَعْتَبِريِنَ لآياتِ اللهِ في السَّمواتِ وَالأَرْضِ؛ ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ الحج: 46، ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾يوسف: 105.
آياتٌ كَثيِرَةٌ مَبْثوُثَةٌ.
وفي كل شيء له آيةٌ *** تدل على أنه واحد
لا يُبْصِرُها إِلاَّ مَنْ فَتَحَ عَيْنَهُ وَقَلْبَهُ لِيَرَىَ عَظيِمَ صُنْعِ رَبِّهِ وَإِتْقانِهِ جَلَّ في عُلاهُ.
اخْتِلافِ الَّليْلِ وَالنَّهارِ آيةٌ مِنَ الآياتِ العَظيِمَةِ الَّتِيِ جَعَلَها اللهُ تَعالَىَ عِبْرةً وَعِظَةً لمنْ أَراَدَ أَنْ يَذَّكَرَ أَوْ أَرادَ شُكوُرًا، اخْتِلافُ الَّليْلِ وَالنَّهارِ طوُلًا وَقِصَرًا، اخْتِلافُ الَّليْلِ وَالنَّهارِ حَرًّا وَبَرْدًا، وَما يَنْشَأُ عَنْ هَذا الاخْتِلافُ وَالتَّعاقُبُ مِنْ تَنَوُّعِ الفصوُلِ في العامِ الواحِدِ بَيْنَ صَيْفٍ وَشِتاءٍ، وَبَيْنَ رَبِيِعٍ وَخريِفٍ، وَبَيْنَ طولِ لَيْلٍ وَقِصَرِهِ، آياتٌ وَعِبرٌ بِها تَتِمُّ مَصالَحُ العِبادِ في مَعاشِهِمْ وَمَعادِهِمْ، بِها تَسْتَقيِمُ أَحْوالُهُمْ وَيَسْتَوِيِ أَمْرُهُمْ.
﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)﴾ الجاثية: 36 - 37.
لَهُ الحَمْدُ عَلَىَ بِرِّهِ وَإِحْسانِهِ، لَهُ الحَمْدُ عَلَىَ لُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَامْتِنانِهِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, فَصْلُ الشِّتاءِ كَتَبَ فِيِهِ عُمَرُ لِوُلاتِهِ وَعُمَّالِهِ: «إِنَّ الشِّتاءَ قَدْ حَضَرَ فَتَأَهَّبوُا أُهْبَتَهُ مِنَ الصَّوُفِ وَالخِفافِ وَالجَوارِبِ، وَاتَّخِذوُا الصَّوُفَ شِعارًا وَدِثارًا»أورده ابن رَجِبٍ في لَطائِفِ المعارِفِ ص(330) تِلْكَ وَصِيَّةُ الفاروُقِ لِوُلاتِهِ أَنْ يُراعوُا حالَ الزَّمانِ وَاخْتِلافِهِ، وَأَنْ يكوُنوُا عَلَىَ تَنَبُّهٍ لما تَقْتَضيِهِ الحالِ مِنَ اسْتِعْدادٍ لما يَنْزِلُ بِالإِنْسانِ مِنْ أَحْوالٍ، فَلِكُلِّ حالٍ يَكوُنُ لِلإِنْسانِ وَظيِفةٌ وَعَمَلٌ.
إِنَّ مِنْ مِنَّةَ اللهِ تَعالَىَ عَلَىَ عِبادِهِ أَنْ يَسَّرَ لَهُمْ في تِلْكَ الاخْتلِافاتِ لِأَحْوالِهِمْ ما يُدْركوُنَ بِهِ مَصالحَهُمْ؛ فَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيِلَ تَقيِكُمْ الحَرَّ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيِلَ تَقيِكُمْ البَرْدَ؛ فاشْكروُهُ جَلَّ في عُلاهُ؛ فَإِنَّ شُكْرَهُ يُوُجِبُ المزيدَ مِنْ عَطائِهِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّ للهَ تَعالَىَ في الَّليْلِ حَقًّا لا يَقْبَلُهُ بِالنَّهارِ، وَإِنَّ لَهُ في النَّهارِ حَقًّا لا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، فَتَعَرَّفوُا عَلَىَ حُقوُقِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَىَ اخْتِلافِ الأَحْوالِ وتَنوُّعِ الزَّمانِ، تَعرَّفوُا عَلَىَ حُقوُقِهِ في أَوْقاتِها وَبادِروُا إِلَىَ امْتِثالها؛ فَإِنَّ العَبْدَ المؤْمِنَ يُدْرِكُ فَضْلَ الوَقْتِ وَوَظيِفَتَهُ وَعَمَلَهُ في كلِّ أَحْوالِهِ؛ فَفِيِ الصَّباحِ لَهُ عَمَلٌ، وَفي المساءِ لَهُ عَمَلٌ، وَفيِ كُلِّ حالٍ وَحيِنَ هُوَ عَبْدٌ للهِ يَتَقَلَّبُ بَيْنَ فَضْلِهِ وَإِنْعامِهِ وَإِحْسانِهِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, «إِنَّ الشِّتاءَ رَبِيِعُ المؤْمِنِ؛ طالَ لَيْلُهُ فَقامَهُ وَقَصُرَ نَهارُهُ فَصامَهُ» هَكَذا جاءَ فيِ حَديِثٍ فيِهِ مَقَالٌ في مُسْنَدِ الإِمامِ أحَمْدَ مِنْ حَديِثِ أَبِي سَعيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «الشِّتاءُ رَبِيِعُ المؤْمِنِ؛ طالَ لَيْلُهُ فَقامَهُ وَقَصُرَ نَهارُهُ فَصامَهُ»مسند احمد(11716),بإسناد الرَّاجِحُ ضَعْفُهُ, وَلَهُ شَواهِدُ, وَزِيِدَ عِنْدَ البَيْهَقِيِّ في "الشَّعْبِ" (3940):طالَ لَيْلُهُ...
قالَ ابْنُ رَجَبٍ مُعَلِّقًا عَلَىَ ذَلِكَ: "إِنَّما كانَ الشِّتاءُ رَبِيِعُ المؤْمِنِ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَعُ فِيِهِ في بَساتِيِنِ الطاَّعاتِ، وَيَسْرَحُ في مَياديِنِ العباداتِ، وَيُنَزِّهُ قَلْبَهُ فيِ رياضِ الأَعْمالِ الميَسَّرَةِ فِيِهِ" لطائف المعارف (326).
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, فيِ كُلِّ حيِنٍ وَحالٍ نَحْنُ خَلْقُ اللهِ وَعَبِيِدُهُ، نَحْنُ الفُقَراءُ إِلَىَ اللهِ في كُلِّ أَحْوالِنا، فيِ صِحَّتِنا وَمَرَضِنا، في غِنانا وَفَقْرِنا، فيِ صَيْفِنا وَشِتائِنا، في قُوَّتِنا وَضَعْفِنا، أَنْتُمُ الفُقَراءُ إِلَىَ اللهِ كَما قالَ الحَكيِمُ العَليِمُ: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ فاطر: 15، وَالفَقيِرُ يَسْتَجْدِيِ مِنَ الغنِيِّ عَطاءً وَنَوالًا، وَنَحْنُ نَسْتَجْدِيِ مِنَ اللهِ كُلُّ فَضْلٍ وَإِحْسانٍ، لا مَانِعَ لما أَعْطَىَ وَلا مُعْطِيَ لما مَنَعَ، وَمِمَّا يُدْرِكُ بِهِ الخَيْرَ الَّذِيِ عِنْدَهُ وَتُسْتَفْتَحُ بِهِ الرَّحَماتُ الَّتِيِ خَزائِنُها بِيَدِهِ أَنْ يَكوُنَ العَبْدُ قَريبًا مِنْ رَبَّه بِطاعَتِهِ، قَريبًا مِنْ رَبِّهِ بما يُحِبُّهُ وَيَرْضاهُ جَلَّ في عُلاهُ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعالَىَ أَخْبَرَ أَنَّ رَحْمَتَهُ قَريِبٌ مِنَ المحسنيِنَ: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾الأعراف: 56، وَأَهْلُ الِإحْسانِ هُمْ اَّلذيِنَ يُسابِقوُنَ في مَياديِنِ الطَّاعَةِ وَالخَيْرِ وَخِصالِ الإيِمانِ.
الصِّيامُ في الشِّتاءِ غَنِيِمَةٌ بارِدَةٌ وَسائِرُ العَمَلِ مِمَّا يُدْرِكُ بِهِ الِإنْسانُ خَيْرًا عَظيِمًا، وَلا يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّ العِباداتِ جَميِعًا فِيِهِ مُيِسَّرةٌ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قالَ في بِيانِ ما يَحُطَّ اللهُ بِهِ الخَطايا وَيَرْفَعُ الدَّرَجاتِ؛ قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِسْباغُ الوُضوُءِ عَلَىَ المكارِهِ، وَكَثْرَةِ الخُطا إِلَىَ المساجِدِ، وَانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ»أخرجه: مسلم(251), أَعْمالٌ ثَلاثَةٌ كُلُّها مِمَّا يَشَقُّ عَلَىَ الِإنْسانُ فيِ زَمَنِ الشَّتِاءِ:
إِسْباغُ الوُضوُءِ: تَبْليِغُهُ وَتَكْمِيِلُهُ بِأَنْ يَسْتَوْعِبَ الإِنْسانُ ما يَجِبُ غُسْلُهُ مِنْ أَعْضاءِ الطَّهارَةِ دوُنَ تَقْصيِرٍ وَلا إِخْلالٍ؛ «ويل للأعقاب من النار» هَكذا قالَ سَيِّدُنا صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لما رَأَىَ مِنْ أَصْحابِهِ شَيْئًا مِنَ التَّفْريِطِ في غَسْلِ أَعْقابِهِمْ؛ نادَيَ بِأَعْلَىَ صَوْتِهِ قَائِلًا: «وَيْلٌ لِلأَعْقابِ مِنَ النَّارِ»، وَالأَعْقابُ هِيَ مُؤَخِرُّ القَدَمِ، فاحْرِصْ عَلَىَ إِسْباغِ الوُضوُءِ، فَكَما أَنِّ إِسْباغَ الوُضوُءِ يَحُطُّ الخَطايا وَيَرْفَعُ الدَّرجاتِ؛ فَإِنَّ الإِخْلالَ في الِإسْباغِ في الوُضوُءِ موُجبٌ لِصِلِيِّ الناَّرِ؛ «وَيْلٌ لِلأَعْقابِ مِنَ النَّارِ«البخاري(60)مسلم(241).
فَاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، وَبادِروُا إِلَىَ تَكْميِلِ الوُضوُءَ، عَلِّموُا أَوْلادَكُمْ وَأَهْليِكُمْ الحِرْصَ عَلَىَ إِتْقانِ الوُضوُءِ وَتَكْميِلِهِ؛ فـَ«إِنَّ اللهَ لا يَقْبَلُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»البخاري(6954)مسلم(225).
أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, كَثْرَةُ الخُطَىَ إِلَىَ المساجِدِ؛ ذَلِكَ بابٌ مِنْ أَبْوابِ الخَيْرِ قَدْ يَشَقُّ عَلَىَ بَعْضِ النَّاسِ في الشِّتاءِ، لاسِيَّما فيِ صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ الَّليْلِ، فَدِفْءُ الفِراشِ يَمْنَعُ كَثيِرًا مِنَ النَّاسِ مِنَ القِيامِ بَيْنَ يَدَيِ العزيِزِ الغَفَّارِ، فَتَجِدُهُ يُؤْثِرُ الأَدْنَىَ وَيَتْرُكُ الأَعْلَىَ، يُؤْثِرُ دِفْءَ الفِراشِ وَيَنْسَىَ لَظَىَ النَّارِ، فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ وَتَذَكَّروُا أَنَّ قِيامَكُمْ مِنْ فُرُشِكُمْ يِوُجِبُ مَغْفِرَةَ العَزيِزِ الغَفَّارِ، فَكَثْرَةُ الخُطَىَ بِالخروُجِ إِلَىَ المساجِدِ واَلصَّلاةِ فيِها وَشُهوُدِ الجَماعاتِ مِمَّا يَحُطُّ اللهُ بِهِ الخَطايا، وَعَلَىَ قَدْرِ نَصَبِكَ وَتَعَبِكَ وَمَشَقَّتِكَ يَكوُنُ أَجْرُكَ وَثَوابُكَ.
فكُنْ مِن الله قريبًا وإليه مبادرًا، وَسَتَجِدُ مِنْهُ عَوْنًا وَتَأْييدًا؛ فَاللهُ جَلَّ في عُلاهُ يُعيِنُ كُلَّ مَنْ قَصَدَهُ بِطاعَتِهِ وَإِحْسانِهِ في عِبادَتِهِ، ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾العنكبوت: 69 وَانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ يُعَلِّقُ القَلْبَ بِالمساجِدِ، وَإذا تَعَلَّقَ القَلْبَ بِالمسْجِدِ كانَ قَريِبًا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ؛ فـ«سبعةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فيِ ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلَّهُ - مِنْهُمْ - رَجُلٌ مُعَلَّقٌ قَلْبُهُ بِالمساجِدِ»البخاري(660)مسلم(1031)َأيْ: أَنَّ قَلْبَهُ مُعَلَّقٌ بِأَوْقاتَ الصَّلَواتِ وَالمَجِيِءِ إِلَىَ هَذِهِ الرِّحابِ الطَّاهِرَةِ، إِلَىَ هَذِهِ الرِّياضِ المباركَةِ الَّتِيِ يُعَظَّمُ فيِها اللهُ، يَذْكَرُ وَيَقْرَأُ كِتابَهُ، وَيَتعَلَّمُ ديِنَهُ، وَيَنالُ الِإنْسانُ بِذَلِكَ الأَجْرَ وَالثَّوابَ وَدُعاءُ الملائِكَةِ؛ «فَلا يَزالُ أَحَدُكُمْ في صَلاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلاةَ»، وَهُوَ في صَلاتِهِ قَبْلَ الصَّلاةِ وَبَعْدَها يَدْعوُ لَهُ مَلائِكَةٌ: «الَّلهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، الَّلهُمَّ ارْحَمْهُ، ما دامَ في مُصَلَّاهُ»البخاري(647)مسلم(649).
فَبادِروُا إِلَىَ كُلِّ خَيْرٍ، وَبادِروُا إِلَىَ صالحِ الأَعْمالِ، وَتزَوَّدوُا لِيَوْمِ تَشيِبُ فِيِهِ الوِلْدانُ؛ فَالأَعْمالُ في ذَلِكَ اليَوْمِ يُسَرُّ بها أَصْحابُها، كَما أَنَّ صاحِبَ العَمَلِ الصَّالحِ يُدْرِكُ في الدُّنْيا مِنْ حَياةٍ طَيِّبةٍ وَصَلاحِ القَلْبِ وَتَيْسيرِ الأَمْرِ وَعَوْنِ العَزيِزِ الغَفَّارِ ما يَكوُنُ بِهِ صَلاحُ مَعاشُهُ.
الَّلهُمَّ أَعِنَّا عَلَىَ ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبادَتِكَ.
خُذوٌا نَصيِبًا مِنَ الَّليْلِ في طَاعَةِ اللهِ وَلَوْ ركْعَةً واحِدَةً؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ شِعارِ المتَّقيِنَ، وَقِيامِ الَّليْلِ دِثارِ أَوْلِياءِ اللهِ المفْلِحينَ؛ قَوْمُ تَنَعَّموُا بِمناجاةِ اللهِ فَجَافَتْ جُنوُبُهُمُ المضَاجِعَ؛ كَما قالَ رَبُّنا - جَلَّ وَعَلا - في وَصْفِ أَوْلِيائِهِ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾السجدة: 16 فَجَمَعوُا الإِحْسانَ فيِ مُعامَلَةِ الغَفَّارِ بِالصَّلاةِ وَالقِيامِ، وَالِإحْسانِ إِلَىَ الخَلْقِ بِالِإنْفاقِ مِمَّا يَسَّرَ اللهُ لَهُمْ مِنَ الأَرْزاقِ وَالأَمْوالِ؛ فَكانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ: ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾السجدة: 17.
قالَ الطَّبَرِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ﴾ أَيْ مَا أَخْفَى اللَّهُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، مِمَّا تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُهُمْ فِي جِنَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] يَقُولُ: ثَوَابًا لَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الَّتِي كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَعْمَلُونَ"تفسير الطبري(20/182).
فَاتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ، لَيْلَ الشِّتاءِ الطَّويِلِ وَهُوَ مَحَلٌّ لِلاجْتِماعِ وَالأُنْسِ في كَثيِرٍ مِنَ الأَحْيانِ لِكَثيِرٍ مِنَ النَّاسِ؛ فَتَجِدُهُ يُمْضِيِ السَّاعاتِ الطِّوالَ حَوْلَ النَّارِ وَفيِ البرَاريِ وَفيِ الاسْتِراحاتِ وَمواضِعِ الاجْتِماعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ ما دامَ في الحَلالِ فَلا حَرَجَ فِيِهِ، لَكِنْ اجْتَزِئْ مِنْ ذَلِكَ الَّليْلِ الطَّويِلِ سَاعَةً تَقِفُ فِيِها بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ العالمينَ؛ تَدْعوُهُ وَتَذْكُرْهُ وَتُسَبِّحَهُ وَتُعَظِّمَهُ؛ فَلِلهِ كَمْ مِنْ الرَّحَماتِ سَتُنالُ، فَلِلهِ كَمْ مِنْ العَطايا وَالهِباتِ سَتُحَصِّلُ، فَلِلهِ كَمْ مِنْ الَّلذَّةِ الَّتِي سَتُدْركُِها بِمناجاةِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، فَلا تُضَيِّعوُا لَيْلَكُمْ بِسَهَرٍ فَارَغٍ مِنْ طاعَةِ اللهِ وَعِبادَتِهِ، وَاجْعَلوُا لَيْلَكُمْ لَيْلَ المُتَّقيِنَ الذَّاكِريِنَ، لا لَيْلُ الغافِلَيِنَ المسْتَهْتريِنَ.
الَّلهُمَّ أَعِنَّا عَلَىَ ذِكْرَكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبادَتِكَ، أَقوُلُ هَذا القَوْلُ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظيِمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِروُهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفوُرُ الرَّحيِمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالميِنَ، أَحْمَدُهُ، لَهُ الحَمْدُ في الأوُلَىَ وَالآخِرَةِ، وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجعوُنَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِلَهُ الأَوَّليِنَ وَالآخِريِنَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحًمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسوُلُهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَأَصْحابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنَ,
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ وَتَقَرَّبوُا إِلَيْهِ بِأَلْوانِ القُرْبِ، وَبَادِروُا إِلَىَ صالحِ العَمَلِ؛ فَمِنْ نَعْمَةِ اللهِ تَعالَىَ في تَنوُّعِ الفُصوُلِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الإِنْسانُ أَحْوالَ الآخِرَةِ، أَقامَ لَكُمْ اللهُ في الدُّنْيا شَواهِدَ وَأَمْثالًا تَذْكروُنَ بِها ما يَكوُنَ في الآخِرة مِنَ النَّعيِمِ وَالعِقابِ، وَلَيْسَ بَيْنَ هَذا وَذاكَ سُوَىَ تَقْريِبٍ يُدْرِكُ بِهِ الإِنْسانُ ما أَخْبَرَ بِهِ جَلَّ فِي عُلاهُ فيِ كِتابِهِ الحكيِمِ وَما أَخْبَرَ بِهِ نَبيُّهُ الكريِمُ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وإِلَّا فَحالُ الآخِرَةِ مُخْتَلِفٌ عَنْ حالِ الدُّنْيا، فَكُلُّ نَعيمٍ في الدًّنْيا لا يُعادِلُ شَيْئًا مِنْ نعَيمِ الآخرِةَ، وَكُلُّ أَلَمٍ وَعَذابٍ في الدُّنْيا لا يَأْتِيِ عَلَىَ شَيْءٍ مما يَكوُنُ فيِ الآخِرَةِ مِنْ العَذابِ وَالعِقابِ، لَكنَّ اللهَ مِنْ رَحْمَتِهِ بَيَّن لِلنَّاسِ شَيْئًا مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ.
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَىَ رَبِّها فَقالَتْ: يا رَبُّ أَكَلَ بَعْضِيِ بَعْضًا، فَأَذِنَ اللهُ لها بِنَفَسيْنِ؛ نَفَسٍ في الشَّتاءِ وَنَفَسٍ في الصَّيْفِ»، يقوُلُ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَهُوَ أَشَدُّ ما تَجِدوُنَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ ما تَجِدوُنَ مِنَ الزَّمْهَريِرِ».جاءَ في الصَّحيِحيْنِ مِنْ حديِثِ أَبِيِ هرُيْرَةَالبخاري(3260), ومسلم(617).
واللهُ تَعالَىَ قَدْ قالَ في مُحْكَمِ الكِتابِ في عَذابِ أَهْلِ الجَحيمِ: ﴿لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا﴾ النبأ: 24- 25 أَيْ: ماءً حارًّا مَصْلِيًّا، ﴿وَغَسَّاقًا﴾ وَالغَسَّاقُ: هُوَ الزَّمْهَريِرُ البَارِدُ الَّذيِ يَحْرِقُ مِنْ شِدَّةِ بُروٌدَتِهِ.
قَالَ الحَسَنُ - رَحِمَهُ اللهُ -: «كُلُّ بَرْدٍ أَهْلَكَ شَيْئًا فَهُوَ مِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ»لطائف المعارف لابن رجب ص(320)الَّلهُمَّ أَعِذْنا مِنْها يا ذا الجِلالِ وَالِإكرامِ.
فالمؤْمِنُ يَتَذَكَّرُ بَكُلِّ نَعيمٍ يُدْرِكُهُ نَعيمًا أَخْبَرَ عَنْهُ سَيِّدُ الوَرَىَ: «أَعَدَّ اللهُ لِعِبادِهِ الصَّالحيِنَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَىَ قَلْبِ بَشَرٍ»البخاري(3244), ومسلم(2824)، فِي ذَلِكَ يَسْتِوِيِ نَعيِمُ القَلْبِ بِسروُرِهِ وَابْتِهاجِهِ وَاطْمِئْنانِهِ، وَنَعيِمِ البَدَنِ بما يَلْتَذُّ بِهِ مِنَ المَلَذَّاتِ.
كَذَلِكَ كُل أَلمٍ يُدْرِكُ الإِنْسانُ في قَلْبِهِ بِضيِقٍ أَوْ كَدَرٍ، أَوْ في بَدَنِهِ بِأَلَمٍ أَوْ أَذًى، يُدْرِكُ بِهِ ما أَخْبَرَ اللهُ تَعالَىَ بِهِ مِنَ العقوُباتِ في الآخَرِةِ.
وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ أَنْ يُذيِقَ اللهُ العَبْدَ هَذا وَذاكَ؛ لِيَكوُنَ عَلَىَ بَصيرَةٍ فِيِما يَسْتَقْبِلُ مِنْ وَعْدِ اللهِ، وَعْدُ اللهِ لا يُخْلَفُ، إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعادَ وَإِنْ بَعُدَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ، فَوَعْدُهُ حَقٌّ وَاقِعٌ.
قالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾النساء: 122، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾النساء: 87 فَكوُنوُا أَيُّها المؤْمِنوُنَ عَلَىَ اسْتِعْدادٍ وَتَذَكُّرٍ لِذَلِكَ اليَوْمِ الَّذيِ توُزَنُ فِيِهِ الأَعْمالُ، فَيُدْرِكُ النَّاسُ بِهِ مَا يَكوُنُ مِنْ فَوْزٍ بِأَخْذِ الكُتُبِ بِالأَيْمانِ، أَوْ هَلاكٍ بِأَخْذِ الكُتِبِ بِالشَّمائِلِ، نَعوُذُ بِاللهِ مِنَ الخُذْلانِ.
أَيُّها المُؤْمِنوُنَ, إِنَّ مِنْ تَيْسيِرِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِعِبادِهِ ما شَرَعهُ مِنْ مَسْحِ الخِفافِ عِنْدَ الحاجَةِ إِلَىَ ذَلِكَ؛ بِكوْنِ الِإنْسانِ قَدْ لَبِسَ خُفًّا؛ فَإِنَّ مِمَّا جاءَ بِهِ يُسْرُ الشَّريِعَةِ أَنْ أَجازَ لَكُمْ المسْحَ عَلَىَ الخُفَّيْنِ بَدَلًا مِنْ غَسْلِ القَدَمَيْنِ، إِذا كانَتا مَسْتوُرَتَيْنِ بِخُفٍّ أَوْ جَوْرَبٍ أَوْ بِنَحْوِهِما؛ وَذَلِكَ بِشَرْطٍ لابُدَّ مِنَ اسْتِحْضارِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكوُنَ الإِنْسانُ قَدْ لَبِسَ ما لَبِسَ مِنَ الخِفافِ وَالجوارِبِ وَنَحْوِها عَلَىَ طَهارَةٍ؛ فَقَدْ رَخَّصَ رَسوُلُ اللهِ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مَسْحِ الخِفافِ «ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ»مسلم(276)، تَبْتَدِئُ مُدَّةُ المسْحِ مِنْ بَعْدِ الحَدَثِ، فَإِذا لَبِسَ الإِنْسانُ الجَوْرَبِ مَثلًا وَقْتَ صَلاةِ الفَجْرِ، وَلَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ أَوًّلَ مَرَّةٍ إِلَّا لِصَلاةِ الجُمْعَةِ لحَدَثٍ نَزَلَ بِهِ؛ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ سَاعَةِ حصوُلِ الحَدَثِ إِلَىَ اليَوْمِ الآخِرِ؛ لِيُدْرِكَ بِذَلِكَ المدَّةَ الَّتِيِ قَدَّرَها رسوُلُ اللهِ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الهُدَىَ وَالتَّقَىَ وَالعَفافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَىَ، الَّلهُمَّ اسْتَعْمِلْنا فيِما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، وَاصْرِفْ عَنَّا السّوُءَ وَالفَحْشاءَ.
الَّلهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ حِزْبِكَ وَأَوْلِيائِكَ، وَوَفِّقْنا إِلَىَ ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، قِنا شَرَّ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، الَّلهُمَّ أَعِذْنا مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ.
الَّلهُمَّ اغْفِرْ لَنا الذًّنوُبَ دِقَّها وَجِلَّها، صَغيِرَها وَكَبِيِرَها، عَلانِيَتِها وَسِرِّها يا ذا الجَلالِ والإِكْرامِ.
الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُموُرَنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيِمَنْ خَافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالميِنَ.
الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَليَّ أَمْرِنا إِلَىَ ما تحُبُّ وَتَرْضَىَ، وفِّقْهُ وَوَليَّ عَهْدِهِ إِلَىَ كُلِّ خَيْرٍ وَبِرٍّ، وَخُذْ بِنواصيِهِمْ إِلَىَ البِرِّ وَالتَّقْوَىَ، وَيَسِّرْ لَهُمْ العَسْرَ يا ذا الجلالِ وَالِإكْرامِ.
الَّلهُمَّ انْصُرِ المسْلِمينَ نَصْرًا عَزيزًا مُؤزَّرًا في كُلِّ مَكانٍ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، أَقِرَّ أَعْيُنَنا بِظهُوُرِ السُّنَّةِ حَيْثُ يَسَّرْتَ في كُلِّ مكانٍ يا ذا الجلالِ وَالِإكْرامِ.
الَّلهُمَّ انْصُرْ كِتابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيَّكَ وَعِبادَكَ الموَحِّديِنَ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَديِرٌ.
مَنْ أَرادَ ربَّنا بنِا فِتْنَةً فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ، وَاكْفِنا شَرَّهُ بِعِزِّكَ يا ذا الجَلالِ وَالِإكْرامِ.
رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنْكوُنَنَّ مِنَ الخاسِريِنَ.
الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ، كَما صَلَّيْتَ عَلَىَ إِبْراهيِمَ وَعَلَىَ آلِ إِبراهيِمَ؛ إِنَّكَ حميِدٌ مَجِيِدٌ.