(سورة المزمل)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إلاَّ قَلِيلاً}. وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} إلى قوله: {وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} الآية يدل على وجوب قيام الليل على الأمة لأن أمر القدوة أمر لاتباعه. وقوله: {وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} دليل على عدم الخصوص به صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الله ما يدل على خلاف ذلك في قوله: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} . وقوله: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}. والجواب ظاهر وهو أن الأخير ناسخ للأول ثم نسخ الأخير أيضا بالصلوات الخمس.
قوله تعالى: {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً}. لا يعارض قوله: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} لأن قوله وكانت الجبال كثيبا مهيلا تشبيه بليغ والجبال بعد طحنها المنصوص عليه بقوله وبست الجبال بسا تشبه الرمل المتهايل وتشبه أيضا الصوف المنفوش.
(سورة المدثر)
قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}. الآية تقدم وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} الآية.
(سورة القيامة)
قوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}. لا يعارض اقسامه به في قوله: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ}. والجواب من وجهين:
أحدهما أن لا نافية لكلام الكفار.
الثاني أنها صلة كما تقدم وسيأتي له زيادة إيضاح إن شاء الله تعال .
قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}. تقدم وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ}
(سورة الإنسان)
قوله تعالى: {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ}. لا يعارضه قوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} الآية ووجه الجمع ظاهر وهو أنهما جنتان أوانيهما وجميع ما فيهما من فضة، وأخريان أوانيهما وجميع ما فيهما من ذهب والعلم عند الله تعالى.
(سورة المرسلات)
قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}.
هذه الآية الكريمة تدل على أن أهل النار لا ينطقون ولا يعتذرون وقد جاءت آيات تدل على أنهم ينطقون ويعتذرون. كقوله تعالى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}. وقوله: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ}. وقوله: {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً}. وقوله: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ} وقوله: {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا} إلى غير ذلك من الآيات.
والجواب عن هذا من أوجه:
الأول: أن القيامة مواطن ففي بعضها ينطقون وفي بعضها لا ينطقون.
الثاني: أنهم لا ينطقون بما لهم فيه فائدة ومالا فائدة فيه كالعدم.
الثالث: أنهم بعد أن يقول الله لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون ينقطع نطقهم ولم يبق إلا الزفير والشهيق. قال تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ}. وهذا الوجه الثالث راجع للوجه الأول.
(سورة النبأ)
قوله تعالى: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} تقدم وجه الجمع بينه هو والآيات المشابهة له كقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ} مع الآيات المقتضية لدوام عذاب أهل النار بلا انقطاع كقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدا} في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّه} الآية فقد بينا هناك أن العذاب لا ينقطع عنهم وبينا وجه الاستثناء بالمشيئة وأما وجه الجمع بين الأحقاب المذكورة هنا مع الدوام الأبدي الذي قدمنا الآيات الدالة عليه فمن ثلاثة أوجه:
الأول: وهو الذي مال إليه ابن جرير وهو الأظهر عندي لدلالة ظاهر القرآن عليه هو أن قوله لابثين فيها أحقابا متعلق بما بعده أي لابثين فيها أحقابا في حال كونهم لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا فإذا انقضت تلك الأحقاب عذبوا بأنواع أخر من أنواع العذاب غير الحميم والغساق ويدل لهذا تصريحه تعالى بأنهم يعذبون بأنواع أخر من أنواع العذاب غير الحميم والغساق في قوله: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}. وغاية ما يلزم على هذا القول تداخل الحال وهو جائز حتى عند من منع ترادف الحال كابن عصفور ومن وافقه. وإيضاحه أن جملة: لا يذوقون: حال من ضمير اسم الفاعل المستكن ونعني باسم الفاعل قوله لابثين الذي هو حال ونظيره من اتيان جملة فعل مضارع منفي بلا حالا في القرآن قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً} أي في حال كونكم لا تعلمون.
الثاني: أن هذه الأحقاب لا تنقضي أبدا رواه ابن جرير عن قتادة والربيع بن أنس وقال إنه أصح من جعل الآية في عصاة المسلمين كما ذهب إليه خالد بن معدان .
الثالث: أنا لو سلمنا دلالة قوله أحقابا على التناهي والانقضاء فإن ذلك إنما فهم من مفهوم الظرف والتأبيد مصرح به منطوقا والمنطوق مقدم على المفهوم كما تقرر في الأصول. وقوله خالد بن معدان أن هذه الآية في عصاة المسلمين يرده ظاهر القرآن لأن الله قال وكذبوا بآياتنا كذابا: وهؤلاء الكفار.