×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

أهمية الإخلاص الخطبة الأولى : إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.  أما بعد. فيا أيها الناس. اتقوا الله وأطيعوه، وأخلصوا له العبادة وحده لا شريك له، فإن الله خلق الخلق وبعث الرسل وأنزل الكتب؛ ليكون الدين كله لله، قال الله تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾+++ سورة الذاريات: 56. --- ،وقال سبحانه: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون﴾+++ سورة الأنبياء: 25---،وقال: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾+++ سورة البينة: 5---.  أيها المؤمنون. إن عبادة الله لا تقوم ولا تستقيم إلا بالإخلاص له، فالإخلاص لله هو حقيقة الدين، ولب العبادة، وشرط قبول العمل، فهو بمنزلة الأساس للبنيان، وبمنزلة الروح للجسد، فلا عبادة ولا عبودية لمن لا إخلاص له، قال الله سبحانه وتعالى مخبرا عن أعمال الكفار التي لا إخلاص فيها ولا توجيه:﴿وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا﴾+++ سورة الفرقان: 23--- فهذا الإحباط للعمل، والإبطال للسعي نصيب كل من لم يخلص لله تعالى في قوله وعمله، قال الله سبحانه وتعالى:﴿من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون  أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون﴾+++ سورة هود: 15-16---  أيها المؤمنون. اتقوا الله وأخلصوا أعمالكم لله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك، وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فعن أبي هريرة  رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي فى النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال :كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي فى النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ،قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي فى النار)+++ أخرجه مسلم (1905)--- نعوذ بالله من حال أهل النار. أيها المؤمنون. إن من أعظم أسباب غياب الإخلاص في أعمال كثير منا هو طلب الدنيا ومحبة المدح والثناء، فإن الإخلاص لا يقر في قلب مليء بمحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس، قال ابن القيم رحمه الله: "فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولا، فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع، والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص+++ الفوائد (149)--- أيها المؤمنون. إن مما يعيننا على ترك الطمع ويسهله علينا يقيننا أن الخير كله بيد الله تعالى، لا يملكه غيره، فمن أراده طلبه منه، وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين، ويضر ذمه ويشين إلا الله تعالى.  فازهد يا عبد الله في مدح من لا يزينك مدحه، وفي ذم من لا يشينك ذمه. وارغب في مدح من كل الزين في مدحه، وكل الشين في ذمه.  فجاهدوا ياعباد الله أنفسكم حتى تكونوا من أهل الإخلاص، الذين أعمالهم كلها لله وحده، لا يريدون بذلك من الناس جزاء ولا شكورا.  أيها المؤمنون.. إن لإخلاص العمل فوائد كثيرة، منها: أن الأقوال والأعمال لا تقبل -مهما حسن أداؤها- إذا لم يصاحبها إخلاص لله تعالى: فعن أبي أمامة  رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا، وابتغي به وجهه»+++ أخرجه النسائي (3140)، وحسنه الألباني كما في الجامع الصغير (2737). ---، وفي حديث أبي هريرة  رضي الله عنه  في وصف أسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه»+++ خرجه البخاري (99)---.  ومن فوائد الإخلاص: أن العمل القليل مع الإخلاص سبب للفوز برضا الله تعالى، ومن أمثلة ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«اتق النار ولو بشق تمرة»+++ أخرجه البخاري (1417) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.---، فشق التمرة مع الإخلاص يقي النار بمنة الكريم المنان، كما أن كثير العمل مع الرياء يولج العبد أسفل النيران، كما قال العزيز القهار:﴿إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا﴾+++ سورة النساء 145---. ومن فوائد الإخلاص: أن الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من التوحيد والإخلاص، فتكون صورة العملين واحدة، وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها ثمنها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها»+++ أخرجه أبو داود (796) من حديث عمار بن ياسر  رضي الله عنه ، والحديث حسنه الألباني .---.  فاتقوا الله أيها المؤمنون، وأخلصوا لله رغبتكم وعملكم، فإنه لا يضيع عمل المخلصين.  الخطبة الثانية  :  أما بعد. فاتقوا الله أيها المؤمنون، وأخلصوا لله سبحانه وتعالى، فإن الإخلاص سبب لقوة القلب، وثبات اليقين عند توافر الفتن والزيغ، فهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم لما كمل مراتب الإخلاص أنزل الله على قلبه السكينة، فثبت فؤاده ونصره على أعدائه، فالعبد ينصر بإخلاصه لله تعالى.  فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه  عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم»+++ أخرجه النسائي (3178)، والحديث صححه الألباني في الجامع الصغير (4153)---.  فالإخلاص والصدق مع الله يعين العبد على النهوض بالحق، والقيام به، والدعوة إليه مهما عظمت قوة الباطل، فهذا نبي الله هود عليه الصلاة والسلام تحدى قومه، كما قص الله علينا نبأهم في كتابه، حيث قال: ﴿قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون﴾+++ سورة هود: 53-54---،فالإخلاص أعظم ما يعين العبد على القيام بالحق.  أيها المؤمنون. إن الله يقول:﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين﴾+++ سورة الحجر: 42---، وقد بين الله سبحانه هؤلاء العباد في قوله: ﴿إلا عبادك منهم المخلصين﴾+++ سورة الحجر: 40---، فالمخلصون الموحدون محفوظون بحفظ الله: ﴿كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين﴾+++ سورة يوسف: 24---.  فاجتهدوا أيها المؤمنون في إخلاص العمل لله، عسى أن تحصلوا تلك الفضائل والمناقب.  اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل.   

المشاهدات:12414

أهميَّةُ الإِخلاصِ

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 أَمَّا بَعْدُ.
فيا أيها الناس.
اتقوا اللهَ وأطيعوه، وأخلِصُوا له العبادةَ وحدَه لا شريكَ له، فإنَّ اللهَ خلقَ الخلَق وبعثَ الرسل وأنزلَ الكتُبَ؛ ليكونَ الدِّينُ كلُّه لله، قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ سورة الذاريات: 56. ،وقال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ سورة الأنبياء: 25،وقال: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ سورة البينة: 5
أيها المؤمنون.
إن عبادةَ اللهِ لا تقومُ ولا تستقيمُ إلا بالإخلاصِ له، فالإخلاصُ للهِ هو حقيقةُ الدِّينِ، ولبُّ العبادةِ، وشرطُ قبولِ العملِ، فهو بمنزلةِ الأساسِ للبنيانِ، وبمنزلةِ الرُّوحِ للجسدِ، فلا عبادةَ ولا عبوديةَ لمن لا إخلاصِ له، قال اللهُ سبحانه وتعالى مخبراً عن أعمال الكفار التي لا إخلاصَ فيها ولا توجيهَ:﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾ سورة الفرقان: 23 فهذا الإحباط للعمل، والإبطال للسعي نصيب كل من لم يخلص لله تعالى في قوله وعمله، قال الله سبحانه وتعالى:﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ  أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ سورة هود: 15-16 
أيها المؤمنون.
اتقوا اللهَ وأخلِصوا أعمالَكم للهِ، فإن اللهَ أغنى الشركاءِ عن الشركِ، وهو يعلمُ خائنةَ الأعينِ وما تخفي الصدورُ، فعن أبي هريرة  رضي الله عنه  أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قيل، ثُمَّ َأُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِى النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ :كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِى النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ ،قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِى النَّارِ) أخرجه مسلم (1905) نعوذ بالله من حال أهل النار.
أيها المؤمنون.
إن من أعظمِ أسبابِ غيابِ الإخلاصِ في أعمالِ كثيرٍ منَّا هو طلبُ الدُّنيا ومحبةُ المدحِ والثناءِ، فإن الإخلاصَ لا يقرُّ في قلبٍ مليءٍ بمحبةِ المدحِ والثناءِ والطمعِ فيما عند الناسِ، قال ابن القيم رحمه الله: "فإذا حدثتْك نفسُك بطلبِ الإخلاصِ فأقبِلْ على الطمعِ أولاً، فاذبحْه بسكينِ اليأسِ، وأقبِلْ على المدحِ والثناءِ فازهدْ فيهما زهدَ عُشَّاقِ الدنيا في الآخرةِ، فإذا استقام لك ذبحُ الطمَعِ، والزُّهدِ في الثناءِ والمدحِ سهُل عليك الإخلاصُ الفوائد (149)
أيها المؤمنون.
إنَّ مما يعينُنا على تركِ الطمعِ ويسهله علينا يقينَنا أنَّ الخيرَ كلَّه بيدِ اللهِ تعالى، لا يملِكُه غيرُه، فمن أرادَه طلبَه منه، وأما الزُّهدُ في الثناءِ والمدحِ فيسهِّلُه علمُك أنه ليس أحدٌ ينفعُ مدحُه ويزينُ، ويضرُّ ذمُّه ويشِينُ إلا اللهُ تعالى. 
فازهدْ يا عبدَ اللهِ في مدحِ من لا يزينُك مدْحُه، وفي ذمِّ من لا يشينُك ذمُّه. وارغبْ في مدحِ من كلُّ الزَّيْنِ في مدحِه، وكلُّ الشَّينِ في ذمِّه. 
فجاهِدوا ياعبادَ اللهِ أنفسَكم حتى تكونوا من أهلِ الإخلاصِ، الذين أعمالُهم كلُّها للهِ وحدَه، لا يُريدون بذلك من الناسِ جزاءً ولا شكوراً. 
أيها المؤمنون..
إن لإخلاصِ العملِ فوائدَ كثيرةً، منها:
أن الأقوالَ والأعمالَ لا تُقبلُ -مهما حسُنَ أداؤُها- إذا لم يصاحبْها إخلاصٌ للهِ تعالى: فعن أبي أمامة  رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العَمَلِ إلا ما كانَ خالِصاً، وابتُغيَ به وجهُه» أخرجه النسائي (3140)، وحسنه الألباني كما في الجامع الصغير (2737). ، وفي حديث أبي هريرة  رضي الله عنه  في وصفِ أسعدِ الناسِ بشفاعةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قال: لا إلهَ إلا اللهُ خالصاً من قلبِه» خرجه البخاري (99)
ومن فوائد الإخلاص: أن العملَ القليلَ مع الإخلاصِ سببٌ للفوزِ برضا الله تعالى، ومن أمثلةِ ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم:«اتق النارَ ولو بشقِّ تمرة» أخرجه البخاري (1417) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.، فشِقُّ التمرةِ مع الإخلاصِ يقِي النارَ بمِنَّة الكريم المنان، كما أن كثيرَ العملِ مع الرياءِ يولجُ العبدَ أسفلَ النيرانِ، كما قال العزيزُ القهارُ:﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً﴾ سورة النساء 145.
ومن فوائدِ الإخلاصِ: أن الأعمالَ تتفاضلُ بتفاضُلِ ما في القلوبِ من التوحيدِ والإخلاصِ، فتكونُ صورةُ العمَلَيْن واحدةً، وبينهما من التفاضل كما بين السماءِ والأرضِ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الرجلَ لينصرفُ وما كتب له إلا عشرُ صلاتِه، تسعُها ثمنُها سدسُها خمسُها ربعُها ثلثُها نصفُها» أخرجه أبو داود (796) من حديث عمار بن ياسر  رضي الله عنه ، والحديث حسنه الألباني .
فاتقوا الله أيها المؤمنون، وأخلصوا لله رغبتكم وعملكم، فإنه لا يضيع عمل المخلصين. 
الخطبة الثانية  : 
أما بعد.
فاتقوا اللهَ أيها المؤمنون، وأخلِصوا للهِ سبحانه وتعالى، فإن الإخلاصَ سببٌ لقوةِ القلبِ، وثباتِ اليقينِ عند توافُرِ الفِتنِ والزَّيغِ، فهذا نبيُّكم صلى الله عليه وسلم لما كمَّلَ مراتِبَ الإخلاصِ أنزلَ اللهُ على قلبِهِ السكينةَ، فثبَّت فؤادَه ونصرَه على أعدائِه، فالعبدُ يُنصرُ بإخلاصِه للهِ تعالى. 
فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه  عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«إنما يَنصرُ اللهُ هذه الأمةَ بضعيفِها، بدعوتِهم وصلاتِهِم وإخلاصِهِم» أخرجه النسائي (3178)، والحديث صححه الألباني في الجامع الصغير (4153)
فالإخلاصُ والصِّدْقُ مع اللهِ يُعينُ العبدَ على النُّهوضِ بالحقِّ، والقيامِ به، والدعوةِ إليه مهما عظمت قوةُ الباطلِ، فهذا نبيُّ اللهِ هود عليه الصلاة والسلام تحدى قومَه، كما قصَّ الله علينا نبأَهم في كتابه، حيث قال: ﴿قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ سورة هود: 53-54،فالإخلاصُ أعظمُ ما يُعينُ العبدَ على القيامِ بالحقِّ. 
أيها المؤمنون.
إن اللهَ يَقولُ:﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين﴾ سورة الحجر: 42، وقد بيَّن اللهُ سبحانه هؤلاء العباد في قوله: ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ سورة الحجر: 40، فالمخلصون الموحِّدون محفوظون بحفظِ اللهِ: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ سورة يوسف: 24
فاجتهدوا أيها المؤمنون في إخلاصِ العَمَلِ للهِ، عسى أن تحصِّلوا تلك الفضائلَ والمناقبَ. 
اللهمَّ إنا نسألك الإخلاصَ في القولِ والعملِ. 
 
المادة السابقة

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات82851 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78093 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72446 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60663 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات54975 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52205 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49363 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات47833 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44793 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44024 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف