×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مكتبة الشيخ خالد المصلح / كتب مطبوعة / حصاد المنابر / خطبة: محبة الرسول صلى الله عليه وسلم

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الخطبة الأولى  إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.  أما بعد. فيا أيها المؤمنون. اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، فاتقوه رحمكم الله ، فإنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين . أيها المؤمنون. إن الله تعالى أرسل محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين ، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل وانطماس من السبل ، فهدى الله به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل، أوحى الله إليه :﴿يا أيها المدثر  قم فأنذر﴾، فلم يزل صلى الله عليه وسلم قائما بأمر ربه ومولاه، لا يرده عن ذلك راد ، داعيا إلى الله لا يصده عنه صاد ، يبلغ دين الله ورسالته، لا يخشى فيه لومة لائم، أوذي في الله أبلغ الأذى، في نفسه وماله وأهله وأصحابه، كذبه قومه وعابوه وسفهوا رأيه وضللوه، حاولوا قتله وسجنه، أخرجوه من بلده طريدا سليبا، ثم قاتلوه وحاربوه، فكسروا رباعيته، وشجوا رأسه، وأدموا وجهه، فكان يقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»1. فتحمل في سبيل تبليغ دين الله، وهداية عباد الله صنوف المشاق، وألوان الأذى، فكان عاقبة أمره فوزا ونصرا، فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلمتها ، هدى الله به من الضلالة، وبصر به من العمى، فأنقذ الله به من آمن به ﴿فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون)+++ سورة الأعراف (157)---. أيها المؤمنون عباد الله. إن من أكثر حقوق محمد بن عبد الله النبي الأمي، الذي أنقذكم الله به من النار، وهداكم به من الضلالة محبته صلى الله عليه وسلم محبة قلبية صادقة، ففي "الصحيحين" من حديث أنس بن مالك  رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»+++ أخرجه البخاري (13)، ومسلم ( 44) ---. فحق على كل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يحب النبي صلى الله عليه وسلم محبة، يتجلى فيها إيثار النبي صلى الله عليه وسلم  على كل محبوب، من نفس ووالد وولد والناس أجمعين، فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم واجبات الدين، وهي فرع من محبة الله تعالى، وتابعة لها .  أيها المؤمنون. إن لمحبة الرسول علامات ودلائل، تظهر حقيقة المحبة وصدقها، ومن أبرز هذه العلامات: متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم  في أعماله وأقواله وأخلاقه وجميع شأنه، قال الله تعالى : ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)+++ سورة آل عمران (131)---. وعن أنس  رضي الله عنه  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة»+++ أخرجه الترمذي (2678)، وحسنه---. فمن أحب رسول الله محبة صادقة أوجب له ذلك تمام المتابعة، فتجد المحب الصادق في محبة النبي صلى الله عليه وسلم معظما لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، عاملا بها، حريصا عليها في دقيق الأمر وجليله، لا يعدل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه شيئا من الأقوال أو الأفعال، نسأل الله العظيم من فضله . أيها المؤمنون. إن من دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم الإكثار من ذكره، فذكره صلى الله عليه وسلم سبب لدوام محبته في قلب العبد وتضاعفها، فالعبد كلما أكثر ذكر المحبوب، واستحضر محاسنه زاد حنينا له وشوقا إليه .  أيها المؤمنون. إن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الذي تزداد به محبته والإيمان به، يكون بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم: ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)+++ سورة الأحزاب (56) ---،  لا سيما عند ذكره صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم قد قال: «البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي»+++ أخرجه أحمد (1645) و الترمذي (3546) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5189) .---، ومن ذكره صلى الله عليه وسلم معرفة سيرته وأيامه وأحواله وما جرى له.  أيها المؤمنون. من دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم: نصرته والذب عنه وعن شريعته، وتأييده ومنعه صلى الله عليه وسلم من كل ما يؤذيه ، ورفض أعدائه والمعاندين لشريعته، قال الله تعالى : ﴿إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا)+++ سورة الفتح (8-9)---، وتعزيره يكون بنصره وتأييده ، وتوقيره يكون بإجلاله وإكرامه صلى الله عليه وسلم .  أيها المؤمنون! إن من علامات المحبة الشوق إلى لقائه وتمني رؤيته، ففي صحيح مسلم قالصلى الله عليه وسلم : «من أشد الناس لي حبا ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله»+++ أخرجه مسلم (2832) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه---.   هذه بعض علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم محبة صادقة، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا محبة نبيه صلى الله عليه وسلم.     الخطبة الثانية أما بعد. فأوصيكم أيها الناس، بتقوى الله تعالى في السر والعلن، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى .  أيها المسلمون. إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم حق واجب، وفرض لازم على كل مؤمن، لا يتم إيمان العبد إلا بها.  أيها المؤمنون عباد الله.. ليس من محبة النبي صلى الله عليه وسلم في شيء الغلو فيه صلى الله عليه وسلم، بل الغلو فيه مضادة لشرعه ومحادة لله ورسوله، ومخالفة لأمره، ومشاقة له صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب  رضي الله عنه  قال:«لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله»+++ أخرجه البخاري (3445)---. وقال صلى الله عليه وسلم لقوم أثنوا عليه فأطنبوا : « قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان »+++ أخرجه أبو داود (4806) من حديث أنس رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (94)---.  فليتق الله قوم غلوا في النبي صلى الله عليه وسلم، فابتدعوا في دين الله ما ليس منه، وشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، فأفرطوا في مدحه والثناء عليه، ووصفه بما لا يجوز أن يوصف به إلا الله رب العالمين، فوقعوا في الشرك بالله. ليتق الله قوم ادعوا محبة النبي كذبا وزورا، فجعلوا الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم البرهان الساطع، والدليل القاطع على صدق محبته، وغفلوا عن أن أعظم الناس محبة للنبي صلى الله عليه وسلم هم الصحابة الكرام، أبو بكر ومن بعده رضي الله عنهم، لم يحتفلوا بالمولد، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليهم من الماء البارد على الظمأ، فهل هؤلاء أعظم محبة للنبي صلى الله عليه وسلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم؟!! ثم إن الناظر في هذه الموالد التي يدعو إليها الناس يرى فيها شرا عظيما ، وفسقا مبينا ، بل وشركا بالله رب العالمين ، وقد رأينا ذلك وشاهدناه. فباسم المولد ترقص النساء والرجال ، وباسم المولد تغني النساء ، وباسم المولد يستهزأ بدين الله ، وباسم المولد يلعب بكتاب الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وقد سلم الله بلاد الحرمين من هذه البدعة المشينة، إلا أن أقواما مرضت قلوبهم، وأشربوا حب البدعة، يطالعوننا بين الفينة والأخرى بالدعوة إلى الاحتفال بالمولد وتعظيم يومه، تحت مظلة محبة النبي صلى الله عليه وسلم وإحياء ذكره ، ينشرون ذلك ويزينونه في مقالات أو كتابات أو محاضرات، فالله المسؤول أن يخيب سعيهم ويهدي ضالهم، فإن البدعة لا تزيد صاحبها من الله إلا بعدا.   فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم مغزوون مستهدفون من أهل الشر والفساد، على اختلاف توجهاتهم ومقاصدهم، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسأله أن يثبتنا على الحق والهدى.     

المشاهدات:18650

الخطبة الأولى 

إن الحمد لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
 أَمَّا بَعْدُ.
فيا أيها المؤمنون.
اتقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتُن إلا وأنتم مسلمون ، فاتقوه رحمكم الله ، فإنه من يتَّقِ ويصبرْ فإن اللهَ لا يضيعُ أجرَ المحسنين .
أيها المؤمنون.
إن اللهَ تعالى أرسل محمدَ بنَ عبد الله صلى الله عليه وسلم رحمةً للعالمين، وحجةً على العباد أجمعين ، أرسله الله تعالى على حينِ فترةٍ من الرسل وانطماسٍ من السبلِ ، فهدى الله به إلى أقومِ الطرُقِ وأوضحِ السُّبلِ، أوحى اللهُ إليه :﴿يا أيها المدثر  قم فأنذر﴾، فلم يزلْ صلى الله عليه وسلم قائماً بأمرِ ربِّه ومولاه، لا يردُّه عن ذلك رادٌّ ، داعياً إلى الله لا يصدُّه عنه صادٌّ ، يبلِّغ دينَ الله ورسالتَه، لا يخشى فيه لومةَ لائمٍ، أوذي في اللهِ أبلغَ الأذى، في نفسِه ومالِه وأهلِه وأصحابِه، كذَّبه قومُه وعابوه وسفَّهوا رأيَه وضلَّلوه، حاولوا قتلَه وسجنَه، أخرجوه من بلده طريداً سليباً، ثم قاتلوه وحاربوه، فكسروا رَباعيتَه، وشجُّوا رأسَه، وأدموا وجهَه، فكان يقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»1.
فتحمَّلَ في سبيلِ تبليغِ دينِ الله، وهدايةِ عباد الله صنوفَ المشاقِّ، وألوانَ الأذى، فكان عاقبةُ أمرِه فوزاً ونصراً، فأشرقت برسالتِه الأرضُ بعد ظلمتها ، هدى اللهُ به من الضلالةِ، وبصَّر به من العمى، فأنقذَ اللهُ به من آمنَ به ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة الأعراف (157).
أيها المؤمنون عباد الله.
إن من أكثرِ حقوقِ محمدٍ بن عبد الله النبيِّ الأميِّ، الذي أنقذَكم الله به من النار، وهداكم به من الضلالةِ محبتَه صلى الله عليه وسلم محبةً قلبيةً صادقةً، ففي "الصحيحين" من حديث أنس بن مالك  رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من والدِه وولدِه والناسِ أجمعين» أخرجه البخاري (13)، ومسلم ( 44) .
فحقٌّ على كلِّ مؤمنٍ باللهِ واليوم الآخرِ أن يحبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم محبةً، يتجلى فيها إيثارُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم  على كل محبوبٍ، من نفسٍ ووالدٍ وولدٍ والناسِ أجمعين، فمحبةُ النبي صلى الله عليه وسلم من أعظمِ واجباتِ الدِّين، وهي فرعٌ من محبةِ الله تعالى، وتابعةٌ لها . 
أيها المؤمنون.
إن لمحبةِ الرسولِ علاماتٍ ودلائلَ، تُظهِر حقيقةَ المحبة وصدقها، ومن أبرز هذه العلامات:
متابعةُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم  في أعمالِه وأقوالِه وأخلاقِه وجميعِ شأنه، قال الله تعالى : ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) سورة آل عمران (131).
وعن أنس  رضي الله عنه  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أحيا سُنَّتي فقد أحبَّني، ومن أحبَّني كان معي في الجنة» أخرجه الترمذي (2678)، وحسنه.
فمن أحبَّ رسولَ اللهِ محبَّةً صادقةً أوجبَ له ذلك تمامَ المتابعةِ، فتجِدُ المحبَّ الصادقَ في محبةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم معظِّماً لسنةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، عاملاً بها، حريصاً عليها في دقيقِ الأمرِ وجليلِه، لا يعدلُ بسُنَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهديه شيئاً من الأقوالِ أو الأفعالِ، نسأل الله العظيم من فضله .
أيها المؤمنون.
إن من دلائلِ محبَّةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الإكثارَ من ذِكرِه، فذِكْرُه صلى الله عليه وسلم سببٌ لدوامِ محبَّتِه في قلبِ العبدِ وتضاعُفِها، فالعبدُ كلَّما أكثرَ ذكرَ المحبوبِ، واستحضرَ محاسِنَه زادَ حنيناً له وشوقاً إليه . 
أيها المؤمنون.
إن ذِكرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي تَزدادُ به محبتُه والإيمانُ به، يكونُ بالصلاةِ عليه صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) سورة الأحزاب (56) ،  لا سيما عند ذكرِه صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم قد قال: «البخيلُ من ذُكِرتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ» أخرجه أحمد (1645) و الترمذي (3546) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5189) .، ومِنْ ذكره صلى الله عليه وسلم معرفةُ سيرتِه وأيامِه وأحوالِه وما جرى له. 
أيها المؤمنون.
من دلائلِ محبةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: نصرتُه والذبُّ عنه وعن شريعتِه، وتأييدُه ومنعه صلى الله عليه وسلم من كلِّ ما يؤذيه ، ورفضُ أعدائه والمعاندين لشريعته، قال الله تعالى : ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) سورة الفتح (8-9)، وتعزيرُه يكون بنصرِه وتأييدِه ، وتوقيرُه يكون بإجلالِه وإكرامِه صلى الله عليه وسلم . 
أيها المؤمنون! إن من علاماتِ المحبةِ الشوقَ إلى لقائِه وتمني رؤيته، ففي صحيح مسلم قالصلى الله عليه وسلم : «مِن أشدِّ الناسِ لي حبًّا ناسٌ يكونون بعدي، يودُّ أحدهم لو رآني بأهلِه ومالِه» أخرجه مسلم (2832) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
  هذه بعضُ علاماتِ محبَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم محبَّةً صادقةً، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا محبة نبيه صلى الله عليه وسلم. 

 
الخطبة الثانية
أما بعد.
فأوصيكم أيها الناسُ، بتقوى اللهِ تعالى في السِّرِّ والعَلَنِ، وتزوَّدوا فإنَّ خيرَ الزَّادِ التقوى . 
أيها المسلمون.
إن محبَّةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حقٌّ واجبٌ، وفرضٌ لازمٌ على كلِّ مؤمنٍ، لا يتمُّ إيمانُ العبد إلا بها. 
أيها المؤمنون عباد الله..
ليس من محبةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في شيءٍ الغلوُّ فيه صلى الله عليه وسلم، بل الغلوُّ فيه مضادةٌ لشرعِه ومحادةٌ لله ورسوله، ومخالفةٌ لأمره، ومشاقٌّة له صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب  رضي الله عنه  قال:«لا تُطرُوني كما أطرت النصارى عيسى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبد الله ورسوله» أخرجه البخاري (3445).
وقال صلى الله عليه وسلم لقوم أثنوا عليه فأطنبوا : « قولوا بقولِكم أو بعضِ قولِكم، ولا يستجرِينَّكم الشيطانُ » أخرجه أبو داود (4806) من حديث أنس رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (94)
فليتقِ اللهَ قومٌ غلوا في النبي صلى الله عليه وسلم، فابتدعوا في دينِ اللهِ ما ليس منه، وشرعوا من الدِّينِ ما لم يأذنْ به اللهُ، فأفرطوا في مدحِه والثناءِ عليه، ووصفِه بما لا يجوزُ أن يوصفَ به إلا اللهُ ربُّ العالمين، فوقعوا في الشركِ باللهِ.
ليتَّقِ اللهَ قومٌ ادعوا محبةَ النبيِّ كذباً وزوراً، فجعلوا الاحتفالَ بمولدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم البرهانَ الساطعَ، والدليلَ القاطعَ على صدق محبتِه، وغفلوا عن أن أعظمَ الناسِ محبةً للنبي صلى الله عليه وسلم هم الصحابةُ الكرامُ، أبو بكر ومن بعده رضي الله عنهم، لم يحتفلوا بالمولدِ، مع أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليهم من الماءِ الباردِ على الظمأِ، فهل هؤلاء أعظمُ محبةً للنبيِّ صلى الله عليه وسلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم؟!!
ثم إن الناظرَ في هذه الموالدِ التي يدعو إليها الناسَ يرى فيها شرًّا عظيماً ، وفسقاً مبيناً ، بل وشركاً بالله رب العالمين ، وقد رأينا ذلك وشاهدناه.
فباسمِ المولدِ ترقصُ النساءُ والرجالُ ، وباسمِ المولدِ تغني النساءُ ، وباسمِ المولدِ يُستهزأُ بدينِ اللهِ ، وباسمِ المولدِ يُلعبُ بكتابِ اللهِ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وقد سلَّم اللهُ بلادَ الحرمين من هذه البدْعةِ المشينةِ، إلا أنَّ أقواماً مرِضت قلوبُهم، وأُشربوا حبَّ البدْعةِ، يطالِعوننا بين الفَينةِ والأُخرى بالدعوةِ إلى الاحتفالِ بالمولدِ وتعظيمِ يومِه، تحت مظلَّةِ محبَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وإحياءِ ذكرِه ، ينشرون ذلك ويزيِّنُونه في مقالاتٍ أو كتاباتٍ أو محاضراتٍ، فاللهُ المسؤولُ أن يخيِّبَ سعيَهم ويهديَ ضالَّهم، فإن البدعةَ لا تزيدُ صاحبَها من اللهِ إلا بُعداً.
  فاتقوا اللهَ عباد الله، واعلموا أنكم مغزُوُّون مستهدَفون من أهلِّ الشرِّ والفسادِ، على اختلافِ توجُّهَاتِهم ومقاصِدِهِم، نعوذُ باللهِ من الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطنَ، ونسأله أن يثبتَنا على الحقِّ والهدى. 
 
 

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83183 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78232 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72546 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60684 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55031 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52239 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49437 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات47985 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44831 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44138 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف