×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

التشبه بالكفار  إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.  أما بعد. فيا أيها المؤمنون. اتقوا الله تعالى واشكروه على أن جعلكم من خير أمة أخرجت للناس، فإن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي خير أمة، وحزبه هم أعز حزب، قال الله تعالى: ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين﴾+++ سورة المنافقون: 8---.   فعزتنا-أيها المؤمنون- مستمدة من عزة الله القوي العزيز، فهي عزة دائمة، دوام الليل والنهار، لا يرفعها تأخر حضاري، ولا تراجع علمي، ولا انكسار عسكري، ولا تقهقر مادي، بل نحن الأعزاء بالله تعالى إن صدقنا الله تعالى في إيماننا وعبوديتنا له، قال الله تعالى: ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)+++ سورة آل عمران: 139---. وقد قال الأول:                       ومما زادني شرفا وتيها .....دخولي تحت قولك يا عبادي  وكدت بأخمصي أطأ الثريا .....وأن  صيرت أحمد لي نبيا وتأكيدا لهذه العزة، وهذا التميز لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد نهى الله تعالى المؤمنين عن اتباع سبيل الكافرين من اليهود والنصارى والمشركين، وغيرهم من أمم الكفر، فنهى الله أهل الإسلام عن التشبه بالكفار، وعن تقليدهم والتبعية لهم، فقال جل وعلا: ﴿ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق)+++ سورة المائدة: 48---، وقال: ﴿يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما)+++ سورة الأحزاب: 1---. ولا شك عند أولي الأبصار أن تقليد الكفار، والتشبه بهم من أعظم صور الطاعة لهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مشابهة الكفار في أحاديث كثيرة، منها: ما أخرجه أحمد وأبو داود بسند جيد عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تشبه بقوم فهو منهم»+++ أخرجه أحمد (5093)، وأبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ---، ففي هذا الحديث غاية التحذير، ومنتهى التنفير عن مشابهة الكفار، كيف لا وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بالكفار منهم؟! نعوذ بالله من الخذلان. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان خطورة التشبه: «ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى»+++ أخرجه الترمذي (2695) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص،وقال الترمذي إسناده ضعيف---.   ومن علامات تمييز هذه الأمة عن غيرها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد علل كثيرا من الشرائع والأحكام بمخالفة اليهود والنصارى وغيرهم من أمم الكفر، مما يدل على أن مخالفة الكافرين مقصد نبوي شرعي، فمن ذلك مثلا ما أخرجه مسلم عن شداد ابن أوس  رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم»+++ أخرجه أبو داود (652) والحاكم (956)، وصححه---، وقال أيضا: «خالفوا المشركين، وأحفوا الشوارب وأعفوا اللحى»+++ أخرجه مسلم (259) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما---، وهذا قليل من كثير في السنة المطهرة. ومما يدل على أهمية مخالفتهم، وأن مخالفتهم هي سبب الخيرية في الأمة، بل سبب لعلو الدين وظهوره أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر؛ إن اليهود والنصارى يؤخرون»+++ أخرجه أحمد (27218)، وأبو داود (2353) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه ، والحديث حسنه الألباني---.  ومن تأمل كلام أهل العلم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم علم علما لا يدخله شك ولا ريب إجماعهم على النهي عن مشابهة الكفار، ووجوب مخالفتهم؛ وذلك لكثرة النصوص الواردة بذلك.  أيها المؤمنون .. الحريصون على أن تلقوا ربكم بقلوب سليمة، استمعوا إلى ما قاله الحبر الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى قال: "وبالجملة فالكفر بمنزلة مرض القلب أو أشد، ومتى كان القلب مريضا لم يصح شيء من الأعضاء صحة مطلقة، وإنما الصلاح أن لا تشبه مريض القلب في شيء من أموره+++"اقتضاء الصراط المستقيم"( 1/198)---.   وبهذا يتبين أن مخالفتهم في جميع الشؤون مقصودة للشارع، فليس النهي عن مشابهتهم في عباداتهم أو عقائدهم فقط، بل هو عام في عاداتهم وآدابهم وأخلاقهم وجميع شؤون حياتهم، قال ابن القيم رحمه الله:"ومن تشبه بالإفرنج في لباسهم ونظمهم ومعاملاتهم فهو بلا شك إفرنجي غير مسلم، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم".  أيها المؤمنون. إنه مع هذه النصوص الكثيرة التي تنهى عن التشبه بالكفار، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن مشابهتهم ومتابعتهم ستقع في الأمة، فعن أبي سعيد  رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لتتبعن سنن من قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال فمن.؟»+++ أخرجه البخاري (7320)---.  وهاهي بعض فئام الأمة اليوم تحاكي أمم الكفر، شرقية وغربية في الزي واللباس، وتتشبه بهم في آداب الأكل والشرب وأساليب المعاشرة والمخالطة، وطرائق الكلام والمعاملة وغير ذلك، بل وتتلقى عنهم الأفكار والآراء، حتى صاغ فئات غير قليلة من الأمة حياتهم وأفكارهم وأساليبهم على نهج الحياة الغربية، والفكر الغربي. والأسباب التي دعت هذه الفئام إلى التشبه بالكفار وتقليدهم عديدة، إلا أن من أبرزها الغفلة عن سبب العزة والسعادة الحقيقية، فإن كثيرا ممن تشبه بالكفار ظن أن سبب عزة هؤلاء وارتفاعهم هو أخلاقهم وما هم عليه من نبذ الدين وعدم الاهتمام به، وقد غفل هؤلاء عن قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله"+++ أخرجه الحاكم (208)---: ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)+++ سورة آل عمران: 139---  ومما زادني شرفا وتيها .... دخولي تحت قولك يا عبادي  وكدت بأخمصي أطأ الثريا....وأن  صيرت  أحمد  لي  نبيا الخطبة الثانية :  أيها المؤمنون. إن من الأسباب الرئيسة التي جعلت كثيرا من المسلمين يتشبه بالكفار من اليهود والنصارى الاختلاط بهم والانفتاح عليهم؛ وذلك أن هذه العصور شهدت ثورة كبرى في الاتصالات، فقربت المسافات، واتصلت الجهات، حتى غدا العالم كما يقال :قرية واحدة، وكذلك في الإعلام الذي يروج للثقافة الأجنبية، ويسوق طريقة الحياة الغربية على أنها النبراث والمثل، فلما وقع ذلك كثر الاحتكاك بهم والتعامل معهم، فأدى ذلك إلى ظهور معالم التشبه والتبعية والتقليد لأمم الكفر في حياة المسلمين وواقعهم، فرأينا بعض إخواننا -هداهم الله- من جعل الغرب وما فيه قدوة له في اللباس والزي، وفي الأكل والشرب، وفي تصفيف الشعر وقصه، بل وتمادى بعضهم حتى قلدوهم في الفكر والرأي؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.  ولا حل لهذه المشكلة إلا بالتقليل من خلطة هؤلاء، ووجودهم بين المسلمين، فلا يجوز لأحد أن يسافر إلى بلاد الكفر إلا عند الحاجة، ويجب أن يكون المسافر عنده من العلم والإيمان والصبر واليقين ما يدفع به شبهاتهم، ويتقي به ما في بلادهم من فتن وشهوات، تهتز لها الجبال الرواسي.  كما أنه يجب علينا جميعا أن نتعاون على عدم استقدام الكفار إلا عند عدم وجود من يقومون بما يقومون به من أعمال؛ وذلك أن تكاثرهم بين ظهرانينا في بيوتنا وأعمالنا وأسواقنا ومكاتبنا له تأثير بالغ في بث أخلاقهم وإشاعة أفكارهم. 

المشاهدات:7328

التشبه بالكفار 

إن الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 أَمَّا بَعْدُ.
فيا أيها المؤمنون.
اتقوا اللهَ تعالى واشكُروه على أن جعلَكُم من خيرِ أُمَّةٍ أُخرِجَت للناسِ، فإنَّ أمةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم هي خيرُ أُمَّةٍ، وحزبُه هم أعزُّ حزبٍ، قال الله تعالى: ﴿وَلِلهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ سورة المنافقون: 8.  
فعِزَّتُنا-أيها المؤمنون- مُستمدَّةٌ من عِزَّةِ اللهِ القويِّ العزيزِ، فهي عِزَّةٌ دائمةٌ، دوامَ الليلِ والنهارِ، لا يرفعُها تأخُّرٌ حضاريٌّ، ولا تراجُعٌ علميٌّ، ولا انكِسارٌ عسكريٌّ، ولا تقهقُرٌ مادِّيٌّ، بل نحن الأعزاءُ بالله تعالى إن صدقْنَا اللهَ تعالى في إيمانِنا وعبوديَّتِنا له، قال اللهُ تعالى: ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين) سورة آل عمران: 139. وقد قال الأول:                      
وممـا زادَني شَرَفـاً وتِيهـاً .....دُخُولي تحتَ قولِك يـا عبادِي
 وكِدْتُ بأخمُصِي أطأُ الثُّرَيا .....وأنْ  صيَّرْتَ أحمدَ لي نبيًّا
وتأكِيداً لهذه العزَّةِ، وهذا التميُّزِ لأمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقد نهى اللهُ تعالى المؤمنين عن اتِّباعِ سبيلِ الكافرين من اليهودِ والنصارى والمشرِكين، وغيرِهم من أُممِ الكفرِ، فنهى اللهُ أهلَ الإسلامِ عن التَّشبُّه بالكفارِ، وعن تقليدِهم والتبعيةِ لهم، فقال جل وعلا: ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقّ) سورة المائدة: 48، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً) سورة الأحزاب: 1.
ولا شكَّ عندَ أولي الأبصارِ أن تقليدَ الكُفارِ، والتشبُّه بهم من أعظمِ صَوَرِ الطاعةِ لهم، وقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن مشابهةِ الكفارِ في أحاديثَ كثيرةٍ، منها: ما أخرجه أحمد وأبو داود بسند جيد عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «من تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم» أخرجه أحمد (5093)، وأبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، ففي هذا الحديثِ غايةُ التَّحْذيرِ، ومنتهى التنفيرِ عن مشابهَةِ الكفَّارِ، كيفَ لا وقد جَعَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من تَشبَّه بالكفَّارِ منهم؟! نعوذُ باللهِ من الخِذلانِ.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيانِ خطورةِ التشبُّهِ: «ليس مِنَّا من تشبَّه بغيرِنا، لا تشبَّهوا باليهودِ ولا بالنصارى» أخرجه الترمذي (2695) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص،وقال الترمذي إسناده ضعيف.
  ومن علاماتِ تمييِّز هذه الأمةِ عن غيرِها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد علَّل كثيراً من الشرائعِ والأحكامِ بمخالفةِ اليهودِ والنصارى وغيرِهم من أُممِ الكفرِ، مما يدلُّ على أن مخالفةَ الكافرين مقصدٌ نبويٌّ شرعيٌّ، فمن ذلك مثلاً ما أخرجه مسلمٌ عن شدَّادِ ابن أوسٍ  رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهودَ، فإنهم لا يُصلُّون في نِعالِهم ولا خِفافِهم» أخرجه أبو داود (652) والحاكم (956)، وصححه، وقال أيضاً: «خالفُوا المشركين، وأحفوا الشواربَ وأعفوا اللحى» أخرجه مسلم (259) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وهذا قليلٌ من كثيرٍ في السنةِ المطهرةِ.
ومما يَدُلُّ على أهميَّةِ مخالفتِهم، وأن مخالفتَهم هي سببُ الخيريةِ في الأُمَّةِ، بل سببٌ لعُلُوِّ الدِّينِ وظهورِه أنه صلى الله عليه وسلم قالَ: «لا يزالُ الدِّينُ ظاهراً ما عجَّلَ الناسُ الفِطرَ؛ إنَّ اليهودَ والنصارى يؤخِّرُون» أخرجه أحمد (27218)، وأبو داود (2353) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه ، والحديث حسنه الألباني
ومن تأمَّل كلامَ أهلِ العِلْمِ على اختِلافِ مشارِبِهم ومذاهِبِهم علِمَ عِلْماً لا يدخُلُه شكٌّ ولا ريبٌ إجماعَهم على النهيِّ عن مشابهةِ الكفَّارِ، ووجوبِ مخالفتِهم؛ وذلك لكثرةِ النصوصِ الواردةِ بذلك. 
أيها المؤمنون .. الحريصون على أن تلقوا ربَّكم بقُلوبٍ سليمةٍ، استمعوا إلى ما قاله الحبرُ الإمامُ ابنُ تيميةَ رحمه الله تعالى قال: "وبالجملةِ فالكُفرُ بمنزلةِ مرضِ القلبِ أو أشدَّ، ومتى كان القلبُ مريضاً لم يصحَّ شيءٌ من الأعضاءِ صِحَّةً مُطلقةً، وإنما الصَّلاحُ أن لا تُشبِهَ مريضَ القلبِ في شيءٍ من أمورِه"اقتضاء الصراط المستقيم"( 1/198).
  وبهذا يتبيَّنُ أن مخالفتَهم في جميعِ الشؤونِ مقصودةٌ للشارعِ، فليسَ النهيُ عن مشابهتِهم في عباداتِهم أو عقائدِهم فقط، بل هو عامُ في عاداتِهم وآدابِهم وأخلاقِهم وجميعِ شؤونِ حياتِهم، قال ابن القيم رحمه الله:"ومن تشبَّه بالإفرنجِ في لباسِهم ونُظُمِهم ومعاملاتِهم فهو بلا شكَّ إفرنجيٌّ غيرُ مسلمٍ، وإنْ صلى وصامَ وزعمَ أنه مسلمٌ". 
أيها المؤمنون.
إنه مع هذه النصوصِ الكثيرةِ التي تنهى عن التشبُّه بالكفارِ، إلا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أخبرَ أن مشابهتَهم ومتابعتَهم ستقع في الأمةِ، فعن أبي سعيد  رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ فَمَنْ.؟» أخرجه البخاري (7320)
وهاهي بعض فئام الأمةُ اليومَ تحاكي أممَ الكفرِ، شرقيَّةً وغربيةً في الزِّيِّ واللباسِ، وتتشبه بهم في آدابِ الأكلِ والشربِ وأساليبِ المعاشرةِ والمخالطةِ، وطرائق الكلامِ والمعاملةِ وغيرِ ذلك، بل وتتلقَّى عنهم الأفكارَ والآراءَ، حتى صاغ فئاتٌ غيرُ قليلةٍ من الأمةِ حياتَهم وأفكارَهم وأساليبَهم على نهجِ الحياةِ الغربيةِ، والفكرِ الغربيِّ.
والأسبابُ التي دعت هذه الفئامَ إلى التشبُّهِ بالكفارِ وتقليدِهم عديدةٌ، إلا أنَّ من أبرزِها الغفلةَ عن سببِ العِزَّةِ والسعادةِ الحقيقيةِ، فإنَّ كثيراً ممن تشبَّه بالكفارِ ظنَّ أن سببَ عزةِ هؤلاء وارتفاعهم هو أخلاقُهم وما هم عليه من نبذِ الدِّينِ وعدمِ الاهتمامِ به، وقد غفَلَ هؤلاء عن قولِ أميرِ المؤمنين عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه: "نحن قومٌ أعزَّنا اللهُ بالإسلامِ، فمهما ابتَغيْنا العِزَّةَ بغيرِه أذلَّنا اللهُ" أخرجه الحاكم (208): ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) سورة آل عمران: 139 
وممـا زادَني شَرَفـاً وتِيهـاً .... دُخُولي تحتَ قولِك يـا عبادِي
 وكِدْتُ بأخمُصِي أطأُ الثُّرَيا....وأنْ  صيَّرْتَ  أحمدَ  لي  نبيًّا
الخطبة الثانية : 
أيها المؤمنون.
إن من الأسبابِ الرئيسةِ التي جعلَتْ كثيراً من المسلمين يتشبَّهُ بالكُفَّارِ من اليهودِ والنصارى الاختلاطَ بهم والانفتاحَ عليهم؛ وذلك أنَّ هذه العصورَ شهِدَت ثورةً كبرى في الاتصالاتِ، فقَرُبَت المسافاتُ، واتصلَتْ الجهاتُ، حتى غَدا العالمُ كما يُقالُ :قريةً واحدةً، وكذلك في الإعلام الذي يروج للثقافة الأجنبية، ويسوق طريقة الحياة الغربية على أنها النبراث والمثل، فلما وقعَ ذلك كثُر الاحتكاكُ بهم والتعاملُ معهم، فأدَّى ذلك إلى ظهورِ معالمِ التشبُّهِ والتبعيةِ والتقليدِ لأُمَمِ الكفرِ في حياةِ المسلمين وواقعِهم، فرأيْنا بعضَ إخوانِنا -هداهم اللهُ- من جعلَ الغربَ وما فيه قدوةً له في اللباسِ والزِّيِّ، وفي الأكلِ والشربِ، وفي تصفيفِ الشعرِ وقصِّه، بل وتمادى بعضُهم حتى قلَّدُوهم في الفِكرِ والرَّأْيِ؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون. 
ولا حلَّ لهذه المشكلةِ إلا بالتقليلِ من خلطةِ هؤلاءِ، ووجُودِهم بين المسلمين، فلا يجوز لأحدٍ أن يسافرَ إلى بلادِ الكفرِ إلا عندَ الحاجةِ، ويجبُ أن يكونَ المسافرُ عنده من العلمِ والإيمانِ والصبرِ واليقينِ ما يدفعُ به شبهاِتهم، ويتَّقِي به ما في بلادِهم من فتنٍ وشهواتٍ، تهتزُّ لها الجبالُ الرواسي. 
كما أنه يجبُ علينا جميعاً أن نتعاونَ على عدَمِ استقْدامِ الكفَّارِ إلا عندَ عدمِ وجودِ من يقُومون بما يقومون به من أعمالٍ؛ وذلك أن تكاثرَهم بين ظهرانَيْنا في بيوتِنا وأعمالِنا وأسواقِنا ومكاتبِنا له تأثيرٌ بالغٌ في بثِّ أخلاقِهم وإشاعةِ أفكارِهم. 

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83547 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78515 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72809 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60768 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55159 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52326 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49603 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات48351 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44941 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44253 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف