×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مكتبة الشيخ خالد المصلح / كتب مطبوعة / حصاد المنابر / خطبة: آية كسوف الشمس والقمر

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

 آية كسوف الشمس والقمر الخطبة الأولى : الحمد لله, ﴿الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)+++ سورة الأنعام : (1)---، أحمده جل شأنه، خلق الليل والنهار والشمس والقمر، وكل في فلك يسبحون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أما بعد .. فأوصيكم عباد الله بتقوى الله في السر والعلن، والغيب والشهادة، فما استمطرت الرحمات، ولا استجلبت النفحات، ولا استدفعت المصائب والبليات بمثل تقوى الله، رب البريات. فاتقوا الله أيها المؤمنون؛ لعلكم تفلحون: ﴿وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون )+++ سورة الزمر : (16)--- أيها الناس. إن ربكم الله الذي لا إله إلا هو، خالق كل شيء، وهو على كل شيء قدير:﴿إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين)+++ سورة الأعراف: (54).---.  خلق الله سبع سماوات طباقا، وجعل القمر فيهن نورا، وجعل الشمس سراجا، فالشمس والقمر والليل والنهار آيات عظيمة باهرة، دالة على رب عظيم، وإله قوي قدير عليم، ف﴿ تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا.وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا)+++ سورة الفرقان: (61-62)---. أيها الناس. إن من آيات الله الباهرة في الشمس والقمر ما يجريه الله عليهما من الخسوف والكسوف، وهو ذهاب ضوئهما، واضمحلال سلطانهما، وزوال جمالهما وبهائهما: فسبحان من لا يقدر الخلق قدره *** ومن هو فوق العرش فرد موحد ﴿سبحان ربك رب العزة عما يصفون . وسلام على المرسلين . والحمد لله رب العالمين)+++ سورة: الصافات : آيات (180182).---.   عباد الله. إن انكساف الشمس والقمر، وخسوفهما يدل على قدرة الله النافذة، وحكمته البالغة، وقد أشار النبي  صلى الله عليه وسلم  إلى حكمة هذه الآية العظيمة. ففي "الصحيحين" أن الشمس كسفت على عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ، فخرج  صلى الله عليه وسلم  إلى المسجد فزعا، فاقترأ رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قراءة طويلة، ثم كبر، فركع ركوعا طويلا، ثم رفع رأسه، فقال: « سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد » ثم قام فاقترأ قراءة طويلة، هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر، فركع ركوعا طويلا، هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: « سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد » ثم سجد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، حتى استكمل أربع ركعات، وأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم خطب خطبة بليغة، كان منها أن قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة»+++ أخرجه البخاري (1046)، ومسلم (901).---.  وقال أيضا:«ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده»+++ أخرجه مسلم (911)---.  فالحكمة الكبرى من الكسوف أيها الناس تخويف العباد، وزجرهم عن السيئات، وحثهم على الطاعات، فالله جل في علاه يخوف عباده إذا عصوه، أو عصوا رسله، بترك المأمورات، والوقوع في المنهيات. فالله تعالى يا عباد الله، يخوفكم بهذه الآية الظاهرة، التي يدركها الصغير والكبير، والحاضر والبادي، والعالم والجاهل، ينذركم بهذا الاختلال في نظام الكون حصول الكوارث والمصائب، ونزول النكبات والعقوبات. فالكسوف يا عباد الله، قد يكون سببا لعقوبة حالة مهلكة، كرياح شديدة عاصفة، أو أمطار متواترة، أو زلازل مدمرة، أو غير ذلك من العقوبات، فلولا إمكان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفا، فإنما يخاف الناس مما يضرهم، قال الله تعالى: ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا)+++ سورة: الإسراء:  (59).---؛ ولذلك وجه النبي  صلى الله عليه وسلم  أمته عند ظهور علامات التخويف إلى ما تستدفع به الشرور والنكبات، ويحصل به الأمن من العقوبات، فأمر بالفزع إلى الأعمال الصالحات، من الدعاء والذكر والصلاة والعتاق والصدقة والتوبة؛ حتى ينكشف ما بالناس، وينجلي عنهم الكسوف والخسوف: ﴿ وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)+++ سورة: النور:  (31)---. أيها الناس. إن كسوف الشمس والقمر ليس مشهدا طبيعيا، مجردا خاليا عن المعاني والمضامين، بل هو مشهد عظيم مروع، ترتعد له قلوب المؤمنين، وتنزعج منه أفئدة المتقين. إنه مشهد يذكر العبد المؤمن بيوم القيامة، الذي قال الله فيه:﴿فإذا برق البصر. وخسف القمر. وجمع الشمس والقمر. يقول الإنسان يومئذ أين المفر .كلا لا وزر)+++ سورة: القيامة :  (7-11) --- -أي: لا ملجأ من الله﴿إلى ربك يومئذ المستقر. ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر)+++ سورة: القيامة :  (12-13)--- . ولذلك لما كسفت الشمس في عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قام فزعا  صلى الله عليه وسلم ، يجر رداءه، يخشى أن تكون الساعة!! أفيسوغ بعد هذا أيها المؤمنون أن يقول شخص، يؤمن بالله واليوم الآخر: إن الكسوف أمر طبيعي، وحدث عادي، كشروق الشمس وغروبها، لا يوجب قلقا ولا فزعا؟! كلا والله، بل الأمر كما قال الله تعالى: ﴿وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون . وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون . أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون﴾+++ سورة يوسف: (105-107)---.   أيها المؤمنون. إن نبيكم محمدا  صلى الله عليه وسلم  قال في خطبة الكسوف: «يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله، أن يزني عبده، أو تزني أمته، يا أمة محمد، لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا»+++ أحرجه البخاري (1044)، ومسلم (901) من حديث عائشة رضي الله عنها.---.  وهذا يبين ويشير يا عباد الله، إلى أن من أسباب الكسوف الشرعية كثرة الذنوب والمعاصي، والغفلة عن الآخرة، والانهماك في الدنيا.  ألا وإن من أعظم الأسباب، التي يحصل بها كسوف الشمس، وخسوف القمر كثرة الزنى وظهوره، وقد حذر الله أهل الإيمان من قربان الزنى، فضلا عن الوقوع فيه، قال تعالى: ﴿ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا﴾+++ سورة الإسراء: (32). ---، والناظر إلى حياة الناس اليوم يشهد ظهور الزنى، ورواج مقدماته وأسبابه، وتذليل عقباته.  فالزنى وأبوابه عملة رائجة في الحضارة الحديثة، لا يسلم منه إلا الأقلون، يستوي في ذلك بلاد الكفر، وأكثر بلاد المسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.  فمن علامات ظهور الزنى أنه لا يعاقب عليه قانون، إذا كان بالتراضي من الطرفين. ومن ظهور الزنى في حياة الناس أيها المؤمنون ما يبث في القنوات الفضائية والتلفزيونية والشبكية، من صور النساء الكاسيات العاريات، أو الأفلام والغراميات، التي تزين الفاحشة وتشيعها بين المسلمين والمسلمات.  ومن ظهور الزنى ما تحويه الصحف والمجلات، وغيرها من المطبوعات، من صور السافرات والماجنات، التي تقول كل صورة منها: هيت لك !!  ومن ظهور الزنى الدعوة إلى تجريد المرأة المسلمة، وخلع جلباب الحياء عنها.  ومن ظهور الزنى سهولة الوصول إلى بؤر الفساد، وبيوت الخنا، وتجار الرذيلة في الشرق أو الغرب، البعيد منه والقريب.  أفبعد هذا نأمن سخط الله وعقوبته؟! ﴿ أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )+++ سورة الأعراف: (99)---.   أيها المؤمنون. إن كثيرا من الناس غرتهم الأماني، وغرهم بالله الغرور، واتبعوا خطوات الشيطان، فتورطوا في المعاصي والموبقات.   أيها الناس. إن الذنوب على اختلاف ألوانها من أعظم أسباب فساد الكون، وخراب العالم، قال تعالى: ﴿ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)+++ سورة الأعراف: (56)---، وقال جل ذكره: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )+++ سورة الروم: (41)---. فهذه الخسوفات والكسوفات وغيرها من الآيات نذر، يخوف الله بها أولي الألباب، فاعتبروا يا أولي الأبصار.   الخطبة الثانية : أما بعد. فاتقوا الله عباد الله، إن عذاب الله شديد.  أيها المؤمنون! إن الله تعالى ذكره حليم ذو أناة، وسع كل شيء رحمة وعلما، ومن عظيم رحمته وحلمه أنه لا يعاجل عبده بالعقوبة، بل يمهله ويستعتبه، ويخوفه وينذره؛ رجاء أن يتوب إليه ويستغفره، فإن رجع وتاب وآب وأناب عفا عنه، وغفر له وتاب عليه، أما من أعرض عن الآيات، وانهمك في الموبقات، وأسرف على نفسه بالمعاصي والسيئات، فله نقول:﴿إن ربك لبالمرصاد)+++ سورة الفجر: (14)--- فأين المفر؟ ﴿إلى ربك يومئذ المستقر)+++ سورة القيامة: (12). --- . ومن حكمة الله تعالى أنه يملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، كما قال سبحانه: ﴿وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد﴾+++ سورة هود: (102)---.  فلا يغرنك يا عبد الله إمهال الله لك، وتأخيره العقوبة عنك، مع إصرارك على مواقعة السيئات، وترك الواجبات، فهب أنك سلمت في هذه الدنيا من جميع العقوبات، فمن يضمن لك السلامة بعد الممات؟! من يضمن لك السلامة من عذاب القبر، ومن عذاب يوم القيامة، ومن عذاب النار؟! أما تخشى أن تكون ممن قال الله فيهم: ﴿ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون )+++ سورة الحجر: (3)--- ؟! فاتق الله يا عبد الله، واحذر الآخرة، فإن الله تعالى قد تهددك، فقال: ﴿بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر )+++ سورة القمر: (46).---، فتب إلى الله، وبادر إلى الطاعة والإحسان، قبل فوات الأوان. أيها المؤمنون! بالكسوف يتبين للناس عظمة الله تعالى، وعظيم قدرته، فإن هذه المخلوقات العظيمة مخلوقة مدبرة، مسخرة بأمر الله، يحكم فيها ما يشاء، ويقضي فيها ما يريد، تسير وفق نظام دقيق: ﴿لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون )+++ سورة يس: (40)---﴿ الشمس والقمر بحسبان )+++ سورة الرحمن: (5).---؛ ولذلك لا غرابة في أن يعرف الحاسبون الفلكيون أوقات الكسوف، وأزمنته، ومدته وأماكن ظهوره؛ لأن ذلك يعرف بالحساب، كشروق الشمس وغروبها، ودخول الفصول وأوائل الشهور، وغير ذلك مما يدرك بالحساب، فهذا دال على عظيم صنع الله تعالى، وبديع خلقه، وليس فيه منازعة له جل وعلا.  وبالكسوف يا عباد الله، يتبين فضل الله على عباده، بهذين النيرين، الشمس والقمر، فبهما تقوم مصالح العباد في معاشهم ودنياهم، وقد امتن الله بذلك على عباده، فقال جل ثناؤه: ﴿قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون . قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون .  ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون)+++ سورة القصص: (71-73)--- . وبالكسوف أيها المؤمنون يتبين ضلال الوثنيين، الذين يعبدون الشمس والقمر من دون الله، فلو كان الشمس والقمر إلهين لما لحقهما النقص باضمحلال نورهما أو نقصه، فسبحان من هدى هدهد سليمان عليه السلام، حيث قال عن ملكة سبأ وقومها: ﴿وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون . ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون . الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم)+++ سورة النمل: (24-26)--- . ومما ذكر أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه، فقال: "يا أيها الناس، إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه"+++ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (8420).--- ، ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا)+++ سورة الإسراء: (59).--- لعلهم يعتبرون، أو يذكرون أو يرجعون، وإن الخسوف والكسوف من العلامات التي تشعر بقرب ظهور علامات الساعة الكبرى، وأشراطها العظمى. 

المشاهدات:14473

 آيةُ كُسوفِ الشَّمسِ والقمر

الخطبة الأولى :

الحمد لله, ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) سورة الأنعام : (1)، أحمدُه جلَّ شأنُه، خلَقَ الليلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ، وكلٌّ في فلكٍ يسبحون، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أما بعد ..

فأوصيكم عبادَ الله بتقوى اللهِ في السِّرِّ والعلنِ، والغيبِ والشهادةِ، فما استُمطرت الرحماتُ، ولا استُجلبت النفحاتُ، ولا استدفعت المصائبُ والبلياتُ بمثل تقوى اللهِ، ربِّ البريات.
فاتقوا الله أيها المؤمنون؛ لعلكم تفلحون: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) سورة الزمر : (16)
أيها الناس.
إنَّ ربَّكم اللهُ الذي لا إله إلا هو، خالقُ كلِّ شيءٍ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ:﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) سورة الأعراف: (54).
خلق اللهُ سبعَ سماواتٍ طباقاً، وجعل القمرَ فيهن نوراً، وجعل الشمسَ سراجاً، فالشمسُ والقمرُ والليلُ والنهارُ آياتٌ عظيمةٌ باهرةٌ، دالةٌ على ربٍّ عظيمٍ، وإلهٍ قويٍّ قديرٍ عليمٍ، فـ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً.وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) سورة الفرقان: (61-62).
أيها الناس.
إن من آياتِ اللهِ الباهرةِ في الشمسِ والقمرِ ما يُجرِيه اللهُ عليهما من الخسوفِ والكسوفِ، وهو ذهابُ ضوئِهما، واضمحلالُ سلطانِهما، وزوالُ جمالِهما وبهائِهما:
فسبحان مَنْ لا يقدرُ الخلقُ قدْرَه *** ومن هو فوقَ العرشِ فردٌ مُوَحَّدُ
﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) سورة: الصافات : آيات (180ـ182).
 عباد الله.
إن انكسافَ الشمسِ والقمرِ، وخسوفَهما يدلُّ على قدرةِ اللهِ النافذةِ، وحكمتِه البالغةِ، وقد أشار النبيُّ  صلى الله عليه وسلم  إلى حكمةِ هذه الآيةِ العظيمةِ.
ففي "الصحيحينِ" أن الشَّمسَ كَسَفَتْ على عهدِ رسولِ اللهِ  صلى الله عليه وسلم  ، فخرج  صلى الله عليه وسلم  إلى المسجدِ فزعاً، فاقْترأَ رسولُ اللهِ  صلى الله عليه وسلم  قراءةً طويلةً، ثم كبَّر، فركع ركوعاً طويلاً، ثم رفعَ رأسَه، فقال: « سمع اللهُ لمن حمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ » ثم قام فاقترأ قراءة طويلة، هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبَّر، فركع ركوعاً طويلاً، هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: « سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد » ثم سجد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، حتى استكمل أربعَ ركعاتٍ، وأربعَ سجداتٍ، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم خطب خطبةً بليغةً، كان منها أن قال: «إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتان من آياتِ الله، لا يخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحيـاتِه، فإذا رأيتموهما فافزعـوا إلى الصلاة» أخرجه البخاري (1046)، ومسلم (901).
وقال أيضاً:«ولكنهما آيتان من آيات الله يخوِّف الله بهما عبادَه» أخرجه مسلم (911)
فالحكمةُ الكبرى من الكسوفِ أيها الناسُ تخويفُ العبادِ، وزجرُهم عن السيئات، وحثُّهم على الطاعات، فاللهُ جلَّ في علاه يخوِّفُ عبادَه إذا عصوه، أو عصوا رسلَه، بترك المأموراتِ، والوقوعِ في المنهيِّاتِ.
فاللهُ تعالى يا عبادَ اللهِ، يخوِّفُكُم بهذِهِ الآيةِ الظاهرةِ، التي يدركُها الصغيرُ والكبيرُ، والحاضرُ والبادي، والعالمُ والجاهلُ، ينذرُكم بهذا الاختلالِ في نظامِ الكونِ حصولَ الكوارثِ والمصائبِ، ونزولَ النكباتِ والعقوباتِ.
فالكسوفُ يا عبادَ الله، قد يكونُ سبباً لعقوبةٍ حالّةٍ مهلكةٍ، كرياحٍ شديدةٍ عاصفةٍ، أو أمطارٍ متواترةٍ، أو زلازلَ مدمرةٍ، أو غيرِ ذلك من العقوباتِ، فلولا إمكانُ حصولِ الضررِ بالنَّاس عند الخسوفِ ما كان ذلك تخويفاً، فإنما يخافُ الناسُ مما يضرُّهُم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) سورة: الإسراء:  (59).؛ ولذلك وجَّه النبيُّ  صلى الله عليه وسلم  أمتَه عند ظهورِ علاماتِ التخويفِ إلى ما تُستدفعُ به الشرورُ والنكباتُ، ويحصل به الأمنُ من العقوباتِ، فأَمرَ بالفزعِ إلى الأعمالِ الصالحاتِ، من الدعاءِ والذكرِ والصلاةِ والعتاقِ والصدقةِ والتوبةِ؛ حتى ينكشفَ ما بالناسِ، وينجلي عنهم الكسوفُ والخسوفُ: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة: النور:  (31).
أيها الناس.
إن كسوفَ الشمسِ والقمرِ ليس مشهداً طبيعياً، مجرَّداً خالياً عن المعاني والمضامين، بل هو مشهدٌ عظيمٌ مروِّعٌ، ترتعد له قلوبُ المؤمنين، وتنزعج منه أفئدةُ المتقين.
إنه مشهدٌ يذكِّرُ العبدَ المؤمنَ بيومِ القيامةِ، الذي قال الله فيه:﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ. وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ .كَلَّا لا وَزَرَ) سورة: القيامة :  (7-11) -أي: لا ملجأَ من الله﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ. يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ) سورة: القيامة :  (12-13) .
ولذلك لما كسفت الشمسُ في عهدِ رسولِ اللهِ  صلى الله عليه وسلم  قامَ فَزِعاً  صلى الله عليه وسلم ، يجرُّ رداءَه، يخشى أن تكون الساعةُ!!
أفيسوغُ بعد هذا أيها المؤمنون أن يقولَ شخصٌ، يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ: إن الكسوفَ أمرٌ طبيعيٌّ، وحدثٌ عاديٌّ، كشُروقِ الشمسِ وغروبِها، لا يوجبُ قلقاً ولا فزعاً؟!
كلا والله، بل الأمرُ كما قال الله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ . وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ . أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ سورة يوسف: (105-107).
  أيها المؤمنون.
إن نبيَّكم محمداً  صلى الله عليه وسلم  قال في خطبةِ الكُسُوفِ: «يا أمةَ محمدٍ، واللهِ ما من أحدٍ أغْيَرُ من اللهِ، أن يزنيَ عبدُه، أو تزنيَ أمتُه، يا أمةَ محمدٍ، لو تعلمون ما أعلمُ، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً» أحرجه البخاري (1044)، ومسلم (901) من حديث عائشة رضي الله عنها.
وهذا يبيِّنُ ويشيرُ يا عباد الله، إلى أنَّ من أسبابِ الكسوفِ الشرعيةِ كثرةَ الذنوبِ والمعاصي، والغفلةَ عن الآخرةِ، والانهماكَ في الدنيا. 
ألا وإن من أعظم الأسباب، التي يحصل بها كسوفُ الشمسِ، وخسوفُ القمرِ كثرةَ الزِّنى وظهورَه، وقد حذَّر اللهُ أهلَ الإيمانِ من قربانِ الزّنى، فضلاً عن الوقوعِ فيه، قال تعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ سورة الإسراء: (32). ، والناظرُ إلى حياةِ الناسِ اليومَ يشهدُ ظهورَ الزِّنى، ورواجَ مقدماتِهِ وأسبابِهِ، وتذليلَ عقباتِه. 
فالزِّنى وأبوابُه عملةٌ رائجةٌ في الحضارةِ الحديثةِ، لا يسلمُ منه إلا الأقلُّون، يستوي في ذلك بلادُ الكفرِ، وأكثرُ بلادِ المسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون. 
فمن علاماتِ ظهورِ الزِّنى أنه لا يعاقِبُ عليه قانونٌ، إذا كان بالتراضي من الطرفين.
ومن ظهورِ الزِّنى في حياةِ الناسِ أيها المؤمنون ما يُبَثُّ في القنواتِ الفضائيةِ والتلفزيونيةِ والشبكيةِ، من صور النساءِ الكاسياتِ العارياتِ، أو الأفلامِ والغرامِيَّاتِ، التي تزيِّنُ الفاحشةَ وتُشِيعُها بين المسلمين والمسلمات. 
ومن ظهور الزِّنى ما تحوِيه الصحفُ والمجلاتُ، وغيرُها من المطبوعات، من صورِ السافراتِ والماجناتِ، التي تقولُ كل صورةٍ منها: هيتَ لك !! 
ومن ظهور الزِّنى الدعوةُ إلى تجريدِ المرأةِ المسلمةِ، وخلعِ جلبابِ الحياءِ عنها. 
ومن ظهور الزِّنى سهولةُ الوصولِ إلى بُؤَرِ الفسادِ، وبيوتِ الخنا، وتجَّارِ الرذيلةِ في الشرقِ أو الغربِ، البعيدِ منه والقريبِ. 
أَفَبعدَ هذا نأمنُ سخطَ اللهِ وعقوبتَه؟! ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) سورة الأعراف: (99).
  أيها المؤمنون.
إن كثيراً من الناسِ غرّتهم الأمانيُّ، وغرَّهُم باللهِ الغرورُ، واتَّبَعُوا خطواتِ الشيطانِ، فتورَّطوا في المعاصي والموبقاتِ.
  أيها الناس.
إن الذُّنوبَ على اختلافِ ألوانِها من أعظمِ أسبابِ فسادِ الكونِ، وخرابِ العالمِ، قال تعالى: ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأْرضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا) سورة الأعراف: (56)، وقال جل ذكره: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) سورة الروم: (41).
فهذه الخسوفاتُ والكسوفاتُ وغيرُها من الآياتِ نُذُرٌ، يخوِّفُ اللهُ بها أولي الألبابِ، فاعتبروا يا أولي الأبصارِ.
 
الخطبة الثانية :
أما بعد.
فاتقوا الله عباد الله، إن عذابَ الله شديدٌ. 
أيها المؤمنون! إن الله تعالى ذكرُه حليمٌ ذو أناةٍ، وسِعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وعلماً، ومن عظيمِ رحمتِهِ وحلمِهِ أنه لا يعاجِلُ عبدَه بالعقوبةِ، بل يمهلُه ويستعتبُه، ويخوِّفُه وينذرُه؛ رجاءَ أن يتوبَ إليه ويستغفرَه، فإن رجعَ وتابَ وآبَ وأنابَ عفا عنه، وغفرَ له وتابَ عليه، أمَّا من أعرضَ عن الآياتِ، وانهمك في الموبقات، وأسرفَ على نفسِه بالمعاصي والسيئاتِ، فله نقول:﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) سورة الفجر: (14) فأين المفرُّ؟ ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) سورة القيامة: (12). .
ومن حكمةِ الله تعالى أنه يملِي للظالمِ، حتى إذا أخذَه لم يُفلتْه، كما قال سبحانه: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ سورة هود: (102)
فلا يغرنَّك يا عبدَ اللهِ إمهالُ اللهِ لك، وتأخيرُه العقوبةِ عنك، مع إصرارِك على مواقعةِ السيئاتِ، وتركِ الواجباتِ، فهبْ أنك سلِمتَ في هذه الدنيا من جميعِ العقوباتِ، فمن يضمنُ لك السلامةَ بعد المماتِ؟! من يضمنُ لك السلامةَ من عذابِ القبرِ، ومن عذابِ يومِ القيامةِ، ومن عذابِ النارِ؟!
أّما تخشى أن تكونَ ممن قال اللهُ فيهم: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) سورة الحجر: (3) ؟!
فاتَّقِ اللهَ يا عبدَ الله، واحذر الآخرةَ، فإن اللهَ تعالى قد تهدَّدَك، فقال: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ) سورة القمر: (46).، فتبْ إلى الله، وبادرْ إلى الطاعةِ والإحسانِ، قبل فواتِ الأوانِ.
أيها المؤمنون! بالكسوفِ يتبيَّنُ للناسِ عظمةُ اللهِ تعالى، وعظيمُ قدرتِهِ، فإنَّ هذه المخلوقاتِ العظيمةَ مخلوقةٌ مدبرةٌ، مسخرةٌ بأمرِ اللهِ، يحكمُ فيها ما يشاءُ، ويقضي فيها ما يريدُ، تسيرُ وفقَ نظامٍ دقيقٍ: ﴿لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) سورة يس: (40)﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ) سورة الرحمن: (5).؛ ولذلك لا غرابة في أن يعرف الحاسبون الفلكيُّون أوقاتِ الكسوفِ، وأزمنتَه، ومدتَه وأماكنَ ظهورِه؛ لأن ذلك يُعرفُ بالحسابِ، كشُروقِ الشَّمسِ وغروبِها، ودخولِ الفصولِ وأوائلِ الشهورِ، وغيرِ ذلك مما يُدرك بالحسابِ، فهذا دالٌّ على عظيمِ صنعِ اللهِ تعالى، وبديعِ خلقِه، وليس فيه منازعةٌ له جل وعلا. 
وبالكسوفِ يا عبادَ اللهِ، يتبيَّنُ فضلُ اللهِ على عبادِهِ، بهذَيْن النَّيِّرَيْن، الشمسِ والقمرِ، فبهما تقومُ مصالحُ العبادِ في معاشِهم ودنياهم، وقد امتنَّ اللهُ بذلك على عبادِه، فقال جل ثناؤه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ .  وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) سورة القصص: (71-73) .
وبالكسوفِ أيها المؤمنون يتبيَّنْ ضلالُ الوثنيِّين، الذين يعبُدون الشمسَ والقمرَ من دونِ اللهِ، فلو كان الشمسُ والقمرُ إلهيْنِ لما لحِقَهُما النَّقصُ باضمحلالِ نورِهما أو نقصِه، فسبحانَ من هدى هُدهُدَ سليمانَ عليه السلام، حيث قال عن ملكةِ سبأٍ وقومِها: ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ . أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ . اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) سورة النمل: (24-26) .
ومما ذُكِرَ أن الكوفةَ رجَفَتْ على عهدِ ابن مسعود رضي الله عنه، فقال: "يا أيها الناس، إن ربَّكُم يستعتبكم فأعتبوه" أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (8420). ، ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إلا تَخْوِيفاً) سورة الإسراء: (59). لعلهم يعتبرون، أو يذكَّرُون أو يرجِعون، وإن الخسوفَ والكسوفَ من العلاماتِ التي تُشعِرُ بقربِ ظهورِ علاماتِ الساعةِ الكبرى، وأشراطِها العظمى. 

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات85992 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80483 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74769 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61838 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56369 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53357 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50922 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50647 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46029 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45575 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف