×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح
مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

 من صفات المتقين  الخطبة الأولى : إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد . فيا أيها المؤمنون. أوصيكم بتقوى الله تعالى في السر والعلن ، والغيب والشهادة، فإن تقوى الله تعالى أكرم ما أسررتم، وأزين ما أظهرتم، وأفضل ما ادخرتم، وخير ما تزودتم  ﴿وتزودوا فإن خير الزاد التقوى﴾+++ سورة البقرة (197) ---. عباد الله! إن تقوى الله جل وعلا حقيقتها العمل بطاعة الله تعالى إيمانا واحتسابا، أمرا ونهيا. فالتقي يا عباد الله، هو من يفعل ما أمر الله به إيمانا بالله وتصديقا بوعده، وهو من ترك ما نهى الله عنه إيمانا بالله وخوفا من عقابه، فالتقوى: هي التزام ما أمر الله، وترك ما نهى الله عنه؛ رجاء ثوابه، وخوفا من عقابه، فتقوى الله جل وعلا ليست شعورا فارغا جامدا، لا أثر له ولا ثمر، بل هي مراقبة الله تعالى في السر والعلن، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ليس تقوى الله بصيام النهار وقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، لكن تقوى الله ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير "+++ الزهد الكبير للبيهقي (970)---.  أيها المؤمنون. إن للتقوى صفات وخصالا وسمات وآدابا، جعلها الله سبحانه وتعالى دلائل على أهلها وعلامات يهتدى بها، تجمع أصول الاعتقاد وفضائل الشيم ومحاسن الأعمال وطيب الخصال. فمن تلك الصفات: قول الله جل وعلا: ﴿ألم . ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)+++ سورة البقرة (2) --- ثم وصفهم سبحانه وتعالى فقال: ﴿الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون . والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون﴾+++ سورة البقرة ( 3-4) --- .  ومن صفات المتقين: قوله تعالى: ﴿ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون﴾+++ سورة البقرة (177) ---. أيها المؤمنون. إن من أبرز صفات المتقين: إخلاص العبادة لله تعالى وحده لا شريك له: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة﴾+++ سورة البينة (5) --- قال تعالى في وصف عباده وأوليائه: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلها آخر﴾+++ سورة الفرقان (68)---، فحبهم وخوفهم ورجاؤهم وعبادتهم كلها لله وحده لا شريك له. عباد الله! إن من صفات عباد الله المتقين: أنهم إذا مسهم طائف من الشيطان، فقصروا في الطاعات، أو انتهكوا شيئا من المحرمات تذكروا فإذا هم مبصرون، فلا إصرار على الخطأ، ولا مضي في الغي، بل إذا زلوا تابوا، وإلى ربهم أنابوا، كما قال تعالى: ﴿إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون﴾+++ سورة الأعراف (201) ---، وقال تعالى في وصفهم :﴿والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)+++ سورة آل عمران (135) ---   أيها المؤمنون. إن من صفات المتقين تعظيم شعائر الله -أي: تعظيم حدوده وشرائعه وأحكامه- قال الله تعالى: ﴿ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)+++ سورة الحج (32)---، فالمتقون يعظمون طاعة الله وأوامره، فيحملهم ذلك على طاعته واتباع شرعه، ويعظمون نهيه فيمنعهم ذلك من معصيته ومخالفة أمره. أيها المؤمنون. إن من صفات المتقين: العفو عن  المخطئين، والإعراض عن الجاهلين، والصفح عن المسيئين، قال الله تعالى : ﴿وأن تعفوا أقرب للتقوى﴾+++ سورة البقرة (237)--- وقال تعالى : ﴿وإذا مروا باللغو مروا كراما)+++ سورة الفرقان (72) --- وقال : ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما﴾+++ سورة الفرقان (63) .---.  أيها المؤمنون. إن من صفات المتقين: العدل في الأمر كله، فهم عادلون في أقوالهم وأعمالهم وأهلهم وحكمهم وما ولوا ، عدل مع القريب والبعيد والصديق والعدو والمسلم والكافر، قال الله تعالى : ﴿ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾+++ سورة المائدة (8)---.   عباد الله..إن من صفات المتقين: الصدق في الأقوال والأعمال، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، قال تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾+++ سورة التوبة (119)---. ومن صفاتهم: ترك الشبهات والملتبسات التي لم يتضح أمرها، هل هي حلال أو حرام؟ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر"+++ أخرجه البخاري معلقا في كتاب الإيمان.---، فلا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس. فالمتقون يتورعون عن الشبهات بتركها فإنه من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، أي: سلم له دينه وعرضه، وحمله ذلك على ترك ظاهر الإثم وباطنه، ففي الصحيحين قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : (فمن ترك ما شبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك)+++ هو جزء من حديث النعمان السابق تخريجه، وهذه الزيادة عند البخاري (2051) --- عباد الله.. هذه بعض صفات المتقين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فأستغفر الله الذي لا إله إلا هو، من وصف حالهم وعدم الأخذ بأعمالهم.    الخطبة الثانية : الحمد لله الذي عمر بتقواه قلوب المتقين، وجعل تقواه سبيل النجاة للأولين والآخرين وبعد،  فإن تقوى الله أيها المؤمنون إذا استقرت في القلوب، وارتسمت بها الأقوال والأعمال أثمرت أحسن الثمار، وأعقبت أطيب الآثار في الدنيا، وفي الآخرة دار القرار. فمن فوائدها يا عباد الله: أنها سبب لتيسير العسير، قال تعالى: ﴿ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا﴾+++ سورة الطلاق (4) .---. وتقوى الله تعالى سبب لتفريج الكروب وإيجاد المخارج والحلول عند اشتباك الخطوب. وهي سبب لفتح سبل الاكتساب والارتزاق، قال الله تعالى :﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا .ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾+++ سورة الطلاق ( 2-3 )---. أيها المؤمنون.. إن من فوائد تقوى الله: الفوز بمعية الرحيم الرحمن؛ معية نصر وحفظ وتمكين ﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾+++ سورة النحل (122) ---. ومن فوائدها: أنها سبب للسلامة والنجاة من كيد الفجار ومكر الكفار، قال تعالى : ﴿إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط﴾+++ سورة آل عمران (121) ---.  ومن فوائد تقوى الله جل وعلا: أن الله يعطي بها العبد نورا، يميز به الحق عن الباطل، فهي فرقان يضيء المسالك والدروب، قال الله تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا﴾+++ سورة الأنفال (29) ---.   أيها المؤمنون.. اتقوا الله تعالى، فإن تقوى الله سبب لتعظيم الأجور ومضاعفتها وتكفير السيئات ورفع عواقبها، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم﴾+++ سورة الحديد ( 28)--- وقال تعالى: ﴿ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا﴾+++ سورة الطلاق ( 5)---. 

المشاهدات:15256
 من صفاتِ المتَّقين 
الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أما بعد .
فيا أيها المؤمنون.
أوصيكم بتقوى اللهِ تعالى في السِّرِّ والعَلَنِ ، والغيبِ والشهادةِ، فإن تقوى اللهِ تعالى أكرمُ ما أسررتُم، وأزينُ ما أظهرتم، وأفضلُ ما ادَّخَرتم، وخيرُ ما تزوَّدتم  ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ سورة البقرة (197) .
عباد الله! إن تقوى اللهِ جل وعلا حقيقتُها العملُ بطاعةِ اللهِ تعالى إيماناً واحتساباً، أمراً ونهياً.
فالتقيُّ يا عبادَ الله، هو مَن يفعلُ ما أمرَ اللهُ به إيماناً بالله وتصديقاً بوعدِه، وهو من تَرَكَ ما نهى الله عنه إيماناً باللهِ وخوفاً من عقابِهِ، فالتقوى: هي التزامُ ما أمرَ الله، وترْكُ ما نهى اللهُ عنه؛ رجاءَ ثوابِه، وخوفاً من عقابه، فتقوى الله جل وعلا ليست شعوراً فارِغاً جامداً، لا أثرَ له ولا ثمرَ، بل هي مراقبةُ اللهِ تعالى في السِّرِّ والعلنِ، قال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رحمه الله: "ليس تقوى اللهِ بصيامِ النَّهارِ وقيامِ الليلِ والتخليطِ فِيما بَينَ ذلك، لَكِنَّ تَقْوَى اللَّهِ تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَأَدَاءُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ، فَمَنْ رُزِقَ بَعْدَ ذَلِكَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ إِلَى خَيْرٍ " الزهد الكبير للبيهقي (970)
أيها المؤمنون.
إن للتقوى صفاتٍ وخِصالاً وسماتٍ وآداباً، جَعَلَها اللهُ سبحانه وتعالى دلائلَ على أهلِها وعلاماتٍ يُهتدى بها، تجمعُ أصولَ الاعتقادِ وفضائلَ الشِّيَمِ ومحاسِنَ الأعمالِ وطيِّبَ الخِصالِ.
فمن تلك الصفاتِ: قولُ الله جل وعلا: ﴿ألم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) سورة البقرة (2) ثم وصفهم سبحانه وتعالى فقال: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ سورة البقرة ( 3-4)
ومن صفاتِ المتقين: قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ سورة البقرة (177) .
أيها المؤمنون.
إن من أبرزِ صفاتِ المتقين: إخلاصَ العبادةِ للهِ تعالى وحدَه لا شريكَ له: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ سورة البينة (5) قال تعالى في وصف عبادِه وأوليائِه: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ﴾ سورة الفرقان (68)، فحبُّهم وخوفُهُم ورجاؤُهُم وعبادتُهُم كلُّها للهِ وحدَه لا شريكَ له.
عباد الله! إن من صفاتِ عبادِ الله المتقين: أنهم إذا مسَّهم طائفٌ من الشيطانِ، فقصَّروا في الطاعات، أو انتهكوا شيئاً من المحرمات تَذَكَّروا فإذا هم مبصرون، فلا إصرارَ على الخطأِ، ولا مُضِيَّ في الغيِّ، بل إذا زلُّوا تابوا، وإلى ربِّهم أنابوا، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ سورة الأعراف (201) ، وقال تعالى في وصفِهم :﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) سورة آل عمران (135)  
أيها المؤمنون.
إن من صفاتِ المتقين تعظيمَ شعائرِ اللهِ -أي: تعظيمَ حدودِه وشرائعِه وأحكامِه- قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) سورة الحج (32)، فالمتقون يعظِّمون طاعةَ اللهِ وأوامرَه، فيحملُهم ذلك على طاعتِه واتباعِ شرعِه، ويعظِّمون نهيَه فيمنعُهم ذلك من معصيتِه ومخالفةِ أمرِه.
أيها المؤمنون.
إن من صفاتِ المتقين: العفوَ عن  المخطئين، والإعراضَ عن الجاهلين، والصفحَ عن المسيئين، قال الله تعالى : ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ سورة البقرة (237) وقال تعالى : ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) سورة الفرقان (72) وقال : ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾ سورة الفرقان (63) .
أيها المؤمنون.
إن من صفاتِ المتقين: العدلَ في الأمرِ كلِّه، فهم عادلون في أقوالِهم وأعمالِهم وأهلِهم وحكمِهم وما وُلُّوا ، عدلٌ مع القريبِ والبعيدِ والصديقِ والعدوِّ والمسلمِ والكافرِ، قال الله تعالى : ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ سورة المائدة (8).  
عباد الله..إن من صفاتِ المتقين: الصِّدقَ في الأقوالِ والأعمالِ، فإن الصِّدقَ يهدِي إلى البرِّ، والبرُّ يهدي إلى الجنةِ، قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ سورة التوبة (119).
ومن صفاتهم: تركُ الشُّبُهاتِ والملتبساتِ التي لم يتضحْ أمرُها، هل هي حلالٌ أو حرامٌ؟ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لا يبلغُ العبدُ حقيقةَ التقوى حتى يدَعَ ما حَاكَ في الصدرِ" أخرجه البخاري معلقا في كتاب الإيمان.، فلا يبلغُ العبدُ أن يكونَ من المتقين حتى يدعَ ما لا بأسَ به حذراً مما به بأسٌ.
فالمتقون يتورَّعـون عن الشبهاتِ بتركـِها فإنه من اتقى الشبهات فقـد استبرأ لدينه وعرضه، أي: سلم له دينُه وعِرضُه، وحملَه ذلك على تركِ ظاهرِ الإثمِ وباطنِه، ففي الصحيحين قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : (فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ) هو جزء من حديث النعمان السابق تخريجه، وهذه الزيادة عند البخاري (2051)
عبادَ اللهِ.. هذه بعضُ صفاتِ المتقين، الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، فأستغفر اللهَ الذي لا إلهَ إلا هو، مِنْ وَصْفِ حالِهم وعدمِ الأخذِ بأعمالِهم. 
 
الخطبة الثانية :
الحمدُ لله الذي عمَّرَ بتقواه قلوبَ المتقين، وجَعَلَ تقواه سبيلَ النجاةِ للأولين والآخرين وبعد، 
فإن تقوى اللهِ أيها المؤمنون إذا استقرت في القلوبِ، وارتسمت بها الأقوالُ والأعمالُ أثمرَت أحسنَ الثِّمارِ، وأعقبت أطيبَ الآثارِ في الدنيا، وفي الآخرةِ دارِ القرار.
فمن فوائدِها يا عبادَ الله: أنها سببٌ لتيَسيرِ العَسيرِ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾ سورة الطلاق (4) ..
وتقوى اللهِ تعالى سببٌ لتفريجِ الكُروبِ وإيجادِ المخارجِ والحلولِ عند اشتباكِ الخطوبِ.
وهي سببٌ لفتحِ سُبُل الاكتسابِ والارْتزاقِ، قال الله تعالى :﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً .وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ سورة الطلاق ( 2-3 ).
أيها المؤمنون..
إن من فوائدِ تقوى اللهِ: الفوزَ بمعيَّةِ الرحيمِ الرحمنِ؛ معيةُ نصرٍ وحفظٍ وتمكينٍ ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ سورة النحل (122) .
ومن فوائدها: أنها سببٌ للسلامةِ والنجاةِ من كيدِ الفجارِ ومكرِ الكفَّارِ، قال تعالى : ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ سورة آل عمران (121)
ومن فوائدِ تقوى الله جل وعلا: أن اللهَ يُعطي بها العبدَ نوراً، يميِّزُ به الحقَّ عن الباطلِ، فهي فرقانٌ يضـيءُ المسالكَ والـدروبَ، قال الله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾ سورة الأنفال (29) .  
أيها المؤمنون..
اتقوا اللهَ تعالى، فإن تقوى اللهِ سببٌ لتعظيمِ الأجور ومضاعفتِها وتكفيرِ السيئاتِ ورفعِ عواقبِها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ سورة الحديد ( 28) وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً﴾ سورة الطلاق ( 5)
المادة السابقة
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات86018 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80495 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74780 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61869 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56378 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53365 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50929 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50662 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46036 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45588 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف