التَّقْوَى ثَلَاث مَرَاتِب إِحْدَاهَا حمية الْقلب والجوارح عَن الآثام والمحرّمات الثَّانِيَة حميتها عَن المكروهات الثَّالِثَة الحمية عَن الفضول وَمَا لَا يَعْنِي فَالْأولى تُعْطِي العَبْد حَيَاته وَالثَّانيَِة تفيده صِحَّته وقوته وَالثَّالِثَة تكسبه سروره وفرحه وبهجته
غموض الْحق حِين تذب عَنهُ ... يقلل نَاصِر الْخصم المحق
تضل عَن الدَّقِيق فَهُوَ م قوم ... فتقضي للمجلّ على المدقّ
بِاللَّه أبلغ مَا أسعى وأدركه ... لابي وَلَا يشفع لي من النَّاس
إِذا أَيِست وَكَاد الْيَأْس يقطعني ... جَاءَ الرجا مسرعا من جَانب الْيَأْس
من خلقه الله للجنّة لم تزل هَدَايَاهَا تَأتيه من المكاره وَمن خلقه للنار لم تزل هَدَايَاهَا تَأتيه من الشَّهَوَات لما طلب آدم الخلود فِي الْجنَّة من جَانب الشَّجَرَة عُوقِبَ بِالْخرُوجِ مِنْهَا وَلما طلب يُوسُف الْخُرُوج من السجْن من جِهَة صَاحب الرُّؤْيَا لبث فِيهِ بضع سِنِين إِذا جرى على العَبْد مَقْدُور يكرههُ فَلهُ فِيهِ ستّة مشَاهد أَحدهَا مشْهد التَّوْحِيد وَأَن الله هُوَ الَّذِي قدّره وشاءه وخلقه وَمَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَاء لم يكن الثَّانِي مشْهد الْعدْل وَأَنه مَاض فِيهِ حكمه عدل فِيهِ قَضَاؤُهُ الثَّالِث مشْهد الرَّحْمَة وَأَن رَحمته فِي هَذَا الْمَقْدُور غالبه لغضبه وانتقامه وَرَحمته حشوه الرَّابِع مشْهد الْحِكْمَة وَأَن حكمته سُبْحَانَهُ اقْتَضَت ذَلِك لم يقدّره سدى وَلَا قَضَاهُ عَبَثا الْخَامِس مشْهد الْحَمد وَأَن لَهُ سُبْحَانَهُ الْحَمد التَّام على ذَلِك من جَمِيع وجوهه السَّادِس مشْهد العبوديّة وَأَنه عبد مَحْض من كل وَجه تجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَام سيّده وأقضيته بِحكم كَونه ملكه وَعَبده فيصرفه تَحت أَحْكَامه القدريّة كَمَا يصرفهُ تَحت أَحْكَامه الدينيّة فَهُوَ مَحل لجَرَيَان هَذِه الْأَحْكَام عَلَيْهِ
قلّة التَّوْفِيق وَفَسَاد الرَّأْي وخفاء الْحق وَفَسَاد الْقلب وخمول الذّكر وإضاعة الْوَقْت ونفرة الْخلق والوحشة بَين العَبْد وَبَين ربّه وَمنع إِجَابَة الدُّعَاء وقسوة الْقلب ومحق الْبركَة فِي الرزق والعمر وحرمان الْعلم ولباس الذل وإهانة الْعَدو وضيق الصَّدْر والابتلاء بقرناء السوء الَّذين يفسدون الْقلب ويضيعون الْوَقْت وَطول الْهم وَالْغَم وضنك الْمَعيشَة وكسف البال تتولّد من الْمعْصِيَة والغفلة عَن ذكر الله كَمَا يتولّد الزَّرْع عَن المَاء والإحراق عَن النَّار وأضداد هَذِه تتولّد عَن الطَّاعَة