فصل اياك والمعاصي فانها أزالت عِزَّ اسْجُدُوا
وأخرجت إقطاع أَسْكَنَ يَا لَهَا لَحْظَة أثمرت حرارة القلق ألف سنة مازال يكْتب بِدَم النَّدَم سطور الْحزن فِي الْقَصَص ويرسلها مَعَ أنفاس الأسف حَتَّى جَاءَهُ توقيعُ فَتَابَ عَلَيْه فَرح إِبْلِيس بنزول آدم من لجنة وَمَا علم أَن هبوط الغائص فِي اللجة خلف الدّرّ صعُود كم بَين قَوْله لآدَم {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَليفَة} وَقَوله لَك {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} مَا جرى على آدم هُوَ المُرَاد من وجوده لَو لم تذنبوا يَا آدم لَا تجزع من قولي لَك اخْرُجْ مِنْهَا فلك ولصالح ذريتك خلفتها يَا آدم كنت تدخل عليَّ دُخُول الْمُلُوك على الْمُلُوك وَالْيَوْم تدخل عليَّ دُخُول العبيد على الْمُلُوك يَا آدم لَا تجزع من كأس زلل كَانَت سَبَب كيسك فقد استخرج مِنْك دَاء الْعجب وألبست خلعة الْعُبُودِيَّة وَعَسَى أَنْ تكْرهُوا يَا آدم لم أخرج إقطاعك إِلَى غَيْرك إِنَّمَا نحيّتك عَنهُ لَا كمل عِمَارَته لَك وليبعث إِلَى العمّال نَفَقَة تَتَجَافَى جنُوبهم تالله مَا نَفعه عِنْد مَعْصِيَته عز
اسجدوا وَلَا شرف وَعَلَّمَ آدَمَ وَلَا خصيصة لِمَا خلقت بيَدي وَلَا فَخر {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} وَإِنَّمَا انْتفع بذل {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} لما لبس درع التَّوْحِيد على بدن الشُّكْر وَقع سهم الْعَدو مِنْهُ فِي غير مقتل
فجرحه فَوضع عَلَيْهِ جَبَّار الانكسار فَعَاد كَمَا كَانَ فَقَامَ الجريح كَأَن لم يكن بِهِ قلبة فصل
نَجَائِب النجَاة مهيأة للمراد واقدم المطرود موثوقة بالقيود هبّت عواصف الأقدار فِي بيداء الأكوان فتقلب الْوُجُود وَنجم الْخَيْر فَلَمَّا ركدت الرّيح إِذا أَبُو طَالب غريق فِي لجة الْهَلَاك وسلمان على سَاحل السَّلامَة والوليد بن
الْمُغيرَة يقدم قومه فِي التيه وصهيب قد قدم بقافلة الرّوم وَالنَّجَاشِي فِي أَرض
الْحَبَشَة يَقُول لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وبلال يُنَادي الصَّلَاة خير من النّوم
وَأَبُو جهل فِي رقدة الْمُخَالفَة لما قضى فِي الْقدَم بسابقة سلمَان عرج بِهِ دَلِيل التَّوْفِيق عَن طَرِيق آبَائِهِ فِي التمجس فَأقبل يناظر أَبَاهُ فِي دين الشّرك فَلَمَّا علاهُ بِالْحجَّةِ لم يكن لَهُ جَوَاب إِلَّا الْقَيْد وَهَذَا جَوَاب يتداوله أهل الْبَاطِل من يَوْم حرفوه وَبِه أجَاب فِرْعَوْن مُوسَى لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي وَبِه أجَاب الْجَهْمِية الإِمَام أَحْمد لما عرضوه على السِّيَاط وَبِه أجَاب أهل الْبدع شيخ الْإِسْلَام حِين استدعوه السجْن وَهَا نَحن على الْأَثر فَنزل بِهِ ضيف وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ فنال بإكرامه مرتبَة سلمَان منا أهل الْبَيْت فَسمع أَن ركبا على نِيَّة السّفر فَسرق نَفسه من أَبِيه وَلَا قطع فَركب رَاحِلَة الْعَزْم يَرْجُو إِدْرَاك مطلب السَّعَادَة فغاص فِي بَحر الْبَحْث ليَقَع بدرّة الْوُجُود فَوقف نَفسه على خدمه الأدلاء وقُوف الأذلاء فَلَمَّا أحس الرهبان بانقراض دولتهم سلمُوا إِلَيْهِ أَعْلَام الْأَعْلَام على نبوة نَبينَا وَقَالُوا إِن زَمَانه قد أظل فاحذر أَن تضل فَرَحل مَعَ رفْقَة لم يرفقوا بِهِ فشروه بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَة فأتباعه يَهُودِيّ بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا رأى الْحرَّة توقد حرا شوقه وَلم يعلم رب الْمنزل بوجد النَّازِل فَبينا هُوَ يكابد سَاعَات الِانْتِظَار قدم البشير بقدوم البشير وسلمان فِي رَأس نَخْلَة وَكَاد القلق يلقيه لَوْلَا أَن الحزم أمْسكهُ كَمَا جرى يَوْم إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلبهَا فَعجل النُّزُول لتلقي ركب الْبشَارَة ولسان حَاله يَقُول
خليليَّ من نجد قفا بِي على الرِّبَا ... فقد هَب من تِلْكَ الديار نسيم فصاح بِهِ سَيّده مَالك انْصَرف إِلَى شغلك فَقَالَ
كَيفَ انصرافي ولي فِي داركم شغل
ثمَّ أَخذ لِسَان حَاله يترنم لَو سمع الأطروش خليليَّ لَا وَالله مَا أَنا مِنْكُمَا ... إِذا علم من آل ليلى بداليا
فَلَمَّا لَقِي الرَّسُول عَارض نُسْخَة الرهبان بِكِتَاب الأَصْل فوافقه يَا مُحَمَّد أَنْت تُرِيدُ أَبَا طَالب وَنحن نُرِيد سلمَان أَبُو طَالب إِذا سُئِلَ عَن اسْمه قَالَ عبد منَاف وَإِذا انتسب افتخر بِالْآبَاءِ واذاذكرت الْأَمْوَال عبد الْإِبِل وسلمان إِذا سُئِلَ عَن اسْمه قَالَ عبد الله وَعَن نسبه قَالَ ابْن الْإِسْلَام وَعَن مَاله قَالَ الْفقر وَعَن حانوته قَالَ الْمَسْجِد وَعَن كَسبه قَالَ الصَّبْر وَعَن لِبَاسه قَالَ التَّقْوَى والتواضع وَعَن وساده قَالَ السهر وَعَن فخره قَالَ سلمَان منا وَعَن قَصده قَالَ يُرِيدُونَ وَجهه وَعَن سيره قَالَ إِلَى الْجنَّة وَعَن دَلِيله فِي الطَّرِيق قَالَ إِمَام الْخلق وهادئ الْأَئِمَّة
إِذا نَحن ادلجن وَأَنت إمامنا ... كفى بالمطايا طيّب ذكراك حَادِيًا
وَإِن نَحن أضللنا الطَّرِيق وَلم نجد ... دَلِيلا كفانا نور وَجهك هاديا
الذُّنُوب جراحات وَرب جرح وَقع فِي مقتل لَو خرج عقلك من سُلْطَان هَوَاك عَادَتْ الدولة لَهُ دخلت دَار الْهوى فقامرت بعمرك.