×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / دروس منوعة / الفوائد لابن القيم / الدرس(21) فصل: لما رأى المتيقظون سطوة الدُنْيَا بِأَهْلِهَا

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

فصل: لما رأى المتيقظون سطوة الدنيا بأهلها وخداع الأمل لأربابه وتملك الشيطان وقياد النفوس رأوا الدولة للنفس الأمارة لجأوا إلى حصن التضرع والالتجاء كما يأوي العبد المذعور إلى حرم سيده سيده شهوات الدنيا كلعب الخيال ونظر الجاهل مقصور على الظاهر فأما ذو العقل فيرى ما ووراء الستر لاح لهم المشتهى فلما مدوا أيدي التناول بأن لابصار البصائر خبط الفخ فطاروا بأجنحة الحذر وصوبوا إلى الرحيل الثاني ياليت قومي يعلمون تلمح القوم الوجود ففهموا المقصود فأجمعوا الرحيل قبل الرحيل وشمروا للسير في سواء السبيل فالناس مشتغلون بالفضلات وهم في قطع الفلوات وعصافير الهوى في وثاق الشبكة ينتظرون الذبح وقع ثعلبان في شبكة فقال أحدهما للآخر أين الملتقى بعد هذا فقال بعد يومين في الدباغة تالله ما كانت الأيام الا مناما فليستيقظوا وقد حصلوا على الظفر ما مضى من الدنيا أحلام وما بقي منها أماني والوقت ضائع بينهما كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه وولد لا يعذره وجار لا يأمنه وصاحب لا ينصحه وشريك لا ينصفه وعدو لا ينام عن معاداته ونفس أمارة بالسوء ودنيا متزينة وهوى مرد وشهوة غالبة له وغضب قاهر وشيطان مزين وضعف مستول عليه فإن تولاه الله وجذبه إليه انقهرت له هذه كلها وان تخلى عنه ووكله إلى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما وعدلوا إلى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم وظلمة في قلوبهم وكدر في أفهامهم ومحق في عقولهم وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير وهرم عليها الكبير فلم يروها مكرا فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن والنفس مقام العقل والهوى مقام الرشد والظلال مقام الهدى والمنكر مقام المعروف والجهل مقام العلم والرياء مقام الإخلاص والباطل مقام الحق والكذب مقام الصدق والمداهنة مقام النصيحة والظلم مقام العدل فصارت الدولة والغلبة لهذه الأمور وأهلها هم المشار إليهم وكانت قبل ذلك لأضدادها وكان أهلها هم المشار إليهم فإذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت وراياتها قد نصبت وجيوشها قد ركبت فبطن الأرض والله خير من ظهرها وقلل الجبال خير من السهول ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الناس اقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبايح وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه ومؤذن بليل بلاء قد ادلهم ظلامه فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح وكأنكم بالباب وقد أغلق وبالرهن وقد غلق وبالجناح وقد علق {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} اشتر نفسك اليوم فإن السوق قائمة والثمن موجود والبضائع رخيصة وسيأتي على تلك السوق والبضايع يوم لا تصل فيها إلى قليل ولا كثير ذلك يوم التغابن يوم يعض الظالم على يديه إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ... وأبصرت يوم الحشر من قد تزودا ندمت على أن لا تكون كمثله ... وأنك لم ترصد كما كان أرصدا العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا يثقله ولا ينفعه إذا حملت على القلب هموم الدنيا وأثقالها وتهاونت بأوراده التي هي قوته وحياته كنت كالمسافر الذي يحمل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها فما أسرع ما تقف به ومشتت العزمات ينفق عمره ... حيران لا ظفر ولا إخفاق هل السائق العجلان يملك أمره ... فما كل سير اليعملات وحيد رويدا بأخفاف المطى فإنما ... تداس جباه تحتها وخدود من تلمح حلاوة العافية هان عليه مرارة الصبر الغاية أول في التقدير آخر في الوجود مبدأ في نظر العقل منتهى في منازل الوصول ألفت عجز العادة فلو علت بك همتك ربا المعالي لاحت لك أنوار العزائم إنما تفاوت القوم بالهمم لا بالصور تزول همة الكساح دلاه في جب العذرة بينك وبين الفائزين جبل الهوى نزلوا بين يديه ونزلت خلفه فاطو فضل منزل تلحق بالقوم الدنيا مضمار سباق وقد انعقد الغبار وخفي السابق والناس في المضمار بين فارس وراجل وأصحاب حمر معقرة سوف ترى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك أم حمار في الطبع شره والحمية أوفق لص الحرص لا يمشي إلا في ظلام الهوى حبة المشتهى تحت فخ التلف فتفكر الذبح وقد هان الصبر.

المشاهدات:3058
فصل: لما رأى المتيقظون سطوة الدُنْيَا بِأَهْلِهَا وخداع الأمل لأربابه وتملك
الشَّيْطَان وقياد النُّفُوس رَأَوْا الدولة للنَّفس الأمارة لجأوا إِلَى حصن التضرّع والالتجاء كَمَا
يأوي العَبْد المذعور إِلَى حرم سَيّده سَيّده شهوات الدُّنْيَا كلعب الخيال وَنظر الْجَاهِل مَقْصُور على الظَّاهِر فَأَما ذُو الْعقل فَيرى مَا ووراء السّتْر لَاحَ لَهُم المشتهَى فَلَمَّا مدوا أَيدي التَّنَاوُل بِأَن لابصار البصائر خبط الفخ فطاروا بأجنحة الحذر وصوبوا إِلَى الرحيل الثَّانِي ياليت قومِي يعلمُونَ تلمح الْقَوْم الْوُجُود ففهموا الْمَقْصُود فَأَجْمعُوا الرحيل قبل الرحيل وشمروا للسير فِي سَوَاء السَّبِيل فَالنَّاس مشتغلون بالفضلات وهم فِي قطع الفلوات وعصافير الْهوى فِي وثاق الشبكة ينتظرون الذّبْح وَقع ثعلبان فِي شبكة فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر أَيْن الْمُلْتَقى بعد هَذَا فَقَالَ بعد يَوْمَيْنِ فِي الدباغة تالله مَا كَانَت الْأَيَّام الا مناما فليستيقظوا وَقد حصلوا على الظفر مَا مضى من الدُّنْيَا أَحْلَام وَمَا بَقِي مِنْهَا أماني وَالْوَقْت ضائع بَينهمَا
كَيفَ يسلم من لَهُ زَوْجَة لَا ترحمه وَولد لَا يعذرهُ وجار لَا يأمنه وَصَاحب لَا ينصحه وَشريك لَا ينصفه وعدو لَا ينَام عَن معاداته وَنَفس أَمارَة بالسوء وَدُنْيا متزيّنة وَهوى مرد وشهوة غالبة لَهُ وَغَضب قاهر وَشَيْطَان مزين وَضعف مستول عَلَيْهِ فَإِن تولاه الله وجذبه إِلَيْهِ انقهرت لَهُ هَذِه كلهَا وان تخلى عَنهُ ووكله إِلَى نَفسه اجْتمعت عَلَيْهِ فَكَانَت الهلكة
لما أعرض النَّاس عَن تحكيم الْكتاب وَالسّنة والمحاكمة إِلَيْهِمَا واعتقدوا عدم الِاكْتِفَاء بهما وَعدلُوا إِلَى الآراء وَالْقِيَاس وَالِاسْتِحْسَان وأقوال الشُّيُوخ عرض لَهُم من ذَلِك فَسَاد فِي فطرهم وظلمة فِي قُلُوبهم وكدر فِي أفهامهم ومحق فِي عُقُولهمْ وعمتهم هَذِه الْأُمُور وغلبت عَلَيْهِم حَتَّى رَبِّي فِيهَا الصَّغِير وهرم عَلَيْهَا الْكَبِير فَلم يروها مكرا فجاءتهم دولة أُخْرَى قَامَت فِيهَا الْبدع مقَام السّنَن وَالنَّفس مقَام الْعقل والهوى مقَام الرشد والظلال مقَام الْهدى وَالْمُنكر مقَام الْمَعْرُوف وَالْجهل مقَام الْعلم والرياء مقَام الْإِخْلَاص وَالْبَاطِل مقَام الْحق وَالْكذب مقَام الصدْق والمداهنة مقَام النَّصِيحَة وَالظُّلم مقَام الْعدْل فَصَارَت الدولة
وَالْغَلَبَة لهَذِهِ الْأُمُور وَأَهْلهَا هم الْمشَار إِلَيْهِم وَكَانَت قبل ذَلِك لأضدادها وَكَانَ أَهلهَا هم الْمشَار إِلَيْهِم
فَإِذا رَأَيْت دولة هَذِه الْأُمُور قد أَقبلت وراياتها قد نصبت وجيوشها قد ركبت فبطن الأَرْض وَالله خير من ظهرهَا وقلل الْجبَال خير من السهول ومخالطة الْوَحْش أسلم من مُخَالطَة النَّاس
اقشعرّت الأَرْض وأظلمت السَّمَاء وَظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر من ظلم الفجرة وَذَهَبت البركات وقلّت الْخيرَات وهُزلت الوحوش وتكدرت الْحَيَاة من فسق الظلمَة وَبكى ضوء النَّهَار وظلمة اللَّيْل من الْأَعْمَال الخبيثة وَالْأَفْعَال الفظيعة وشكا الْكِرَام الكاتبون والمعقبات إِلَى رَبهم من كَثْرَة الْفَوَاحِش وَغَلَبَة الْمُنْكَرَات والقبايح وَهَذَا وَالله مُنْذر بسيل عَذَاب قد انْعَقَد غمامه ومؤذن بلَيْل بلَاء قد ادلهمّ ظلامه فاعزلوا عَن طَرِيق هَذَا السَّبِيل بتوبة نصوح مَا دَامَت التَّوْبَة مُمكنَة وبابها مَفْتُوح وكأنكم بِالْبَابِ وَقد أغلق وبالرهن وَقد غلق وبالجناح وَقد علق {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون}
اشْتَرِ نَفسك الْيَوْم فَإِن السُّوق قَائِمَة وَالثمن مَوْجُود والبضائع رخيصة وَسَيَأْتِي على تِلْكَ السُّوق والبضايع يَوْم لَا تصل فِيهَا إِلَى قَلِيل وَلَا كثير ذَلِكَ يَوْم التغابن يَوْم يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ
إِذا أَنْت لم ترحل بزاد من التقى ... وأبصرت يَوْم الْحَشْر من قد تزودا
نَدِمت على أَن لَا تكون كمثله ... وَأَنَّك لم ترصد كَمَا كَانَ أرصدا
الْعَمَل بِغَيْر إخلاص وَلَا اقْتِدَاء كالمسافر يمْلَأ جرابه رملا يثقله وَلَا يَنْفَعهُ إِذا حملت على الْقلب هموم الدُّنْيَا وأثقالها وتهاونت بأوراده الَّتِي هِيَ قوته وحياته كنت كالمسافر الَّذِي يحمل دَابَّته فَوق طاقتها وَلَا يوفيها عَلفهَا فَمَا أسْرع مَا تقف بِهِ
ومشتت العزمات ينْفق عمره ... حيران لَا ظفر وَلَا إخفاق
هَل السَّائِق العجلان يملك أمره ... فَمَا كل سير اليعملات وحيد
رويدا بأخفاف المطى فَإِنَّمَا ... تداس جباه تحتهَا وخدود
من تلمح حلاوة الْعَافِيَة هان عَلَيْهِ مرَارَة الصَّبْر الْغَايَة أول فِي التَّقْدِير آخر فِي الْوُجُود مبدأ فِي نظر الْعقل مُنْتَهى فِي منَازِل الْوُصُول ألفت عجز الْعَادة فَلَو علت بك همّتك رَبًّا الْمَعَالِي لاحت لَك أنوار العزائم إِنَّمَا تفَاوت الْقَوْم بالهمم لَا بالصور تَزُول همة الكساح دلاه فِي جب الْعذرَة بَيْنك وَبَين الفائزين جبل الْهوى نزلُوا بَين يَدَيْهِ وَنزلت خَلفه فاطو فضل منزل تلْحق بالقوم الدُّنْيَا مضمار سباق وَقد انْعَقَد الْغُبَار وخفي السَّابِق وَالنَّاس فِي الْمِضْمَار بَين فَارس وراجل وَأَصْحَاب حمر معقرة
سَوف ترى إِذا انجلى الْغُبَار ... أَفرس تَحْتك أم حمَار
فِي الطَّبْع شَره وَالْحمية أوفق لص الْحِرْص لَا يمشي إِلَّا فِي ظلام الْهوى حَبَّة المشتهى تَحت فخ التّلف فتفكر الذّبْح وَقد هان الصَّبْر.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93793 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89655 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف