المبحث الخامس: أيام التشريق
المطلب الأول: زمانها.
أيام التشريق هي المذكورة في قول الله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات} (البقرة:203.) . «ولا خلاف بين العلماء أن أيام التشريق هي الأيام المعدودات، وهي أيام منى، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر» (التمهيد (12/ 129). وينظر: التمهيد (21/ 233)، الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 294).) . وبيانها على النحو التالي:
اليوم الأول: هو اليوم الحادي عشر، ويسمى يوم القر؛ لأن الحجاج يستقرون فيه في منى، ويسمى يوم الرؤوس (كما ورد عن سراء بنت نبهان قالت: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرؤوس، فقال: «أي يوم هذا؟»، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: «أليس أوسط أيام التشريق؟» أخرجه أبو داود (1953)، وصححه ابن خزيمة (2973)، وحسن إسناده الحافظ في بلوغ المرام (773)) ؛ لأن فيه تؤكل رؤوس الهدايا (ينظر: عون المعبود (5/ 301)، مرعاة المفاتيح (9/ 288).) .
اليوم الثاني: وهو اليوم الثاني عشر، ويسمى يوم النفر الأول؛ لأن المتعجل من الحجاج ينصرف من منى قبل غروب الشمس، كما قال الله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} (البقرة:203.) ، والمقصود باليومين: اليوم الحادي عشر، والثاني عشر (ينظر: تفسير الطبري (4/ 215 - 222)، المغني (7/ 221) .
اليوم الثالث: وهو اليوم الثالث عشر، ويسمى يوم النفر الثاني؛ لأن الحجاج ينفرون فيه من منى، وهو المقصود بقوله تعالى: {ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى} (البقرة:203.) ، وهو آخر أيام التشريق. أما سبب تسمية هذه الأيام بأيام التشريق فقيل: أنهم كانوا يشرقون اللحم فيها؛ أي ينشرونه حتى يجف، ويجعلونه قديدا (ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 453)، التمهيد (23/ 73)، فتح الباري (1/ 138)، دليل المحتاج (1/ 362).) .
وقيل: لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس هذه الأيام. وقيل: لأنهم كانوا يشرقون للشمس في غير بيوت ولا أبنية للحج.