المسألة الثامنة: ترتيب أعمال يوم النحر
السنة في أعمال يوم النحر -من الرمي والنحر والحلق أو التقصير والطواف والسعي للمتمتع، ومن لم يكن سعى من المفردين والقارنين- أن تكون ضحى يوم النحر، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها ضحى يوم النحر (أخرجه مسلم (1218) عن جابر رضي الله عنه.) . واتفقوا على أنه ينبغي للحاج الحرص على ترتيب هذه الأعمال على نحو ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم تأسيا به وعملا بهديه (ينظر: بداية المجتهد (2/ 117)، المجموع شرح المهذب (8/ 155)، المغني (5/ 320).) .
قال ابن عبد البر: «لا خلاف فيه بين العلماء أن جمرة العقبة إنما ترمى ضحى يوم النحر، وتمام حلها أول الحل، وإلقاء التفث كله» (ينظر: الاستذكار (4/ 311).) .
وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز تقديم بعض هذه الأعمال على بعض وتاخيرها مع اتفاقهم على الإجزاء؛ وإنما خلافهم في وجوب الدم (ينظر: المحلى (5/ 113)، الاستذكار (4/ 311)، الحاوي الكبير للماوردي (4/ 461).) ، قال ابن قدامة: «ولا نعلم خلافا بينهم في أن مخالفة الترتيب لا تخرج هذه الأفعال عن الإجزاء، ولا يمنع وقوعها موقعها، وإنما اختلفوا في وجوب الدم» (المغني (5/ 320). وينظر: البحر الرائق (3/ 26)، شرح خليل للخرشي (8/ 7)، الفروع (6/ 56).) .
والأظهر أنه يجوز الإخلال في ترتيب أعمال يوم النحر تقديما وتاخيرا، وأنه لا يجب به دم؛ لما في الصحيحين في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال: «اذبح ولا حرج» فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: «ارم ولا حرج» فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج» (تقدم تخريجه.) .