×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مكتبة الشيخ خالد المصلح / كتب مطبوعة / النبذة في أحكام الحج والعمرة / الفصل الرابع: صفة العمرة - الطواف بالبيت

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الفصل الرابع: صفة العمرة المبحث الأول: الطواف بالبيت إذا دخل الحاج المسجد الحرام سن له أن يبدأ بالطواف؛ لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ، ثم طاف بالبيت +++ (رواه البخاري (1641)، ومسلم (1235).) ---. وهذا الطواف يختلف حكمه باختلاف نوع النسك الذي لبى به الطائف؛ فإن كان متمتعا، فهو طواف لعمرته، فيكون ركنا. أما إن كان مفردا أو قارنا، فهو طواف القدوم، وهو سنة عند الجمهور +++ (ينظر: بدائع الصنائع (2/ 150)، المجموع شرح المهذب (8/ 12)، مطالب أولي النهى (6/ 263).) --- خلافا للمالكية؛ حيث قالوا بأنه واجب يجبر بدم +++ (ينظر: الذخيرة (3/ 237)، مواهب الجليل (3/ 10).) ---. ودليل مشروعيته أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ به أول ما قدم مكة، وقد قال: «لتاخذوا عني مناسككم» +++ (رواه مسلم (1297) عن جابر رضي الله عنه.) ---. ويسن في هذا الطواف أمران: الأول: الاضطباع، وهو أن يدخل رداءه تحت إبطه الأيمن ثم يلقيه على عاتقه الأيسر. وبهذا قال أكثر أهل العلم +++ (وهو مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة، خلافا لمالك فلا يستحب الاضطباع. ينظر: الاختيار لتعليل المختار (1/ 147) المجموع شرح المهذب (8/ 21)، المغني (7/ 77).) ---. والثاني: الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى. وهذا باتفاق أهل العلم +++ (ينظر: التمهيد (2/ 70)، المجموع شرح المهذب (8/ 21)، المغني (7/ 77).) ---. وهاتان السنتان: الاضطباع، والرمل مشروعتان للرجال دون النساء بالإجماع، فلا يستحب للنساء رمل، ولا يجوز لهن اضطباع +++ (ينظر: الاستذكار (4/ 168)، المجموع شرح المهذب (8/ 59).) ---. والمشروع للطائف أن يبتدئ طوافه من الحجر الأسود، وينتهي به، لا خلاف بين أهل العلم في ذلك +++ (ينظر: الاستذكار (4/ 165).) ---، فإن كل من وصف طواف النبي صلى الله عليه وسلم ذكر بداءته من الحجر الأسود وانتهاءه به +++ ((3112،3113).) ---. والبدء من الحجر الأسود في الطواف شرط لصحته في قول جمهور العلماء +++ (ينظر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (5/ 421)، نهاية المحتاج (10/ 319)، الإنصاف (4/ 6).) ---، خلافا للحنفية +++ (ينظر: البحر الرائق (2/ 332)، المبسوط للسرخسي (5/ 19)، بدائع الصنائع (2/ 130).) --- والمالكية +++ (ينظر: مواهب الجليل (4/ 93)، المنتقى (2/ 380)، شرح الزرقاني (2/ 464) ونص بعضهم بأنه سنة؛ قال في الذخيرة (3/ 240): «وإن ابتدأ الطواف من بين الحجر والباب بالشيء اليسير أجزأه، وإن بدأ بباب البيت إلى الركن لا يعتد به. والبداية بالحجر شرط عند الشافعية، وسنة عند مالك، فلو ابتدأ بالركن اليماني، فإذا فرغ سعيه تمادى من اليماني إلى الأسود، فإن لم يذكر حتى طال أو انتقض وضوؤه أعاد الطواف والسعي، فإن خرج عن مكة أجزأه الهدي؛ لقوله تعالى: (وليطوفوا بالبيت العتيق)».) ---؛ ففي قول عندهم أنه سنة، وقيل: إنه واجب يجبر بدم إذا لم يعده +++ من ذلك ما جاء في صحيح مسلم (3112، 3113) من حديثي جابر وابن عمر رضي الله عنهم في وصف طواف النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمل من الحجر إلى الحجر ثلاثا، ومشى أربعا.---. واستلام الحجر الأسود والركن اليماني سنة من سنن الطواف بالإجماع +++ينظر: مراتب الإجماع ص (44)، التمهيد (10/ 53)، (22/ 259)، شرح النووي على مسلم (4/ 369) ---. وصفة الاستلام أن يمسح الحجر بيده ويقبله، فإن لم يتيسر ذلك استلمه بيده وقبلها، فإن لم يتيسر استلمه بشيء في يده وقبله، فإن لم يتيسر أشار إليه بيده، ويسن أن يكبر، كل هذا مما جاءت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مرتبة على نحو ما تقدم حسب ما يتيسر للطائف +++ (ينظر: الاستذكار (4/ 174)، فتح الباري (3/ 475).) ---. والمشروع في الركن اليماني الاستلام باليد فقط +++ (ينظر: التمهيد (22/ 260)، شرح النووي على مسلم (4/ 376)، حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (2/ 386). قال في الاستذكار (4/ 171) استلام ما عدا الركنين: «مباح لمن فعله لا حرج عليه والسنة استلام الركنين الأسود واليماني». ولا يقبله بفيه ويكبر مع استلامه، قال في الذخيرة (3/ 236): «ولا يقبل بفيه الركن اليماني ولكن يلمسه بيده ويضعها على فيه من غير تقبيل وإن لم يستطيع كبر ومضى». وقال في الخمي في التبصرة (3/ 1177): «ويستلم اليماني باليد لا بالفم. واختلف في تقبيل اليد، فقال في المدونة: لا يقبلها. وقال في كتاب محمد: يقبل. وهو أحسن في الموضعين جميعا».) ---. ولا يشرع استلام ما عدا الحجر الأسود والركن اليماني باتفاق أهل العلم؛ لأنه لم يثبت فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين» +++ ((1609).) ---. قال النووي: «اتفق أئمة الأمصار والفقهاء اليوم على أن الركنين الشاميين لا يستلمان» +++ (ينظر: شرح النووي على مسلم (4/ 237).) ---. وهو يشير إلى وجود خلاف متقدم في مشروعية استلام الركنين الشاميين +++ (ينظر: التمهيد (22/ 260). قال النووي في شرحه مسلم (4/ 376): «قال القاضي أبو الطيب: أجمعت أئمة الأمصار والفقهاء على أنهما لا يستلمان، قال: وإنما كان فيه خلاف لبعض الصحابة والتابعين، وانقرض الخلاف، وأجمعوا على أنهما لا يستلمان».) ---. وقد ورد في فضل استلام الحجر الأسود والركن اليماني عدة أحاديث؛ من ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليبعثن الله الحجر يوم القيامة، وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، ويشهد على من استلمه بحق» +++ (رواه أحمد (2643)، والترمذي (961)، وحسنه، وصححه ابن خزيمة (2735)، وابن حبان (3712).) ---، ومن ذلك ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مسح الحجر الأسود والركن اليماني: «إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا» +++ (رواه أحمد (5701) ---. ولا يسن تقبيل غير الحجر الأسود +++ (قال في فتح الباري (3/ 463) معلقا على قول عمر: «فيه كراهة تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله، وأما قول الشافعي، ومهما قبل من البيت فحسن، فلم يرد به الاستحباب؛ لأن المباح من جملة الحسن عند الأصوليين».) ---؛ تعظيما لما عظمه الله عز وجل، واتباعا لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذا لما قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحجر الأسود قال: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك» +++ (رواه البخاري (1597)، ومسلم (1270).) ---، ثم يقول: «اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم»، كما كان علي رضي الله عنه يقول أول ما يستلم الحجر +++ (رواه الطبراني في المعجم الأوسط (492)، والبيهقي (9252). ينظر: البدر المنير (6/ 196)، التلخيص الحبير (2/ 537)، وفي إسناده الحارث الأعور. وقد كره ذلك مالك؛ قال في الذخيرة (3/ 236): «وأنكر مالك قول الناس إذا حاذوا الركن الأسود: إيمانا بك وتصديقا بكتابك، ووضع الخدين والجبهة على الحجر الأسود؛ لأنه بدعة ويستلمه غير الطائف».) ---. فإذا استلم الطائف الحجر الأسود شرع في الطواف، فيمضي من جهة يمينه جاعلا البيت عن يساره، فيطوف حول البيت من وراء الحجر سبعة أشواط +++ (ينظر: مراتب الإجماع ص (44).) ---. فإن أخل بهذه الصفة بأن طاف منكسا مثلا لم يصح طوافه، في قول جماهير أهل العلم +++ (ينظر: بدائع الصنائع (2/ 131)، التاج والإكليل (4/ 97)، المجموع شرح المهذب (8/ 60)، المغني (3/ 347).) ---. والمشروع أن يكثر من ذكر الله ودعائه، وليكثر من قول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. لما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك أنه قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار +++ (رواه البخاري (6389)، ومسلم (2690).) ---، ولما روى أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن السائب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركنين: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» +++ (رواه أحمد (15398)، وأبو داود (1894). وصححه ابن حبان (3826)، والحاكم في المستدرك (1673)، (3098)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.) ---. ويدعو بما شاء. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «كان عبدالرحمن بن عوف، أو سعد بن أبي وقاص يطوف بالبيت، وليس له دأب إلا هذه الدعوة: رب قني شح نفسي، رب قني شح نفسي، فقيل له: أما تدعو بغير هذه الدعوة؟! فقال: إذا وقيت شح نفسي، فقد أفلحت» +++ (الوابل الصيب ص (33).) ---، وقد قال الله تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} +++ (الحشر: (9).) ---. ولا يشرع تخصيص كل شوط بدعاء فإنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم. وإن اشتغل بتلاوة القرآن دون جهر فحسن +++ (قال الحافظ في فتح الباري (3/ 483): «واختلفوا في القراءة، فكان ابن المبارك يقول: ليس شيء أفضل من قراءة القرآن، وفعله مجاهد، واستحبه الشافعي وأبو ثور، وقيده الكوفيون بالسر. وروي عن عروة والحسن كراهته، وعن عطاء ومالك أنه محدث، وعن مالك لا بأس به إذا أخفاه، ولم يكثر منه. قال ابن المنذر: من أباح القراءة في البوادي والطرق ومنعه في الطواف لا حجة له».) ---. فإذا فرغ من الطواف اتجه إلى مقام إبراهيم، وقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} +++ (البقرة: 125.) ---، وصلى ركعتين جاعلا المقام بينه وبين البيت إن تيسر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أجمع أهل العلم، على أن الأفضل أن يكونا عند المقام، وتصحان حيث صلاهما الطائف +++ (ينظر: الإجماع لابن المنذر ص (63)، بداية المجتهد (1/ 330)، التمهيد لابن عبد البر (24/ 414)، المجموع شرح المهذب (8/ 58).) ---. وأهل العلم متفقون على مشروعيتهما +++ (ينظر: المجموع شرح المهذب (8/ 51).) ---، وجمهور أهل العلم على أنهما سنة مؤكدة +++ (ينظر: مواهب الجليل (1/ 380)، المجموع شرح المهذب (8/ 49)، المغني (5/ 232). وخالف في ذلك أبو حنيفة فقال: هما واجبتان مطلقا. ينظر: المبسوط (4/ 12)، بدائع الصنائع (2/ 148).) ---. ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة {قل ياأيها الكافرون}، وفي الأخرى بعد الفاتحة: {قل هو الله أحد} +++ (أخرجه مسلم (1218). من حديث جابر رضي الله عنه، في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125]، فجعل المقام بينه وبين البيت. كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون».) ---. ثم يسن أن يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه إن استطاع +++ (الحاوي الكبير للماوردي (4/ 193). وقد عده بعضهم سنة بعد كل طواف وآخرون قصروه على طواف يعقبه سعي ينظر: مواهب الجليل (4/ 155).) ---؛ لما روى جابر من أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع بعد صلاته فاستلم الركن +++ (أخرجه مسلم (1218).) ---. وقد استحب جماعة من الفقهاء المجيء إلى زمزم والشرب بعد الطواف سواء كان طواف عمرة أو طواف حج أو طواف وداع +++ (ينظر: مجمع الأنهر (2/ 421)، تبيين الحقائق (2/ 19)، شرح خليل للخرشي (7/ 451)، مواهب الجليل (4/ 155)،، حاشية قليوبي (2/ 158).) --- مع كونه لم يثبت من فعله صلى الله عليه وسلم إلا في طواف الإفاضة +++ (رواه مسلم (3009) عن جابر رضي الله عنه.) ---، مستدلين بفعله بعد طواف الإفاضة، وبما جاء من الأحاديث في فضل الشرب من زمزم كقوله صلى الله عليه وسلم: «إنها مباركة، إنها طعام طعم» +++ (رواه مسلم (2473) عن أبي ذر رضي الله عنه.) ---

المشاهدات:1541
الفصل الرابع: صفة العمرة
المبحث الأول: الطواف بالبيت
إذا دخل الحاج المسجد الحرام سن له أن يبدأ بالطواف؛ لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ، ثم طاف بالبيت (رواه البخاري (1641)، ومسلم (1235).) .
وهذا الطواف يختلف حكمه باختلاف نوع النسك الذي لبى به الطائف؛ فإن كان متمتعا، فهو طواف لعمرته، فيكون ركنا.
أما إن كان مفردا أو قارنا، فهو طواف القدوم، وهو سنة عند الجمهور (ينظر: بدائع الصنائع (2/ 150)، المجموع شرح المهذب (8/ 12)، مطالب أولي النهى (6/ 263).) خلافا للمالكية؛ حيث قالوا بأنه واجب يجبر بدم (ينظر: الذخيرة (3/ 237)، مواهب الجليل (3/ 10).) .
ودليل مشروعيته أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ به أول ما قدم مكة، وقد قال: «لتاخذوا عني مناسككم» (رواه مسلم (1297) عن جابر رضي الله عنه.) .
ويسن في هذا الطواف أمران: الأول: الاضطباع، وهو أن يدخل رداءه تحت إبطه الأيمن ثم يلقيه على عاتقه الأيسر. وبهذا قال أكثر أهل العلم (وهو مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة، خلافا لمالك فلا يستحب الاضطباع.
ينظر: الاختيار لتعليل المختار (1/ 147) المجموع شرح المهذب (8/ 21)، المغني (7/ 77).) .
والثاني: الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى. وهذا باتفاق أهل العلم (ينظر: التمهيد (2/ 70)، المجموع شرح المهذب (8/ 21)، المغني (7/ 77).) .
وهاتان السنتان: الاضطباع، والرمل مشروعتان للرجال دون النساء بالإجماع، فلا يستحب للنساء رمل، ولا يجوز لهن اضطباع (ينظر: الاستذكار (4/ 168)، المجموع شرح المهذب (8/ 59).) .
والمشروع للطائف أن يبتدئ طوافه من الحجر الأسود، وينتهي به، لا خلاف بين أهل العلم في ذلك (ينظر: الاستذكار (4/ 165).) ، فإن كل من وصف طواف النبي صلى الله عليه وسلم ذكر بداءته من الحجر الأسود وانتهاءه به ((3112،3113).) .
والبدء من الحجر الأسود في الطواف شرط لصحته في قول جمهور العلماء (ينظر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (5/ 421)، نهاية المحتاج (10/ 319)، الإنصاف (4/ 6).) ، خلافا للحنفية (ينظر: البحر الرائق (2/ 332)، المبسوط للسرخسي (5/ 19)، بدائع الصنائع (2/ 130).) والمالكية (ينظر: مواهب الجليل (4/ 93)، المنتقى (2/ 380)، شرح الزرقاني (2/ 464) ونص بعضهم بأنه سنة؛ قال في الذخيرة (3/ 240): «وإن ابتدأ الطواف من بين الحجر والباب بالشيء اليسير أجزأه، وإن بدأ بباب البيت إلى الركن لا يعتد به. والبداية بالحجر شرط عند الشافعية، وسنة عند مالك، فلو ابتدأ بالركن اليماني، فإذا فرغ سعيه تمادى من اليماني إلى الأسود، فإن لم يذكر حتى طال أو انتقض وضوؤه أعاد الطواف والسعي، فإن خرج عن مكة أجزأه الهدي؛ لقوله تعالى: (وليطوفوا بالبيت العتيق)».) ؛ ففي قول عندهم أنه سنة، وقيل: إنه واجب يجبر بدم إذا لم يعده من ذلك ما جاء في صحيح مسلم (3112، 3113) من حديثي جابر وابن عمر رضي الله عنهم في وصف طواف النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمل من الحجر إلى الحجر ثلاثا، ومشى أربعا..
واستلام الحجر الأسود والركن اليماني سنة من سنن الطواف بالإجماع ينظر: مراتب الإجماع ص (44)، التمهيد (10/ 53)، (22/ 259)، شرح النووي على مسلم (4/ 369) .
وصفة الاستلام أن يمسح الحجر بيده ويقبله، فإن لم يتيسر ذلك استلمه بيده وقبلها، فإن لم يتيسر استلمه بشيء في يده وقبله، فإن لم يتيسر أشار إليه بيده، ويسن أن يكبر، كل هذا مما جاءت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مرتبة على نحو ما تقدم حسب ما يتيسر للطائف (ينظر: الاستذكار (4/ 174)، فتح الباري (3/ 475).) .
والمشروع في الركن اليماني الاستلام باليد فقط (ينظر: التمهيد (22/ 260)، شرح النووي على مسلم (4/ 376)، حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (2/ 386).
قال في الاستذكار (4/ 171) استلام ما عدا الركنين: «مباح لمن فعله لا حرج عليه والسنة استلام الركنين الأسود واليماني». ولا يقبله بفيه ويكبر مع استلامه، قال في الذخيرة (3/ 236): «ولا يقبل بفيه الركن اليماني ولكن يلمسه بيده ويضعها على فيه من غير تقبيل وإن لم يستطيع كبر ومضى». وقال في الخمي في التبصرة (3/ 1177): «ويستلم اليماني باليد لا بالفم. واختلف في تقبيل اليد، فقال في المدونة: لا يقبلها. وقال في كتاب محمد: يقبل. وهو أحسن في الموضعين جميعا».) . ولا يشرع استلام ما عدا الحجر الأسود والركن اليماني باتفاق أهل العلم؛ لأنه لم يثبت فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين» ((1609).) .
قال النووي: «اتفق أئمة الأمصار والفقهاء اليوم على أن الركنين الشاميين لا يستلمان» (ينظر: شرح النووي على مسلم (4/ 237).) . وهو يشير إلى وجود خلاف متقدم في مشروعية استلام الركنين الشاميين (ينظر: التمهيد (22/ 260). قال النووي في شرحه مسلم (4/ 376): «قال القاضي أبو الطيب: أجمعت أئمة الأمصار والفقهاء على أنهما لا يستلمان، قال: وإنما كان فيه خلاف لبعض الصحابة والتابعين، وانقرض الخلاف، وأجمعوا على أنهما لا يستلمان».) .
وقد ورد في فضل استلام الحجر الأسود والركن اليماني عدة أحاديث؛ من ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليبعثن الله الحجر يوم القيامة، وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، ويشهد على من استلمه بحق» (رواه أحمد (2643)، والترمذي (961)، وحسنه، وصححه ابن خزيمة (2735)، وابن حبان (3712).) ، ومن ذلك ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مسح الحجر الأسود والركن اليماني: «إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا» (رواه أحمد (5701) .
ولا يسن تقبيل غير الحجر الأسود (قال في فتح الباري (3/ 463) معلقا على قول عمر: «فيه كراهة تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله، وأما قول الشافعي، ومهما قبل من البيت فحسن، فلم يرد به الاستحباب؛ لأن المباح من جملة الحسن عند الأصوليين».) ؛ تعظيما لما عظمه الله عز وجل، واتباعا لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذا لما قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحجر الأسود قال: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك» (رواه البخاري (1597)، ومسلم (1270).) ، ثم يقول: «اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم»، كما كان علي رضي الله عنه يقول أول ما يستلم الحجر (رواه الطبراني في المعجم الأوسط (492)، والبيهقي (9252).
ينظر: البدر المنير (6/ 196)، التلخيص الحبير (2/ 537)، وفي إسناده الحارث الأعور. وقد كره ذلك مالك؛ قال في الذخيرة (3/ 236): «وأنكر مالك قول الناس إذا حاذوا الركن الأسود: إيمانا بك وتصديقا بكتابك، ووضع الخدين والجبهة على الحجر الأسود؛ لأنه بدعة ويستلمه غير الطائف».) .
فإذا استلم الطائف الحجر الأسود شرع في الطواف، فيمضي من جهة يمينه جاعلا البيت عن يساره، فيطوف حول البيت من وراء الحجر سبعة أشواط (ينظر: مراتب الإجماع ص (44).) . فإن أخل بهذه الصفة بأن طاف منكسا مثلا لم يصح طوافه، في قول جماهير أهل العلم (ينظر: بدائع الصنائع (2/ 131)، التاج والإكليل (4/ 97)، المجموع شرح المهذب (8/ 60)، المغني (3/ 347).) .
والمشروع أن يكثر من ذكر الله ودعائه، وليكثر من قول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. لما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك أنه قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار (رواه البخاري (6389)، ومسلم (2690).) ، ولما روى أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن السائب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركنين: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» (رواه أحمد (15398)، وأبو داود (1894). وصححه ابن حبان (3826)، والحاكم في المستدرك (1673)، (3098)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.) . ويدعو بما شاء.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «كان عبدالرحمن بن عوف، أو سعد بن أبي وقاص يطوف بالبيت، وليس له دأب إلا هذه الدعوة: رب قني شح نفسي، رب قني شح نفسي، فقيل له: أما تدعو بغير هذه الدعوة؟! فقال: إذا وقيت شح نفسي، فقد أفلحت» (الوابل الصيب ص (33).) ، وقد قال الله تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (الحشر: (9).) .
ولا يشرع تخصيص كل شوط بدعاء فإنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم. وإن اشتغل بتلاوة القرآن دون جهر فحسن (قال الحافظ في فتح الباري (3/ 483): «واختلفوا في القراءة، فكان ابن المبارك يقول: ليس شيء أفضل من قراءة القرآن، وفعله مجاهد، واستحبه الشافعي وأبو ثور، وقيده الكوفيون بالسر. وروي عن عروة والحسن كراهته، وعن عطاء ومالك أنه محدث، وعن مالك لا بأس به إذا أخفاه، ولم يكثر منه. قال ابن المنذر: من أباح القراءة في البوادي والطرق ومنعه في الطواف لا حجة له».) .
فإذا فرغ من الطواف اتجه إلى مقام إبراهيم، وقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (البقرة: 125.) ، وصلى ركعتين جاعلا المقام بينه وبين البيت إن تيسر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أجمع أهل العلم، على أن الأفضل أن يكونا عند المقام، وتصحان حيث صلاهما الطائف (ينظر: الإجماع لابن المنذر ص (63)، بداية المجتهد (1/ 330)، التمهيد لابن عبد البر (24/ 414)، المجموع شرح المهذب (8/ 58).) .
وأهل العلم متفقون على مشروعيتهما (ينظر: المجموع شرح المهذب (8/ 51).) ، وجمهور أهل العلم على أنهما سنة مؤكدة (ينظر: مواهب الجليل (1/ 380)، المجموع شرح المهذب (8/ 49)، المغني (5/ 232).
وخالف في ذلك أبو حنيفة فقال: هما واجبتان مطلقا.
ينظر: المبسوط (4/ 12)، بدائع الصنائع (2/ 148).) .
ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة {قل ياأيها الكافرون}، وفي الأخرى بعد الفاتحة: {قل هو الله أحد} (أخرجه مسلم (1218). من حديث جابر رضي الله عنه، في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125]، فجعل المقام بينه وبين البيت. كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون».) . ثم يسن أن يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه إن استطاع (الحاوي الكبير للماوردي (4/ 193). وقد عده بعضهم سنة بعد كل طواف وآخرون قصروه على طواف يعقبه سعي ينظر: مواهب الجليل (4/ 155).) ؛ لما روى جابر من أن النبي صلى الله عليه وسلم رجع بعد صلاته فاستلم الركن (أخرجه مسلم (1218).) .
وقد استحب جماعة من الفقهاء المجيء إلى زمزم والشرب بعد الطواف سواء كان طواف عمرة أو طواف حج أو طواف وداع (ينظر: مجمع الأنهر (2/ 421)، تبيين الحقائق (2/ 19)، شرح خليل للخرشي (7/ 451)، مواهب الجليل (4/ 155)،، حاشية قليوبي (2/ 158).) مع كونه لم يثبت من فعله صلى الله عليه وسلم إلا في طواف الإفاضة (رواه مسلم (3009) عن جابر رضي الله عنه.) ، مستدلين بفعله بعد طواف الإفاضة، وبما جاء من الأحاديث في فضل الشرب من زمزم كقوله صلى الله عليه وسلم: «إنها مباركة، إنها طعام طعم» (رواه مسلم (2473) عن أبي ذر رضي الله عنه.)

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91560 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87258 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف