المطلب الثاني: المحظورات المختصة بالرجال
يختص الرجال بنوعين من محظورات الإحرام، وهما:
المحظور الأول: لبس المخيط، وهو الثوب المفصل على قدر البدن أو عضو منه (ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 306)، المغني لابن قدامة (5/ 119).) ؛ والأصل فيه ما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه زعفران أو ورس» (البخاري (1543)، ومسلم (1177).) . فنص الحديث على منع المحرم من القمص؛ سواء أكانت سابغة أم قصيرة، وكذلك السراويل سواء أكانت قصيرة أم طويلة، وكذلك البرانس، وهو ثوب راسه منه ملتزق والخفاف وهي ما يلبس على القدمين من الجلود.
المحظور الثاني: تغطية الراس، بالعمائم ونحوها مما يغطى به الرأس، والأصل فيه حديث ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا: «لا يلبس القمص، ولا العمائم ... » البخاري (1543)، ومسلم (1177) .
وكذلك ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنه، في قصة الذي وقصته ناقته (أي: كسرت عنقه.) ، وهو محرم، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولا تخمروا رأسه» (رواه البخاري (1851)، ومسلم (1206).) .
أما لو وضع على راسه متاعا يحمله، فهذا لا يسمى غطاء راس، فلا حرج فيه، ولو توقى به الشمس، مادام قصده حمل المتاع، وليس تغطية الراس.
ومن الجدير بالتنبيه أنه في رواية مسلم قال صلى الله عليه وسلم: «ولا تخمروا راسه ولا وجهه» (صحيح مسلم (1206) عن ابن عباس رضي الله عنهما.) ، فأضاف النهي عن تغطية الوجه، وبه قالت الحنفية (ينظر: المبسوط، للسرخسي (4/ 7)، والاختيار لتعليل المختار (1/ 144).) والمالكية (ينظر: شرح الخرشي لمختصر خليل (1/ 350).) ؛ لكن أكثر العلماء لم ياخذوا بهذه الزيادة، وقالوا: هذه الزيادة غير محفوظة (قال الحافظ في الفتح (4/ 54): «وقالوا: إن في ثبوت ذكر الوجه مقالا. وتردد ابن المنذر في صحته. وقال البيهقي: ذكر الوجه غريب وهو وهم من بعض رواته. وفي كل ذلك نظر؛ فإن الحديث ظاهره الصحة». وقال النووي في شرح مسلم (8/ 128 - 129): «ويتأول هذا الحديث على أن النهي عن تغطية وجهه ليس لكونه وجها إنما هو صيانة للرأس؛ فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطوا رأسه».) .