قوله - رحمه الله-: «وعلماء السلف من الصالحين، والتابعين ومن بعدهم أهل الخبر والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل» أي: إن من اعتقاد أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لعلماء الأمة وورثة الأنبياء، فلا يذكرونهم إلا بطيب القول وجميل الذكر، وعلماء السلف هم أهل الذكر من أهل القرون المفضلة من التابعين وتابعيهم ومن سلك سبيلهم في الاعتناء بالسنة والصدور عنها والفهم لمعانيها ومقاصدها، فهؤلاء لا يذكرون إلا بالجميل من القول، والطيب من الوصف، ولا يذكرون بسوء، فلا تذكر سقطاتهم ولا زلاتهم، وكل من وقع فيهم بسوء سواء بالتنقيب عن أخطائهم، أو التفتيش عن زلاتهم، أو الإشاعة لعثراتهم، فإنه على غير الطريق القويم والصراط المستقيم؛ لأن من كان قاصدا الحق عاملا به داعيا إليه مجتهدا في إصابته، فإنه لا وجه للوقيعة فيه حتى لو أخطأ، فإن الخطأ لا يسلم منه أحد: لأن كل ابن آدم خطاء (أخرجه الترمذي (2499)، وقال: «غريب».) ، فالخطأ في الاجتهاد واقع، وهو لا يسوغ إيغار الصدور وإطلاق الألسنة في هؤلاء.
بل الواجب الشفقة والرحمة، وهاذا من سمات أهل السنة والجماعة، فإنهم يعظمون الحق، ويرحمون الخلق (ينظر: «مجموع الفتاوى» (3/ 279)، (16/ 96)، (27/ 238) ؛ يعظمون الحق بالدعوة إليه، وبيانه، وتوضيحه، والذب عنه، ورد الشبه عنه. ويرحمون الخلق، فيتطلبون للمخطئ العفو، ويبحثون عن الستر، ويطلبون العذر، ولا يطلقون ألسنتهم ولا أقلامهم في أهل الخير الذين عرفوا بالخير، ولو كان منهم خطأ، وهذا لا يعني ألا ينبه على خطأ المخطئ، بل بيان الخطأ من إنكار المنكر لا سيما إذا كان الخطأ مما يحصل به إضلال للخلق كالخطأ في العلم.