×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مكتبة الشيخ خالد المصلح / كتب مطبوعة / العقيدة الطحاوية / الأسماء والأحكام والشهادة بالجنة والنار

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

قوله - رحمه الله -: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله» أي: إن أهل السنة والجماعة لا يحكمون بالكفر على أحد من المسلمين، ولا يثبتون لأحد منهم آثار الحكم بالكفر، بسبب وقوعه في معصية ومقارفته لخطيئة إلا أن يعتقد استباحة ما حرم الله. وهذه المسألة تتعلق بمبحث الأسماء في باب الإيمان، والمراد بالأسماء الأوصاف التي ترتب عليها الأحكام في الدنيا والآخرة مثل اسم مؤمن وكافر وفاسق ومنافق. والمراد بأهل القبلة المسلمون، وهذا يشمل جميع أهل الإسلام، إلا من خرج عن الثلاث والسبعين فرقة الذين قال فيهم النبي  صلى الله عليه وسلم : «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة» +++ (أخرجه أحمد (2/ 332)، وأبو داود (4596)، والترمذي (2640)، وابن ماجه (3991)، من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: «حسن صحيح».)--- . وقوله: «بذنب ما لم يستحله» أي: بمعصية، سواء أكان ذلك بفعل محرم أم بترك واجب، وسواء أكان من الكبائر أم من الصغائر. ومما يستثنى من كلام المؤلف الذنوب التي هي كفر أصلا، كالشرك بالله، والاستهزاء بالله أو بآياته أو برسله ونحو ذلك، فهذه يكفر فاعلها لا فرق فيها بين مستحل وغير مستحل. ومما يستثنى أيضا التكفير بترك ركن من أركان الإسلام العملية، كالتكفير بترك الصلاة والزكاة والصوم والحج، ففي تكفير تاركها نزاع مشهور. قال ابن رجب - رحمه الله -: «فاختلف العلماء: هل يزول الاسم بزوالها أو بزوال واحد منها أم لا يزول بذلك أم يفرق بين الصلاة وغيرها، فيزول بترك الصلاة دون غيرها أم يختص زوال الإسلام بترك الصلاة والزكاة خاصة؟ وفي ذلك اختلاف مشهور. وهذه الأقوال كلها محكية عن الإمام أحمد. وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة. وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا منهم حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقوال المرجئة. وكذلك قال سفيان بن عيينة: المرجئة سموا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم، وليسا سواء؛ لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر: هو كفر» +++ ("فتح الباري" (1/ 22 - 23)--- . وقال - رحمه الله -: «فأما بقية خصال الإسلام والإيمان فلا يخرج العبد بتركها من الإسلام عند أهل السنة والجماعة» بل «إذا زال منها شيء نقص البنيان ولم ينهدم أصل البنيان بذلك النقص» +++ ("فتح الباري" (1/ 26 - 27)--- . وقوله: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله» فيه رد على الخوارج والوعيدية من المعتزلة الذين يكفرون أهل الإسلام بمطلق الكبائر. والتكفير بالكبائر من أوائل البدع ظهورا في الإسلام. وهو من عقائد الخوارج الذين توافرت النصوص في التحذير منهم وبيان ضلالهم، فالخوارج يكفرون أهل الإسلام بمطلق الذنوب، بل بما يرونه ذنبا ولو لم يكن متفقا على أنه ذنب. وأما المعتزلة فقالوا بأن مرتكب الكبيرة يخرج عن الإسلام، لكنه لا يوصف بالكفر، بل يكون في منزلة بين المنزلتين، هاذا في الدنيا، وأما في الآخرة فهم يوافقون الخوارج في أن مرتكب الكبيرة في النار. وهؤلاء وأولئك إنما أتوا من إهمالهم النظر في النصوص والجمع بينها، لذلك غلبوا نصوص الوعيد، وأهملوا نصوص الوعد، ومن هنا سموا بالوعيدية. وقوله: «ما لم يستحله» أي: إن المسلم لا يكفر بمواقعة ذنب من الذنوب ولو كان من الكبائر كالزنا والقتل وشرب الخمر ونحو ذلك، إلا أن يعتقد استباحة ما يعلم أن الله قد حرمه، فإنه حينئذ يكفر؛ لأنه باستباحته لما قامت أدلة تحريمه، وتبين حظره يخرج بذلك عن الاستسلام لله، فهو إما أن يكون مكذبا أو معاندا، وكلاهما كفر بالله العظيم. فلا خلاف في أن من استحل ما أجمعت الأمة على تحريمه بعد العلم بالتحريم فإنه كافر، وأما استحلال ما حرمه الله جهلا أو تأويلا فليس كفرا؛ لأن الأحكام لا تثبت إلا بالعلم، فلا تكليف إلا بعلم، وأما عدم تكفير من استحل ما حرم الله تأويلا، فيشهد له قصة قدامة بن مظعون، وقد رواها ابن عباس، فقال: إن قدامة بن مظعون شرب الخمر بالبحرين فشهد عليه، ثم سئل فأقر أنه شربه، فقال له عمر بن الخطاب: ما حملك على ذلك، فقال: لأن الله يقول: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات} وأنا منهم أي من المهاجرين الأولين، ومن أهل بدر، وأهل أحد، فقال: للقوم: أجيبوا الرجل، فسكتوا، فقال لابن عباس: أجبه، فقال: إنما أنزلها عذرا لمن شربها من الماضين قبل أن تحرم، وأنزل: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان}، حجة على الباقين، ثم سأل من عنده عن الحد فيها، فقال علي بن أبي طالب: إنه إذا شرب هذي، وإذا هذي افترى فاجلدوه ثمانين +++ ("السنن الكبرى" للنسائي (5270)--- . فالصحابة لم يكفروا قدامة بن مظعون مع استحلاله شرب الخمر لأنه متأول، حيث ظن أنها تباح على ما فهمه من آية المائدة، فأزالوا عنه هذه الشبهة التي عرضت له وبينوا له +++ ("الرد على البكري" ص (258)، وينظر "الاستقامة" (2/ 190)، وأيضا "مجموع الفتاوى" (7/ 619)--- . فالعذر بالخطأ والتأويل متفق عليه بين الأئمة، وإن كانوا قد اختلفوا في حدود التأويل الذي يعذر به صاحبه، قال ابن حزم - رحمه الله -: «ومن بلغه الأمر عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  من طريق ثابت، وهو مسلم، فتأول في خلافه إياه أو رد ما بلغه بنص آخر، فما لم تقم عليه الحجة في خطئه في ترك ما ترك، وفي الأخذ بما أخذ، فهو مأجور معذور بقصده إلى الحق وجهله به، وإن قامت عليه الحجة في ذلك فعاند فلا تأويل بعد قيام الحجة» اه +++ ("الدرة فيما يجب اعتقاده" لابن حزم ص (414)--- ، ويدل لذلك قول الله تعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطاتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} +++ (سورة الأحزاب: 5.)--- ، وكذلك ما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: «أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه به أحدا، قال: ففعلوا ذلك به، فقال للأرض: أدي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب - أو قال - مخافتك، فغفر له بذلك» +++ ("صحيح البخاري" (3481)، ومسلم (2756)--- . «فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين، لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك، وكان مؤمنا يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك، والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول أولى بالمغفرة من مثل هذا» +++ ("مجموع الفتاوى"لابن تيمية (3/ 231)، وينظر "مدارج السالكين" (1/ 367)--- ، فليس من صدق في الطلب وبذل في تحصيله ما أمكنه من سبب كمن أعرض واستكبر وعاند. قوله - رحمه الله -: «ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله» أي: إن أهل السنة والجماعة يعتقدون أن الإيمان تضره المعاصي، سواء أكانت ترك واجب أو فعل محرم، فالذنوب صغيرها وكبيرها تضر مرتكبها، ولو كان مؤمنا، وهي في الضرر على مراتب ودركات، فمن الذنوب ما ينفي الإيمان ويذهبه، ومنها ما ينقصه ولا ينفيه، ويتفاوت ذلك تفاوتا كبيرا بحسب عظم الذنوب وصغرها، هذا ما أجمع عليه سلف الأمة ودل عليه الكتاب والسنة دلالة مستفيضة، ومن ذلك قول الله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} +++ (سورة الأنعام: 82.)--- ، فجعل سلامة الإيمان من التلبس بالظلم سببا لإدراك الأجر والثواب. ومن الأدلة على تأثير الذنوب في الإيمان من السنة ما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن» +++ ("صحيح البخاري" (2475)، ومسلم (57)--- ، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا: «سباب المسلم فسوق» +++ ("صحيح البخاري" (48)، ومسلم (64)--- . وفي هذا رد على المرجئة +++ (ينظر: "الفرق بين الفرق" ص (19) و"الملل والنحل" (1/ 137)--- ، الذين أخرجوا العمل عن مسمى الإيمان، وزعم الغلاة منهم بأن الإيمان هو معرفة القلب، ولذلك قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب +++ (ينظر: "مجموع الفتاوى" (7/ 181) --- لمن عمله مهما كان الذنب؛ وأول من أظهر هذه المقالة الجهم بن صفوان، وقد رد عليه الأئمة وأبطلوا قوله. وسيأتي مزيد بيان لهذا في مبحث الإيمان من كلام المؤلف رحمه الله تعالى. قوله - رحمه الله -: «نرجو للمحسنين من المؤمنين» أي: إن أهل السنة والجماعة يطمعون لأهل الإحسان من المؤمنين ما وعدهم الله تعالى من العطاء والمثوبة. والمحسنون جمع "محسن"، وهو من أعانه الله على تكميل خصال الإسلام وشعب الإيمان، وهو المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم : «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه، فإنه يراك» +++ (أخرجه البخاري (50)، ومسلم (8)--- . فهذه المنزلة أعلى مراتب الدين، وهكذا نرجو لكل مسلم، فإنه ما من مسلم إلا وفيه شيء من الإحسان، ولعل هذا هو مراد المؤلف، فإن الإجماع منعقد على رجاء الخير لكل مسلم، فيكون الإحسان هنا مقابل الإساءة، ولهذا قالوا: «نرجو للمحسن ونخاف على المسيء» +++ (ينظر: "أصول السنة"للإمام أحمد ص (50)،"الشرح والإبانة عن أصول الديانة"لابن بطة ص (242)--- ، وكل مسلم محسن، وإن تفاوت إحسانه. قوله - رحمه الله -: «ولا نامن عليهم» أي: إن أهل السنة والجماعة يخافون على المحسنين أن يدركهم شؤم قصور أو تقصير ظاهر أو خفي، كما نخاف على المحسنين عدم القبول لوجود ما يمنعه، فإنه لا يجزم لمعين بالقبول إلا بنص، فقد وصف الله تعالى المسارعين في الخيرات السابقين لها بقوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} سورة المؤمنون: 60، وقد جاء بيانها فيما رواه أحمد والترمذي من حديث عائشة -رضي الله عنها - قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: «لا يا بنت الصديق؛ ولكنهم الذين يصومون، ويصلون، ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون فى الخيرات وهم لها سابقون» +++ (مسند أحمد" (6/ 159)، "سنن الترمذي" (3475) وسكت عنه وقال:"وقد روى عبد الرحمن بن سعيد هذا الحديث عن أبي حازم عن أبي هريرة"، وصححه الألباني في تعليقه على "السنن")--- . قوله - رحمه الله -: «ولا نشهد لهم بالجنة» أي: إن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون بأن معينا من المحسنين في الجنة، مهما كان إحسانه، فإن علم ذلك إلى الله، فهو - جل وعلا - العالم بالسرائر والخواتيم، وقد قال النبي  صلى الله عليه وسلم  فيما رواه البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة» +++ (صحيح البخاري (2898)، ومسلم (112)--- ، وسيأتي مزيد بيان لهذا عند قول المؤلف -رحمه الله -: «ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا». ويستثنى من هذا من شهد له النبي  صلى الله عليه وسلم  بالجنة، فإنه لا خلاف في أن من شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وجب علينا قبول ذلك، فنشهد لكل من بشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة أنه من أهل الجنة، كالعشرة المبشرين بالجنة، وسيأتي بإذن الله. قوله - رحمه الله -: «ونستغفر لمسيئهم» أي: إن أهل السنة والجماعة يسألون الله تعالى للمسيء من المؤمنين التجاوز والستر، والمسيء هو من تورط بارتكاب سيئة، إما بترك واجب، أو بفعل محرم. قوله - رحمه الله -: «ونخاف عليهم» أي: إن أهل السنة والجماعة يخشون على المسيء من أهل الإيمان أن يدركهم عقوبة ما جنوه من السيئات. قوله - رحمه الله -: «ولا نقنطهم» أي: إن أهل السنة والجماعة يؤيسون المسيء من المؤمنين من رحمة الله ومغفرته، ولا نقطع طمعهم في عفوه وفضله، بل نقول كما قال الله -جل وعلا -: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} +++ سورة الزمر: 53 --- ، هاذا يشمل كل ذنب صغير أو كبير، {إن الله يغفر الذنوب جميعا}، إلا الشرك والكفر فإنه لا بد فيه من توبة لمغفرته، كما قال الله - جل وعلا-: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} +++ (سورة النساء: 48، 116.)--- ، ولذلك المشركون آيسون من رحمة الله ما داموا على الشرك والكفر مقيمين، قال تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} +++ (سورة يوسف: 87)--- ، وبهذا كله يسلم المؤمن، من الإفراط والتفريط والغلو والجفاء، ويجمع بين نصوص الوعد والوعيد، فيسلم من ضلالات الخوارج والمرجئة، وهذا ما دل عليه القرآن، فإن الله يذكر رحمته ومغفرته، ويذكر عقوبته ومؤاخذته، في كثير من الآيات، كقوله تعالى: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم (49) وأن عذابي هو العذاب الأليم} +++ (سورة الحجر.)--- ، وقوله: {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب} +++ (سورة غافر:3.)--- ، فيطمع ا لمؤمن في سعة رحمته ومغفرته، ويخاف من عذابه وعقابه، فيكمل له مقام الخوف والرجاء، فكما لا يؤيس أهل الإجرام والآثام من مغفرته وعفوه، كذلك لا يؤمنون من عقابه وانتقامه. قوله - رحمه الله -: «والأمن والإياس ينقلان عن الملة» الأمن هو عدم الخوف والخشية، والإياس هو قطع الأمل، والقنوط من الرحمة +++ (ينظر:: «لسان العرب» (13/ 21)، (6/ 259)--- . وهاذان داءان متقابلان: الأمن يحمل على الاسترسال في المخالفة والمعصية، وعدم العمل بالطاعة. والإياس يحمل على اليأس وقطع الرجاء والقنوط من رحمة الله. وكل من الأمن من مكر الله والإياس من روح الله، طريق يوصل إلى الكفر بالله والخروج عن سبيل الهدى ودين الإسلام؛ لذلك قال المصنف ينقلان عن الملة. أما الأمن من مكر الله فقد قال الله تعالى: {أفأمنوا مكر الله فلا يامن مكر الله إلا القوم الخاسرون} +++ سورة الأعراف: 99 ---. والخاسرون هم الهالكون، والخسار دركات، أشده الكفر بالله تعالى، ولهذا وصف الله تعالى في القرآن العظيم أهل الكفر والتكذيب بالخسار، كقوله تعالى: {ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون} +++ سورة البقرة: 121 --- ، وكقوله تعالى: {والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون} سورة العنكبوت: 52. وأما الإياس من روح الله ورحمته فقد قال تعالى: {إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون} سورة يوسف: 87 .. وقال - سبحانه وتعالى -: {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} سورة الحجر: 56.، فوصفهم الله - عز وجل - بالكفر، ووصفهم بالضلال. ونهى أهل الإيمان وأهل الإسلام أن ييأسوا من رحمته، فقال: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} +++ سورة الزمر: 53.--- ، والنهي يقتضي التحريم. فالأمن والإياس محرمان في شريعة الإسلام، ولكن ليس كل أمن ولا كل يأس ينقل عن ملة الإسلام. بل منه ما ينقل ومنه ما لا ينقل، فالأمن التام من مكر الله، والإياس التام من رحمة الله ينقلان عن ملة الإسلام كما قال المؤلف -رحمه الله -. أما ما كان دون ذلك، كالإياس الذي يعرض لبعض أصحاب الذنوب، أو الأمن الذي يعرض لأصحاب الشهوات، فإنه لا ينقل عن ملة الإسلام لكنه من كبائر الذنوب وعظائم الإثم. ويشهد لهذا أن قدامة بن مظعون - رضي الله عنه - أصابه شدة يأس من جراء تأوله في استباحته ما حرم الله من الخمر، فكتب له عمر - رضي الله عنه -: لا أدري أي ذنبيك أعظم، استباحتك الخمر، أو يأسك من رحمة الله؟ +++ (أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (5/ 138) ح/ (5270)، وتقدم ذكر القصة بتمامها.)--- . فينبغي للمؤمن أن لا ييأس من رحمة الله مهما عظم ذنبه، فإنه جل وعلا تتلاشى في جانب مغفرته وعفوه ورحمته وكرمه وبره وإحسانه الذنوب، كما ينبغي للمؤمن أن يخاف ذنوبه، وألا يأمن مكر الله وخفي أخذه، فإن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، فالواجب على المؤمن أن يكون على حذر. كما قال عبد الله بن مسعود: «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال له هكذا فطار» +++ (أخرجه أحمد (1/ 383)--- . ولذلك جاء التحذير من النبي  صلى الله عليه وسلم  عن الذنوب صغيرها وكبيرها، فقال: «إياكم ومحقرات الذنوب» أي: ما يحقره الإنسان من المعاصي ويراه سهلا «فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه» +++ (أخرجه أحمد (1/ 402)، وقال الهيثمي (10/ 189): «رجاله رجال الصحيح غير عمران بن داور القطان وقد وثق»، وقال المناوي (3/ 128): قال الحافظ العراقي: «إسناده جيد»، وقال العلائي: «حديث جنيد على شرط الشيخين»، وقال الحافظ: «سنده حسن».)--- ، فالأمن والإياس قد يكونان كفرا وقد يكونان كبيرة وإثما دون الكفر، وهما أصلان لبدعتين متقابلتين. فالأمن أصل شبهة المرجئة، واليأس أصل شبهة الخوارج؛ فالمرجئة أمنوا الناس من مكر الله، وقالوا: لا يضر مع الإيمان معصية، وأما الوعيدية كالخوارج والمعتزلة فآيسوا الناس من رحمة الله، وقالوا بأن الكبائر تخرج عن الإيمان، إما كفرا كما تقول الخوارج، وإما منزلة بين المنزلتين كما تقول المعتزلة. قوله - رحمه الله -: «وسبيل الحق بينهما» أي: إن الطريق القويم والصراط المستقيم وسط بين الأمن والإياس، فلا أمن من مكر الله، ولا قنوط من رحمته، كما دلت نصوص الوحيين، فإذا جمع العبد بين الخوف والرجاء حقق الطاعة وجانب المعصية، وعبد الله تعالى كما يجب أن يعبد. وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في التغليب بين الخوف والرجاء وعدمه على أقوال أربعة: الأول: تغليب الخوف على الرجاء مطلقا. والثاني: تغليب الرجاء على الخوف مطلقا. والثالث: استواء الخوف والرجاء، فهما كجناحي الطائر، فالمؤمن يسير إلى الله بجناحين هما الرجاء والخوف، فإذا استويا تم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت، كما قال أبو علي الروذباري، ولذلك قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا +++ ("شعب الإيمان" للبيهقي (2/ 328) ح (996)--- . والرابع: التفصيل فقد يغلب الخوف، وقد يغلب الرجاء، وقد يستويان، وذلك كله بحسب اختلاف الأشخاص والأحوال من الصحة والمرض، والإحسان والإساءة +++ (ينظر:"الآداب الشرعية" لابن مفلح (2/ 30 - 32)--- . وأقرب هذه الأقوال: أن الأصل في حال المؤمن، استواء الخوف والرجاء، عملا بالأدلة التي جمعت للمؤمن الحالين: حال الخوف وحال الرجاء، أمرا في نحو قوله: {وادعوه خوفا وطمعا} سورة الزمر:9، أي: اعبدوه خائفين من عذابه، طامعين في رحمته، ووصفا لعباده الصالحين في مثل قوله تعالى: {ويرجون رحمته ويخافون عذابه} سورة الإسراء:57، وقوله: {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} +++ سورة الأعراف:56 --- ، قال النووي:"وهكذا معظم آيات القرآن العزيز يجتمع فيها الخوف والرجاء" +++ ("شرح النووي على مسلم" (9/ 126)--- ، ومما يدل على أن الأصل استواء الخوف والرجاء في قلب المؤمن: مارواه الترمذي وغيره من حديث أنس: أن النبي  صلى الله عليه وسلم ، دخل على شاب وهو في الموت، فقال: «كيف تجدك؟» قال: أرجو الله يا رسول الله، وأخاف ذنوبي، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف» +++ (الترمذي (983)، قال: «حسن غريب»، والنسائي في «الكبرى» (10901)، وابن ماجه)--- . ويدل لذلك أيضا أن تغليب أحدهما على الآخر قد يوقع الإنسان؛ إما في أمن، وإما في إياس. قال بعض السلف: «من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء فهو مرجئ، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء، فهو مؤمن» +++ (ينظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (10/ 81)--- . قوله - رحمه الله -: «ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه» أي: إن أهل السنة والجماعة يعتقدون أنه لا ينتقل أحد عن الإيمان إلى الكفر إلا بإنكاره ما يدخل به في الإيمان كجحود وجوب الصلاة، أو جحود تحريم الخمر، ونحو ذلك من جحود كل ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وهذا الذي قرره المؤلف هنا جار على ما سيأتي في تعريف الإيمان، والجحود هو نقض لإيمان القلوب واللسان بالإنكار والتكذيب. وقد حصر المؤلف ما يخرج به العبد من وصف الإيمان بالجحود فقط، وفي هذا الحصر نظر بين، وهو حصر غير صحيح، فإن الخروج عن الإيمان يكون بالجحود وبغيره، وقد قرر المؤلف نفسه أن الاستحلال ناقل عن الإيمان في قوله: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله»، وهذا يناقض الحصر الذي أفاده كلامه هنا، كما أن الإجماع منعقد على حصول الكفر والانتقال عن الإيمان، بغير الجحود كالشك والارتياب كما أن من الأعمال ما يكون فعله كفرا، وليست جحودا بالاتفاق، كالاستهزاء بآيات الله، وامتهان المصحف، وسب الله ورسوله، وكره ما أنزله الله وشرعه، فكل هذا من الكفر الذي يخرج به صاحبه من الإيمان، وليس جحودا، وقد اعتنى علماء الأمة على اختلاف مذاهبهم الفقهية بذكر نواقض الإيمان في باب أحكام المرتد، فذكروا أشياء كثيرة فلهذا يكون في هذا الحصر نظر بين.

المشاهدات:2272
قوله - رحمه الله -: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله» أي: إن أهل السنة والجماعة لا يحكمون بالكفر على أحد من المسلمين، ولا يثبتون لأحد منهم آثار الحكم بالكفر، بسبب وقوعه في معصية ومقارفته لخطيئة إلا أن يعتقد استباحة ما حرم الله. وهذه المسألة تتعلق بمبحث الأسماء في باب الإيمان، والمراد بالأسماء الأوصاف التي ترتب عليها الأحكام في الدنيا والآخرة مثل اسم مؤمن وكافر وفاسق ومنافق. والمراد بأهل القبلة المسلمون، وهذا يشمل جميع أهل الإسلام، إلا من خرج عن الثلاث والسبعين فرقة الذين قال فيهم النبي  صلى الله عليه وسلم : «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة» (أخرجه أحمد (2/ 332)، وأبو داود (4596)، والترمذي (2640)، وابن ماجه (3991)، من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: «حسن صحيح».) .
وقوله: «بذنب ما لم يستحله» أي: بمعصية، سواء أكان ذلك بفعل محرم أم بترك واجب، وسواء أكان من الكبائر أم من الصغائر. ومما يستثنى من كلام المؤلف الذنوب التي هي كفر أصلا، كالشرك بالله، والاستهزاء بالله أو بآياته أو برسله ونحو ذلك، فهذه يكفر فاعلها لا فرق فيها بين مستحل وغير مستحل. ومما يستثنى أيضا التكفير بترك ركن من أركان الإسلام العملية، كالتكفير بترك الصلاة والزكاة والصوم والحج، ففي تكفير تاركها نزاع مشهور. قال ابن رجب - رحمه الله -: «فاختلف العلماء: هل يزول الاسم بزوالها أو بزوال واحد منها أم لا يزول بذلك أم يفرق بين الصلاة وغيرها، فيزول بترك الصلاة دون غيرها أم يختص زوال الإسلام بترك الصلاة والزكاة خاصة؟ وفي ذلك اختلاف مشهور. وهذه الأقوال كلها محكية عن الإمام أحمد. وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة. وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا منهم حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقوال المرجئة. وكذلك قال سفيان بن عيينة: المرجئة سموا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم، وليسا سواء؛ لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر: هو كفر» ("فتح الباري" (1/ 22 - 23) . وقال - رحمه الله -: «فأما بقية خصال الإسلام والإيمان فلا يخرج العبد بتركها من الإسلام عند أهل السنة والجماعة» بل «إذا زال منها شيء نقص البنيان ولم ينهدم أصل البنيان بذلك النقص» ("فتح الباري" (1/ 26 - 27) .
وقوله: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله» فيه رد على الخوارج والوعيدية من المعتزلة الذين يكفرون أهل الإسلام بمطلق الكبائر. والتكفير بالكبائر من أوائل البدع ظهورا في الإسلام. وهو من عقائد الخوارج الذين توافرت النصوص في التحذير منهم وبيان ضلالهم، فالخوارج يكفرون أهل الإسلام بمطلق الذنوب، بل بما يرونه ذنبا ولو لم يكن متفقا على أنه ذنب. وأما المعتزلة فقالوا بأن مرتكب الكبيرة يخرج عن الإسلام، لكنه لا يوصف بالكفر، بل يكون في منزلة بين المنزلتين، هاذا في الدنيا، وأما في الآخرة فهم يوافقون الخوارج في أن مرتكب الكبيرة في النار. وهؤلاء وأولئك إنما أتوا من إهمالهم النظر في النصوص والجمع بينها، لذلك غلبوا نصوص الوعيد، وأهملوا نصوص الوعد، ومن هنا سموا بالوعيدية.
وقوله: «ما لم يستحله» أي: إن المسلم لا يكفر بمواقعة ذنب من الذنوب ولو كان من الكبائر كالزنا والقتل وشرب الخمر ونحو ذلك، إلا أن يعتقد استباحة ما يعلم أن الله قد حرمه، فإنه حينئذ يكفر؛ لأنه باستباحته لما قامت أدلة تحريمه، وتبين حظره يخرج بذلك عن الاستسلام لله، فهو إما أن يكون مكذبا أو معاندا، وكلاهما كفر بالله العظيم.
فلا خلاف في أن من استحل ما أجمعت الأمة على تحريمه بعد العلم بالتحريم فإنه كافر، وأما استحلال ما حرمه الله جهلا أو تأويلا فليس كفرا؛ لأن الأحكام لا تثبت إلا بالعلم، فلا تكليف إلا بعلم، وأما عدم تكفير من استحل ما حرم الله تأويلا، فيشهد له قصة قدامة بن مظعون، وقد رواها ابن عباس، فقال: إن قدامة بن مظعون شرب الخمر بالبحرين فشهد عليه، ثم سئل فأقر أنه شربه، فقال له عمر بن الخطاب: ما حملك على ذلك، فقال: لأن الله يقول: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات} وأنا منهم أي من المهاجرين الأولين، ومن أهل بدر، وأهل أحد، فقال: للقوم: أجيبوا الرجل، فسكتوا، فقال لابن عباس: أجبه، فقال: إنما أنزلها عذرا لمن شربها من الماضين قبل أن تحرم، وأنزل: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان}، حجة على الباقين، ثم سأل من عنده عن الحد فيها، فقال علي بن أبي طالب: إنه إذا شرب هذي، وإذا هذي افترى فاجلدوه ثمانين ("السنن الكبرى" للنسائي (5270) .
فالصحابة لم يكفروا قدامة بن مظعون مع استحلاله شرب الخمر لأنه متأول، حيث ظن أنها تباح على ما فهمه من آية المائدة، فأزالوا عنه هذه الشبهة التي عرضت له وبينوا له ("الرد على البكري" ص (258)، وينظر "الاستقامة" (2/ 190)، وأيضا "مجموع الفتاوى" (7/ 619) . فالعذر بالخطأ والتأويل متفق عليه بين الأئمة، وإن كانوا قد اختلفوا في حدود التأويل الذي يعذر به صاحبه، قال ابن حزم - رحمه الله -: «ومن بلغه الأمر عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  من طريق ثابت، وهو مسلم، فتأول في خلافه إياه أو رد ما بلغه بنص آخر، فما لم تقم عليه الحجة في خطئه في ترك ما ترك، وفي الأخذ بما أخذ، فهو مأجور معذور بقصده إلى الحق وجهله به، وإن قامت عليه الحجة في ذلك فعاند فلا تأويل بعد قيام الحجة» اهـ ("الدرة فيما يجب اعتقاده" لابن حزم ص (414) ، ويدل لذلك قول الله
تعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطاتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} (سورة الأحزاب: 5.) ، وكذلك ما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: «أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه به أحدا، قال: ففعلوا ذلك به، فقال للأرض: أدي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب - أو قال - مخافتك، فغفر له بذلك» ("صحيح البخاري" (3481)، ومسلم (2756) . «فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين، لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك، وكان مؤمنا يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك، والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول أولى بالمغفرة من مثل هذا» ("مجموع الفتاوى"لابن تيمية (3/ 231)، وينظر "مدارج السالكين" (1/ 367) ، فليس من صدق في الطلب وبذل في تحصيله ما أمكنه من سبب كمن أعرض واستكبر وعاند.
قوله - رحمه الله -: «ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله» أي: إن أهل السنة والجماعة يعتقدون أن الإيمان تضره المعاصي، سواء أكانت ترك واجب أو فعل محرم، فالذنوب صغيرها وكبيرها تضر مرتكبها، ولو كان مؤمنا، وهي في الضرر على مراتب ودركات، فمن الذنوب ما ينفي الإيمان ويذهبه، ومنها ما ينقصه ولا ينفيه، ويتفاوت ذلك تفاوتا كبيرا بحسب عظم الذنوب وصغرها، هذا ما أجمع عليه سلف الأمة ودل عليه الكتاب والسنة دلالة مستفيضة، ومن ذلك قول الله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} (سورة الأنعام: 82.) ، فجعل سلامة الإيمان من التلبس بالظلم سببا لإدراك الأجر والثواب. ومن الأدلة على تأثير الذنوب في الإيمان من السنة ما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن» ("صحيح البخاري" (2475)، ومسلم (57) ، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود مرفوعا: «سباب المسلم فسوق» ("صحيح البخاري" (48)، ومسلم (64) . وفي هذا رد على المرجئة (ينظر: "الفرق بين الفرق" ص (19) و"الملل والنحل" (1/ 137) ، الذين أخرجوا العمل عن مسمى الإيمان، وزعم الغلاة منهم بأن الإيمان هو معرفة القلب، ولذلك قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب (ينظر: "مجموع الفتاوى" (7/ 181)
لمن عمله مهما كان الذنب؛ وأول من أظهر هذه المقالة الجهم بن صفوان، وقد رد عليه الأئمة وأبطلوا قوله. وسيأتي مزيد بيان لهذا في مبحث الإيمان من كلام المؤلف رحمه الله تعالى.
قوله - رحمه الله -: «نرجو للمحسنين من المؤمنين» أي: إن أهل السنة والجماعة يطمعون لأهل الإحسان من المؤمنين ما وعدهم الله تعالى من العطاء والمثوبة. والمحسنون جمع "محسن"، وهو من أعانه الله على تكميل خصال الإسلام وشعب الإيمان، وهو المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم : «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه، فإنه يراك» (أخرجه البخاري (50)، ومسلم (8) . فهذه المنزلة أعلى مراتب الدين، وهكذا نرجو لكل مسلم، فإنه ما من مسلم إلا وفيه شيء من الإحسان، ولعل هذا هو مراد المؤلف، فإن الإجماع منعقد على رجاء الخير لكل مسلم، فيكون الإحسان هنا مقابل الإساءة، ولهذا قالوا: «نرجو للمحسن ونخاف على المسيء» (ينظر: "أصول السنة"للإمام أحمد ص (50)،"الشرح والإبانة عن أصول الديانة"لابن بطة ص (242) ، وكل مسلم محسن، وإن تفاوت إحسانه.
قوله - رحمه الله -: «ولا نامن عليهم» أي: إن أهل السنة والجماعة يخافون على المحسنين أن يدركهم شؤم قصور أو تقصير ظاهر أو خفي، كما نخاف على المحسنين عدم القبول لوجود ما يمنعه، فإنه لا يجزم لمعين بالقبول إلا بنص، فقد وصف الله تعالى المسارعين في الخيرات السابقين لها بقوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} سورة المؤمنون: 60، وقد جاء بيانها فيما رواه أحمد والترمذي من حديث عائشة -رضي الله عنها - قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: «لا يا بنت الصديق؛ ولكنهم الذين يصومون، ويصلون، ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون فى الخيرات وهم لها سابقون» (مسند أحمد" (6/ 159)، "سنن الترمذي" (3475) وسكت عنه وقال:"وقد روى عبد الرحمن بن سعيد هذا الحديث عن أبي حازم عن أبي هريرة"، وصححه الألباني في تعليقه على "السنن") .
قوله - رحمه الله -: «ولا نشهد لهم بالجنة» أي: إن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون بأن معينا من المحسنين في الجنة، مهما كان إحسانه، فإن علم ذلك إلى الله، فهو - جل وعلا - العالم بالسرائر والخواتيم، وقد قال النبي  صلى الله عليه وسلم  فيما رواه البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة» (صحيح البخاري (2898)، ومسلم (112) ، وسيأتي مزيد بيان لهذا عند قول المؤلف -رحمه الله -: «ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا». ويستثنى من هذا من شهد له النبي  صلى الله عليه وسلم  بالجنة، فإنه لا خلاف في أن من شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وجب علينا قبول ذلك، فنشهد لكل من بشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة أنه من أهل الجنة، كالعشرة المبشرين بالجنة، وسيأتي بإذن الله.
قوله - رحمه الله -: «ونستغفر لمسيئهم» أي: إن أهل السنة والجماعة يسألون الله تعالى للمسيء من المؤمنين التجاوز والستر، والمسيء هو من تورط بارتكاب سيئة، إما بترك واجب، أو بفعل محرم.
قوله - رحمه الله -: «ونخاف عليهم» أي: إن أهل السنة والجماعة يخشون على المسيء من أهل الإيمان أن يدركهم عقوبة ما جنوه من السيئات.
قوله - رحمه الله -: «ولا نقنطهم» أي: إن أهل السنة والجماعة يؤيسون المسيء من المؤمنين من رحمة الله ومغفرته، ولا نقطع طمعهم في عفوه وفضله، بل نقول كما قال الله -جل وعلا -: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} سورة الزمر: 53 ، هاذا يشمل كل ذنب صغير أو كبير، {إن الله يغفر الذنوب جميعا}، إلا الشرك والكفر فإنه لا بد فيه من توبة لمغفرته، كما قال الله - جل وعلا-: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (سورة النساء: 48، 116.) ، ولذلك المشركون آيسون من رحمة الله ما داموا على الشرك والكفر مقيمين، قال تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} (سورة يوسف: 87) ، وبهذا كله يسلم المؤمن، من الإفراط والتفريط والغلو والجفاء، ويجمع بين نصوص الوعد والوعيد، فيسلم من ضلالات الخوارج والمرجئة، وهذا ما دل عليه القرآن، فإن الله يذكر رحمته ومغفرته، ويذكر عقوبته ومؤاخذته، في كثير من الآيات، كقوله تعالى: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم (49) وأن عذابي هو العذاب الأليم} (سورة الحجر.) ، وقوله: {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب} (سورة غافر:3.) ، فيطمع ا لمؤمن في سعة رحمته ومغفرته، ويخاف من عذابه وعقابه، فيكمل له مقام الخوف والرجاء، فكما لا يؤيس أهل الإجرام والآثام من مغفرته وعفوه، كذلك لا يؤمنون من عقابه وانتقامه.
قوله - رحمه الله -: «والأمن والإياس ينقلان عن الملة» الأمن هو عدم الخوف والخشية، والإياس هو قطع الأمل، والقنوط من الرحمة (ينظر:: «لسان العرب» (13/ 21)، (6/ 259) . وهاذان داءان متقابلان: الأمن يحمل على الاسترسال في المخالفة والمعصية، وعدم العمل بالطاعة. والإياس يحمل على اليأس وقطع الرجاء والقنوط من رحمة الله. وكل من الأمن من مكر الله والإياس من روح الله، طريق يوصل إلى الكفر بالله والخروج عن سبيل الهدى ودين الإسلام؛ لذلك قال المصنف ينقلان عن الملة. أما الأمن من مكر الله فقد قال الله تعالى: {أفأمنوا مكر الله فلا يامن مكر الله إلا القوم الخاسرون} سورة الأعراف: 99 . والخاسرون هم الهالكون، والخسار دركات، أشده الكفر بالله تعالى، ولهذا وصف الله تعالى في القرآن العظيم أهل الكفر والتكذيب بالخسار، كقوله تعالى: {ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون} سورة البقرة: 121 ، وكقوله تعالى: {والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون} سورة العنكبوت: 52. وأما الإياس من روح الله ورحمته فقد قال تعالى: {إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون} سورة يوسف: 87 .. وقال - سبحانه وتعالى -: {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} سورة الحجر: 56.، فوصفهم الله - عز وجل - بالكفر، ووصفهم بالضلال. ونهى أهل الإيمان وأهل الإسلام أن ييأسوا من رحمته، فقال: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} سورة الزمر: 53. ، والنهي يقتضي التحريم.
فالأمن والإياس محرمان في شريعة الإسلام، ولكن ليس كل أمن ولا كل يأس ينقل عن ملة الإسلام. بل منه ما ينقل ومنه ما لا ينقل، فالأمن التام من مكر الله، والإياس التام من رحمة الله ينقلان عن ملة الإسلام كما قال المؤلف -رحمه الله -. أما ما كان دون ذلك، كالإياس الذي يعرض لبعض أصحاب الذنوب، أو الأمن الذي يعرض لأصحاب الشهوات، فإنه لا ينقل عن ملة الإسلام لكنه من كبائر الذنوب وعظائم الإثم. ويشهد لهذا أن قدامة بن مظعون - رضي الله عنه - أصابه شدة يأس من جراء تأوله في استباحته ما حرم الله من الخمر، فكتب له عمر - رضي الله عنه -: لا أدري أي ذنبيك أعظم، استباحتك الخمر، أو يأسك من رحمة الله؟ (أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (5/ 138) ح/ (5270)، وتقدم ذكر القصة بتمامها.) . فينبغي للمؤمن أن لا ييأس من رحمة الله مهما عظم ذنبه، فإنه جل وعلا تتلاشى في جانب مغفرته وعفوه ورحمته وكرمه وبره وإحسانه الذنوب، كما ينبغي للمؤمن أن يخاف ذنوبه، وألا يأمن مكر الله وخفي أخذه، فإن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، فالواجب على المؤمن أن يكون على حذر. كما قال عبد الله بن مسعود: «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال له هكذا فطار» (أخرجه أحمد (1/ 383) .
ولذلك جاء التحذير من النبي  صلى الله عليه وسلم  عن الذنوب صغيرها وكبيرها، فقال: «إياكم ومحقرات الذنوب» أي: ما يحقره الإنسان من المعاصي ويراه سهلا «فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه» (أخرجه أحمد (1/ 402)، وقال الهيثمي (10/ 189): «رجاله رجال الصحيح غير عمران بن داور القطان وقد وثق»، وقال المناوي (3/ 128): قال الحافظ العراقي: «إسناده جيد»، وقال العلائي: «حديث جنيد على شرط الشيخين»، وقال الحافظ: «سنده حسن».) ، فالأمن والإياس قد يكونان كفرا وقد يكونان كبيرة وإثما دون الكفر، وهما أصلان لبدعتين متقابلتين. فالأمن أصل شبهة المرجئة، واليأس أصل شبهة الخوارج؛ فالمرجئة أمنوا الناس من مكر الله، وقالوا: لا يضر مع الإيمان معصية، وأما الوعيدية كالخوارج والمعتزلة فآيسوا الناس من رحمة الله، وقالوا بأن الكبائر تخرج عن الإيمان، إما كفرا كما تقول الخوارج، وإما منزلة بين المنزلتين كما تقول المعتزلة.
قوله - رحمه الله -: «وسبيل الحق بينهما» أي: إن الطريق القويم والصراط المستقيم وسط بين الأمن والإياس، فلا أمن من مكر الله، ولا قنوط من رحمته، كما دلت نصوص الوحيين، فإذا جمع العبد بين الخوف والرجاء حقق الطاعة وجانب المعصية، وعبد الله تعالى كما يجب أن يعبد. وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في التغليب بين الخوف والرجاء وعدمه على أقوال أربعة: الأول: تغليب الخوف على الرجاء مطلقا. والثاني: تغليب الرجاء على الخوف مطلقا. والثالث: استواء الخوف والرجاء، فهما كجناحي الطائر، فالمؤمن يسير إلى الله بجناحين هما الرجاء والخوف، فإذا استويا تم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت، كما قال أبو علي الروذباري، ولذلك قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا ("شعب الإيمان" للبيهقي (2/ 328) ح (996) . والرابع: التفصيل فقد يغلب الخوف، وقد يغلب الرجاء، وقد يستويان، وذلك كله بحسب اختلاف الأشخاص والأحوال من الصحة والمرض، والإحسان والإساءة (ينظر:"الآداب الشرعية" لابن مفلح (2/ 30 - 32) .
وأقرب هذه الأقوال: أن الأصل في حال المؤمن، استواء الخوف والرجاء، عملا بالأدلة التي جمعت للمؤمن الحالين: حال الخوف وحال الرجاء، أمرا في نحو قوله: {وادعوه خوفا وطمعا} سورة الزمر:9، أي: اعبدوه خائفين من عذابه، طامعين في رحمته، ووصفا لعباده الصالحين في مثل قوله تعالى: {ويرجون رحمته ويخافون عذابه} سورة الإسراء:57، وقوله: {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} سورة الأعراف:56 ، قال النووي:"وهكذا معظم آيات القرآن العزيز يجتمع فيها الخوف والرجاء" ("شرح النووي على مسلم" (9/ 126) ، ومما يدل على أن الأصل استواء الخوف والرجاء في قلب المؤمن: مارواه الترمذي وغيره من حديث أنس: أن النبي  صلى الله عليه وسلم ، دخل على شاب وهو في الموت، فقال: «كيف تجدك؟» قال: أرجو الله يا رسول الله، وأخاف ذنوبي، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف» (الترمذي (983)، قال: «حسن غريب»، والنسائي في «الكبرى» (10901)، وابن ماجه) . ويدل لذلك أيضا أن تغليب أحدهما على الآخر قد يوقع الإنسان؛ إما في أمن، وإما في إياس. قال بعض السلف: «من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء فهو مرجئ، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء، فهو مؤمن» (ينظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (10/ 81) .
قوله - رحمه الله -: «ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه» أي: إن أهل السنة والجماعة يعتقدون أنه لا ينتقل أحد عن الإيمان إلى الكفر إلا بإنكاره ما يدخل به في الإيمان كجحود وجوب الصلاة، أو جحود تحريم الخمر، ونحو ذلك من جحود كل ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وهذا الذي قرره المؤلف هنا جار على ما سيأتي في تعريف الإيمان، والجحود هو نقض لإيمان القلوب واللسان بالإنكار والتكذيب. وقد حصر المؤلف ما يخرج به العبد من وصف الإيمان بالجحود فقط، وفي هذا الحصر نظر بين، وهو حصر غير صحيح، فإن الخروج عن الإيمان يكون بالجحود وبغيره، وقد قرر المؤلف نفسه أن الاستحلال ناقل عن الإيمان في قوله: «ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله»، وهذا يناقض الحصر الذي أفاده كلامه هنا، كما أن الإجماع منعقد على حصول الكفر والانتقال عن الإيمان، بغير الجحود كالشك والارتياب كما أن من الأعمال ما يكون فعله كفرا، وليست جحودا بالاتفاق، كالاستهزاء بآيات الله، وامتهان المصحف، وسب الله ورسوله، وكره ما أنزله الله وشرعه، فكل هذا من الكفر الذي يخرج به صاحبه من الإيمان، وليس جحودا، وقد اعتنى علماء الأمة على اختلاف مذاهبهم الفقهية بذكر نواقض الإيمان في باب أحكام المرتد، فذكروا أشياء كثيرة فلهذا يكون في هذا الحصر نظر بين.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91508 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87245 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف