{لا تَقُولُوا راعِنا} كان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله راعنا، وذلك من المراعاة أي: راقبنا وانظرنا، فكان اليهود يقولونها: ويعنون بها معنى الرعونة على وجه الإذاية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وربما كانوا يقولونها على معنى النداء، فنهى الله المسلمين أن يقولوا هذه الكلمة لاشتراك معناها بين ما قصده المسلمون وقصده اليهود، فالنهي سدّا للذريعة، وأمروا أن يقولوا: انظرنا، لخلوّه عن ذلك الاحتمال المذموم، فهو من النظر والانتظار، وقيل: إنما نهى الله المسلمين عنها لما فيها من الجفاء وقلة التوقير.
{ وَاسْمَعُوا} عطف على قولوا، لا على معمولها. والمعنى: الأمر بالطاعة والانقياد
{ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} جنس يعم نوعين: أهل الكتاب، والمشركين من العرب، ولذلك فسره بهما، ومعنى الآية أنهم: لا يحبون أن ينزل الله خيرا على المسلمين
{مِنْ خَيْرٍ } من للتبعيض، وقيل: زائدة لتقدم النفي في قوله: {ما يودّ}
{بِرَحْمَتِهِ } قيل: القرآن وقيل: النبوة وللعموم أولى، ومعنى الآية: الردّ على من كره الخير للمسلمين.
{ما نَنْسَخْ} نزل حكمه ولفظه أو أحدهما، وقرئ بضم النون أي نأمر بنسخه
{أَوْ نُنْسِها} من النسيان، وهو ضدّ الذكر: أي ينساها النبي صلّى الله عليه واله وسلّم بإذن الله كقوله {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ} الأعلى: 6/ 7 أو بمعنى الترك: أي نتركها غير منزلة: أي غير منسوخة، وقرئ بالهمز بمعنى التأخير: أن نؤخر إنزالها أو نسخها
{بِخَيْرٍ} في خفة العمل، أو في الثواب
{قَدِيرٌ} استدلال على جواز النسخ لأنه من المقدورات، خلافا لليهود لعنهم الله فإنهم أحالوه على الله. وهو جائز عقلا، وواقع شرعا فكما نسخت شريعتهم ما قبلها، نسخها ما بعدها