بَلَداً يعني مكة آمِناً أي مما يصيب غيره من الخسف والعذاب، وقيل: آمنا من إغارة الناس على أهله، لأن العرب كان يغير بعضهم على بعض، وكانوا لا يتعرضون لأهل مكة، وهذا أرجح لقوله: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ القصص: 57 ، فإن قيل: لم قال في البقرة ﴿بَلَداً آمِناً﴾ فعرّف في إبراهيم 35 ونكّر في البقرة؟ أجيب عن ذلك بثلاثة أجوبة الجواب الأوّل: قاله أستاذنا الشيخ أبو جعفر بن الزبير، وهو أنه تقدّم في البقرة ذكر البيت في قوله: القواعد من البيت، وذكر البيت يقتضي بالملازمة ذكر البلد الذي هو فيه، فلم يحتج إلى تعريف، بخلاف آية إبراهيم، فإنها لم يتقدم قبلها ما يقتضي ذكر البلد ولا المعرفة به، فذكره بلام التعريف.
الجواب الثاني قاله السهيلي: وهو أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم كان بمكة حين نزلت آية إبراهيم، لأنها مكية فلذلك قال فيه: البلد بلام التعريف التي للحضور: كقولك: هذا الرجل، وهو حاضر، بخلاف آية البقرة، فإنها مدنية، ولم تكن مكة حاضرة حين نزولها، فلم يعرفها بلام الحضور، وفي هذا نظر لأن ذلك الكلام حكاية عن إبراهيم عليه السلام، فلا فرق بين نزوله بمكة أو المدينة «الجواب الثالث» قاله بعض المشارقة وهو أنه قال: هذا بلدا آمنا قبل أن يكون بلدا، فكأنه قال اجعل هذا الموضع بلدا آمنا، وقال: هذا البلد بعد ما صار بلدا. وهذا يقتضي أن إبراهيم دعا بهذا الدعاء مرتين، والظاهر أنه مرة واحدة حكي لفظه فيها على وجهين
مَنْ آمَنَ بدل بعض من كل ومن كفر أي قال الله وأرزق من كفر لأنّ الله يرزق في الدنيا المؤمن والكافر
رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا على حذف القول أي يقولان ذلك
وَأَرِنا مَناسِكَنا علمنا موضع الحج وقيل: العبادات
فِيهِمْ أي في ذرّيتنا
رَسُولًا مِنْهُمْ هو محمد صلّى الله عليه واله وسلّم، ولذلك قال صلّى الله عليه واله وسلّم: أنا دعوة أبي إبراهيم والضمير المجرور لذرية إبراهيم وإسماعيل وهم العرب الذين من نسل عدنان، وأما الذين من قحطان فاختلف هل هم من ذرّية إسماعيل أم لا
آياتِكَ هنا القرآن
وَالْحِكْمَةَ هنا هي السنة
وَيُزَكِّيهِمْ أي يطهرهم من الكفر والذنوب.