فَائِدَة الْعلم نقل صُورَة الْمَعْلُوم من الْخَارِج وإثباتها فِي النَّفس ولعمل نقل
صُورَة علمية من النَّفس وإثباتها فِي الْخَارِج فَإِن كَانَ الثَّابِت فِي النَّفس مطابقا للْحَقِيقَة فِي نَفسهَا فَهُوَ علم صَحِيح وَكَثِيرًا مَا يثبت ويترا أَي فِي النَّفس صور لَيْسَ لَهَا وجود حقيقى فيضنها الَّذِي قد أثبتها فِي نَفسه علما وَإِنَّمَا هِيَ مقدرَة لَا حَقِيقِيَّة لَهَا وَأكْثر عُلُوم النَّاس من هَذَا الْبَاب وَمَا كَانَ مِنْهَا مطابقا للْحَقِيقَة فِي الْخَارِج فَهُوَ نَوْعَانِ نوع تكمل النَّفس بإدراكه وَالْعلم بِهِ وَهُوَ الْعلم بِاللَّه وأسمائه وَصِفَاته وأفعاله وَكتبه وَأمره وَنَهْيه وَنَوع لَا يحصل بِهِ للنَّفس كَمَال وَهُوَ كل علم لَا يضر الْجَهْل بِهِ فَإِنَّهُ لَا ينفع الْعلم بِهِ وَكَانَ النَّبِي يستعيذ بِاللَّه من علم لَا ينفع وَهَذَا حَال أَكثر لعلوم الصَّحِيحَة الْمُطَابقَة الَّتِي لَا يضر الْجَهْل بهَا شَيْئا كَالْعلمِ بالفلك ودقائقه ودرجاته وَعدد الْكَوَاكِب ومقاديرها وَالْعلم بِعَدَد الْجبَال وألوانها ومساحتها وَنَحْو ذَلِك فشرف الْعلم بِحَسب شرف معلومه وَشدَّة الْحَاجة إِلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا الْعلم بِاللَّه وتوابع ذَلِك وَأما الْعلم فآفته عدم مطابقته لمراد الله الديني الَّذِي يُحِبهُ الله ويرضاه وَذَلِكَ يكون من فَسَاد الْعلم تَارَة وَمن فَسَاد الْإِرَادَة تَارَة ففساد من جِهَة الْعلم أَن يعْتَقد أَن هَذَا مَشْرُوع مَحْبُوب لله وَلَيْسَ كَذَلِك أَو يعْتَقد أَنه يقر بِهِ إِلَى الله وَإِن لم يكن مَشْرُوعا فيظن أَنه يتَقرَّب إِلَى الله بِهَذَا الْعَمَل وَإِن لم يعلم أَنه مَشْرُوع وَأما فَسَاده من جِهَة الْقَصْد فان لَا يقْصد بِهِ وَجه الله وَالدَّار الْآخِرَة بل يقْصد بِهِ الدُّنْيَا والخلق وَهَاتَانِ الآفتان فِي الْعلم وَالْعَمَل لَا سَبِيل إِلَى السَّلامَة مِنْهُمَا إِلَّا بِمَعْرِِفَة مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول فِي بَاب الْعلم والمعرفة وَإِرَادَة وَجه الله وَالدَّار الْآخِرَة فِي بَاب الْقَصْد والرادة فَمَتَى خلا من هَذِه الْمُعَرّف وَهَذِه الْإِرَادَة فسد علمه وَعَمله وَالْإِيمَان وَالْيَقِين يورثان صِحَة الْمعرفَة وَصِحَّة الْإِرَادَة يورثان الْإِيمَان ويمدانه وَمن هُنَا يتَبَيَّن انحراف أَكثر النَّاس عَن الْأَيْمَان ولانحرافهم عَن صِحَة الْمعرفَة وَصِحَّة الْإِرَادَة وَلَا يتم الْإِيمَان إِلَّا بتلقي الْمعرفَة من مشكاة النُّبُوَّة وَتَجْرِيد الْإِرَادَة عَن شوائب الْهوى وَإِرَادَة الْخلق فَيكون علمه مقتبسا من مشكاة الْوَحْي وإرادته لله وَالدَّار الْآخِرَة فَهَذَا أصح النَّاس علما وَعَملا وَهُوَ من الْأَئِمَّة الَّذين يهْدُونَ بِأَمْر الله وَمن خلفاء رَسُوله فِي أمته