قوله:"ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما من الله عليهم من الفضائل، علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمها على الله عز وجل".
وبيان ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم «كانوا أكمل هذه الأمة عقلا وعلما ودينا، كما قال فيهم عبد الله بن مسعود: من كان منكم مستنا، فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد كانوا والله أفضل هذه الأمة، وأبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
رواه غير واحد، منهم ابن بطة عن قتادة (جامع بيان العلم وفضله (1810)، (2/ 947) (منهاج السنة النبوية (2/ 76 – 77)، وينظر: (6/ 81)، وقوله رضي الله عنه: «كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا؛ كلام جامع بين فيه حسن قصدهم ونياتهم ببر القلوب، وبين فيه كمال المعرفة ودقتها بعمق العلم، وبين فيه تيسر ذلك عليهم، وامتناعهم من القول بلا علم بقلة التكلف» (المصدر السابق: (2/ 79)، و «الذي قاله عبد الله حق، فإنهم خير هذه الأمة كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ... (تقدم تخريجه) (منهاج السنة النبوية (2/ 79). فأصحابه رضي الله عنهم «كانوا أفضل قرون الأمة، فهم أعرف القرون بالله، وأشدهم له خشية» (المصدر السابق (6/ 207).
ومن دلائل خيريتهم رضي الله عنهم أن «كل خبر فيه المسلمون إلى يوم القيامة من الإيمان، والإسلام، والقرآن، والعلم، والمعارف، والعبادات، ودخول الجنة، والنجاة من النار، وانتصارهم على الكفار، وعلو كلمة الله، فإنما هو ببركة ما فعله الصحابة الذين بلغوا الدين، وجاهدوا في سبيل الله» (منهاج السنة النبوية (6/ 376)، فرضي الله عنهم، وسلك بنا سبيلهم، لا كان ولا يكون مثلهم.