قوله:"ولا يسلبون الفاسق الملي الإيمان بالكلية، ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة".
وبيان هذا أن «الفاسق من أهل السنة، مثل الزاني، والسارق، والشارب، ونحوهم» (مجموع الفتاوى (7/ 670) «ممن له طاعات ومعاص، وحسنات وسيئات، ومعه من الإيمان ما لا يخلد معه في النار، وله من الكبائر ما يستوجب دخول النار» (المصدر السابق (7/ 479) القول الوسط فيه هو قول أهل السنة والجماعة، فإنهم «لا يسلبونه الاسم على الإطلاق، ولا يعطونه على الإطلاق» (المصدر السابق (7/ 673)، بل يقولون: «هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن عاص، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته. ويقال: ليس بمؤمن حقا، أو ليس بصادق حقا» (المصدر السابق). «فأهل السنة متفقون على أنه قد سلب كمال الإيمان الواجب، فزال بعض إيمانه الواجب لكنه من أهل الوعيد» (المصدر السابق (7/ 258). والخلاف في هذه المسألة -مسألة الأسماء والأحكام- هو «أول خلاف حدث في مسائل الأصول، حيث كفرت الخوارج بالذنب فجعلوا صاحب الكبيرة كافرا» (العقيدة الأصفهانية (ص: 175)، الاستقامة (1/ 431)، انظر: مجموع الفتاوى (3/ 182، 7/ 222، 242، 257، 501، 18/ 270، 19/ 75، 151)، منهاج السنة النبوية (5/ 239).
«وقالت المعتزلة: بل ينزل منزلة بين المنزلتين، فنسميه فاسقا لا مسلما، ولا كافرا» (العقيدة الأصفهانية (ص: 175)، الاستقامة (1/ 431)، انظر: مجموع الفتاوى (3/ 182، 7/ 222، 242، 257، 501، 18/ 270، 19/ 75، 151)، منهاج السنة النبوية (5/ 239)، فهو «ليس بمؤمن بوجه من الوجوه، ولا يدخل في عموم الأحكام المتعلقة باسم الإيمان» (مجموع الفتاوى (7/ 670)، «فالمعتزلة ينفون عنه اسم الإيمان بالكلية، واسم الإسلام أيضا، ويقولون: ليس معه شيء من الإيمان والإسلام» (المصدر السابق (7/ 257). هذا من حيث الاسم. أما بالنسبة للحكم «فأهل السنة والحديث، وأئمة الإسلام المتبعون للصحابة لا يقولون بتخليد أحد من أهل القبلة في النار كما تقوله الخوارج والمعتزلة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: (أنه يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان) (تقدم تخريجه)، وإخراجه من النار من يخرج بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم فيمن يشفع له من أهل الكبائر من أمته، وهذه أحاديث كثيرة مستفيضة متواترة عند أهل العلم بالحديث» (منهاج السنة النبوية (5/ 294 – 295)، وينظر: (4/ 570)، مجموع الفتاوى (7/ 222، 679).
وفي الصحيحين من حديث أنس في ذكر الشفاعة العظمى قال بعد قول الله له: اشفع تشفع في المرة الثالثة: «فأنطلق فأخرج من كان في قلبه مثقال أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه» (أخرجه البخاري (6956) ومسلم (286) من رواية حماد بن زيد عن معبد بن هلال العنزي عن أنس). و «الخوارج والمعتزلة يقولون: صاحب الكبائر الذي لم يتب منها مخلد في النار، ليس معه شيء من الإيمان، ثم الخوارج تقول: هو كافر، والمعتزلة توافقهم على الحكم، لا على الاسم» (المصدر السابق (5/ 284)، وينظر: مجموع الفتاوى (7/ 242)، (10/ 321)، فإنهم «نازعوا غيرهم في الاسم» (النبوات: (ص: 200).