قوله :"والعباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم. وللعباد قدرة على أعمالهم، ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم".
بيان هذا أن جمهور أهل السنة والجماعة على «أن أفعال الإنسان الاختيارية مستندة إليه، وأنه فاعل لها، ومحدث لها» (منهاج السنة النبوية (3/ 235)، وينظر: (3/ 110)، و «العبد فاعل لفعله حقيقة لا مجازا» (المصدر السابق (3/ 257)، وينظر: مجموع الفتاوى (8/ 483)، «هذا قول السلف والأئمة» (درء تعارض العقل والنقل (9/ 167). وهو الحق «الذي دل عليه المنقول والمعقول» (درء تعارض العقل والنقل (9/ 167)، فإن «الله ورسوله وصف العبد بأنه يعمل ويفعل» (منهاج السنة النبوية (3/ 235)، وينظر (3/ 257)، وقد جاءت النصوص «بإثبات فعله في عامة آيات القرآن: (يعملون)، (يفعلون)، (يؤمنون)، (يكفرون)، (يتفكرون)، (يحافظون)، (يتقون») (مجموع الفتاوى (8/ 393)، وينظر: (8/ 459)، ومنهاج السنة النبوية (3/ 111 – 112)، و «لم يكن من السلف والأئمة من يقول: إن العبد ليس بفاعل، ولا مختار، ولا مريد، ولا قادر، ولا قال أحد منهم: إنه فاعل مجازا، بل من تكلم منهم بلفظ الحقيقة والمجاز متفقون على أن العبد فاعل حقيقة» (مجموع الفتاوى (8/ 459 – 460).
«ومما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها أن العباد لهم مشيئة وقدرة، يفعلون بمشيئتهم وقدرتهم ما أقدرهم الله عليه؛ كما قال الله تعالى: {كلا إنه تذكرة * فمن شاء ذكره * وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة} المدثر: 54 – 56، وقال تعالى: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} المزمل: 19، {وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما} الإنسان: 30» (المصدر السابق: وينظر: (8/ 117 – 118). ومما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها «أن الله خالق كل شيء من أفعال العباد» (المصدر السابق (8/ 521)، وينظر: (8/ 406)، منهاج السنة النبوية (1/ 461)، فالعبد مخلوق لله تعالى، «والله تعالى خالق ذاته، وصفاته، وأفعاله» (المصدر السابق (8/ 460). «والقرآن مملوء بما يدل على أن أفعال العباد حادثة بمشيئته وقدرته وخلقه» (منهاج السنة النبوية (3/ 257)، فإن «في القرآن من ذكر تفصيل أفعال العباد التي بقلوبهم، وجوارحهم، وأنه هو تبارك وتعالى – يحدث من ذلك ما يطول وصفه؛ كقوله تعالى: {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة} الأعراف: 30» (المصدر السابق (3/ 265).
كما قال تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} التكوير: 28 - 29.
وبيان ذلك أن الله «تعالى قال: {لمن شاء منكم أن يستقيم} التكوير: 28 فأثبت للعبد مشيئة وفعلا، ثم قال: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} التكوير: 29 فبين أن مشيئة العبد متعلقة بمشيئة الله» (مجموع الفتاوى (8/ 488). «وهذا صريح قول أهل السنة في إثبات مشيئة العبد، وأنها لا تكون إلا بمشيئة الرب» (منهاج السنة النبوية (3/ 111)، «وأن العبد له قدرة، وإرادة، وفعل، وهو فاعل حقيقة، والله خالق ذلك كله كما هو خالق كل شيء» (المصدر السابق (3/ 110).