قوله:"والصراط (فعال بمعنى مفعول) منصوب على متن جهنم، وهو الجسر الذي بين الجنة والنار، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم؛ فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم من يمر كركاب (وهو ركاب الإبل والمراد راكب) الإبل، ومنهم من يعدو عدوا، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، ومنهم من يخطف خطفا ويلقى في جهنم؛ فإن الجسر عليه كلاليب (جمع كلاب وكلوب) تخطف الناس بأعمالهم، فمن مر على الصراط دخل الجنة".
في هذا ذكر المرور على الصراط، وهو «الورود المذكور في قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} مريم:71، فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه عن جابر بأنه المرور على الصراط ((191)، والصراط هو الجسر، فلا بد من المرور عليه لكل من يدخل الجنة، من كان صغيرا في الدنيا ومن لم يكن» (مجموع الفتاوى (4/ 279)، «وهذا عام لجميع الخلق» (درء تعارض العقل والنقل (5/ 230). وقد جاء وصفه في مسلم ((269). من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار) من حديث أبي سعيد، وفيه قيل: يا رسول الله، ما الجسر؟ قال: «دحض مزلة، فيه خطاطيف»، وفي رواية البخاري ((7440) قال: «مدحضة مزلة».
قال النووي: «والدحض والمزلة بمعنى واحد، وهو الموضع الذي تزل فيه الأقدام ولا تستقر» (شرح مسلم (3/ 29). «وقد ثبت في الصحيح أنهم إذا عبروا على الصراط؛ منهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل (رواه البخاري (7439)، ومسلم (182) (درء تعارض العقل والنقل (5/ 230). «وهذا المرور لا يطلق عليه اسم الدخول الذي يجزى به العصاة، وينفى عن المتقين» (الجواب الصحيح (1/ 228).