قوله :"ويحاسب الله الخلائق، ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه، كما وصف ذلك في الكتاب والسنة. وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته، فإنه لا حسنات (حسنات يجوز فيها الفتح والكسر، مع أنها جمع مؤنث سالم؛ لأنه إذا دخلت على جمع المؤنث السالم (لا) النافية للجنس جاز بناؤه على الفتح، وعلى الكسر؛ كما قال الشاعر:لا سابغات ولا جاواء باسلة *** تقي المنون لدى استيفاء آجال) لهم، ولكن تعد أعمالهم فتحصى، فيوقفون عليها ويقررون بها، ويجزون بها".
وبيان هذا أن «الله سبحانه يحاسب الخلق في ساعة واحدة، لا يشغله حساب هذا عن حساب هذا» (درء تعارض العقل والنقل (4/ 129)، وأدلة هذا كثيرة في الكتاب والسنة. وهذا «الحساب يراد به الموازنة بين الحسنات والسيئات، وهذا يتضمن المناقشة، ويراد به عرض الأعمال على العامل وتعريفه بها» (المصدر السابق (5/ 229)، انظر: مجموع الفتاوى (4/ 305). وقد «تنازع أهل السنة في الكفار هل يحاسبون أم لا؟» (المصدر السابق). و «فصل الخطاب إثبات الحساب، بمعنى عد الأعمال وإحصائها، وعرضها عليهم، لا بمعنى إثبات حسنات نافعة لهم في ثواب يوم القيامة تقابل سيئاتهم» (المصدر السابق).
وفائدة حسابهم -زيادة على ما تقدم- بيان تفاوتهم في «العقاب، فعقاب من كثرت سيئاته أعظم من عقاب من قلت سيئاته، ومن كان له حسنات خفف عنه العذاب، كما أن أبا طالب أخف عذابا من أبي لهب، وقال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب} النحل: 88، وقال تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر} التوبة: 37، والنار دركات، فإذا كان بعض الكفار عذابه أشد عذابا من بعض، لكثرة سيئاته، وقلة حسناته، كان الحساب لبيان مراتب العذاب، لا لأجل دخول الجنة» (مجموع الفتاوى (4/ 305 – 306).