قوله :" منه بدأ، وإليه يعود".
هكذا عبر غير واحد من السلف «قال الإمام أحمد بن حنبل وغيره: منه بدأ، أي: هو المتكلم به، لم يبتدئ من غيره كما قالت الجهمية القائلون بأن القرآن مخلوق، قالوا: خلقه في غيره، فهو مبتدأ من ذلك المحل المخلوق» (مجموع الفتاوى (17/ 83)، (3/ 198)، (12/ 40)، «وهذا معنى قول السلف: القرآن كلام الله، منه بدأ ومنه خرج» (المصدر السابق (12/ 517). أي لم يبتدأ من غيره. المصدر السابق (16/ 469)، «كما في الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن جبير بن نفير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه» (المصدر السابق (12/ 517). و «ليس معنى قول السلف والأئمة: إنه منه خرج، ومنه بدأ، أنه فارق ذاته وحل بغيره، فإن كلام المخلوق إذا تكلم به لا يفارق ذاته ويحل بغيره» (المصدر السابق (12/ 517 – 518)، و «لكن مقصود السلف الرد على هؤلاء الجهمية؛ فإنهم زعموا أن القرآن خلقه الله في غيره، فيكون قد ابتدأ وخرج من ذلك المحل الذي خلق فيه، لا من الله، كما يقولون: كلامه لموسى خرج من الشجرة، فبين السلف والأئمة أن القرآن من الله بدأ وخرج» (المصدر السابق (12/ 518).
ينظر: درء تعارض العقل والنقل (2/ 49)، (2/ 113،275)، وأن الله «هو المتكلم بالقرآن, ومنه سمع، لا أنه خلقه في غيره؛ كما فسره بذلك أحمد وغيره من الأئمة» (الأصفهانية (ص: 21) , «لم يبتدئ من غيره من الموجودات؛ كما قال تعالى: {وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم} النمل: 6، وقال: {ولكن حق القول مني} السجدة: 13، وقال: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} هود: 1» (جامع الرسائل والمسائل (1/ 162)، مجموع الفتاوى (6/ 529).و «كما قال تعالى: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} الزمر: 1 " (درء تعارض العقل والنقل (2/ 113). فمن في هذا الموضع لابتداء الغاية» (مجموع الفتاوى (15/ 96).
«وأما إليه يعود، فإنه يسرى به في آخر الزمان من المصاحف، والصدور، فلا يبقى في الصدور منه كلمة، ولا في المصاحف منه حرف» (المصدر السابق (3/ 174 – 175)، وينظر أيضا: (12/ 274)، الأصفهانية (ص: 21). جاء ذلك فيما روى شداد بن معقل عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن هذا القرآن الذي بين أظهركم يوشك أن ينزع منكم, قال: قلت: كيف ينزع منا وقد أثبته الله في قلوبنا، وأثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يسرى عليه في ليلة واحدة، فينزع ما في القلوب، ويذهب ما في المصاحف، ويصبح الناس منه فقراء. ثم قرأ {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك}. الإسراء: 86 (أخرجه الدارمي في سننه (2/ 530)، وابن أبي شيبة في مصنفه (7/ 192) وعبد الرزاق في مصنفه (3/ 362).