وقوله صلى الله عليه وسلم:«عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره وقوله صلى الله عليه وسلم:«عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، ينظر إليكم أزلين قنطين، فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب». حديث حسن (ذكره بهذا اللفظ: (عجب ربنا) ابن كثير في تفسيره (6/ 324)، وفي البداية والنهاية (14/ 24)، والذي عند أحمد (16288)، (4/ 11)، وابن ماجه (181)، (1/ 64) بلفظ: (ضحك ربنا). في هذه الأحاديث إثبات الفرح، والضحك، والعجب لله تعالى وجميعها من الصفات الاختيارية الفعلية. أما إثبات صفة الفرح لله فقد جاء في الحديث الأول: «وهذا الحديث مستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من غير وجه من حديث ابن مسعود، وأبي هريرة، وأنس، وغيرهم» (درء تعارض العقل والنقل (2/ 126)، وينظر: منهاج السنة النبوية (3/ 162، 183). فقد ذكر الشبه والجواب عليها). وقد «جاء أيضا وصفه تعالى بأنه يسر في الأثر والكتب المتقدمة، وهو مثل لفظ الفرح» (النبوات (ص: 101). وصفة الفرح في الحديث دالة على محبة الله تعالى للتوبة؛ «إذ الفرح إنما يكون بحصول المحبوب» (منهاج السنة النبوية (5/ 323). وأما الضحك فكثير في الأحاديث، بل أحاديثه «متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم» (التسعينية (3/ 915)، وينظر: درء تعارض العقل والنقل (2/ 126 – 130)، ولا يلزم من إثباته لله تعالى نقص بحال؛ فإن «الضحك في موضعه المناسب له صفة مدح وكمال» (مجموع الفتاوى (6/ 121)، «ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ينظر إليكم الرب قنطين، فيظل يضحك، يعلم أن فرجكم قريب)، فقال أبو رزين العقيلي: يا رسول الله، أويضحك الرب؟ قال: (نعم)، قال: لن نعدم من رب يضحك خيرا (تقدم تخريجه قريبا). فجعل الأعرابي العاقل بصحة فطرته ضحكه دليلا على إحسانه وإنعامه، فدل على أن هذا الوصف مقرون بالإحسان المحمود، وأنه من صفات الكمال» (مجموع الفتاوى (6/ 121). وأما التعجب فقد جاء في القرآن الكريم، «قال تعالى: {بل عجبت ويسخرون} الصافات: 12 على قراءة الضم» (المصدر السابق (6/ 123)، وقراءة الضم: {عجبت} متواترة، قرأ بها حمزة والكسائي وخلف العاشر)، وقد جاء في أحاديث عديدة (انظر: المصدر السابق (6/ 124)، ولا يلزم من إثباته أي لازم باطل، فالعجب الموصوف به الله تعالى ليس مقرونا بجهل، «بل يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيما له، والله تعالى يعظم ما هو عظيم؛ إما لعظمة سببه، أو لعظمته» (المصدر السابق (6/ 123). وأما قوله في حديث التعجب: «وقرب غيره»، فالمراد «قرب تغيره من الجدب إلى الخصب» (درء تعارض العقل والنقل (4/ 74). والتعجب تختلف دلالته بين الرضا والغضب حسب سياقه، ذلك أنه «كما يدل على محبة الله لفعل؛ نحو: عجب ربك من شاب ليست له صبوة، ويعجب ربك من رجل ثار من فراشه ووطائه إلى الصلاة، ونحو ذلك، وقد يدل على بعض الفعل نحو قوله: وإن تعجب فعجب قولهم الرعد: 5، وقوله: {بل عجبت ويسخرون ... الصافات: 12، كيف تكفرون بالله ... البقرة: 28، وقوله: وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله ... آل عمران: 101. وقد يدل على امتناع الحكم وعدم حسنه نحو: كيف يكون للمشركين عهد التوبة: 7، وقد يدل على حسن المنع منه، وأنه لا يليق به فعله، نحو: كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم آل عمران: 86» (بدائع الفوائد (4/ 8). ولم يثبت أهل الكلام هذه الصفات جميعا، معتمدين في ذلك على عقولهم التي سكنتها أوهام كاذبة، وظنون فاسدة (مجموع الفتاوى (5/ 170)، فنفوا عن الله الصفات الاختيارية؛ لأنها حادثة تستلزم الحدوث، وهذا ممتنع في صفات الله، فصفاته كلها قديمة، وكذلك لتوهمهم أن إثبات هذه الصفات يستلزم النقص (انظر: بيان تلبيس الجهمية (3/ 188 – 192) مخطوط، مجموع الفتاوى (6/ 121 – 123)، منهاج السنة النبوية (5/ 321)، فقالوا في نفي الضحك عن الله: بأن «الضحك خفة روح تكون لتجدد ما يسر واندفاع ما يضر» (مجموع الفتاوى (6/ 69). وقالوا في نفي العجب: بأنه استعظام للتعجب منه (مجموع الفتاوى (6/ 69).