وقوله: {بسم الله الرحمن الرحيم}
وقوله: {وسعت كل شيء رحمة وعلما} غافر: 7.
وقوله: {وكان بالمؤمنين رحيما} الأحزاب: 43.
وقوله: {ورحمتي وسعت كل شيء} الأعراف: 156.
وقوله: {كتب ربكم على نفسه الرحمة} الأنعام: 54.
وقوله: {وهو الغفور الرحيم} يونس: 107.
وقوله: {فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين} يوسف: 64.
في هذه الآيات الشريفة إثبات رحمة الله تعالى وأنه الرحمن الرحيم «الذي يرحم العباد بمشيئته وقدرته» (جامع الرسائل والمسائل (2/ 59)، وهذا أمر بين واضح اتفق عليه السلف والأئمة (انظر: مجموع الفتاوى (8/ 466)، وجرى عليه أهل السنة والجماعة (انظر: المصدر السابق (16/ 209، 296).
ورحمة الله سبحانه «اسم جامع لكل خير» (المصدر السابق (10/ 62)، وله فيها الكمال المطلق، وقد جاء بصيغة التفضيل؛ فالله «هو أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، وأعلم العالمين، فهو أكبر في كل صفة من صفاته كما هو أكبر في جميع صفاته وذاته وأفعاله» (الصواعق المرسلة (4/ 1447).
وقد ضل في هذه الصفة «أهل البدع والضلالة من الجهمية ونحوهم» (مجموع الفتاوى (16/ 209)، «فهم يجحدون حقيقة كونه الرحمن أو أنه يرحم» (مجموع الفتاوى (16/ 210)؛ «لأن الرحمة رقة تكون في الراحم، وهي ضعف وخور في الطبيعة وتألم على المرحوم، وهو نقص» (مجموع الفتاوى (6/ 69)، فالرحمة «رقة تلحق المخلوق» (العقيدة الأصفهانية (ص: 26). ثم إنهم فسروا الرحمة «بالإرادة القديمة أو صفة أخرى قديمة» (جامع الرسائل والمسائل (2/ 59)، وينظر: مناقشة الشيخ لشبهتهم، مجموع الفتاوى (6/ 117 - 118)، وبيان تلبيس الجهمية (1/ 189)، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه، فأنكروا هذه الصفة العظيمة من صفات الله تعالى.
وأما الفرق بين هذين الاسمين الكريمين: {الرحمن الرحيم}، فهو «أن الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه، وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله: {وكان بالمؤمنين رحيما} الأحزاب: 43، وقوله: {إنه بهم رءوف رحيم} التوبة: 117، ولم يجئ قط: رحمان بهم. فعلم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة، والرحيم هو الراحم برحمته» (بدائع الفوائد (1/ 23 - 24)، فإن «اسم الصفة يقع تارة على الصفة التي هي مسمى المصدر، ويقع تارة على متعلقها الذي هو مسمى المفعول؛ كلفظ الخلق» (مجموع الفتاوى (8/ 127)، و"الرحمة، والأمر، والقدرة، ونحو ذلك من ألفاظ الصفات التي يسمونها في اصطلاح النحاة مصادر، ومن لغة العرب أن لفظ المصدر يعبر به عن المفعول كثيرا؛ كما يقولون: درهم ضرب الأمير، ومنه قوله تعالى: {هذا خلق الله} لقمان: 11، أي: مخلوقه؛ كذلك لفظ الرحمة يراد بها صفة الله التي يدل عليها اسمه: الرحمن، الرحيم ... ويراد بها ما يرحم به عباده" (درء تعارض العقل والنقل (7/ 260 - 261)
، «وفائدة الجمع بين الصفتين: الرحمن والرحيم، الإنباء عن رحمة عاجلة وآجلة، وخاصة وعامة» (بدائع الفوائد (1/ 28)