قوله :{وسع كرسيه السموات والأرض ولا يئوده حفظهما}
في هذه الآية الكريمة إثبات سعة الكرسي. و «الكرسي ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع جمهور السلف» (مجموع الفتاوى (6/ 584).
و «قد نقل عن بعضهم: أن كرسيه علمه، وهو قول ضعيف، فإن علم الله وسع كل شيء، كما قال: {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما} غافر: 7، والله يعلم نفسه ويعلم ما كان، وما لم يكن، فلو قيل: وسع علمه السماوات والأرض، لم يكن هذا المعنى مناسبا، لا سيما وقد قال: {ولا يئوده حفظهما} البقرة: 255 أي: لا يثقله، ولا يكرثه، وهذا يناسب القدرة لا العلم، والآثار الماثورة تقتضي ذلك» (المصدر السابق.).
و «قد قال بعضهم: إن الكرسي هو العرش، لكن الأكثرون على أنهما شيئان» (المصدر السابق.)، فعن «ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: إن الكرسي الذي وسع السماوات والأرض لموضع القدمين، ولا يعلم قدر العرش إلا الذي خلقه» (المصدر السابق (5/ 55) نقله – رحمه الله – في الفتوى الحموية من كلام ابن زمنين في باب الإيمان بالكرسي. قال الحافظ في الفتح (8/ 199): روى ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس: أن الكرسي موضع القدمين. وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن أبي موسى مثله. وقد رواه عبد الله بن أحمد، عن أبي موسى من طريق عمارة بن عمير، وهو لم يدرك أبا موسى؛ فهو منقطع.).
وفي هذه الآية الكريمة «إثبات عظيم قدرة الرب – جل وعلا – حيث ذكر سعة كرسيه السماوات والأرض، وأنه سبحانه {ولا يئوده حفظهما} البقرة: 255، أي: لا يكرثه ولا يثقل عليه» (الجواب الصحيح (3/ 211)، وينظر: الصفدية (2/ 65) كما تقدم، «وهذا النفي تضمن كمال قدرته؛ فإنه مع حفظه للسماوات والأرض لا يثقل ذلك عليه كما يثقل على من في قوته ضعف» (مجموع الفتاوى (17/ 110).