قوله :"فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه".
طريقة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة سالمة من نفي ما وصف الله به نفسه في كتابه، أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه «لا يجوز النفي إلا بدليل كالإثبات» (بيان تلبيس الجهمية (1/ 79)، «هذا هو الصواب عند السلف والأئمة وجماهير المسلمين» (المصدر السابق.). وقد اتفق سلف الأمة على ذم من نفى بلا دليل (انظر: المصدر السابق (1/ 444). «فكيف ينفى بلا دليل ما دل عليه دليل؛ إما قطعي، وإما ظاهري» (المصدر السابق (1/ 79)؛ «فإن الله تعالى أخبر عن صفاته وأسمائه بما لا يكاد يعد من آياته» (درء تعارض العقل والنقل (5/ 32)، والمراد بقوله: ((يعد) يحصى.)، ثم إن النفي «لا يؤمن معه إزالة ما وجب له سبحانه» (بيان تلبيس الجهمية (1/ 79) من صفات الجلال ونعوت الكمال، كما أن «النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء، هو - كما قيل - ليس بشيء، فضلا عن أن يكون مدحا أو كمالا» (مجموع الفتاوى (3/ 35)، «وإنما يكون كمالا إذا تضمن أمرا ثبوتيا، كقوله: {لا تاخذه سنة ولا نوم} البقرة: 255» (الصفدية (1/ 121)، وينظر: مجموع الفتاوى (3/ 35–37)، درء تعارض العقل والنقل (6/ 176–177)، فإن «نفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيام، فهو مبين لكمال أنه الحي القيوم» (مجموع الفتاوى (3/ 36). فما جاء من وصفه سبحانه بالنفي «فالمقصود إثبات الكمال» (الجواب الصحيح (3/ 211). «فالواجب أن ينظر في هذا الباب؛ فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي؛ فنثبت ما أثبتته النصوص من الألفاظ والمعاني، وننفي ما نفته النصوص من الألفاظ والمعاني» (منهاج السنة النبوية (2/ 554)، وينظر: بيان تلبيس الجهمية (1/ 444). فإن الخروج في هذا الباب عما جاء به الوحي جهل وضلال، وقد روي عن الحسن البصري أنه قال: لقد تكلم مطرف على هذه الأعواد بكلام ما قيل قبله، ولا يقال بعده، قالوا: وما هو يا أبا سعيد؟ قال: قال: الحمد لله الذي من الإيمان به الجهل بغير ما وصف به نفسه (ذم التأويل (24)، ومجموع الفتاوى (4/ 6).