إِنَّ الحَمْدَ للهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعيِنُهُ وَنَسْتغْفِرُهُ, وَنَعوُذُ بِاللهِ مِنْ شُروُرِ أَنْفُسِنا, وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضَلَّ لَهُ -الَّلهُمَّ اهْدِنا فِيمَنْ هَدَيْتَ-، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، نَعوُذُ بِعِزَّتِكَ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتِ أَنْ تُضِلَّنا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسوُلُهُ, صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنِ, أَمَّابَعْدُ:
فَاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ حَقَّ تَقْواهُ, وَاجْتَهِدوُا فيِما يُقَرِّبُكُمْ إِلَيْهِ، وَاحْذَروُا مِنْ كُلِّ ما يُباعِدُكُمْ مِنْهُ؛ فَكُلُّ السَّعادَةِ وَالهَنا وَالبَهْجَةِ وَالسُّروُرِ وَالطَّيِّبِ وَالانْشِراحِ في القُرْبِ مِنَ اللهِ جَلَّ في عُلاهُ، وَكُلُّ شَقاءٍ وَوَباءٍ وَضُرٍّ وَبَلاءٍ وَتَعاسَةٍ وَسوُءِ حالٍ في بُعْدِكَ عَنِ الله عَزَّوَجَلَّ.
عِبادَ اللهِ, إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ ما يُفْسِدُ المعاشَ وَيُبْطِلُ طِيِبَ العَيْشِ وَيُذْهِبُ بَهجَةَ الدُّنْيا: ما يَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ مِنَ الظُّلْمِ، "فَالظُّلْمُ ظُلُماتٌ يَوْمَ القِيامَةِ:، هَكَذا قالَ رَسوُلُ اللهِ -صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخرجه: البخاري حديث(2447),ومسلم حديث(2579)مِنْ حَديِثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
الظُّلْمُ وَحْشَةٌ، الظُّلْمُ شَقاءٌ، الظُّلْمُ لا يَحْصُلُ بِهِ سَعادَةٌ لِلإِنْسانِ مَهْما بَدا لهُ أَنَّهُ بِظُلْمِهِ سَيُدْرِكُ مَصالحَ أَوْ يَنْجوُ مِنْ مَهالِكَ وَمَعاطِبَ.
عِبادَ اللهِ, أَمَرَكُمُ اللهُ تَعالَىَ بِالعَدْلِ في كُلِّ شَيْءٍ وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ الظُّلْمَ في كُلِّ أَمْرٍ، «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا»مسلم(2577) يَشْمَلُ الدَّقيِقِ وَالجَليِلِ وَالصَّغِيِرِ وَالَكَبيِرِ في مُعامَلَتِكَ لِنَفْسِكَ وَفي مُعامَلَتِكَ لِزَوْجِكَ وَأَهْلِكَ وَوَلَدِكَ وَوَالِدَيْكَ وَأَرْحامِكَ وَجيِرانِكَ وَسائِرِ مَنْ تَتَعامَلُ مَعَهُمْ مِنَ النَّاسِ، كُلُّ ذَلِكَ يَنْبَغِيِ أَنْ يَتَجَنَّبَ الِإنْسانُ فيِهِ الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَوْمَ القِيامَةِ، وَهُوَ ظُلْمةٌ في الدُّنْيا لا يَهْنأُ بِهْ الإِنْسانُ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّ مِنْ أَكْثَرِ صُوُرِ الظُّلْمِ فُشُوًّا بَيْنَ النَّاسِ: التَّظالمُ في الأَمْوالِ، وَلِذَلِكَ قالَ اللهُ تَعالَىَ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾النساء:29.
عِبادَ اللهِ, إِنَّ مِنْ صُوُرِ الظُّلمِ وَأَكْلِ المالِ بِالباطِلِ ما يَقَعُ بَيْنَ الأَفْرادِ وَالشَّركاتِ مِنْ تَسَتُّرٍ تُجارِيٍّ يَتحايَلوُنَ بِهِ عَلَىَ الأَنْظِمَةِ المنَظَّمَةِ لِلتِّجارَةِ أَوْ العَمِلِ بِطُرُقٍ شَتَّى، يَكوُنُ ذَلِكَ الظُّلْمُ بمقابِلٍ ماليٍّ إِمَّا بِنِسْبَةٍ مِنَ الأَرْباحِ أَوْ بِأُجْرَةٍ مَقْطوُعَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْها.
وَكُلُّ ذَلِكَ مُنْدَرِجٌ في سُؤالِ النَّبِيِّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«بم يأخذُ أحدُكُم مال أخيه بغير حق»أخرجه البخاري حديث(2198), ومسلم حديث(1554) ، فَبِأَيِّ حَقٍّ تَأْكُلُ هَذِهِ الأَمْوالَ النَّاتِجَةَ عَنْ ظُلْمٍ لِلفَرْدِ وَالمْجْتَمَعِ.
التَّسَتُّرِ التِّجارِيِّ ـ أَيُّها المؤْمِنوُنَ ـ بِكُلِّ صُوُرِهِ الَّتيِ تخُالِفُ أَنْظِمَةَ التِّجارةِ وَالعَمَلِ مَعْصِيَةٌ للهِ؛ إِذْ هُوَ مَعْصِيِةٌ لِوُلاةِ الأَمْرِ الَّذيِنَ أَمَرَ اللهُ تَعالَىَ بِطاعتَهِمْ في قولِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾النساء:59، وقال صلى الله وعليه وسلم«عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ ، فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ ، إِلا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ ، فَمَنْ أَمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ عَلَيْهِ وَلا طَاعَةً».أخرجه: البخاري (2955) و (7144)، ومسلم (1839)
لا شَكَّ وَلا رَيْبَ أَنَّ ممَّا تَواطَأَتْ عَلَيْهِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾النساء:59، وقال صلى الله وعليه وسلم«عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ ، فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ ، إِلا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ ، فَمَنْ أَمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ عَلَيْهِ وَلا طَاعَةً».أخرجه: البخاري (2955) و (7144)، ومسلم (1839) كَلِماتُ أَهْلِ العِلْمِ قَديمًا وَحَديِثًا أَنَّ ممَّا تَجِبُ فيِهِ طاعةُ وُلاةِ الأَمْرِ ما يُنَظِّموُنَهُ مِنْ تَنْظيماتٍ لِضَبْطِ مَصالحِ الرَّعِيَّةِ وَأُموُرِهِمْ وَحِفْظِ أَمْنِهِمْ ممَّا لا يُخالِفُ شَرْعًا مُطَهِّرًا، وَلا يَخْرجُ إِلَىَ مَعْصِيَةِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّماواتِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, مَفاسِدُ التَّسَتُّرِ التِّجارِيِّ بِكُلِّ صُوُرِهِ كَثيرةٌ؛ فَهُوَ بَوَّابَةٌ لِكَثيِرٍ مِنَ الشُّروُرِ مِنَ العَبَثِ وَالغَشِّ وَالتَّلاعُبِ وَالفَوْضَىَ مِنْ خِلالِ مُزاوَلَةِ أَنْشِطَةٍ تِجارِيَّةٍ أَوْ زِراعِيَّةٍ أَوْ صِناعِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَوْجُهِ التَكَسُّبِ تَنْدَرِجُ في كَوْنِها مُخالفِةً لِلأَنْظمَةِ المرعِيَّةِ وهي قائمةٌ عَلَىَ الغِشِّ التُّجارِيِّ وَمُزاحَمَةِ أَصْحابِ الأَعْمالِ النِّظامِيَيْنِ مِنَ المواطِنيِنَ أَوْ الوافِديِنَ.كُلُّ ذَلِكَ يُفْضِيِ إِلَىَ أَلْوانِ مِنَ اخْتِلالٍ في تِجاراتِ النَّاسِ وَأَعْمالهِمْ وَإِضْرارًا للمَرافِقِ العامَّةِ وَظُلْمٍ لِأَصْحابِ الصَّنائِعِ وَالأَعْمالِ النَّظامِيَّةِ وَهُوَ بِيِئَةٌ خَصْبَةٌ لِلفَسادِ وَالجَريِمَةِ والمُخَدِّراتِ وَانْتِشارِ الأَوْبِئَةِ وَالأَمْراضِ وَالمفاسِدِ، فَالعِمالةُ السَّائِبَةُ بِيِئَةٌ لِكُلِّ ذَلِكَ؛ بِحُكْمِ تَسَيُّبِهِمْ وَعَدَمِ انْتِظامِهِمْ لِلأَنْظِمَةِ الَّتي تُراعِيِ مَصالحَ النَّاسِ وَتَحْفَظُ حُقوُقَ الجَميِعِ، حُقوُقَ العاملِ وَربَّ العَمَلِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, اتَّقوُا اللهَ تعَالَىَ, وَطِيبُوُا مَكَاسِبَكُمْ, وَاحْرِصوُا عَلَىَ ما فِيِهِ خَيرْكُمْ في ديِنِكُمْ وِدُنْياكُمْ, وَلا يَكُنْ أَحَدُكُمْ ضَيِّقَ النَّظَرِ لا يَنْظُرُ إِلَّا لمصْلَحَتِهِ وَلا يُبالِيِ بما يَتَرَتَّبُ عَلَىَ إِدْراكِ ما يَشْتَهيِ مِنْ مفاسِدَ تَطالُ الفَرْدَ والمْجْتَمَعَ.
الَّلهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، أَغْنِنا بِحلالِكَ عَنْ حَرامِكَ، خُذْ بِنواصيِنا إِلَىَ ما تحُبِ ُّوتَرْضَىَ، أَقوُلُ هذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظيمَ لِي وَلَكُمْ فاسْتَغْفِروُهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفوُرُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ حَمْدَ الشَّاكرِيِنَ، لَهُ الحَمْدُ في الأوُلَىَ وَالآخِرَةْ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعوُنَ وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ، إِلَهُ الأَوَّليِنَ وَالآخِريَنَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرسوُلُهُ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنِ, أِمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ فَإِنَّ أَصْدَقَ الحديِثِ كِتابُ اللهِ وَخَيْرُ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الأموُرِ مُحْدَثاتُها وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالةٌ فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، وَالْزموُا هَدْيَ سَيِّدِالأَنامِ في السِّرِّ وَالإِعْلانِ وَاحْرِصوُا عَلَىَ كَثْرَةِ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ فَما أَكْثَرَ الخَطَأَ وَما أَكْبَرَ الذَّلَلَ، رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسِنا وَإِنْ لمْ تَغْفِرْ لِنا وِتِرْحَمْنا لَنَكوُنَنَّ مِنْ الخاسِريِنَ، لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنَّا كُنَّا مِنْ الظالمينَ.
عِبادَ اللهِ, مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، فَما اكْتُسِبَتِ الأَرْزاقُ بِأَطْيِبَ وَأَوْثَقَ مِنْ تَقْوَىَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فاتَّقوُا اللهَ وَتَقْواهُ تَقْتَضِيِ أَنْ يَطْلُبَ الإِنْسانُ الكَسْبَ مِنْ طَريِقٍ حَلالٍ، فَاحْذَروُا كُلَّ كَسْبٍ حَرامٍ؛ لِأَنَّهُ شُؤْمٌ وَبَلاءٌ عَلَىَ صَاحِبِهِ يَعوُدُ عَلَيْهِ بِالبَوارِ وَالهَلاكِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ البقرة:276، وَهَذا نَصٌ في الرِّبا وَفيِ كُلِّ مالٍ مُحَرَّمٍ يُكْتَسَبُ بِطريِقٍ غَيْرِ مَشْروُعٍ.
عِبادَ اللهِ, اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ, وَاحْذَروُا كَسْبًا لا تَعْرِفوُنَ حِلَّهُ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِيِ عَلَىَ النَّاسِ زَمانٌ لا يُبالِيِ المرْءُ بما أَخَذَ مِنَ المالِ أَمِنَ حَلالٍ أَمْ مِنْ حَرامٍ هَكَذا قالَ النَّبِيُّ- صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُخْبِرًا عَمَّا يكوُنُ عَلَيْهِ حَالُ النَّاسِ في زَمانٍ مِنَ الأَزْمانِ، «لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ»أخرجه البخاري حديث(2537) .
فَاتَّقوُا اللهَ وَطَيِّبوُا مَكاسِبَكُمْ، طيِبُ مَكاسِبِكُمْ تَطيِبُ بِهِ أَحْوالِكُمْ، تَطيِبُ بِهِ قُلوُبُكْمْ، تَصْلُحُ بِهِ أَعْمالُكْمْ، يَزْكوُ بِهِ حَالُكْمْ، يَطِيِبُ بِهِ ما يِكوُنُ مِنْ ذُرِّيَّاتِكُمْ وَنَسْلِكُمْ تَروُنَ فَي أَنْفُسِكُمْ بَركَةً وَخَيْرًا، فَاللهُ تَعالَىَ يُبارِكُ في القَليِلِ وَيُعْطِيِ عَلَيْهِ الأَجْرَ الجَزيلَ، فَإِذا كَثُرَ ذَلِكَ مِنْ حرامٍ كانَ مَحْقًا وَوَبالاً عَلَىَ صاحِبِهِ.
فَاتَّقوُا اللهَ أَيُّها المؤْمِنوُنَ, احْذَروُا كُلَّ كَسْبٍ مُحَرَّمٍ وَإِيَّاكُمْ وَمُخالَفَةِ ما يَكوُنُ مِنْ أَنْظِمَةٍ تَحْفَظُ حُقوُقَ النَّاسِ وَتُصْلِحُ شؤوُنَهُمْ، فَالتَّسَتُّرُ التُّجارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ المخالَفاتِ هُوَ ممَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دُخوُلُ المكاسِبِ في حَيِّزِ الحرامِ وَفي الظُّلْمِ الَّذيِ حَذَّرَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعْطوُا الأُجَراءَ وَالعُمَّالَ حُقوُقَهُمْ وَأَوْفوُهُمْ مَالهَمْ وَاتَّقوُا اللهَ؛ "فالظُّلْمُ ظُلماتٌ يَوْمَ القِيامَةِ" هَكَذا قالَ النَّبِيُّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخرجه البخاري حديث(2447), ومسلم حديث(2579)مِنْ حَديِثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.وَقَدْ قالَ النَّبِيُّ -صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ اللهُ تَعالَىَ في الحديثِ القُدُسِيِّ الإِلَهِيِّ يَقوُلُ اللهُ: «ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ» أَيْ التَزَمَ وَعاهَدَ بِاللهِ في أَمْرٍ مِنَ الأُموُرثُِمَّ غَدَرَ، «وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا» عاملاً،«فَاسْتَوْفَى مِنْهُ» أَيْ قُبِضَ مِنْهُ العَمَلُ الذي وأجره عليه، «وَلَمْ يُعْطِه أَجْرَهُ» أخرجه: البخاري حديث(2227) . فاتَّقوُا اللهَ وَأَوْفوُا الأُجراءَ وَأَحْسِنوُا إِلَيْهِمْ ما اسْتَطَعْتُمْ وَالْتَزِموُا ما سَنَّهُ وُلاةُ الأَمْرِ مِنَ الأَنْظِمَةِ في ذَلِكَ فَإِنَّهُ ضَمانَةٌ لحِقُوُقِكُمْ وَحُقوُقِ العامِلَةِ لَدَيْكُمْ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (3)﴾ الطلاق:2-3. الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا, وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أَموُرنِا, واجْعَلْنا وِلايَتَنا فيِمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالمينَ، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَليَّ أَمْرِنا الملِكَ سَلْمانَ وَوَليَّ عَهْدِهِ إِلَىَ ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، خُذْ بِنواصِيِهِمْ إِلَىَ البِرِّ وَالتَّقْوَىَ، اللَّهُمَّ سَدِّدْهُمْ في الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ، الَّلهُمَّ اجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطانًا نَصيِرًا، الَّلهُمَّ انْصُرْ بِهِمُ الحَقَّ واجْمَعْ بهمْ كَلِمَةَ الإِسْلامِ وَأَهْلَهُ وَادْفَعْ بِهِمْ عَنِ المسْلِمينَ كُلَّ شَرِّ يَا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حِسِنِةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ، الَّلهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلِإخْوانِنا الَّذينَ سَبقوُنا بِالإيمانِ، وَلا تَجْعَلْ في قُلوُبِنا غِلاَّ لِلَّذيِنَ آمنوُا رَبَّنا إِنَّكَ رؤوُفٌ رَحيِمٌ، اللَّهُمَّ طَيِّبْ مكاسِبَنا، الَّلهُمَّ طَيِّبْ مَكاسِبَنا، الَّلهُمَّ أَغْنِنا بحلالِكَ عَنْ حرَامِكَ وبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِواكَ، الَّلهُمَّ إِناَّ نَعوُذُ بِكَ مِنْ كُلِّ ذِي شَرِّ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ، رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لمْ تَغْفِرْ لمْ وَتْرحَمْنا لَنَكوُنَنَّ مِنَ الخاسِرينَ، الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَىَ إِبْراهيمَ وَعَلَىَ آلِ إِبْراهيِمَ إِنَّكَ حميدٌ مجيدٌ.