×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (150) حول استثمار الوقت

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1522

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير، نحييكم تحيةً طيبةً عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، في برنامج "الدين والحياة"، والذي نستمر معكم فيه على مدى ساعة كاملة بمشيئة الله تعالى، والذي نَشرُف فيه وإياكم بضيف حلقات هذا البرنامج الشيخ الدكتور/ خالد المصلح، أستاذ الفقه بجامعة القصيم.

فضيلة الشيخ خالد، أهلًا وسهلًا، وحياك الله معنا في هذه الحلقة.

الشيخ: مرحبًا بكم، حياك الله، أهلًا وسهلًا بك، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد.

المقدم: مستمعينا الكرام في برنامج "الدين والحياة"، نناقش موضوعات تهمُّ المسلم في أمور دينه ودنياه، ويسعد بها في دنياه وآخرته.

 بمشيئة الله تعالى سيكون موضوع حلقة اليوم مع ضيفنا الكريم هو موضوع "الوقت وأهميته وعناية ديننا الإسلامي به".

فضيلة الشيخ؛ بمشيئة الله تعالى سيكون حديثنا في هذه الحلقة حول الوقت وأهميته وكيف اعتنى ديننا الإسلامي بالوقت وأولى له عنايةً كبيرةً، خاصة ونحن في مثل هذه الأوقات التي تكون في بداية الإجازة الصيفية للطلاب.

 نريد أن نتحدث ابتداءً فضيلة الشيخ عن الوقت وأهميته، وكيف نظر ديننا الإسلامي للوقت، وكيف أولى له عنايةً كبيرةً؟

الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحيةً طيبةً لك أخي وائل وللإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، وأسأل الله تعالى أن يعمر أوقاتنا بكل خير، وأن يصرف عنا وعنكم كل شر.

موضوع الوقت حقيقة هو من الموضوعات ذات الاهتمام البشري العام، وكل الناس يعتنون بأوقاتهم من جهة بيان أهميتها؛ لأن الوقت هو الحياة، وبالتالي يشترك الناس جميعًا في إدراك أهمية الوقت، لكن يختلفون في استثمار أوقاتهم ومعرفة قيمة الوقت؛ فمِن الناس من وقته قيمته فيما يجنيه من مكاسب مادية، ومنهم من قيمة وقته فيما يحصِّله من مكتسبات وظيفية، ومنهم من قيمة وقته في جوانب أخرى من جوانب الحياة والمصالح المعيشية.

وكل هذا مما يُستثمر به الوقت وينتفع به، إلا أن الشريعة الإسلامية جاءت بإبراز أهمية الوقت من جهة بيان حقيقة الدنيا، وأن الدنيا مرحلة من مراحل المسيرة البشرية الإنسانية، وليست هي نهاية المطاف، وبالتالي لما كانت هذه النظرة هي حقيقة ما يُنظر فيه إلى الوقت في ميزان الشريعة؛ كانت الشريعة نادبةً إلى استثمار الوقت والعناية به في جانبين:

 في جانب إصلاح المعاد وهو الأصل، إصلاح الآخرة وهو الأصل، وإصلاح الدنيا؛ لأنها مزرعة الآخرة، قال الله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَالقصص: 77  ﴿آتَاكَ اللَّهُ﴾ أي: أعطاك من صحة، من فراغ، من مال، من جاه، من قوة، من مكانة، من كلِّ ما تفضل به عليك من النعم؛ ابتغِ به الدار الآخرة؛ يعني سخِّرْه واجعله وسيلةً لإدراك الآخرة والفوز بها، ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَاالقصص: 77 ، فلا يكن اشتغالك بطلب الآخرة هادمًا لدنياك ولا معطلًا لمعاشك؛ إذ المعاش والدنيا هي مزرعة الآخرة، فلا صلاح للآخرة دون صلاح الدنيا، كما لا صلاح للدنيا دون صلاح الآخرة.

ولهذا يظهر ميزان الشريعة في التنبيه إلى أهمية الوقت؛ بكون هذه الشريعة المباركة ربطت النجاة والفوز بالاستثمار الأمثل للحياة بما ينفع الإنسان في آخرته ومعاشه؛ قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَالأنعام: 162- 163  وهذه إشارة إلى أن جميع الحياة بكل تصاريفها بل حتى النهاية ينبغي أن تكون لله؛ يعني على وفق ما أمر، وعلى وفق ما يحب، وعلى نحو ما يحصل به سعادة الإنسان بقربه من الملك الديان - سبحانه وبحمده-.

يُظهر مكانةَ الوقت وشرف الزمان في هذه الشريعة المباركة أن الله تعالى ربط بها أركان الإسلام؛ فكل أركان الإسلام ترتبط بالوقت:

الصلاة: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًاالنساء: 103 .

الزكاة: يشترط فيها مرور الحول أو حصول الحصاد؛ ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهالأنعام: 141  في الحبوب والثمار.

الصوم: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُالبقرة: 185 .

الحج: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُالبقرة: 197  ثم قال: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىالبقرة: 197 .

فهذه الأصول والأركان العظمى للشريعة الإسلامية والدعائم التي بُني عليها هذا الدين؛ جميعها مرتبط بالوقت، فكلها مما يعمر به وقت الإنسان، إما في اليوم وإما في الحول، وإما في الفترات التي قدَّر الله تعالى فيها عمارة هذه الأوقات بطاعة الله - عز وجل - كالزكاة فيما يتعلق بالحبوب والثمار.

إذا كان كذلك فنظرة عجلى لنصوص القرآن يتبين بها منزلة الوقت، وأن استثمار الوقت هو طريق النجاة والنجاح.

مما يبرز أهمية الوقت أن الإنسان إذا انقضى أجله لا يندم على شيء كندمه على عدم استغلال وقته واستثماره فيما يعمر آخرته ويصلح معاده؛ قال الله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُالمنافقون: 10  والموت هو نهاية الزمان، نهاية الوقت، انتهاء الاختبار في هذه الدنيا ﴿فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَالمنافقون: 10- 11 .

فهؤلاء لم يتمنوا شيئًا من نِعم الدنيا إلا شيئًا واحدًا؛ لأنه أصل كل صلاح وفلاح في الدنيا والآخرة وهو السعة في الوقت، ﴿فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍالمنافقون: 10  الأجل هو الوقت يعني طلب الفسحة والزيادة في الزمن حتى يعمره بصالح العمل فقال: ﴿لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَالمنافقون: 10 .

 ليت شعري - ليتني أعلم - كيف هي حال أولئك الذين يضيقون بوقتهم ذرعًا حتى يحارون في صرفه؟!! فيبدِّدون ساعات زمانهم ولحظات أعمارهم فيما لا فائدة فيه ولا طائل تحته؛ قال الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِالمؤمنون: 99  الموت هو نهاية الحياة، ﴿ارْجِعُونِ﴾ أي: أمهلني وقتًا وزدني عمرًا، ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَالمؤمنون: 100  إشارة إلى أنه انقضت مرحلة وهي الدنيا، وبقيت مراحل: البرزخ والبعث والنشور، البرزخ هي المرحلة الثانية من المسيرة البشرية الإنسانية، وهي الحياة ما بين انقضاء الدنيا إلى قيام الساعة، ثم بعد ذلك الدار الآخرة وهي يوم القيامة التي يقوم فيها الناس لرب العالمين حفاةً عراةً غرلًا يُجزَوْن على أعمالهم.

ولهذا ينبغي لكل عاقل وكل بصير يريد نجاة نفسه أن يتفكر في هذه اللحظة التي سنمر بها جميعًا وهي لحظة انقضاء الأجل؛ إذا انقضى الأجل لِمَ تطلب الفسحة؟ لأيِّ شيء تتمني الزيادة في عمرك؟ هل لتستكثر من المأكل والمشرب؟ هل لتستكثر من المتع والملذات؟ الجواب: لا، إنما لتحقيق مقصود الحياة وهو عبادة الله - عز وجل -: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُالمؤمنون: 99- 100  والآية الأخرى؛ قال تعالى: ﴿فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَالمنافقون: 10 .

لذلك من المهم أن يدرك الإنسان هذه النصوص التي تبرز أهمية الوقت؛ فالصلاة عبادة مؤقتة حافِظْ عليها، الصوم عبادة مؤقتة حافِظْ عليها، الزكاة عبادة مؤقتة حافِظْ عليها، الحج عبادة مؤقتة أَدِّ حق الله تعالى فيها.

ولعظيم منزلة الوقت لأنه موضع العمل ومكان الإنتاج وتحصيل المكاسب الدينية والدنيوية؛ كان من أجلِّ النعم؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء في البخاري من حديث ابن عباس: «نعمتان مَغْبونٌ فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ»[صحيح البخاري:ح6412] «مغبون فيهما كثير من الناس» أي: غير مستثمر لهما؛ يعني أن هاتين النعمتين يفوِّت مصالحهما كثير من الناس من غير شعور ولا إحساس ولا إدراك؛ الصحة وهي سلامة البدن من الآفات والعيوب والأضرار، والفراغ وهو سعة الوقت الذي يتمكن فيه من الاشتغال بالصالح من العمل، فالإنسان إما أن يكون صحيحًا وليس عنده وقت فهذا محصور بما اشتغل به من شغل، من معاش أو غيره، وإما أن يكون فارغًا لكنه مريض فيكون قد حال بينه وبين عمارة وقته بالمفيد ما نزل به من علَّة ومرض، لكن عندما يجتمع الصحة في البدن والفراغ في الوقت يتم بذلك الإنعام على العبد؛ فإذا اجتمعا وأضاعهما الإنسان كان مغبونًا، وتمام النجاح والفلاح في أن يعمر الإنسان وقته بكل صالح، ويشتغل بكل ما ينفعه في وقته.

ولإبراز أهمية الوقت أن الإنسان في حسابه بين يدي ربه، لن تزول قدماه حتى يسأل عن أربعة أمور: عن عمره فيمَ أفناه، والعمر هو الوقت، فستسأل عن كل لحظة من لحظات عمرك فيمَ صرفته وأفنيته؟ وعن عمله فيمَ فعله؟ وهذا ما يعمر به الوقت؛ أنت مسئول عن الوقت ومسئول بماذا عمرت وقتك، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟ هذا نتاج ما يكون من العمل في الوقت، وهو ثمرة الفراغ الذي شغله الإنسان بالعمل، نتج عنه مال، فيُسأل أين صرف هذا المال وفيم أنفقه، وعن جسمه فيمَ أبلاه؟ لأن الجسم هو الآلة التي يستهلك بها الوقت؛ فإمضاء الوقت يكون على حساب الجسم، فسيسأل الإنسان عن جسده فيمَ أبلاه؛ هكذا ترتبط كلها بالأصل، وهو عن عمره فيمَ أفناه، أي: بالوقت، فالوقت هو محل العمل، الوقت به يثمر الإنسان ما يثمر من نتاج في معاشه، الوقت يمضي به الإنسان ويستثمر طاقاته وجسده، فيُسأل عن هذا كله.

المقدم: اسمح لي فضيلة الشيخ قبل أن ننتقل إلى الفاصل الأول في هذه الحلقة، فقط عودًا على ذي بدء؛ من أهمية الوقت أن الله - تبارك وتعالى وعز وجل - في كتابه الكريم أقسم بالوقت عدة مرات في قوله - تبارك وتعالى -: ﴿وَالْفَجْرِالفجر: 1 ، وأيضًا في قوله: ﴿وَالْعَصْرِالعصر: 1 ، وفي قوله أيضًا: ﴿وَالضُّحَىالضحى: 1 ، وفي قوله أيضًا: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىالليل: 1  كل هذه الآيات تدل على اهتمام ديننا الإسلامي بالوقت، وعظيم شأن هذا الوقت في حياة الإنسان.

الشيخ: هو في الحقيقة؛ القرآن مليء بالإيماءات والإشارات إلى أهمية الوقت، وكما تفضلت كل هذه الإقسامات هي لفت للأنظار إلى ضرورة عمارة هذه الأوقات المختلفة بما ينفع الإنسان، وقد جاء الندب إلى عمارة الوقت بالنافع في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الحاكم وغيره: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك»[مستدرك الحاكم:ح7846، وقال:صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. ووافقه الذهبي].

 الشباب مرحلة عمرية، الصحة نعمة من الله - عز وجل -، الغنى قدرة على العمل؛ فالغني له من الإمكانات للعمل ما ليس لغيره، الفراغ أعظم النعم التي يمنُّ الله تعالى بها على العبد فيعمر وقته بالخير، «وحياتك قبل موتك» أي: مدة معاشك وصلبها الوقت؛ ولذلك جاء في صحيح الإمام البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَعْذَرَ الله إلى امرئ أخَّر أجلَه حتى بلغ ستين سنة»[صحيح البخاري:ح6419] أعذر أي: أتم إقامة الحجة على شخص أمهله هذا الوقت الممتد الطويل، وهو ستون سنة؛ فإنه كافٍ في أن يعمر وقته بالمفيد، وأن يستثمره في الصالح، وأن يستدرك ما يمكن أن يكون من قصور أو تقصير.

ولهذا كان من دلائل التوفيق والخير في الناس أن يطول العمر ويحسن العمل، ومن دلائل الشر في الناس ومسالكهم وأحوالهم أن يطول العمر ويسوء العمل؛ ففي مسند الإمام أحمد من حديث أبي بكرة أن رجلًا قال: يا رسول الله: أي الناس خير؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله»، قال: فأي الناس شر؟ قال: «من طال عمره» هذا وقت وزمن «وساء عمله»[سنن الترمذي:ح2329، وحسنه] فلم يستثمر الوقت والعمر فيما ينفع؛ لهذا الآيات والأحاديث في الكتاب والسنة واضحة جلية في أهمية ووجوب العناية به واستثماره وبذل الجهد في ألا يفوت منه شيء، وإذا فات يُستدرك.

المقدم: فضيلة الشيخ ونحن نتحدث عن أهمية الوقت وعناية ديننا الإسلامي به، إذا بقي شيء من النصوص من الكتاب والسنة لم نذكرها تتحدث عن أهمية الوقت فتفضلوا بها مشكورين؛ لأننا سندلف إلى نقطة أخرى.

الشيخ: أخي الكريم مثل ما ذكرت الإحاطة بالنصوص في الكتاب والسنة من الآيات والأحاديث الشريفة في بيان أهمية الوقت؛ فيها من العسر والصعوبة ما يعذر به من حيث عدم الإحاطة؛ فمجمل النصوص في الكتاب والسنة دالة على أهمية الوقت وضرورة العناية به، وأن الوقت هو مادة الحياة، وأن استثماره مفتاح النجاة، وأن إضاعته طريق الخسار في الدنيا والآخرة؛ ولذلك الأموات لا يتمنون شيئًا أكثر من أن يعودوا إلى الدنيا؛ ليعملوا صالحًا، يعودوا إلى الدنيا لماذا؟ لأن الدنيا محل الوقت الذي يُستثمر بالأعمال الصالحة التي بها النجاة؛ ولذلك قال الله تعالى في محكم كتابه فيما يتعلق بحال من مات: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَالأنعام: 28  هذا بيان لحال الذين قال عنهم تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُواالأنعام: 29  ماذا يتمنون؟ ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّالأنعام: 30  أي: نرجع ونُمنح فرصة من الوقت والزمان ونعمر ذلك بما ينفع ﴿وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَالأنعام: 30  قال الله تعالى في بيان انتهاء المهلة، وأنه لا سبيل إلى العودة، وأنهم غير صادقين فيما ادعوه من الإصلاح لو عادوا: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَالأنعام: 28 ؛ هؤلاء قوم كيف كانت نظرتهم للدنيا؟ ﴿وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَالأنعام: 29  فهؤلاء لم يكن في نظرهم لهذه الدنيا إلا أنها مرحلة يستكثرون فيها بكل ما يشتهون، يبدِّدون الأوقات فيما يضر، ويعطلون الأوقات عما ينفع، ثم بعد ذلك تنقضي الآجال وتنتهي القصة، ليس وراء ذلك حساب ولا عذاب، هؤلاء هم الذين يقولون: ﴿يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَالأنعام: 30  لكن لا سبيل إلى هذا.

كل النصوص في الكتاب والسنة دالَّة على ضرورة العناية بالوقت؛ ولهذا نقول: ليس في شرع ولا في دين ولا في ملة من العناية بالوقت والحث على استثماره وبيان ضرورة عمارته بالنافع المفيد مثل ما جاء في الكتاب والسنة، وأدنى تأمل ونظر في النصوص النبوية وفي الآيات القرآنية يدرك الإنسان عظيم مكانة الزمان في شريعة الإسلام، وأن حياة الإنسان حقيقةً هي أنفاسه التي تتردد، فما الحياة إلا هذا القدر من النفَس الذي إذا انقضى وزال وانتهى انتهت حياة الإنسان.

ولهذا ما أصدق قول الشاعر:

دقـات قلب المرء قائـــــــــــــــــــــلة له *** إنَّ الحياة دقائــــــــــق وثــــــــــــــــــــــــــواني

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها *** فالذكر للإنسان عمر ثاني

ولهذا الشريعة لعظيم أهمية الوقت وضرورة العناية به وأنه مناط الفوز والنجاة في الآخرة إذا استُثمر وانتُفع به - ندبت إلى أن يمد الإنسان عمره بعد موته بآثار مباركة يعود عليه نفعها بعد موته؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان عظيم ما يكون من الخسار بالموت: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله» أي: انتهى وطُوي الكتاب وأصبح رهينًا لما يكون من أعماله التي استثمر بها وقته، لكن من الناس من يفتح عليه فيدوم استثماره للوقت حتى حال موته؛ ولذلك قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له»[صحيح مسلم:ح2682/13] فذكر ثلاثة أعمال تزيد في الأجور والثواب، وتمد في الانتفاع بالوقت حتى بعد انتهاء المهلة بالموت فإنه يمكنه أن يمد في انتفاعه بالزمان حتى وهو في الموت وقد انتهى أجله وانقضت لحظاته؛ ولهذا ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى العمل المتعدي النافع؛ لأنه في كثير من الأحيان من الأعمال الممتدة التي يكون أثرها بعد الموت؛ صدقة جارية هي الصدقات التي يدوم نفعها سواء كانت من الأوقاف أو من غيرها التي يستمر نفعها حتى بعد موت الإنسان، علم ينتفع به يشمل تعليم العلم، يشمل نشر العلم، يشمل تسهيل العلم بكل وسائله وطرقه؛ فإنه مما يجري على الإنسان فيه أجر حتى بعده.

الآن مثلًا نحن نقول على سبيل المثال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو هريرة: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» أجر العمل بهذا الحديث حفظًا وعلمًا يعني رواية ودراية لأبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- الذي نقل لنا هذا الحديث، أبو هريرة قد توفي منذ ألف وأربعمائة سنة أو نحو ذلك، إلا أن أجره وثوابه مستمر بما تركه من علم؛ وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به» وهذا من العلم الذي ينتفع به «وولد صالح يدعو له» وهو ما يكون من دعاء الأولاد بعد موت الإنسان أو الأقارب، ومنه أيضًا دعاء عموم الناس لمن كانت له أيادٍ بيضاء ونفع عام للبشرية، كدعائنا للعلماء والصلحاء والفضلاء ومن كان لهم أثر مبارك في صلاح معاش الناس، كل هذا مما يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أو ولد صالح يدعو له»

وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في بيان فضيلة الاشتغال بالأعمال التي يبقى نفعها بعد موت الإنسان ما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه» يعني من أخذ بقوله؛ يعني إذا دللت على هدى وخير وأخذ من دللته على الهدى والخير بكلامك كان لك من الأجر مثل أجر هذا الذي عمل بما دللت عليه من الخير «لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا» وهذا ليس مقصورًا على زمان؛ أنت على سبيل المثال إذا علمت ابنك الصغير الفاتحة، إذا علمته نافعًا في دينه، عَلَّمْتَه الصلاة، علمته الطهارة، علمته حسن الخلق، علمته أداء الأمانة، علمته الصدق وعدم الكذب، كل صدق في حياة هذا الولد، كل صلاة، كل وضوء، فله منه أجر؛ لأنه من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه؛ يعني من أخذ بتعليمه ومن أخذ بنصحه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا.

كذلك في الضلال والفساد على الإنسان الأوزار، هذا الاستثمار الفاسد للوقت وهو أن تمد شؤم الوقت عليك حتى بعد موتك وذلك بالدعاء إلى الضلالة؛ «من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم يعني الوزر مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا»[صحيح مسلم:ح2674/16]، ولهذا ينبغي للإنسان أن يكون في غاية الحرص على الدلالة على الخير، واحتساب الأجر، والأمر لا يحتاج إلى كبير جهد، «بَلِّغوا عني ولو آية»[صحيح البخاري:ح3461]، «من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله»[صحيح مسلم:ح1893/133] هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم من حديث أبي مسعود رضي الله تعالى عنه، وذلك أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله، فقدت دابتي فاحملني، قال: «ما عندي» قال رجل: يا رسول الله، أنا أدلُّه على من يحمله. يعني أنا أعرِّفه بشخص يعينه على تحصيل مقصوده من دابة يدرك بها مصالح أو يشترك بها في عمل بر وصالح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»[سبق]

المهم أنه ينبغي لنا أن نحرص على أن ندل على كل خير؛ لأن هذا عمر ثانٍ، وأن نبعد عن كل شر، ونحذِّر من كل رذيلة؛ لأن هذا مما يمتد به أجرنا حتى بعد موتنا.

هذه بعض اللمحات المختصرة التي يبرز بها أهمية الوقت في الكتاب والسنة، وقد أدرك ذلك أهل البصيرة والعلم والمعرفة من أهل الإسلام؛ ولذلك كانت كلماتهم واضحةً في ضرورة استثمار الوقت، هذا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: «إني لأكره أن أجد أحدكم سبهللا» يعني فارغًا، ما معنى سبهللا؟ قال: «لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة»[ ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة:ص1/209] أي: أنه قد أضاع وقته لا في عمارة دنياه ولا في عمل الآخرة، «إني لأكره أن أجد أحدكم سبهللا لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة».

وابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- يقول: «ما ندِمتُ على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي»، فلذلك ينبغي للإنسان أن يدرك أهمية الوقت؛ الليل والنهار هما أكبر غنيمة وأعظم رأس مال لكل إنسان، كل حي هذه النعمة في يديه؛ هو إما أن يعمرها بالخير، وإما أن يعمرها بالشر، والليل والنهار ليسا متوقفين بل دائبين؛ ليل يعقبه نهار، ونهار يعقبه ليل، وقد قال الله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًاالفرقان: 61- 62  ﴿خِلْفَةً﴾ ليل يعقبه نهار، ونهار يعقبه ليل.

وقد قال الحسن البصري: «يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك»[أخرجه أبو نعيم في الحلية بسنده إلى الحسن البصري رحمه الله:2/128]الله أكبر، إدراك الإنسان لهذه الحقيقة يحفِّزه مع مجموع النصوص المتقدمة على استثمار وقته وعمارته بالنافع؛ يقول الحسن: «أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيركم»[شرح السنة14/255] لماذا؟ لأن الدراهم والدنانير إذا ذهبت يمكن أن ترجع وتعوَّض، لكن الوقت إذا ذهب لا يمكن أن يعود، هذا الفرق؛ لذلك خسارة الأموال أهون من خسارة الأعمار والأوقات؛ لأن الإنسان إذا خسر وقته لا يمكن أن يستدرك ذلك باسترجاع الوقت، بل الوقت ذهب ولن يعود، لكن الدراهم تذهب ويأتي بدلها، وتمضي ويأتي عوضها، ولذلك خسارة الوقت أكبر خسارة؛ ولهذا لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الغنى والصحة»[سبق] بل ذكر الفراغ وهو عدم الشغل وفسحة الوقت، والصحة، «الصحة والفراغ» فهما عماد كل بناء، وإذا ذهبا لم يتمكن الإنسان من استعادة ذلك؛ ولهذا قالت حفصة بنت سيرين: «يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب»[صفة الصفوة2/241] أي أن العمل الذي يُبنى عليه صلاح الإنسان هو ما كان في شبابه، لا يعني هذا أنه إذا فات الشباب قد فات الإنسان ما يمكن أن يصلح به ما بقي من عمره، لا، مادام الإنسان ذا عين تلحظ وعرق ينبض فالفسحة متاحة والزمن ممكن والاستعتاب والاستدراك متاح، فينبغي أن يستثمر ذلك في كل ما يعود عليه بالخير في دينه ودنياه.

المقدم: فضيلة الشيخ نريد أن نوجه رسالتين

الأولى: للطلاب ومن في حكمهم.

والثانية: للآباء.

لكن دعنا نبدأ برسالة الآباء أولًا، أحد المستمعين الكرام أرسل يريد التوجيه للآباء وماذا يفعلون لأبنائهم وقد انشغلوا بالأجهزة اللوحية والإلكترونية خاصةً مع بداية الإجازة الصيفية، يريد التوجيه في هذا، وكيف يفيد أبناءه بما يعود عليهم بالنفع والفائدة في أمور دينهم ودنياهم؟ 

الشيخ: محور التأثير على الآخرين في عموم الأحوال: أن يكون الإنسان قدوة في نفسه؛ ولذلك قال الله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَالبقرة: 44  فامتثال الإنسان للفضائل في نفسه هو أكبر دعوة وأكبر وسائل التأثير التي يوصل بها ما يريد من خير وما يريد من فضائل للآخرين سواء كان أبًا أو معلمًا أو أخًا أو أمًّا أو أختًا، مهما كان منزلةً ووصفًا، التأثير يكون بامتثال ما تدعو إليه من الخير، أن تكون قدوة بعملك أكثر منك قدوةً بقولك، ولذلك فيما يتعلق بتأثير الآباء على الأبناء؛ في كثير من الأحيان الآباء يأملون أن يكون أولادهم - بل الأصل والمتوقع في كل العلاقات الأبوية أن يتمني الآباء لأولادهم أن يكونوا - خيرًا منهم، وأن يكونوا أفضل منهم فيما يتعلق بدينهم ودنياهم، هذا هو الأصل، لكن كثيرًا ما يخفق الآباء والأمهات في تحقيق هذه الأمنية وهذه الرغبة لأسباب في كثير من الأحيان ترجع إلى طبيعة تربيتهم وطريقة تعاملهم وما يكون عليهم من المسئولية تجاه أولادهم ذكورًا وأناثًا؛ لذلك أقول: إن أعظم ما نؤثر به على أبنائنا وبناتنا أن نكون قدوة حسنة لهم فيما ندعوهم إليهم؛ فيما يتعلق بالمحافظة على الفضائل من الفرائض؛ الصلاة، أو الصوم، أو الزكاة، أو الحج، بر الوالدين، صلة الأرحام، الإحسان إلى الجيران، التخلق بالأخلاق الفاضلة، بطيب الكلام، التجنب سيئ القول، السعي في الفضائل والتجنب للرذائل، إذا كنا نموذجًا حسنًا لأبنائنا يرون هذا في سلوكنا وعملنا كان هذا من أكبر ما يؤثر عليهم، ومن ذلك استثمار الوقت واستغلال الزمن في النافع، فإذا رأى أبناؤنا منا إدارة لأوقاتنا على وجه مفيد ونافع واستثمار لأوقاتنا بما فيه خير الدين والدنيا؛ كان ذلك أكبر من أن نقول لهم محاضرات في تحقيق استثمار الوقت وحفظه؛ ولهذا أقول: ينبغي أن نشرك أولادنا في إدارة الوقت بمعنى أن الأسرة عمومًا هي مكونة من أفراد وهؤلاء الأفراد يشتركون في أشياء عديدة في مأكل ومشرب ودخول وخروج في بعض الأحيان ومناسبات؛ من المهم أن تكون هذه المشاركة بناؤها على غرس القيم الطيبة، على بناء الفضائل وتجنب الرذائل، ومن ذلك استثمار الوقت.

ولا يعني استثمار الوقت والمحافظة عليه ألا يكون هناك ما تحتاج إليه النفوس لاسيما الصغار مما يكون من دواعي الطبيعة من محبة اللهو أو محبة الترويح عن النفس، لا تعارض بين الانتفاع بالوقت وبين إعطاء النفس حظها من الراحة والمتعة المباحة التي يدرك بها الإنسان إعادة تنشيط لنفسه ويدرك بها تقوية لروحه فيما يستقبل من زمان.

لذلك من المهم أن نقترب من أولادنا، أن نكون قدوةً حسنةً، أن يكون التأثير الأكبر في أولادنا من جهة العمل، أن نتعاهد أولادنا بالنصيحة اللطيفة الموجهة التي تراعي أعمارهم وتراعي أحوالهم، وأن نبتعد عن الشدة والقسوة التي تكون في كثير من الأحيان سببًا للتنفير، أن نغرس المعنى السليم لمعنى استثمار الوقت وأنه لا يعني كما ذكرت قبل قليل ألا يأخذ الإنسان نصيبه من الدنيا وحظه من المتعة والراحة المباحة التي تكون عونًا له فيما يستقبل من زمانه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحنظلة لما قال: نافق حنظلة، وكان يرى -رضي الله تعالى عنه- أن نقصه بعد سماع الذكر بسبب الاشتغال بشئون المعاش ومخالطة الناس والحياة الطبيعية أن ذلك من دلائل النفاق فقال: «لا يا حنظلة، ولكن ساعة وساعة»[صحيح مسلم:ح2750/12] أي: أنه ينبغي للإنسان أن يعطي كل حال ما يناسبها، ونقصه في حال لا يعني أنه سيكون على هذا في كل الزمان، أو أن ذلك يفوِّته منازل الكمال، بل يبلغ الكمال ولو كان قد انشغل أو اشتغل بما يكون من متعة ونحو ذلك مما تقتضيه الطبيعة والجبلة الإنسانية والفطرة البشرية.

المقدم: شكر الله لك وكتب الله أجرك فضيلة الشيخ الدكتور/ خالد المصلح؛ أستاذ الفقه بجامعة القصيم، شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ، أدركنا الوقت كثيرًا، شكرًا جزيلًا.

الشيخ: بارك الله فيكم، وأسأل الله أن يعمر أوقاتنا بالخير، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، وأن يحفظ بلادنا وأن يدفع عنا كل سوء وشرٍّ، وأن يوفق ولاة أمرنا الملك سلمان وولي عهده إلى ما يحب ويرضى، وأن يعم الخير بلاد المسلمين وسائر البشرية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91428 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87224 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف