بسم الله الرحمن الرحيم
المقدم:- بسم الله الرحمن الرحيم، مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم تحيةً طيبةً عبر أثير إذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة، في هذه الحلقة المتجددة لبرنامج "الدين والحياة"، والتي نستمر معكم فيه على مدى ساعة كاملة بمشيئة الله تعالى.
في هذه الحلقات التي نشرف وإياكم بضيف حلقاتها وهو فضيلة الشيخ الدكتور/ خالد المصلح؛ أستاذ الفقه بجامعة القصيم.
فضيلة الشيخ أهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، حياك الله.
الشيخ:- حياكم الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحيا الله الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات.
المقدم:- حياك الله فضيلة الشيخ، مستمعينا الكرام في برنامج "الدين والحياة" نناقش موضوعات تهم المسلم في أمور دينه ودنياه، ويسعد بها في دنياه وآخرته بمشيئة الله تعالى، أو حتى الموضوعات التي نطرقها في بعض الأحيان نحذر المسلم منها، ونبين وجهة نظر ديننا الإسلامي إليها، ما سنناقشه ونتحدث عنه في هذه الحلقة بمشيئة الله تعالى مع ضيفنا الكريم سنتحدث عن موضوع "المخدرات آفة هذا العصر"، لكن قبل أن نتحدث عن الموضوع تحديدًا سنطرق طرقات مهمة فيما يتعلق بوجهة نظر ديننا الإسلامي لقضايا تحريم المحرمات، وقضية نعمة العقل أيضًا، وتحريم الشريعة الإسلامية كل ما يفسد العقل ونحوه.
فضيلة الشيخ ابتداءً نريد أن نتحدث بشكل إجمالي عن الحكمة من تحريم كل ما حرمه الله - عز وجل - قبل أن ندلف إلى هذا الموضوع تحديدًا.
الشيخ:- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم:- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ:- تحيةً طيبةً لك أخي وائل وللإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، فيما يتعلق بموضوعنا هذه المقدمة ضرورية لإدراك مفهوم عام كلي يتصل بما شرعه الله تعالى من الشرائع فيما يتعلق بالمنهيات، شرائع جاءت بأوامر ونواهٍ؛ الأوامر تشمل ما يصلح به العبد صلته بربه، وما يصلح به الإنسان ما يتعلق بمعاشه وعلاقاته بالخلق، فيصلح في نفسه ويصلح في صلته بالآخرين سواء كانوا من الإنس أو من الجن أو من الحيوان أو من الجماد في السماء وفي الأرض وفيما سخر الله تعالى لبني آدم، شرائع جاءت بالأوامر؛ فالأوامر كلها في تحقيق الطيبات وفي إصلاح المعاش والمعاد، النواهي جميعها والمحرمات كلها دائرة على حجز الناس عما فيه مضرَّة لهم وعما فيه فساد معاشهم ومعادهم، فكل ما أمر الله تعالى به أمر به لإصلاح الناس في قلوبهم وأبدانهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم، وكل ما نهى الله تعالى عنه كذلك نهى عنه لتحقيق مصلحة للناس، وليس أن الله تعالى منع لمجرد المنع، بل ليس ثمة أمر إلا وفيه حكمة ولا نهيٌ إلا وفيه مصلحة وحكمة.
وبالتالي كل ما نهى الله تعالى عنه إنما نهى عنه لما يترتب عليه من المفاسد المتعلقة بقلب الإنسان، المتعلقة بصلته بربه، المتعلقة ببدنه، المتعلقة بصلته بغيره، المتعلقة بدنياه، المتعلقة بآخرته؛ ولهذا كل المنهيات علتها أنها حرَّمتها الشريعة؛ لما فيها من الخبث؛ ولذلك قال الله تعالى في وصف النبي - صلى الله عليه وسلم -: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ الأعراف: 157 الجامع لكل ما حرَّمه الله تعالى من الوصف هو أنها من الخبائث التي تلحق الناس بها مفاسد ومضارٌّ.
ومن ذلك ما جاء النص عليه وذكر بعض مفاسده، ومنه ما جاء النص على مفاسده إجمالًا دون تعيين، فالربا مثلًا قال الله تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ البقرة: 188 ، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾ البقرة: 279 ، والخمر قال الله تعالى فيها على وجه الإجمال: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ البقرة: 219 وهو القمار ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ البقرة: 219 إثم كبير أي فساد كبير عظيم، سماه إثمًا ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾، ﴿وَإِثْمُهُمَا﴾ أي: مفاسدهما وما يترتب عليهما من الضرر في دين الناس ودنياهم وفي أموالهم وأنفسهم واقتصادهم وعلاقاتهم أعظم مما يدركونه من المصالح المتوهمة التي قد تنتج عن هذه الأعمال وقد يظن بعض الناس أن ذلك مسوغ لمواقعتها وعدم توقيها.
وقد فصل الله تعالى في الخمر والميسر في أسباب التحريم فقال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ﴾ المائدة: 91 فبيَّن الله تعالى الحكمة والغاية من التحريم، وأن تحريم الخمر وتحريم الميسر إنما كان لما فيه من المضار والمفاسد العائدة على الفرد وعلى المجتمع وعلى الصلات التي تكون بين الناس، وعلى ما يتصل بدينهم من إفساد دينهم بإضاعة الصلاة والصد عن ذكر الله.
وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - علة تحريم بعض المحرمات، ومن ذلك ما جاء فيما يتعلق بالخمر على وجه الخصوص التي ضربنا مثلًا في القرآن لذكر بعض مفاسدها وشرورها التي أوجبت تحريمها؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخمر واصفًا عظيم ما فيه من ضرر فيما رواه عبد الله بن عمرو عند الدارقطني؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الخمر أمُّ الخبائث».[سنن الدارقطني:ح4613، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:ح3344]
وفي حديث آخر حديث أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- عند ابن ماجة بإسناد لا بأس به؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشرب الخمر» هذا نهي، لماذا؟ ما العلة من هذا التحريم؟ هل هو فقط تحريم لمنع الناس من شيء دون أن يعود عليهم هذا المنع بمصلحة وعوائد حميدة؟ الجواب: لا، كل ما نهى الله تعالى عنه إنما نهى عنه لأنه يترتب على مواقعته مفاسد وشرور وأضرار عاجلة وآجلة قد تظهر وقد تخفى للناس؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كلِّ شرٍّ»[سنن ابن ماجه:ح3371، ومستدرك الحاكم:ح7231، وصححه, ووافقه الذهبي] أي: أنه يدلف بها الإنسان إذا تورط فيها وأقبل عليها إلى شرور عظيمة؛ ولهذا كان تحريم هذه المحرمات لأجل تحقيق مصالح الناس، وليس لأجل فقط التعبد بالمنع والتحريم الذي ليس له غاية ولا قصد ولا معنى، وإذا استحضر الإنسان هذا المعنى في كل ما نهى الله تعالى عنه سواء كان ذلك في المطاعم أو في المشارب أو في الملابس أو في الأعمال أو في التجارات أو في الهيئات أو في الصلات أو في صلة الإنسان بالخلق أو في صلته بربه في كل ما نهى الله تعالى عنه، إنما نهى عنه لما فيه من المضرة بالإنسان.
الله أرحم بنا من أنفسنا؛ ولهذا أشار الله تعالى إلى هذا المعنى في نهيه عن قتل النفس فقال تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ النساء: 29 فالله - عز وجل - حرَّم قتل النفس وعلل ذلك بعلة جليِّة ظاهرة يدرك بها الإنسان الحكمة، وهذا ليس فقط في قتل النفس، بل جاء تعقيبًا على ما يتعلق بالتجارات والأموال، وما يتعلق بحفظ النفس قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ النساء: 29 فنهى الله تعالى عن أكل المال بالباطل، وهذا يشمل كل صور المعاملات المحرمة، سواء كانت محرمةً لأجل ما فيها من الظلم، محرمةً لأجل ما فيها من الربا، محرمةً لأجل ما فيها من الغرر، محرمةً لأجل ما فيها من الميسر، وما إلى ذلك من أسباب التحريم.
وعطف على هذا قوله: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾ النساء: 29 فنهى عن إفساد الأموال ونهى عن التعدي على النفوس؛ علل هذا وذاك، علل الحكمين بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ النساء: 29 فالذي أوجب تحريم هذه الأشياء على الناس إنما هو رحمة الله بهم، وهو - سبحانه وتعالى - أرحم بالخلق منهم بأنفسهم، وأرحم بهم من أمهاتهم وذويهم الذين يرحمونهم؛ ولهذا كان امتثال المؤمن لأمر الله تعالى ليس لأنه يعود على الله بنفع، فالله غني عنا وعن عباداتنا وعن أعمالنا «يا عِبَادِي إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي»[صحيح مسلم:ح2577/55] إنما العائد والفائدة من التحريم للمحرمات والأمر بالواجبات والمأمورات إنما هو لما في ذلك من مصالحنا؛ أمر الله بالصلاة، بالزكاة، بالصوم، بالحج، ببر الوالدين، بصلة الأرحام، بأداء الأمانات؛ رحمةً بنا. نهانا الله عن الخمر، وعن السرقة، وعن الزنا، وعن أكل المال بالباطل، وعن وعن من المنهيات إنما نهانا عن ذلك رحمةً بنا، وإلا فهو الغني عنا وعن كل ما يكون من الأعمال؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ فاطر: 15 .
أنا أدعو كل مؤمن ومؤمنة وكل مسلم ومسلمة يستحضر هذا المعنى في كل ما أمره الله تعالى به وفي كل ما نهى الله تعالى عنه؛ فإن هذا مما يعينه على الامتثال، فإذا عرفت أنك إنما أُمرت بهذا الفعل أو هذا العمل لأجل أنه يعود عليك بالنفع ونُهيت عنه لأجل أن ارتكابك له يعود عليك بالظلم؛ فهذا من أكبر الدوافع على امتثال أمر الله فيما أمر فعلًا، وفيما نهى عنه تركًا وبعدًا. اللهم أعنا على طاعتك وارزقنا امتثال أمرك والقيام بما شرعته وفرضته.
هذا ما يتعلق بالحكمة في الأمر والنهي فيما أمر الله تعالى به ونهى عنه.
المقدم:- جميل، مستمعينا الكرام حديثنا في هذه الحلقة عن المخدرات آفة هذا العصر، وتحدثنا ابتداءً حول الحكمة من تحريم ما حرم الله - عز وجل -. فضيلة الشيخ كنا نريد أن نتحدث عن نعمة العقل؛ هذه النعمة التي أوجب الله - تبارك وتعالى - حفظها، وجاءت الشريعة بالأمر بحفظها والنهي عن كل ما يفسدها أو يُتلِفها أو يذهب هذه النعمة.
نريد أن نتحدث بشكل عام إجمالًا حول نعمة العقل التي أوجب الله - تبارك وتعالى - علينا حفظها.
الشيخ:- من أعظم ما أنعم الله به على الإنسان وميَّزه به عن سائر الخلق ما تفضل به عليه من العقل الذي يقوده إلى الخير ويبعده عن الشر، ويميِّز به بين الهدى والضلال، وبين الحق والباطل، وبين ما ينفع وما يضر، هذه من أعظم النعم التي أنعم الله تعالى بها على بني آدم وبها نال العبد التكريم، نال الإنسان التكريم كما قال الحق - جل وعلا -: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ الإسراء: 70 .
ومن أبرز ما فضَّل الله تعالى به بني آدم هو ما منحهم إياه من الإدراك والعقل الذي يميزون به بين الهدى والضلال والحق والباطل والخير والشر؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ الأنفال: 22 فذكر الله تعالى الصمم والبكم، والصمم والبكم ليس المقصود به الذي لا يسمع بألا تدرك أذنه المسموعات فقط أو الذي لا يتكلم ولا يبين، إنما المقصود بالصمم والبكم هنا الذي لا يسمع الحق ولا يتكلم به؛ لفقده عقله؛ ﴿الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾.
والعقل هو الذي يحمل الإنسان على المكارم والفضائل، ويردعه عن الرذائل والسفاسف؛ ولهذا كلما كمُل عقل الإنسان كمل دينه، ولا يتم دين أحد حتى يتم عقله، بل مناط التكليف هو العقل، فمن لا عقل له سواء كان العقل غائبًا بالكلية أو ناقصًا لا تكليف عليه «رُفع القلم عن ثلاث؛ عن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ»[سنن أبي داود:ح4401، ومستدرك الحاكم:ح949، وقال:«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ». ووافقه الذهبي] الجامع بين هؤلاء الثلاثة هو إما ذهاب العقل بالكلية وغيابه على وجه الدوام أو على وجه عارض؛ على وجه الدوام كالمجنون، على وجه عارض كالنائم، أو نقصه كالصغير فإن عقله ليس بمكتمل، بل هو ناقص؛ لذلك كان أفضل ما يصلح به الإنسان أموره ويدرك به منافعه أن يكمِّل عقله؛ ولهذا قال الشاعر:
وأفضل قسم الله للمرء عقله *** فليس من الخيرات شيء يقاربه
إذا أكمل الرحمن للمرء عقله *** فقد كملت أخلاقه ومــــــــــــــــــآربه
فكمال العقل يفضي إلى كمال الأخلاق، يفضي إلى إدراك المقاصد والمآرب، وبه يكمل دين الإنسان ويصلح شأنه؛ ولهذا ما أعطي الإنسان من الغرائز والهبات أعظم من العقل.
قيل لابن المبارك: ما خير ما أعطي الرجل؟ قال: غريزة العقل. فقيل له: فإن لم يكن؟ يعني إن لم يكن عنده عقل فطري يدرك به المصالح والوسائل؟ قال: أدب حسن. قيل: فإن لم يكن؟ قال: أخ صالح يستشيره. ومن يستشير الإنسان؟ يستشير أصحاب العقول والآراء. قيل: فإن لم يكن؟ قال: صمت طويل. لأن الصمت يُخفي المعائب، فإذا طال صمته توقى شرَّ لسانه وأخفى ما كان من عيبه. قيل: فإن لم يكن؟ يعني إن لم يكن الإنسان صاحب عقل؛ يعني فقد العقل الغريزي، وفقد الأدب، وفقد من يستشيره من أصحاب الرأي، وليس عنده صمت طويل، فما أفضل ما يعطى إذا فقد هذا كله؟ قال: موت عاجل. وذلك لأنه لا قيمة للحياة عند فقد العقل أو فقد آثاره أو فقد من يدل عليه.
ولهذا كان من أعظم النعم التي ينعم الله تعالى بها على الإنسان أن يرزقه عقلًا وبصرًا ورأيًا سديدًا.
والعجب أن العقل يمنُّ به الله تعالى على الإنسان فطرةً وغريزةً وينمو ويثقل ويكتسب من التجربة والخبرة ما يكون مكمِّلًا له، وكل من حافظ على عقله تمَّ دينه، وكل من أضاع عقله فإنه أفسد دنياه ودينه؛ ولذلك قال الله تعالى في وصف أصحاب السعير فيما يندبونه على أنفسهم: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ﴾ الملك: 10 أي: نطيع ما جاءت به الرسل ﴿أَوْ نَعْقِلُ﴾ الملك: 10 حتى لو كان ما عندنا سماع لما جاءت به الرسل، لكن عندنا عقل نميز به بين الحق والباطل ﴿مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ الملك: 10 فلابد من تكميل العقل؛ لأنه:
ليس الجمال بأثواب تزيننا *** إن الجمال جمال العقل والأدب
فبه يكمل الإنسان، به يدرك مصالح دينه ومصالح دنياه.
المقدم:- جميل، فضيلة الشيخ بالحديث حول هذه النعمة التي وهبنا الله - تبارك وتعالى – إياها، أيضًا جاءت الشريعة الإسلامية بتحريم كل ما يفسد هذه النعمة التي وهبنا الله -تبارك وتعالى - إياها، ألا وهي نعمة العقل، وهي مناط التكليف ومناط التمييز أيضًا في حياة الإنسان.
نريد أن نتحدث عن كيف جاءت الشريعة بتحريم كل ما يفسد العقل؟ ونريد أن نأخذ أيضًا الخمر أنموذجًا.
الشيخ:- الشريعة جاءت بتكميل العقل؛ ولهذا جاءت بمراعاة المراحل التي ينمو فيها العقل؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع» فيبدأ التدريب على ما يُصلح دين الإنسان ويصلح معاشه ومعاده منذ سبع سنوات، قبل ذلك سن ما دون التمييز ليس محلًّا للأمر والنهي، وإنما محل التهيئة، ولكن يبدأ الأمر في السبع، ما دون السبع محل التهيئة بالحفظ والتعويذات الشرعية وما إلى ذلك من الأسباب التي تطيب النفس وتزكِّيها وتهيئها للأمر والنهي، حتى إذا كمل التمييز بمعنى أنه صار الإنسان يعرف الحق من الباطل، يعرف الخير من الشرِّ، عنده إدراك للخطاب وردٌّ للجواب جاء الأمر «مروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ»، ثم بعد ذلك من سبع إلى عشر يحصل به من القدرة على التمييز ومعرفة النافع والضار ما يجعل الإنسان في هذه المرحلة متهيئًا للالتزام بما يصلحه والبعد عما يفسده ويؤثر على معاشه ومعاده؛ فلهذا قال: «واضربوهم عليها لعشر»[سنن أبي داود:ح495، وحسنه الألباني في المشكاة:ح572] لماذا لعشر؟ يعني إذا كان عشر سنوات، لماذا يضرب إذا لم يصلِّ ضربًا يحمله على الصلاة دون إيلام وليس ضربًا مبرحًا، إنما بما تقتضيه المصلحة من التوجيه والتربية؟ قال: «واضربوهم عليها لعشر» لأنه في هذه المرحلة يكون قد بلغ من العقل ما يجعله أهلًا للإلزام، فيلزم على وجه يحمل فيه بالترغيب والترهيب، فإذا بلغ العمر الذي يكتمل به البلوغ يكون قد انتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرُّشد الذي به تناط التكاليف ويجري قلم المؤاخذة على الإنسان وهلم جرًّا.
فلا يزال الإنسان يترقى في عقله حتى يبلغ السموَّ في هذا الجانب؛ ولذلك الشريعة جاءت بمراعاة هذه المراحل، ونهت عن كل ما يغيِّب العقل، وفيما يتعلق بالخمر الشريعة جاءت بالتدرج في تحريمه؛ لكون العرب وأهل الجاهلية وعموم الناس في ذلك الوقت قد تعلقوا بالخمر التي هي مفتاح الشرور وأم الخبائث وبها يفسد معاش الناس ومعادهم، حتى اكتمل الأمر بالنهي والتحريم القاطع للخمر في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ﴾ المائدة: 90- 91 قال الصحابة: انتهينا ربنا انتهينا.[مستدرك الحاكم:ح3101، وقال:هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . ووافقه الذهبي]
ومُنع هذا الأمر. لماذا مُنعت الخمر وحرمت وحرم قليله وكثيرة؟ لأن قليله يدعو إلى كثيرة؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أسْكَرَ كثيرُه فقليلُه حرام»[سنن الترمذي:ح1865، وحسنه]؛ لأنه درجة وخطوة في التورط في هذه الآفة المهلكة التي بها فساد الدين وبها فساد الدنيا.
ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان خطورة الخمر على المسيرة البشرية؛ قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه ابن عباس: «الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر، من شربها» ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - نموذجًا لآثارها وشرها قال - صلى الله عليه وسلم -: «من شربها وقع على أمه وخالته وعمته»[الطبراني في الأوسط:ح3134، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:ح3345] نعوذ بالله من الشرور.
ولذلك كل صفات الذم مبعثها غياب العقل؛ ولذلك كانت الخمر مجمع الرذائل أم الخبائث مفتاح كل شر؛ يقول الشاعر:
وإياك شربًا للخمور فإنها *** تسوِّد وجه العبد في اليوم والغد
وكل صفات الذم فيها تجتمع *** كذا سميت أم الفجور فأسرد
هذا الأمر للتحذير من الخمر لعظيم ضررها على العقل، والشريعة جاءت بحفظ الدين، بحفظ النفس، بحفظ العقل، بحفظ العرض، بحفظ المال، وحفظ العقل من أكبر المهمات؛ لأن ضياع العقل يضيع به الدين، وضياع العقل تضيع به الأنفس، وضياع العقل تضيع به الأموال، وضياع العقل تضيع به الأعراض والأنساب؛ ولذلك كان المرتكز الأساس الذي به تُصان كل هذه الضروريات التي بها صلاح معاش الناس صلاح دنيا الناس صلاح آخرتهم إنما هو بحفظ العقل، فإذا حفظ العقل صلح الدين، إذا حفظ العقل حفظت النفوس وأُبعدت عن المفاسد والمهالك، إذا حفظ العقل حُفظت الأعراض والأنساب، إذا حفظ العقل حُفظت الأموال.
التحريم للخمر ليس لذاتها فقط، بل يشمل كل ما غيب العقل مما يتعاطى ويشرب سواء كان خمرًا أو كان غير خمر؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه ابن عمر في كلمة جامعة رواه الإمام مسلم في صحيحه: «كلُّ مُسْكِر خمرٌ وكلُّ خمرٍ حرامٌ»[صحيح مسلم:ح2003/75] وهو حديث مكون من جملتين، ومن خلال هاتين الجملتين نستخلص نتيجة؛ وهي أن كل مسكر حرام.
وقد جاء ذلك في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة في الصحيحين: «كل شراب أسكر فهو حرام»[صحيح البخاري:ح242، ومسلم:ح2001/67] وهذا يدل على أن التحريم في الخمر ليس لذاته وليس مقصورًا عليه، بل هو تحريم لكل ما يغيِّب العقل، فكل ما غيَّب العقل على وجه اللذة والطرب والنشوة فإنه حرام سواء كان مشروبًا أو مطعومًا أو مستنشقًا أو متعاطًى بغير ذلك من الوسائل.
وعليه فكل النصوص الواردة في الكتاب والسنة مما يتعلق بتحريم الخمر والتحذير من الخمر وبيان مساوئها وشرورها؛ يندرج فيه المخدرات وجميع ما يغيِّب العقل من الصور التي حدثت وجدَّت في حياة الناس، لم يكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - حشيش على سبيل المثال، ليس معروفًا ولا منتشرًا، ولم يكن في زمنه - صلى الله عليه وسلم - الأفيون وسائر أنواع المخدرات التي تُستعمل في تغييب العقل وإفساده، لكن هي مندرجة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كل شراب أسكر فهو حرام»[سبق]ويشملها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل مُسكِر خمرٌ وكلُّ خمرٍ حرام»[سبق] ولذلك اتفقت كلمة أهل العلم على اختلاف مذاهبهم وعصورهم على تحريم كل ما يغيب العقل بأي صورة كان.
المخدرات والحديث عنها هو الأصل في هذه الحلقة أشد خطرًا وأعظم ضررًا وأكبر مساوئ من الخمر؛ وذلك لعظيم الفساد الحاصل بالمخدِّرات على الفرد وعلى المجتمع؛ ولهذا جميع ما يتعلق بالخمر يُستحضر في تحريم المخدرات وأشد، بل بعبارة واضحة وصريحة: مفسدة الخمر كنقطة في بحر مقارنةً بمفاسد المخدرات، فإذا كانت الشريعة حرَّمت الخمر مع أن مفسدتها مقارنةً بالخمر على هذا النحو في الضآلة والقلة؛ فتحريم المخدرات من باب أولى، وهي أبلغ في استحقاق الحكم بالتحريم.
المقدم:- جميل، فضيلة الشيخ، مثل ما ذكرت؛ حديثنا الأساس في هذه الحلقة عن المخدرات التي هي أشد ضررًا وفتكًا وخطرًا على الإنسان وعلى المجتمعات الإسلامية من الخمر؛ لذلك نتحدث مثل ما ذكرت أنه اتفقت أقوال أهل العلم على مرِّ العصور على تحريم مثل هذه الأنواع، لكن نريد أن نتحدث تحديدًا عن هذا الموضوع عن هذه الآفة عن بعض أسرارها وخطورتها أيضًا، وأنها أعظم ضررًا من الخمر، ونريد أن نتحدث عن بعض الأسباب التي أدت إلى انتشارها، وختامًا نريد أن نتحدث عن طرق الوقاية منها؛ لأننا في الجزء الأخير من هذه الحلقة.
الشيخ:- أخي الكريم، المخدرات بشتى صورها تتفق البشرية بجميع ثقافاتها وأديانها وخلفياتها على أنها شر يَعمل الجميع لوقاية الأفراد والمجتمعات من شرورها، فآفة العصر التي يئنُّ منها الناس في غرب الأرض وشرقها وفي أقصاها وفي جميع جهاتها المخدرات، تلك الآفة التي إذا طرقت نفسًا أفسدتها، وإذا دخلت عقلًا خرَّبته وهدمته، وإذا دخلت بيتًا أو أسرةً أفسدتها ودمرتها، فهي في الحقيقة تحيل الإنسان إلى أردأ من الحيوان، تحول الإنسان إلى آلة هدم وتدمير، وخطورة المخدرات على الفرد والمجتمع تتفق عليها كلمات البشرية؛ ولهذا مكافحة المخدرات ومحاربتها بصورها جميعًا مما تتفق عليه الدول والناس في شرق الأرض وغربها، ولا فرق في ذلك بين صور المخدرات المشروب منها والمدخن والمَحْقون، كلها من الآفات التي تجتمع كلمة البشرية على التحذير منها وعلى محاصرتها؛ لأنها تفسد العقول وتفسد الأبدان وتفسد الأموال وتفسد الإنسان وتعطِّل الحياة.
المخدَّر لا ينفع، هو ليس فقط لا ينفع المجتمع، بل إنه يضر؛ ولذلك لا تقتصر شرورها فقط على تعطيل الإنسان، بل كما قلت قبل قليل أن يتحول الإنسان من إنسان يبني ويصلح إلى عنصر هدم وفساد فيما يتعلق بخاصة نفسه وفيما يتعلق بأسرته وفيما يتعلق بمحيطه ومجتمعه.
ولهذا تجد أن أصحاب الفساد والشر يستعملون المخدرات لتحقيق مآربهم من إفساد المجتمعات، وتعطيل التنمية، والتسلط على مقدرات الناس ومكتسباتهم؛ ولهذا انظر من الذين يتاجرون في المخدرات؟ من الذين يعملون على نشرها في المجتمعات؟ إنهم أعداء البشرية، أعداء الإنسان، بغضِّ النظر عن دياناتهم، بغضِّ النظر عن انتماءاتهم وأحزابهم، إنما لا يشتغل بهذا ويمتهن هذا إلا أعداء البشر الذين إما يشتغلون بذلك في تحقيق مآرب إفسادية ليكتسبوا منها أموالًا ويستولوا فيها على مكتسبات الناس ومقدراتهم، وإما للنيل من البلدان؛ فمثلًا إذا نظرت إلى بعض الأحزاب على سبيل المثال (حزب الله) في لبنان يتاجر في المخدرات ويرعاها ويزرعها وينشرها، ومثله في جهات عديدة من الأحزاب الضالة المنحرفة التي تستعمل هذه الأداة وهذه الوسيلة؛ لتحقيق مآربها في إفساد المجتمعات والوصول إلى ما يريدون من السيطرة على مقدرات الشعوب والمفاسد التي يريدون الوصول إليها وتحقيقها.
وبالتالي إدراك هذا الأمر، إدراك أن المخدرات هي محوٌ للإنسان وتعطيل له وأنها تحويل له إلى آلة هدم؛ يجعلنا في وعي تام ومسئولية مكتملة في محاصرة هذا الداء، ومحاولة وقاية النفس والأسرة والمجتمع من أضراره وشروره، وإذا رأيت كمية المخدرات التي يسعى الأعداء والمفسدون إلى إيصالها إلى البلدان عرفت فخامة الكيد والشر الذي يبيتونه للإنسان في سائر الأرجاء والبلدان، ونتحدث نحن عن بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية، ونجاحات الجهات المختصة في مكافحة المخدرات وما يقفون عليه من أعداد كبيرة من المخدرات التي يسعى المفسدون إلى تسريبها وتهريبها إلى داخل البلاد لإفساد الشباب وإفساد المجتمع؛ يوقف على فخامة الخطر الموجه لأبنائنا وبناتنا وأفراد مجتمعنا بكافة شرائحه؛ لذلك يجب علينا أن نتعاون وأن نتضافر في سبيل إيقاف هذا الزحف وردِّ هذا الكيد الذي إذا حصَّنَّا أنفسنا فإنه لو كانت المخدرات تحت أقدام الناس لم تؤثر عليهم؛ لأنهم يدركون خطورتها، ولم يبلغ الأعداء منَّا ما يؤمِّلونه أو يرجونه من فساد وتعطيل لشبابنا ذكورًا وإناثًا، وإفساد لمجتمعاتنا.
«كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»[صحيح البخاري:ح893] والإنسان يبدأ بنفسه، ولا يتهاون في شيء من الصور التي قد يستضعفها بعض الناس، فيرى أن هذا شيء خفيف أو هذا غير مؤثر، وفي الحقيقة الشر لا يكون مكتملًا بصورته القبيحة في بدايات الأمور، إنما في نهايات الأمور تتبين الأخطار، وفي البدايات قد يتساهل الإنسان وقد قيل:ومعظم النار من مستصغر الشرر.
فكم من شرارة أدَّت إلى حريق التهم الأخضر واليابس، وعطَّل المكاسب، وأفسد الأموال وأعاق البناء والتنمية؛ ولذلك أقول: مسئولية الإنسان في حفظ نفسه بالبعد عن كل أصحاب السوء ومواقع الشر والفساد.
اليوم؛ الترويج والتسويق للمخدرات تفنَّن فيه أصحابه من خلال وسائل التواصل الحديث، من خلال أفلام، من خلال مقاطع، من خلال دعايات؛ كلها تزيِّن هذا الشر وهذا الفساد وهذا الخطر الداهم، وتقدمه بصورة قد تخفي في كثير من الأحيان حقيقة ما تؤول إليه وتنتهي إليه هذه المقدمات التي تزخرف وتزين، وتكون في النهايات هلاكًا ودمارًا للفرد والمجتمع.
ولهذا أقول: من المهم أن نقي أنفسنا وأن نتحمل مسئولية من تحت أيدينا من الأبناء والبنات والإخوة والأخوات، و«كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»[سبق]، فالمسئولية ليست مقصورةً على أب أو أم، بل على الجميع الأب والأم وأفراد الأسرة، كل واحد منا يستطيع أن يكون عاملَ بناءٍ ودرع صيانة وحفظ لنفسه ولأسرته ولمجتمعه من هذا الخطر الذي يحدق بالمجتمعات ويوقعها في هلاك الدين والدنيا.
المقدم:- فضيلة الشيخ، الأخ أبو أحمد في الواتس آب يقول ويتحدث عن طرق الوقاية، وأحد طرق الوقاية وهي التوعية، ويتحدث عن جزء من التوعية من خلال الخطباء في خطب الجمعة، وتحذير الناس من هذه الآفات.
ويبدو لي أن هذا جزء من عمل مجتمعيٍّ متكامل لتوعية المجتمع من مثل هذه الآفات الخطيرة.
الشيخ:- أي نعم، بالتأكيد أخي الكريم، لاشك أن التوعية من وسائل التأثير، من خلال خطب الجمعة أو من خلال المواعظ أو من خلال وسائل الإعلام أو من خلال البرامج التثقيفية أو من خلال النشرات التي تبين خطورة هذه المخدرات؛ كلها وسائل من الوسائل المهمة التي ينبغي أن يجتهد فيها، وقامت وزارة الشئون الإسلامية مشكورةً بتوجيه من معالي الوزير الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ بالتعميم على مساجد المملكة في خطبة الجمعة الماضية حول هذا الموضوع، وهو بيان خطورة المخدرات وأضرارها وطرق العلاج منها، وهذه من الوسائل المهمة المؤثرة التي تنبِّه الناس وترفع وعي المجتمع بكافة شرائحه في مواجهة هذا الخطر الذي يتهدد الناس في دينهم وفي دنياهم، فالمخدرات فساد دين وفساد دنيا.
ولذلك أوصي نفسي وإخواني بالمشاركة بنشر هذا الوعي في المجتمع، وأيضًا من الوسائل النافعة المؤثرة ألا يستسلم الإنسان لهذا الخطر إذا دبَّ إلى بيته بتورط بعض أفراد الأسرة في شيء منه، لابد من المبادرة إلى المعالجة، وهناك -ولله الحمد- في الجهات المختصة ما يعين ويساعد ويبين طرق معالجة هذه الأمور بالوسائل التي توصل في النهاية إلى الغاية المقصودة على حسب نوع الخطر الموجود، والتبليغ عن المروِّجين، التبليغ عن الباعة، التبليغ عن الذين يزينون هذه الآفات للجهات المختصة هو من حق مجتمعنا علينا، وهو واجب ديني ووطني وإنساني بشري ينبغي ألا نتخلف عنه.
المقدم:- فضيلة الشيخ، الأخت فاطمة سألت، ويبدو لي أنه لابد لنا من تأجيل سؤالها للحلقة القادمة، تسأل عن سؤال خارج سياق الموضوع، لكن نؤجله -بمشيئة الله تعالى- إلى حلقة قادمة، شكر الله لكم وكتب الله أجرك فضيلة الشيخ الدكتور/ خالد المصلح؛ أستاذ الفقه في جامعة القصيم. شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ.
الشيخ:- بارك الله فيكم، وأسأل الله تعالى أن يقينا والمسلمين والبشرية شر المخدرات، وأن يحفظ بلادنا وسائر البلدان من هذه الآفة الخطيرة، وأن يبارك في جهود ولاة أمرنا في صد هذه الأخطار والمحافظة على النشء وعلى الوطن من أضرار هذه الآفات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم:- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مستمعينا الكرام وصلنا لختام هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة".