إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوُذُ بِاللهِ مِنْ شُروُرِ أَنْفُسِنا, وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَليًّا مُرْشِدًا, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ، إِلهُ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ، لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحمْنُ الرَّحيمُ وأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ صَفِّيُّهُ وَخَليِلُهُ، خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمَ الدِّيِنِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ حَقَّ التَّقْوَىَ في السِّرِّ وَالعَلَنِ، في الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ، فيما بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، فيما بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الخَلْقِ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ الطلاق:5 .
َأيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ نُزوُلَ الأَمْطارِ نِعْمَةٌ عُظْمَىَ يَتَفَضَّلُ اللهَ بِها عَلَىَ عِبادِهِ، وَقَدْ ذَكَّرَهُمْ جَلَّ في عُلاهُ ِبهذِهِ النِّعْمَةِ في مواضع كثيرة من كتابه ممتنًّا بها عليهم ومذكِّرًا لَهُمْ بِها.
قالَ تَعالَىَ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ الحج:63 ، وَالمطَرُ أَيُّها المؤْمِنوُنَ رَحْمَةٌ يَرْحَمُ اللهُ تَعالَىَ ِبها العبادَ وَالبِلادَ، يَرْحَمُ اللهُ بِها الحَيَّ وَالجَمادَ؛ وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ اللهُ تَعالَىَ في كِتابِهِ رَحْمَةً فَقالَ تَعالَىَ: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ الفرقان:48 ، وَقالَ سُبْحانَهُ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ الشورى:28 ، وقالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ الروم:50 ، فَبِهذا الماءِ النَّازِلِ مِنَ السَّماءِ يُحْييِ اللهُ تَعالَىَ العِبادِ وَالبِلادِ، بِهِ تَطيِبُ حَياةُ النَّاسِ وَيَطيِبُ مَعاشُهُمْ، يَطيِبُ مَالُهُمْ مِنْ حَياةٍ في هَذِهِ الدُّنْيا، فَلا قِوامَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ.
قالَ اللهُ جَلَّ وَعَلا: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا﴾ الفرقان:49 ، وَقالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ الزخرف:11 ، ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فصلت:39 .
فبالماء حياة كل شيء كما قال الحق جل في علاه: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ﴾ الأنبياء:30 .
فأَنْتُمْ أَيُّها النَّاسُ إِلَىَ اللهِ فُقَراءُ في كُلِّ أُموُركُمْ، أَنْتُمْ أَيُّها النَّاسُ إِلَىَ اللهِ فُقَراءُ في كُلِّ شُؤوُنِكُمْ وَأَحْوالِكُمْ، لا تَسْتَغْنوُنَ عَنْ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، هُوَ اَّلذي يُنَزِّلُ الغَيْثَ فَتَحْيا بِهِ الأَرْضُ فَمْنْهُ تَشْرَبوُنَ وَمْنْهُ تَزْرَعوُنَ وَبِهِ تَحْيَوْنَ، ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70)﴾ الواقعة:68-70 ، ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ الحجر:22.
أَنْتُمُ الفُقَراءُ إلَىَ اللهِ يا عِبادَ اللهِ في كُلِّ أَحْوالِكُمْ، في نُزوُلِ القَطْرِ مِنَ السَّماءِ وَفي الانْتِفاعِ بِهِ، وَفي إِمْساكِهِ في الأَرْضِ، فَإِنَّ اللهَ تَعالَىَ بِرَحْمَتِهِ جَعَلَ الأَرْضَ حَواءً لِلماءِ تِحْفِظُهُ لَكُمْ كما قالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ المؤمنون:18 ، وَهذا إِشارةٌ إِلَىَ نِعْمَةٍ أُخْرَىَ يُنْعِمُ اللهُ تعالَىَ بها عَلَىَ عِبادهِ، فَإِنَّ مِياهَ الآبارِ ومياهَ العُيوُنِ وَما يجْري عَلَىَ الأَرْضِ مِنْ ماءٍ عَذْبٍ طَيِّبٍ أَصْلُه مِنْ ماءِ السَّماءِ الَّذي يُنْزِلُهُ اللهُ تَعالََى بِقَدَرٍ فَيُسْكِنُهُ في الأَرْضِ وَهُوَ عَلَىَ ذَهابٍ بِهِ قَادِرٌ، ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ الملك:30 .
أَنْتُمُ الفُقَراءُ إِلَىَ اللهِ في الماءِ النَّازِلِ مِنَ السَّماءِ وَالماءِ النَّابِعِ مِنَ الأَرْضِ، لا تَسْتَغْنوُنَ عَنْ فَضْلِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ جَلَّ في عُلاهُ، وَهُوَ سُبْحانَهُ يُجْري ما يُنْزِلُهُ مِنَ السَّماءِ مَنَ الماءِ وَغَيْرِهِ بِقَدَرٍ لا يَزِيدُ وَلا يَنْقُصُ، قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ﴾المؤمنون:18 ، أَيْ: بمقْدارٍ لا يَتَجاوَزُ ذَلِكَ القَدْرَ فِيِهِ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ وَرَحْمَةٌ عَظيِمَةٌ، فَلَوْ زَادَ لهَلَكَ النَّاسُ، وَلَوْ نَقَصَ لهَلَكَ النَّاسُ قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ﴾ الحجر:21 ، فَكُلُّ خَزائِنِ المطْلوُباتِ وَالمحْبوُباتِ وَالمرْغوُباتِ عِنْدَ رَبِّ الأَرضِ وَالسَّماواتِ، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ الحجر:21.
إِنَّ اللهَ تَعالَىَ يُجْرِيِ نُزُوُلَ هَذِهِ الأَمْطارَ عَلَىَ رَحْمَةٍ وَحِكْمَةٍ، فَقَدْ صَرَّفَهُ بَيْنَ عِبادِهِ فَتَجِدَ مِنَ الِجهاتِ وَالأَماكِنِ ما أَمْطارُهُ مُتَتَابِعَةٌ مُتوالِيَةٌ، وَلَهُ في ذَلَكَ حِكْمَةٌ، وَمِنَ البِقاعِ وَالأَراضي ما لا يَأْتيِهِ القَطْرَ إلاَّ قَليلاً، وَفي ذَلِكَ حِكْمَةٌ وَرَحْمَةٌ، قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49)﴾ الفرقان:48-49 ، ثم قال جل في علاه: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ الفرقان:50 ، صَرَّفَ اللهُ تَعالَىَ الأَمْطارَ بِحكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بَيْنَ عِبادِهِ في غَايَةِ الإِتْقانِ والإِحْكامِ فَهُوَ الحَكيِمُ الخَبيرُ جَلَّ في عُلاهُ، يَعْلَمُ ما يُصْلِحُ النَّاسَ وَما يُفْسِدُ مَعاشَهُمْ، يَعْلَمُ ما يُصْلِحُ حَياتَهُمْ وَما يُفْسِدُ حَياتَهُمْ.
وَلِذَلِكَ أَجْرَىَ كُلَّ ذَلِكَ وَفْقَ حِكْمَتِهِ فَصَرَّفَهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكْروُا، أَجْراهُ جَلَّ في عُلاهُ عَلَىَ هذا النَّحْوِ المتَفاوِتِ في القَدَرِ وَفي النُّزوُلِ وَفي الِإمْساكِ، كُلُّ ذَلِكَ وَفْقَ حِكْمَةٍ وَرَحْمَةٍ، ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ الإنسان:30 ، وَلَكِنَّ اللهَ جَلَّ في عُلاهُ بِرَحْمَتِهِ جَعَلَ هذا الِإمْساكَ مُوجِبًا لِإقْبالِ العبادِ إِلَيْهِ وَافْتِقارِهِمْ إِلَيْهِ، فالعِبادُ إِلَيْهِ فُقراءُ في العَطاءِ وَالمنْع وفي الإمساكِ والهباتِ، كُلُّ ذلكَ لا يخْرِجُهُمْ عَنْ كَوْنِهْمْ فُقَراءَ إِلَىَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فاسْتَشْعِروُا فَقْركُمْ إِلَيْهِ، فالِإنْسانُ إذا أَحَسَّ بِالغِنَىَ طَغَىَ؛ كَما قالَ تَعالَىَ: ﴿كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)﴾ العلق:6-7 ، وَانْظُرْ إِلَىَ قَوْلِهِ: ﴿أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ أَيْ: إِذا ظَنَّ أَنَّهُ اسْتَغْنَىَ وَلا غِنَىَ لأَحَدٍ عَنِ اللهِ مَهْما بَلَغَ قُوَّةً وَقُدْرَةً وَمُكْنَةً، فالعِبادُ كُلُّهُمْ في قَبْضَتِهِ جَلَّ في عُلاهُ، وَهُمْ إِلَيْهِ فُقَراءُ.
﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ مريم:93 ، وَكُلُّ مَنْ في السَّماواتِ وَالأَرْضِ لَهُ قانِتٌ، فَلا خُروُجَ لأَحَدٍ عَنْ قَدَرِ اللهِ وَحُكْمِهِ جَلَّ في عُلاهُ، فاسْتَشْعِروُا فَقْركُمْ إِلَيْهِ، وَعَظيمِ فاقَتِكُمْ إِلَيْهِ، فَبِذَلِكَ تَسْتَجْلبوُنَ الخيراتِ وَتَسْتَدْفِعوُنَ البَلِيَّاتِ، وَتَقوُموُا بما أَمَرَكُمُ اللهُ تَعالىَ، وَلهذا كانَ مِنْ أَهْمِّ الأَسْبابِ الَّتيِ تَسْتَجْلِبُ بها الخَيْراتِ، وَتُسْتَدْفَعُ بها المكْروُهاتُ، وَيُدْرِكُ بِها الإنْسانُ المرْغوُباتِ أَنْ يَتَّقِيَ رَبَّ الأَرْضِ وَالسَّماواتِ، أَنْ يَسْتَشْعِرَ تَقْوَىَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في سِرِّهِ وَعَلَنِهِ، في غَيْبَتِهِ وَشَهادَتِهِ، في حَقِّ اللهِ وَحَقِّ عِبادِهِ، فَبِهذا يُدْرِكُ العَبْدُ خَيْرًا عَظيمًا وَبِرًّا كَبيرًا مِنَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ تَقْوَىَ اللهِ جَلَّ في عُلاهُ تَجْلِبُ كُلَّ خَيْرٍ، وَيَسْتَدْفِعُ بها العَبْدُ كُلَّ شَرٍّ، وَيُدْرِكُ بها كُلَّ ما يُؤْمَّلُهُ مِنْ سَعادَةِ الدُّنْيا وَفَوْزِ الآخِرَةِ.
وَلِذَلِكَ ذَكَّرَ اللهُ عِبادَهُ بِعَظيمِ نَفْعِ التَّقْوَىَ فَقالَ: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ الأعراف:96 ، وقال جل في علاه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ المائدة:66 ، وَقالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ الجن:16 ، كُلُّ ذَلِكَ وَعْدٌ مِنْهُ جَلَّ في عُلاهُ، كُلُّ ذَلِكَ وَعْدٌ مِنْهُ سُبْحانِهُ وَبِحَمْدِهِ أَنَّ العِبادَ إذا اسْتَقاموُا عَلىَ طاعَتِهِ وَقاموُا بِما أَمَرَهُمُ اللهُ تَعالَىَ بِهِ؛ فَتَحَ اللهُ لَهُمْ بَركاتِ السَّماءِ وَالأَرْضِ وَأَكَلوُا مِنْ فَوْقِهمْ وَمْنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَفُتِحَتْ عَلَيْهِمُ الخَيْراتُ، وَأَدْركوُا بِذَلِكَ سَعادَةُ الدَّارَيْنِ، سَعادَةَ الدُّنْيا بِوَلايَةِ اللهِ وَنُصْرَتِهِ وَتَأْيِيِدِهِ وَإِعانَتِهِ وَإِجابَةِ الدَّعَواتِ، وَسَعادَةِ الآخِرَةِ بِالفَوْزِ وَالسَّبْقِ، ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ البقرة:197 .الَّلهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ عِبادِكَ المتَّقينَ وَحِزْبِكَ المفْلِحينَ وَأَوْلِيائِكَ الصَّالحينَ، وَاغْفِرْ لَنا يا ذا الجِلالِ وَالإِكْرامِ كُلَّ ذَنْبٍ صَغيرٍ أَوْ كَبيرٍ، رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكوُنَنَّ مِنَ الخاسرينَ، أَقوُلُ هذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لي وَلَكُمْ فاسْتَغْفِروُهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفوُرُ الرَّحيمٌ
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثيرًا طَيِّبًا مُباركًا فِيهِ، حَمْدًا يُرْضِيِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسوُلُهُ، صَلَّىَ اللهَ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ وَاسْتَغْفِروُهُ؛ إِنَّ رَبي رَحِيِمٌ وَدوُدٌ، اسْتَغْفِروُا رَبَّكُمْ وَتوُبوُا إِلَيْهِ؛ إِنَّ رَبِّي قَريبٌ مُجيبٌ، اسْتَغْفِروُا رَبَّكُمْ وَتوُبوُا إِلَيْهِ في الدَّقيقِ وَالجَليلَ وَالصَّغِيرِ وَالكبيِرِ وَالسِّرِّ وَالعَلَنِ؛ فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبابِ الَّتي تُدْرِكُ بِها المطالِبَ، وَيَنْجوُ بِها الِإنْسانُ مِنَ الكروُبِ وَالمخاوِفِ أَنْ يُكْثِرَ الأوْبَةَ وَالرُّجوُعَ إِلَىَ اللهِ تَعالَىَ بِالتَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ، فالاسْتِغْفارُ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبابِ نُزوُلِ الغَيْثِ، كَثْرَةُ الاسْتغْفارِ واَلتَّوْبَةِ مُوُجِبَةٌ لِعطاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
فإِذا احْتَبَسَ المَطَرُ عَنْ قَوْمٍ وَأَرادوُا خَيْرًا فَلْيُكْثرِوُا مِنَ اسْتِغْفارِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِدْراكِ ما يُؤَمِّلوُنَ بِالتَّوْبَةِ إِلَيْهِ جَلَّ في عُلاهُ، وَهذا جَاءَ في ثَلاثَةِ خِطاباتٍ نَبَوِيَّةٍ لِلأُمَمِ الَّتي بُعِثوُا إِلَيْها، فَهذا نُوحٌ أَوَّلُ رَسوُلٍ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعالَى إِلَىَ أَهْلِ الأَرْضِ يَقوُلُ في دَعْوَتِهِ لِقَوْمِهِ: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)﴾ نوح:10-11 ، أَيْ: مَطرًا مُتَتَابِعًا يَرْويِ اللهُ تَعالَىَ بِهِ الشِّعابَ وَالوِهادَ، وَيُحْيِيِ اللهُ تَعالَى بِهِ العِبادَ وَالبِلادَ، ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ نوح:12 .
كُلُّ ذَلِكَ مِنْ ثَمراتِ الاسْتِغْفارِ وَنَتائِجِهِ وَجَميلِ عَواقِبِهِ، وَقالَ هُودٌ لِقَوْمِهِ: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ هود:52 ، فالمَطَرُ بِهِ تَقْوَىَ الأَبْدانُ، وَتَقْوَىَ الاقْتِصادِيَّاتُ وَتَقْوَىَ حياةُ النَّاسِ، فَبِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذا اسْتَغَفَرَ العِبادُ اللهَّ عَزَّ وَجَلَّ صادِقِينَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ ما تَقْوَىَ بِهِ قُلوُبُهُمْ، وَتَحْيا بِهِ أَبْدانُهُمْ وَيَطيبُ بِهِ مَعاشُهُمْ وَيَكْثُرُ الخيْرُ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في كِتابِهِ الحكيمِ: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ هود:3 .
هَذِهِ الآياتُ الكريماتُ تُبَيِّنُ أَنَّ الاسْتِغْفِارِ مِنْ مَفاتيِحِ البَركاتِ الَّتيِ يُدْرِكُ بِها النِّاسُ بَركاتِ السَّماءِ وَالأَرْضِ، لِذَلِكَ قالَ تَعالَىَ: ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ هود:61 .
أَيُّها المؤْمنوُنَ عِبادَ اللهِ, اسْتَغْفِروُا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ في صَلواتِكُمْ وفي سائِرِ أَوْقاتِكُمْ وَارْجوُا مِنَ اللهِ العطاءَ؛ فَإِنَّهُ جَلَّ في عُلاهُ يُجْزِلُ لِعبادِهِ المسْتَغْفِرينَ الهباتِ والعطايا.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّ مما يُسْتَجْلَبُ بِهِ المطَرُ، بَلْ مما يُسْتَجْلَبُ بِهِ كُلُّ خَيْرٍ يَرْجوُهُ الإنْسانُ أَنْ يحُسِنِ بِقَوْلِهِ وَقَلْبِهِ وَعَمَلِهِ، فالإِحْسانُ مِنْ موُجِباتِ عَطاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَلِذلِكَ قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ﴾ الرحمن:60 ، وقَالَ سُبْحانَهُ وَتَعالَىَ: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ الأعراف:56 ، فَأَحْسِنوُا بِكُلِّ ما تَسْتَطيِعوُنَ، بِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَبِالصَّالحِ مِنَ العَمَلِ وَبإِعانَةِ غَيْركُمْ وَبِبَذْلِ أَمْوالِكُمْ وَارْجوُا مِنَ اللهَ تعالىَ الخيْرَ وَالعطاءَ؛ فَإِنَّهُ سُبحانَهُ كَريمٌ جَوادٌ يُحِبُّ المحسِنينَ، رَحْمَتُهُ قَريِبٌ مِنَ المحسِنينَ، وَيجُازيِ المحسنينَ باِلإحْسانِ، فَأَحْسِنوُا بِكُلِّ ما تَسْتَطيعوُنَ.
وَلا تحَقِروُا مِنَ المعْروُفِ شَيْئًا وَلَوْ كانَ أَدْنَىَ ما يَكوُنُ، قالَ النَّبِيُّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد بكلمة طيبة"البخاري ح(6023), ومسلم(1016)
أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ ممَّا تُسْتَجْلَبُ بِهِ الخيْراتُ، وَيُسْتَجْلَبُ بِهِ المطَرُ: أَنْ يُكثِرَ العَبْدُ مِنْ سُؤالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَدُعائِهِ، وَأَنْ يُلِحَّ عَلَيْهِ في طَلَبِ خَيْرَيَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ؛ فَالدُّعاءُ أَعْظَمُ أَسْلِحَةِ المؤْمِنِ، الدُّعاءُ بابٌ عَظيمٌ مِنْ أَبْوابِ الخَيْرِ يُسْتَفْتَحُ بِهِ عَطاءُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيُسْتَجْلَبُ بِهِ ما يُؤَمِّلُهُ الإِنْسانُ مِنْ سَعادَةِ الدَّارَيْنِ.
وَفي الاسْتِسْقاءِ عِدَّةُ صُوَرٍ مِنَ الدُّعاءِ: مِنْ ذَلِكَ صَلاةُ الاسْتِسْقاءِ الَّتيِ شَرَعَها النَّبيُّ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَيْثُ وَعَدَ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَصْحابَهُ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَىَ المصَلَّىَ" فَصَلَىَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ دَعا واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَحَوَّلَ رِداءَهُ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"البخاري(1023), ومسلم(894), وَهَذِهِ سُنَّةٌ عَمِلَ بِها النَّبِيُّ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحابُهُ وَجَرَىَ عَلَيْها عَمَلُ أَهْلِ الإِسْلامِ إِلَىَ يَوْمِنا هذاَ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ مِنْ صُوُرِ الدُّعاءِ في الاسْتِسْقاءِ أَنْ يَدْعوُ الإنسانُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ في خَاصَّةِ نَفْسِهِ، في صَلاتِهِ، في سُجودِهِ، في أَدْبارِ الصَّلواتِ وَبَيْنَ الأَذانِ والِإقامَةِ وفي مَواطِنِ الِإجابَةِ أَنْ يُغيِثَ اللهُ تَعالَىَ العبادَ والبلادَ.
وَمِنْ صُوُرِ الاسْتِسْقاءِ وَطَلَبِ الغَيْثِ ما جَرَىَ مِنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ في خُطْبَةِ الجُمْعَةِ حَيْثُ دَخَلَ رَجُلٌ المسْجِدَ وَرَسوُلُ اللهِ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمْعَةِ فقالَ قائِمًا مخُاطِبًا رَسوُلَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: يا رَسوُلَ اللهِ هَلَكَتِ الأَمْوالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فادْعوا اللهَ أَنْ يُغيثَنا، قالَ: فَرَفَعَ رَسوُلُ اللهِ صَلَّىَ اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ لمَّا سَمِعَ هذا الرَّجُلُ، فقالَ: «الَّلهُمَّ أغثنا، الَّلهُمَّ أَغِثْنا، الَّلهُمَّ أَغِثْنا»، كَرَّرَها ثلاثًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَما نزَلَ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنْبَرِهِ إِلَّا والماءُ يَتَحَدَّرُ مِنْ لحْيَتِهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قالَ أنَسٌ: لمْ نَرَ الشَّمْسَ أُسْبوُعًا مِنْ ذِلِكَ اليَوْمِ حَتَّى الجُمْعَةَ القادِمَةَ، جاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَقالَ: يا رسوُلَ اللهِ هَلَكَتْ الأمْوالُ وانَقَطَعَتِ السُّبُلُ، فادْعُ اللهَ يُمْسِكُها عَنَّا، أَيْ: كَثُرَ المطَرُ فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الأَذَىَ لِلَّناسِ ما جَعَلَ هذا الرَّجُلَ يَسْأَلُ النَّبِيَّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعوُ اللهَ بِإِمْساكِ الأَمْطارِ، فَلَمْ يَدَعِ النَّبِيُّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِمْساكِ المطَرِ، بَلْ قالَ: «الَّلهُمَّ حَوالَيْنا وَلا عَلَيْنا، الَّلهُمَّ عَلَىَ الآكامِ وَالظِّرابِ وَبُطوُنِ الأَوْدِيَةِ وَمنابِتِ الشَّجَرِ»البخاري ح(1013), ومسلم ح(897), وَلَفْظُ قَوْلِ أَنْسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ:"فَلَا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتًا".فانْقَلَعَتْ, وانْقَشَعَتْ الأَمْطارُ عَنِ المدِيِنَةِ وَأَمْطَرَ ما حَوْلَها.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, ارْجوُا مِنَ اللهِ خَيْرًا, وَأَيْقِنوُا أَنَّ اللهَ جَوادٌ كَريمٌ، وَأَنَّهُ ما مِنْ أَحَدٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَى اللهِ جَلَّ في عُلاهُ إِلَّا وَيَجِدُ خَيْرًا عَظيمًا مِنَ اللهِ إِمَّا أَنْ يُجيبَهُ إِلَىَ دُعائِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ الشَّرِّمِثْلَ ما دَعا، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَها أَجْرًا لَهُ في الآخِرَةِ، فَلا تحَرمِوُا أَنْفُسَكُمْ هذا الخيْرَ العظيمَ باِللُّجوُءِ إِلَىَ اللهِ ودُعائِهِ، وَلا يَقوُلُ أَحَدٌ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجْبْ ليِ، فاللهُ كَريمٌ عَظيمٌ جَوادٌ عَليمٌ خَبيرٌ حكيمٌ فيما يُعْطيِ، حَكيمٌ فيما يَمْنَعُ.
الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوطانِنا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُموُرنِا، واَجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ واتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا ربَّ العالمينَ, الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلَّي أَمْرِنا خادِمَ الحرَمَيْنِ الشَّريِفَيْنِ وَوَليَّ عَهْدِهِ إِلَىَ ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، خُذْ بِنواصِيِهمْ إلىَ البِرِّ وَالتَّقْوَىَ، سَدِّدْهُمْ في الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ يا ذا الجَلالِ وَالإِكِرام، رَبَّنا ادْفَعْ عَنَّا وَعَنْ المسْلِمينَ كُلَّ شَرٍّ وَبَلاءٍ وَفِتْنَةٍ، الَّلهُمَّ مَنْ أَرادَنا وَالمسْلِمينَ بِشَرٍّ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ ضُرٍّ فَرُدَّ كَيْدَهُ في نَحْرهِ، واكْفِناهُ بما شِئْتَ يا ذا الإِكْرامِ
ربَنَّا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّار، ربنا ظَلمْنا أَنْفُسَنا وَإْنْ لمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحمْنا لنَكوُنَنَّ مِنَ الخاسرينَ, الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَىَ محُمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ؛ كما صَلَّيْتَ عَلَىَ إبراهيمَ وَعَلَىَ آلِ إبْراهيمَ؛ إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.