إِنَّ الحَمْدُ للهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوُذُ بِاللهِ مِنْ شُروُرِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ، صَفِيُّهُ وَخَليلُهُ، خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، واقْتَفَىَ أَثَرَهُ بإحْسانٍ إلىَ يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ حَقَّ تَقْواهُ تَنالوُا رِضاهُ، قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾آل عمران:15 .
أَيُّها المؤمِنونَ, عبادَ اللهِ: إنَّ أَعْظَمَ ما يَنالُهُ العَبْدُ مِنَ النَّعيمِ في دُنْياهُ، وما يَفوُزُ بِهِ في أُخْراهُ: أَنْ يَرْضَىَ اللهُ تَعالَىَ عَنْهُ؛ فَرِضا اللهِ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ غايَةُ النُّهَىَ، وَمُنْتَهَىَ آمالِ أُوُلِي النُّهَىَ، فاشْتَغِلوُا بِطَلَبِ رِضاهُ «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ؟ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا »البخاري(6549), ومسلم(2829).
أَيُّها المؤْمِنوُنَ: ابْذُلوُا وُسْعَكُمْ، وَاجْتَهِدوُا في طَلَبِ رِضَا رَبِّكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعالَىَ أَمَركُمْ بِطَلَبِ رِضاهُ، وَطَلَبِ رِضا رَسوُلِهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾التوبة:62 ، وَلِذَلِكَ سارَعَ في طَلَبِ رِضاهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ النَّبِيُّوُنَ، وَالصِّدِّيقوُنَ، وَالشُّهَداءُ، وَالصَّالحوُنَ.
فَهذا مُوُسَىَ عَلَيْهِ السَّلامُ يَقوُلُ لِرَبِّهِ عِنْدَما جاءَ لِلمَوْعِدِ الَّذي واعَدَهُ فيهِ: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾طه:84 ، وَهَذا سُلَيْمانُ يَقوُلُ في دُعاءِهِ: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾النمل:19 ، هَكَذا هُمْ الرَّاشِدوُنَ يَسْعَوْنَ في طَلَبِ رَضا رَبَّهُمْ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ، وَالمؤْمِنُ يَطْلُبُ رِضا اللهِ في كُلِّ أَحْوالِهِ في عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ، في مَنْشَطِهِ وَمَكْرَهِهِ، في غِناهُ وَفَقْرِهِ، يَطْلُبُ رِضَا اللهِ تَعالَىَ في فَرَحِهِ وَحُزْنِهِ، فَهَذا رَسوُلُ اللهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذكِّر نَفْسَهُ وَأُمَّتَهُ بِطَلَبِ رِضاهُ في كُلِّ أَحْوالهِ لَمَّا ماتَ ابْنُهُ قالَ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تدمعُ العينُ ويحزنُ القلبُ ولا نقولُ إلا ما يرضي ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون» صحيح مسلم (2315).
أَيُّها المؤمِنوُنَ, إِنَّ الفَوْزَ بِرضا اللهِ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ جَنَّةٌ الدُّنْيا، وَهُوَ نَعيِمُ الآخِرَةِ بَلْ هُوَ أَعْلَىَ ما يُنْعِمُ اللهُ تَعالَىَ بِهِ عَلَىَ عِبادِهِ في الآخِرَةِ فَبادِروُا أَيُّها المؤْمِنوُنَ، بادِروُا إلىَ الأَخْذِ بِأَسْبابِ رِضاَ اللهِ تَعَالىَ فَشَتَّانَ ما بَيْنَ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ، وَمَنِ باءَ ِبغَضَبِهِ وَسَخَطِهِ. قالِ اللهُ تَعالَىَ في بَيانِ عَظيمِ الفَرْقِ بَيْنَ الاثْنَيْنِ: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ﴾آل عمران:162 أَيْ سَعَىَ في أَخْذِ أَسْبابِ رِضا رَبِّهِ وَمَوْلاهُ، ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾آل عمران:162 ، الَّلهُمَّ أَعِنَّا عَلَىَ ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَبُلوُغِ رِضاكَ.
هذا رَسوُلُ اللهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقوُمُ اللَّيْلَ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَماهُ، سَمِعَتْهُ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعالَىَ عَنْها وَهُوَ في سُجوُدِهِ يَقوُلُ: «اللَّهُمَّ أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وبِمُعَافَاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ، وأَعُوذُ بكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ» صحيح مسلم (486).َوَقَدْ سَأَلَ اللهَ تَعَالَىَ رضِاهُ في مَواضِعَ عَديدَةٍ, فَجِدُّوُا وَاجْتَهِدوُا في طَلَبِ رِضا رَبِّكُمْ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ. وَاعْلموُا أَيُّها المؤْمِنوُن: أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ ما يُنالُ بِهِ رِضا اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَكوُنَ العَبْدُ مُخْلِصًا للهِ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ، أَنْ يكوُنَ مُوَحِّدًا لِرَبِّهِ، فَإِخْلاصُ العَمَلِ للهِ، وَلُزوُمُ شَرْعِهِ، وَلزوُم الجماعَةِ مِنْ أَعْظَمِ ما يُنالُ بِهِ رِضا رَبِّ العالمَينَ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ.
جاءَ في الصَّحيحِ مِنْ حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ النَّبِيُ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تعالى يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا, وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاثًا فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ, وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» وهذا التوحيد، «وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا» وهذا القيام بشرع الله عز وجل، «وَلا تَفَرَّقُوا» صحيح مسلم (1715). ، وَهذا لُزوُمُ الجماعَةِ عدمُ الخروُجِ عَلَىَ الأَئِمَّةِ وَالأُمَّةِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّ مِنْ أَعْظَمَ ما يُنالُ بَهَ رِضا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُحِبَّ المسْلِمُ ما يُحُبُّ رَبُّهُ، وَأنْ يَكوُن وَلاؤُهُ لمَنْ وَالاهُ، سِلْمًا لمنْ سَلَّمَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَأَحَبَّهُ، فَيُحِبُّ في اللهِ، وَيُبْغِضُ في اللهَ، وَلِذَلِكَ قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ﴾المجادلة:22 ، الَّذينَ قاموُا بِهَذِهِ الخَصْلَةِ، وَهِيَ مُوالاةُ مَنْ والاهُ اللهُ، وَمُعاداةُ مَنْ عاداهُ ،﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ﴾المجادلة:22 أَيْ أَثْبَتَ في قُلوُبِهُمُ الإيمانَ، ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾المجادلة:22 كُلُّ هذا مِنْ عَطائِهِ، قالَ تَعالَىَ: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾المجادلة:22 .
أَيهُّا المؤْمنوُنَ, عِبادَ اللهِ, إِنَّ مما يُنالُ بِهِ رِضا اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ السَّعْيَ في طَلَبِهِ بِصالحِ العَمَلِ، اطْلُبوُا رِضا رَبِّكُمْ بِصالحِ الأَعْمالِ، وَاجْتهَدِوُا في نَيْلِهِ بِأَخْذِ الأَسْبابِ في مُعامَلَةِ اللهِ وَفي مُعامَلَةِ الخَلقِ. قالَ اللهُ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾الفتح:29 ، فَمِنْ سِيما هَؤُلاءِ، وَمِنْ أَعْمالهِمْ وَخِصالهِمْ، وَما مَيَّزَهُمُ اللهُ تَعالَىَ بِهِ أَنَّهُمْ أَصْحابُ طَلَبٍ لِرِضا اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ بِالإِخْلاصِ لَهُ، وَالعَمَلِ الصَّالحِ، وَإِحْسانِ الصِّلَةِ بالخَلْقِ، وَإِحْسانِ الصِّلَةِ بالخالِقِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, عِبادَ اللهِ, إِنَّ مِمَّا يُنالُ بِهِ رِضا اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ أَنْ يُعَظَّمَ العَبْدُ شَعائِرَ اللهِ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾الحج:32 ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾المائدة:2 أَيْ ما عَظَّمَهُ وَحَرَّمَهُ، وَجَعَلَ لَهُ حُرْمَةً وَمَنْزِلَةً، احْذَرْ أَنْ تَسْتَهيِنَ بِشَيءٍ عَظَّمَهُ اللهُ مَكانًا أَوْ زَمانًا أَوْ حالاً أَوْ شَخْصًا «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ» صحيح البخاري (6502) ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾المائدة:2 قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ في مَعْنَى قَوْلِهِ: }يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا{؛" أَيْ يَتَرَضَّوْنَ اللهَ بحَجِّهِم".تفسير الطبري(9/481) أَيْ يَطْلُبوُنَ رِضا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِتَعْظيمِ ما عَظَّمَهُ مِنْ بُقْعَةٍ وَمَكانٍ وَعَمَلٍ، بِقَصْدِ هذِهِ البُقْعَةِ المباركَةِ الَّتي فيها خَيرٌ عَظيمٌ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, عِبادَ الله,ِ إِنَّ مِنْ أَسْبابِ رِضا اللهِ جَلَّ في عُلاهُ، وَمِنْ أَعْظَمِ ما يُنالُ بِهِ رِضاهُ سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ: أَنْ يَشْتَغِلَ العَبْدُ بأَداءِ حُقوُقِ الخَلْقِ، وَأَعْظَمُ ذلِكَ حَقُّ الوالِدَيْنِ، رِضا الرَّبِّ في رضا الوالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ في سَخَطِ الوالدِ، وَفي الحديث الآخَرِ: «رِضا اللهِ في رِضا الوالدَيْنِ، وسخط الله في سخط الوالدين» ابن حبان في صحيحه ح( 429), والترمذي(1899), وَرَجَّحَ وَقْفَهُ الَّلهُمَّ اسْتَعْمِلْنا فيما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، خُذْ بِنواصِينا إِلَىَ البِرِّ وَالتَّقْوَىَ ،أَعِنَّا عَلَىَ ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبادَتِكَ، أَقوُلُ هذا القوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لي وَلَكُمْ فاسْتَغْفِروُهُ، إِنَّهُ هُوَ الغفوُرُ الرَّحيمُ.
* * *
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ حَمْدَ الشَّاكِرينَ، لَهُ الحَمْدُ في الأُوَلَىَ وَالآخِرَةِ، وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعوُنَ. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإحْسانٍ إِلَىَ يَوْمَ الدِّينِ.
أمَّا بَعْدُ:
فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ حَقَّ التَّقْوَىَ فَتَقْواهُ تَجْلِبُ لَكُمْ رِضاهُ، تَقْواهُ تَسْعَدوُنَ بِها في دُنْياكُمْ وَأُخْراكُمْ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾الطلاق:2 ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾الطلاق:3 ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾الطلاق:4 ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾الطلاق:5 .
َأيُّها المؤْمُنوُنَ, اشْتَغِلوُا بِما يُرْضِيِ اللهَ عَنْكُمْ، وَاعْلَموُا أَنَّ رِضا اللهِ قَريِبٌ، فالمؤْمِنُ الصَّادِقُ في تَحْصيِلِ رِضا اللهِ لابُدَّ أَنَّ يَنالَهُ. وَقَدْ جَعَلَ اللهُ أَسْبابًا مُيَسِّرَة، وَطُرُقًا مُذَلِّلَةً مُعَبِّدَةً لإِدْراكِ رِضاهُ، وَتَحْصيِلِ ما يُرْضِيِهِ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ، فاجْتَهِدوُا في ذلِكَ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبرَكُمْ أَنَّ رِضاهُ لَيْسَ بالبَعيِدِ، إِنَّ رِضاهُ يُنالُ بِطاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنَّ رِضاهُ يَنالُهُ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ طاعَةً للهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ، ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾البقرة:207 .
فَكوُنوُا مِمَّنْ يَبيِعُ نَفْسَهُ، وَيَشْغَلُ جُهْدَهُ وَعَمَلَهُ بما يُرْضِيِ رَبَّهُ، وأَبْشروُا؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَىَ يُعْطيِ العَبْدَ بِطَلَبِ رِضاهُ الخَيْرَ العظيَمَ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ ممَّا يَحْصُلُ بِهِ رِضا اللهِ جَلَّ وَعَلا أَنْ يَشْكُرَ العَبْدُ رَبَّهُ عَلَىَ نِعِمَهِ وَإِحْسانِهِ. قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾الزمر:7 ِإْن تَشْكُروُا نِعَمَهُ بِطاعَتِهِ، وَعِبادَتِهِ، وَالإِقْرارِ بِفَضْلِهِ وَإِحْسانِهِ تَنالُوُا رِضاهُ، وَيَرْضَىَ عَنْكُمْ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ, وَإِنَّ ذَلَكَ لَيْسَ في جَليلِ النِّعَمِ وَكَبيرِها، وَلَا في نادِرها وَقَليلِ حُصولِها، بَلْ حَتَّى في النِّعْمَةِ المُتكَرِّرَةِ الدَّائِمَةِ إذا شَكَرَ العَبْدُ رَبَّهُ نالَ بِذَلِكَ رِضاهُ. جَاءَ في الصَّحيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهَ وَسَلَّمَ قالَ: «إنَّ اللَّهَ ليَرضى مِن العبدِ أن يأكُلَ الأَكلَةَ فيحمَدَهُ عليها ويشرَبَ الشَّربَةَ فيحمَدَهُ علَيها» صحيح مسلم (2734) أَهُناكَ أَيْسَرُ مِنْ هَذا السَّبيِلُ في تَحْصيِلِ رِضا رَبِّ العالمينَ!
إِنَّهُ سَبيِلٌ مُيَسَّرٌ فَكُلَّما شَرِبْتَ شَرْبَةً أَوْ طَعِمْتَ طَعامًا وَلَوْ لُقْمَةً فَقُلِ: الحَمْدُ للهِ، إذا قُلْتَ ذَلِكَ بِلسانِكَ مُقِرٌّ بِذلِكَ قَلْبُكَ فَأَبْشِرْ فَإِنَّكَ نِلْتَ سَبَبًا، وَحُزْتَ فَضْلاً، وَأَدْركْتَ سَبِيلًا يَحْصُلُ بِهِ رِضا رَبِّكَ عَنْكَ. قَالَ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ اللَّهَ ليَرضى مِن العبدِ أن يأكُلَ الأَكلَةَ فيحمَدَهُ عليها ويشرَبَ الشَّربَةَ فيحمَدَهُ علَيها» فاحْمدوُا اللهَ عَلَىَ كُلِّ نِعْمَةٍ. أَقِرّوُا بِفَضْلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُنالُ بِهِ عَظيمُ عَطائِهِ ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾إبراهيم:7 .
اُشْكروهُ عَلَىَ نِعَمِهِ؛ فَرِضاهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ يَجْلِبُ لَكُمْ كُلَّ خيْرٍ، اُتركوُا كُلَّ ما يُغضِبُهُ عَنْكُمْ، أَوْ يَكوُنُ سَببًا في أَنْ لا تَصِلوُا إِلَىَ رِضاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُبَلِّغُكُمْ رِضاهُ. قَالَ اللهُ تَعالىَ في الهِجْرَةِ في سَبيِلِهِ: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾الحشر:8 قالَ البَغَوَيُّ رحِمَهُ اللهُ: "أَيْ أَخْرَجوُا إِلَىَ دارِ الهِجْرَةِ طَلَبًا لِرضا اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ".تفسير البغوي(8/75) فابْحَثْ عَنْ رِضا اللهِ حَيْثُ كانَ، ولوْ خَرَجْتَ في ذَلِكَ مِنْ مالِكَ، وَأَهْلِكَ، وَوَلَدِكَ، وَسائِرَ شَأْنِكَ وَأَبْشِرْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ للهِ شَيْئًا عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ، وَمْنْ أَقْبَلَ عَلَىَ اللهِ وَجَدَ مِنْهُ عَطاءً يَفوُقُ الخَيالَ وَالوَصْفَ، فَفَضْلُ اللهُ واسِعُ، وكَرَّمَهُ عَظيمٌ، وَهُوَ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ الَّذي إِذا أَرادَ شَيْئًا قالَ لَهُ: كُنْ فَيَكوُنُ، واعْلَمْ أَنَّ رِضا النَّاسِ لا يُبَلِّغُكَ رِضا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إذا كانَ في سُخْطِهِ.
فاحْذَرْ أَنْ تُرْضِيِ النَّاسَ بما يُسْخِطُ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ؛ فَإِنَّهُ مَنْ الْتَمَسَ رضا النَّاسِ بِغَضَبِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ غَضِبَ اللهُ تَعالَىَ عَلَيْهِ، وَأَغْضَبَ عَلَيْهِ خَلْقَهُ جَلَّ في عُلاهُ. فاحْذَرْ ذَلكَ واجْتَهِدْ في طَلَبِ رضا اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ ، ولَوْ قَلاكَ مَنْ قلاكَ، وَلَوْ نالَ مِنْكَ مِنْ نالَ مِنْكَ، فَإِنِّ رِضا اللهُ ـ جَلَّ وَعَلاَ ـ لا يُنالُ إِلاَّ بالجِدِّ، وَالاجْتِهادِ، والصَّبْرِ، وَالمُصابَرَةِ، وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ جَعَلَنا اللهُ وَإِيَّانا مِنْهُمْ.
أَيُّها المؤْمنوُنَ, عِبادَ اللهِ, إِنَّ رِضا اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ يُنالُ بِالرِّضا بِقَضائِهِ وَقَدَرِهِ، فَإِنَّ اللهَ يَجْريِ عَلَىَ عِبادِهِ مِنَ الأَقْضِيَةِ وَالأَقْدارِ ما يَكوُنُ مَكروُهًا لَهُمْ، وَذلِكَ لحَكْمَةٍ بالِغَةٍ، فَثَقوُا بِاللهِ ـ عَزَّ وَجَلْ ـ ، واعْلَموُا أَنَّ ما يَنْزِلُ بِكُمْ مِنْ بِلاءِ هُوَ اخْتِبارٌ وامْتِحانٍ، اعْلَموُا أَنَّ ما يَنْزِلُ بِكُمْ مِمَّا تَكْرَهُوُنَ هُوَ اختِبارٌ مِنَ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ، فقابلوا ذلك بالرضا، والأخذ بأسباب دفع ما تكرهونه من قدر الله بقدر الله. إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، هكذا قال صلى الله عليه وسلم «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ» أي بقضاء الله وقدره «فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ».أخرجه الترمذي ح(2396) ، وقال : حسن غريب.
وَلَكِنِ افْهَمْ أَنَّ الرِّضا هُنا هُوَ عَنْ فِعْلِ اللهِ، وَما أَجْراهُ وَقَدَرِهِ لا يَعْنيِ ذَلكَ أَنَّ تَسْتَسْلَمَ لما تَكْرَهُهُ مما يُمْكِنُ دَفْعُهُ، فالمرَضُ عَلَىَ سبيلَ المثالِ قَضاءٌ وَقَدَرٌ يُجريِهِ اللهُ تَعالَىَ عَلَىَ عِبادِهِ وَلَكِنْ هَذا لا يَعْنِي أَنْ لا يَتَّخِذَ الإِنْسانُ أَسْبابَ دَفْعِ البَلاءِ والمَرَضِ، بَلْ يَأْخُذْ ذَلِكَ بِالوِقايَةِ ابْتدِاءً، وإِذا نَزَلَ بِهِ مَرَضٌ فما مِنْ داءٍ إلَّا وَلَهُ دَواءٌ لَكِنَّهُ يَرْضَىَ أَنَّ اللهَ أَصابَهُ بِالمرَضِ، يَرْضَىَ بِفِعْلِ اللهِ، وَأَمَّا المقْضِيُّ المقدوُرُ فَلَكَ أَنْ تَدْفَعَهُ بِقَدَرِ اللهِ كما قالَ عُمُرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَىَ عَنْهُ لأَبي عُبَيْدَةَ لما أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَدْخُلَ الشَّامَ وَقَدْ نَزَلَ بِها الطَّاعوُنُ، الطاعوُنُ نَزَلَ بِالشَّامِ، أَقْبَلَ عُمُرُ وَمَعَهُ أَصْحابُ رَسوُلِ اللهِ فَبَلَغَهُ أَنَّ الطاَّعوُنَ نَزَلَ باِلأَرْضِ الَّتي يَتَوَجَّهوُنَ إِلَيْها، فَشاوَرَ الصَّحابَةَ فَرَأَىَ أَنْ يَرْجِعَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ في ذَلِكَ نصٌّ عَنْ رَسوُلِ اللهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ أَبوُ عُبَيْدَةَ:«أفرارًا من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ فقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نفر من قدر الله إلى قدر الله».البخاري(5729), ومسلم(2219)نَرْضَىَ بما قَسَمَ اللهُ وَقَدَّرَ.
لَكِنْ لا يَعْني هَذا أَنْ لا نَسْتَدْفِعَ ما نَكْرَهُهُ مِنَ الأَقْضِيَةِ وَالأَقْدارَ بِما يُقَدِّرُهُ اللهُ مِنَ الأَسْبابِ المشْروُعَةِ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ.
أَيُّها المؤْمِنوَُن عِبادَ اللهِ, إِنَّ رِضا اللهِ يُنالُ بِالكِلامِ الطَّيِّبِ، وَبالقَوْلِ الحَسَنِ، وَبِالقَوْلِ الصَّالحِ ﴿وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾الأحزاب:70 ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنوُبَكَمْ، وَيُسَدِّدُكُمْ في أَعْمالِكُمْ، وَيُصْلْحْ لَكُمْ شُئوُنَكُمْ، قُولوُا قَوْلاً سَدِيدًا وَارْجوُا مِنَ اللهِ العَطاءَ وَالفَضْلَ.
«إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ»البخاري ح(6478)وَقَدْ قالَ النَّبِيُّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بَيانٍ عَظيمِ فَضْلِ القَوْلِ الطَّيِّبِ، وَذِكْرِ اللهِ في نَيْلِ رِضاهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ، وَحِينَ يُمْسِي: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإسْلاَمِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- نَبِيًّا، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة» أخرجه أحمد (4/337 ، رقم 18988) ، وأبو داود (4/318 ، رقم 5072) ، والنسائي في الكبرى (6/145 ، رقم 10400) ، والحاكم (1/699 ، رقم 1905) وقال : صحيح الإسناد . رَضيتُ بِاللهِ رَبًّا في خَلْقِهِ، وَفي صِفاتِهِ، وَفي أَسْمائِهِ، وَفي فِعْلِهِ، وَفي تَدْبِيِرِهِ، وَفي شَرْعِهِ، هَذا هُوَ الرِّضا الكامِلُ عَنْ اللهِ أَنْ تَرْضَىَ عَنْهُ إِلهًا لا يُعْبَدُ سِواهُ، أَنْ تَرْضَىَ عَنْهُ رَبًّا يُدَبِّرُ الكَوْنَ وَيَمْلِكُهُ وَيَصْرِفُهُ وَيَخْلُقُهُ، أُنْ تَرْضَىَ بِهِ رَبًّا لَهُ الأَسْماءُ الحَسَنَةُ، أَنْ تَرْضَىَ بِهِ رَبًّا لَهُ الصِّفاتُ العُلا ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ.َ: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾هود:1 . وَتَرْضَىَ بِالنَّبِيِّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَرْضَىَ بمُحَمِّدٍ نَبِيًّا فَهُوَ أَكْمَلُ الخَلْقِ، وَهُو خاتَمُ المرْسلينَ، وَهُوَ إِمامُ المتَّقينَ لا سَبيلَ يُوًصِلُ إِلَىَ اللهِ بَعْدَ بَعْثَتِهِ إِلَّا مِنْ طَريِقَهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
جِدِّوُا عِبادَ اللهِ بِنَيْلِ أَسْبابِ رِضا اللهِ، وَاعْلَموُا أَنَّ مَنْ جَدَّ لابُدْ أَنْ يَبْلُغَ، ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾العنكبوت:69 ، فَمَنْ صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ، وَمَنْ بَذَلَ السَّبَبَ جَنَىَ ثَمَرَهُ. الَّلهُمَّ بَلِّغْنا رِضاكَ، الَّلهُمَّ بَلِّغْنا رِضاكَ، الَّلهُمَّ بَلِّغْنا رِضاكَ، وَخُذْ بِنواصِينا إِلَىَ ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ في السِّرِّ وَالعَلَنِ، في القَوْلِ وَالعَمَلِ يا رَبَّ العالمينَ. رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتنا وَوُلاةَ أُموُرِنا، وَاجْعَلْ وِلايتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ.
الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَليَّ أَمْرِنا خادِمَ الحَرَمَيْنِ الشَّريفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلىَ ما تحُبِ ُّوَتَرْضَىَ، خُذْ بِنواصِيِهمْ إِلَىَ البِرِّ وَالتَّقْوَىَ، اجْمَعْ بِهِمْ كَلِمَةَ المسْلِمينَ وَسَدِّدْهُمْ في الأَقْوالِ والأَعْمالِ، واجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ في الحَقِّ ظَهيرًا وَنَصيرًا يا رَبَّ العالمينَ.
رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ ا لنَّارِ، رَبَّنا اغْفِرْ لَنا ولإِخْوانِنا الَّذينَ سَبقوُنا بالإِيمانِ, وَلا تَجْعَلْ في قُلوُبِنا غِلاًّ لِلذينَ آمنوُا رَبَّنا إِنَّكَ رءوُفٌ رَحيمٌ.