باب شروط الصلاة
شروطها قبلها، منها: الوقتُ، والطهارة من الحدث والنجس؛ فوقت الظهر من الزوال إلى مساواةِ الشيءِ فَيْئَهُ بعد فَيْءِ الزوال، وتعجيلُها أفضل إلا في شدة حَرٍّ، ولو صلى وحدَه أو مع غيم لمن يصلي جماعة، ويليه وقت العصر إلى مصير الفَيْءِ مثليه بعد فَيْءِ الزوال والضرورة إلى غروبها، ويسن تعجيلُها، ويليه وقت المغرب إلى مغيب الحمرة، ويسن تعجيلُها إلا ليلةَ جَمْعٍ لمن قصدها مُحْرِما، ويليه وقت العشاء إلى الفجر الثاني، وهو البياض المُعْتَرِضُ، وتأخيرُها إلى ثُلُثِ الليل أفضلُ إن سَهُلَ، ويليه وقت الفَجْرِ إلى طلوع الشمس وتعجيلُها أَفْضَلُ.
وتدركُ الصلاةُ بتكبيرة الإحرام في وقتِها، ولا يُصَلِّي قبلَ غَلَبَةِ ظنه بدخول وقتها؛ إما باجتهاد أو بخبر مُتَيَقَّن، فإن أحرم باجتهاد فبان قبلَه فنفلٌ وإلا ففرضٌ، وإن أدرك مكلف من وقتها قدر التحريمة ثم زال تكليفه، أو حاضت ثم كُلِّفَ وطَهَرَت قضوها، ومن صار أهلا لوجوبها قبل خروج وقتها لَزِمَتْه وما يُجْمَعُ إليها قبلها.
ويجب فورا قضاءُ الفوائتِ مُرَتَّبا، ويسقط الترتيب بنسيانه وبخشية خروج وقت اختيارِ الحاضرة.
ومنها: ستر العورة، فيجب بما لا يصف بَشَرَتَها، وعورة رجل وأمةٍ وأمِّ ولد ومُعْتَقٍ بعضُها من السرة إلى الركبة، وكلُّ الحرة عورةٌ إلا وجهَها، وتستحب صلاته في ثوبين، ويكفي( ) ستر عورته في النفل، ومع أحد عاتقيه في الفرض، وصلاتُها في دِرْع وخمار ومِلْحَفة، ويجزئ ستر عورتها.
ومن انكشف بعضُ عورته وفَحُشَ، أو صلى في ثوب مُحَرَّمٍ عليه أو نَجِسٍ أعاد، لا مَنْ حُبِسَ في محل نجس، ومن وجد كفاية عورته سترها، وإلا فالفرجين، فإن لم يكفهما فالدبر، وإن أعير سترةً لزمه قبولها، ويصلي العاري قاعدا بالإيماء استحبابا فيهما، ويكون إمامُهم وَسْطَهُم، ويصلي كل نوع وحده، فإن شق صلى الرجالُ واستدبرهم النساءُ ثم عكسوا، فإن وَجَدَ سُتْرَةً قريبة في أثناء الصلاة سَتَرَ وبَنَى، وإلا ابتدأ.
ويكره في الصلاة السدل، واشتمالُ الصَّمّاء، وتغطية وجهه، واللثامُ على فمه وأنفه، وكفُّ كُمِّه ولَفُّه، وشد وَسَطِه كزُنار، وتحرم الخيلاءُ في ثوب وغيرِه، والتصوير واستعماله، ويحرم استعمالُ منسوج أو مموه بذهب( ) قبل استحالته، وثيابُ حرير وما هو أَكْثَرَهُ ظُهورا على الذكور لا إذا استويا، أو لضرورة، أو حِكةٍ، أو مرضٍ، أو قملٍ، أو حَرْبٍ( )، أو حشوًا، أو كان عَلَما أربع أصابعَ فما دونَ، أو رِقاعا، أو لَبْنَة جَيْبٍ وسُجُفِ فراء، ويكره المعصفر والمزعفر للرجال.
ومنها: اجتناب النجاسات، فمن حمل نجاسة لا يعفى عنها، أو لاقاها بثوبه أو بدنه لم تصح صلاته، وإن طَيَّنَ أرضا نجسة أو فَرَشها طاهرا كُرِهَ وصحت، وإن كانت بطرف مُصَلَّى متصل صحت إن لم يَنْجَرَّ بمشيه، ومن رأى عليه نجاسة بعد صلاته وجهل كونَها فيها لم يُعِدْ، وإن علم أنها كانت فيها لكن جَهِلَها أو نَسِيَها أعاد، ومن جُبِرَ عظمه بنجس لم يجب قلعه مع الضرر، وما سقط منه من عضو أو سِنٍّ فطاهر.
ولا تصح الصلاة في مقبرة وحُشٍّ وحمام وأعطان إِبِل ومغصوب وأسطحتِها، وتصحُّ إليها، ولا تصح الفريضة في الكعبة ولا فوقَها، وتصح النافلة باستقبال شاخص منها( ).
ومنها: استقبالُ القبلةِ؛ فلا تصح بدونِه إلا لعاجز، ومتنفلٍ راكبٍ سائرٍ في سفر، ويلزمه افتتاحُ الصلاة إليها، وماشٍ ويلزمه الافتتاحُ والركوعُ والسجودُ إليها، وفرض من قرب من القبلة إصابةُ عينَها ومن بَعُدَ جهتُها، فإن أخبره ثقة بيقين أو وجد محاريب إسلاميَّةً عمل بها، ويستدل عليها في السفر بالقطب، والشمس والقمر ومنازِلِهما، وإن اجتهد مجتهدان فاختلفا جِهَةً لم يتبع أحدهما الآخر، ويَتْبَعُ المقلدُ أوثقهما عنده، ومن صلى بغيرِ اجتهاد ولا تقليد قضى إن وجد من يقلده، ويجتهد العارف بأدلة القبلة لكل صلاة، ويصلي بالثاني ولا يقضي ما صلى بالأول.
ومنها: النية فيجب أن ينوي عين صلاة معينة ولا يشترط في الفرض "والأداء" والقضاء "والنفل والإعادة" نيتهن وينوي مع التحريمة وله تقديمها عليها بزمن يسير في الوقت فإن قطعها في أثناء الصلاة أو تردد بطلت.
وإن قلب منفرد فرضه نفلا في وقته المتسع جاز وإن انتقل بنيتة من فرض إلى فرض بطلا ويجب نية الإمامة والائتمام وإن نوى المنفرد الائتمام لم يصح فرضا أو نفلا كنية إمامته فرضا وإن انفرد مؤتم بلا عذر بطلت.
وتبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة إمامه فلا استخلاف وإن أحرم إمام الحي بمن أحرم بهم نائبه وعاد النائب مؤتما صح.