قال الإمام النووي –رحمه الله- تعالى في كتابه رياض الصالحين باب النصيحة: قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ}، وَقالَ تَعَالَى: إخباراً عن نوحٍ صلى الله عليه وسلم: {وَأنْصَحُ لَكُمْ}، وعن هود صلى الله عليه وسلم: {وَأنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أمِينٌ}
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..
ما النصيحة؟
فالنصيحة هي: بذل ما يستطيعه الإنسان من الخير لغيره في قلبه وفي قوله وفي عمله.
في قلبه بأن يحب له من الخير ما يحب لنفسه، وفي عمله بأن يسعى في جلب كل خير لغيره ودفع كل ضر عنهم، وفي قوله بأن يقدم لهم من الرأي والمشورة إذا استنصحوه وكذلك يقدم لهم من البيان والدعوة إلى الهدى والخير ما يكون سببًا لرشدهم وصلاح حالهم في دينهم ودنياهم، في معاشهم ومعادهم، وذلك أن النصيحة في اللغة هي الخلوص، فالشيء المنصوح أو النصيح هو الخالص فإذا أخلص الإنسان لغيره الرأي والأماني والعمل كان ذلك سببًا لوصال كل خير إلى غيره، ودفع كل شر عنه.
وأعظم الناصحين هم النبيون صلوات الله وسلامه عليهم:
فقد بعثهم الله تعالى بالهدى ودين الحق يدعون إلى الهدى ويدلون الناس على الخير، يعرفونهم بالله ويعرفونهم بالطريق الموصل إليه جل في علاه. ولذلك من اشتغل بالنصيحة لغيره، فإنه سالك طريق النبيين وهو مهتد بهم وهو من ورثتهم وهو من المنعم عليهم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾[الفاتحة: 6- 7] فليطوي الإنسان قلبه وقوله وعمله على هذا ويجد بذلك خيرًا كثيرًا، فإنه يحقق بذلك الإيمان وطاعة الله –عز وجل- والجزاء من جنس العمل، فالله تعالى إذا علم من عبده النصح لعباده يسر له من الخير والبر والهدى ما يكون جالبًا لكل خير وفلاح، دافعًا لكل شر وهلاك.
ولهذا إذا أردت الله –عز وجل- أن يكون لك كما تحب، فكن له على ما يحب، وكن لعباده على نحو مما أمرك به من النصيحة وكمال الهداية إلى كل خير والدعوة إلى كل بر في كل قول وعمل وظاهر وباطن.
اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، زينا بزينة الإيمان واجعلنا من المتقين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.