إِنَّ اَلْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّىَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَىَ يَوْمِ اَلدِّينِ، أمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوُا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ، اِتَّقُوُا اَللَّهَ تَعَالَى حَقَّ اَلتَّقْوَىَ؛ ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا 2 وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾الطلاق:3 ، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾الطلاق:4 فَمَا نَجَا أَحَدٌ مِنَ اَلْكُرُوبِ وَالْبَلَايَا وَمَا بَلَغَ أَحَدٌ اَلْمَطَالِبَ وَالْمحَابَّ بِمِثْلِ تَقَوَى رَبِّ اَلْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ، فَاتَّقُوُا اَللَّه عِبَادَ اَللَّهِ، اتَّقَوُهُ حَقَّ اَلتَّقْوَى تَفُوزُوا بِعَطَايَاهُ، اتَّقُوُهُ حَقَّ اَلتَّقْوَى تُنَجَّوْا مِنَ كُلِّ اَلْكُرُبَاتِ، فَهُوَ جَلَّ وَعَلَا مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ اَلْمُتَّقِينَ وَحِزْبِكَ اَلْمُفْلِحِينَ وَأَوْلِيَائِكَ اَلصَّالِحِينَ.
أَيُّهَا اَلنَّاسُ: عِبَادَ اَللَّهِ؛ خَلَقَ اَللَّهُ تَعَالَى بَنِي آدَمَ وَأَحْسَنَ خِلْقَتَهُمْ فِي صُوَرِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَسَائِرِ شُئُونِهِم؛ قَالَ جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾الأعلى:3 ، وَهُوَ جَلَّ فِي عُلَاهُ أَحْسَنَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ وَأَقْسَمَ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ1 وَطُورِ سِينِينَ2 وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ3 لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾التين:1-4 .
أَمَدَّكُمُ اَللَّهُ تَعَالَى بِنِعَمٍ عَظِيمَةٍ ، وَآلَاءٍ جَزِيلَةٍ، فَأَمَدَّكُمْ بِأَدَوَاتٍ وَقُدُرَاتٍ كُلِّهَا سَخَّرَهَا جَلَّ فِي عُلَاهُ لِتَبْلُغُوا مَقَاصِد اَلْحَيَاةِ، وَتَنَالُوا مَا مِنْ أَجْلِهِ خُلِقْتُمْ، وَقَدْ خَلَقَكُمُ اَللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادَتِهِ، وَلِعِمَارَةِ اَلْأَرْضِ بِطَاعَتِهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، فَاتَّقَوُا رَبَّكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ، قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» أخرجه البخاري في الأدب المفرد (300)، والترمذي في السنن (2346)، وحسنه. وابن ماجة في السنن (4141). وصححه ابن حبان (671) .
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ وَاشْكُرُوهُ عَلَى اَلنِّعَمِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ اَلنِّعَمِ اِمْتِحَانٌ وَابْتِلَاءٌ يَخْتَبِرُ اَللَّهُ تَعَالَى بِهَا مَنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَسَاقَهَا إِلَيْهِ، كَمَا يَمْتَحِنُ بِهَا مَنْ حُرِمهَا؛ فَالنِّعْمَةُ اِمْتِحَانٌ وَابْتِلَاءٌ لِمَنْ أُعْطِيَ وَلِمَنْ سُلِب، فَاشْكُرُوا اَللَّهَ تَعَالَى وَاصْبِرُوا عَلَى مَا قَضَاهُ وَقَدَّرَهُ، وَكُونُوا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِهِ مُعْتَصِمِينَ، وَعَلَيْهِ مُتَوَكِّلِينَ؛ فَإِنَّهُ مَا جُلِبَ شَيْءُ بِمَثَلِ تَقْوَاهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ، ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾المائدة:23 ، ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾الطلاق:3.
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ وَاعْتَمِدوُا عَلَيْهِ، وَحَقِّقُوا مَا أَمَرَكُمْ بِهِ، فَمَا دَعَاكُمْ إِلَّا لِمَا يُحْيِيكُم، كَمَا قَالَ جَلَّ وَعَلَا :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ الأنفال:24 ، فَكُلُّ مَا أَمَرَ اَللَّهُ بِهِ وَرَسُوُلُهُ هُوَ حَيَاةٌ لِلْبَشَرِيَّةِ، هُوَ حَيَاةٌ لِلْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، هُوَ صَلَاحٌ لِلدُّنْيَا وَصَلَاحٌ لِلْآخِرَةِ، فَأَقْبِلُوا عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقُومُوا بِحَقِّهِ، وَالْجَئوُا إِلَيْهِ، وَاصْبِرُوا عَلَى قَضَائِهِ وَقَدْرِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ تَنَالُونَ بِذَلِكَ كُلَّ خَيْرٍ، وَتُدْرِكُونَ بِهِ كُلَّ بِرٍّ، وَتَنْجُونَ بِهِ مِنْ كُلِّ ضَائِقَةٍ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ لَا يُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ، وَإِذَا أَرَادَ شَيْئًا كَانَ فَالْأَمْرُ لَهُ: ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾هود:123 ، وَهُوَ جَلَّ وَعَلَا لَيْسَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَبْتَلِي اَلْعِبَادَ بِأَنْوَاعٍ مِنْ اَلْبَلَاءِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنْ نَقْصِ اَلْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَمَا يَكُونُ مِنْ اَلْأَوْبِئَةِ وَالْأَمْرَاضِ، وَذَاكَ كُلُّهُ لِيَتَذَكَّرَ اَلنَّاسُ وَيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ عَبَيْدٌ لِلَّهِ مَقْهُورُونَ، فَمَهْمَا أُوتُوا مِنْ اَلْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ قُدْرَةِ اَللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَنْجُونَ مِمَّا قَدْ يُسَلِّطُهُ عَلَيْهِمْ، ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ﴾المدثر:31 سبحانَهُ وبحمْدِهِ.
وَجُنُودُهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ هُمْ مَنْ سَخَّرَهُمْ جَلَّ فِي عُلَاهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ، وَإِمْضَاءِ قَدَرِهِ، فَكُونُوا عَلَى وَجِلٍ وَعَلَى تَهَيُّؤٍ، وَعَلَى قِيَامٍ بِحَقِّ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ أَحْوَالِكُمْ.
وَقَدْ تَابَعَ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ اَلنُّذُرَ لِيَتَذَكَّرُوا ولِيتَعَظُوا، اَلنُّذُرُ مُتَنَوِّعَةٌ؛ فَمِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ آيَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى اَلسَّمْعِيَّةِ اَلَّتِي بَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى بِهَا اَلرُّسُلَ، وَجَاءَتْ بِهَا اَلرِّسَالَاتُ، وَمِنْهَا آيَاتٌ وَنُذُرٌ خِلْقِيَّةٌ فِي اَلْأَنْفُسِ، وَفِي اَلْآفَاقِ، وَفِي اَلسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْبَصِيرُ مَنْ اِعْتَبَرَ بِذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ اَلنَّاسِ عَنْهُ مُعْرِضُونَ غَافِلُونَ؛ قالَ اللهُ تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾ يوسف:105.
فَاتَّقُوُا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ؛ وَاعْتَبِرُوا بِمَا أَنْذَرَكُمُ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ، قَابِلُوا مَا قَدَّرَهُ عَلَيْكُمْ بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ، وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا عَنْهُ نَهَى وَزَجْر، قَالَ جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾البقرة:155 ، فَتُقَابَلُ اَلْبَلَايَا بِالصَّبْرِ، تُقَابَلُ اَلْأَمْرَاضَ وَالْآفَاتِ بِالصَّبْرِ وَسَائِرِ مَا أَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِي اَلنَّوَازِلِ وَالْمُلِمَّاتِ وَالْمُصِيبَاتِ، ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ البقرة:156 ؛ فَزِعُوا إِلَى اَللَّهِ، أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ عِبَادُهُ وَخَلقُهُ، وَأَنَّ قَدَرَهُ مَاضٍ فِيهِمْ، لَا اِنْفِكَاكَ لِأَحَدٍ عَنْ قَضَاءِ اَللَّهِ وَقَدَرِهِ، فَهُوَ اَلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، مَا شَاءَ كَانَ وَإِنْ لَمْ نَشْأ، وَمَا شِئْنا لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ الإنسان:30 .
فِرَّ منه إليه: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾الذاريات:50 ، إِذَا حَقَّقَ اَلْعَبْدُ ذَلِكَ فَازَ بِعَطَايَا رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا، ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ 156 أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾البقرة:155-157 ، ثم الشهادة لهم بكل خير ﴿وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾البقرة:157 .
اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِنَ اَلصَّابِرِينَ، وَفَوِّزنَا بِمَا تُعْطِيهِ عِبَادَكَ اَلصَّالِحِينَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمينَ، فَرَحْمَتُهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ، أَعَانَنَا اَللَّهُ وَإِيَّاكُمْ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، أَقُولُ هَذَا اَلْقَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ اَلْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفَرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ.
* * *
الخطبة الثانية:
اَلْحَمْد لِلَّهِ حَمَدْ اَلشَّاكِرِينَ، لَهُ اَلْحَمْدُ فِي اَلْأُولَى وَالْآخِرَةُ، وَلَهُ اَلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ إِلَهَ اَلْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اَلرَّحْمَنُ الرَّحِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ اِتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ.
أمَّا بَعد:
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ، اِتَّقَوْا اَللَّهُ تَعَالَى؛ فَمِنْ اِتَّقَاهُ وَقَاهُ، اِتَّقَوْا اَللَّهُ تَعَالَى فَمِنْ اِتَّقَاهُ وَفْقُهُ لِكُلِّ بَرٍّ وَخَيْر، تَقْوَاهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ أَنْ تَكُونَ فِي قَلْبِكَ ، وَقَوْلُكَ ، وَعَمَلُكَ عَلَى وَفْقِ مَا يُحِبُّ رَبُّكَ وَيَرْضَى . هَذِهِ هِيَ تَقْوَاهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ؛ أَنْ تَكُونَ لَهُ كَمَا يُحِبُّ، وَإِذَا كُنْتُ لَهُ كَمَا يُحِبُّ فَسَيَكُونُ لَكَ جُلٍّ فِي عُلَاهُ كَمَا تُحِبُّ، وَاَللَّهُ لَا يُخَلِّفُ اَلْمِيعَادُ. اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ، اَللَّهُمَّ اِهْدِنَا وَيُسْرَ اَلْهُدَى لَنَا يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ عِبَادَ اَللَّهِ ؛ إِنَّ مِمَّا شَاعَ بَيْنَ اَلنَّاسِ ، وَمَا اِنْتَشَرَ بَيْنَهُمْ فِي فَتَرَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ حَيَاتِهِمْ أَنْ يَنْتَشِرَ بَيْنَهُمْ مِنْ اَلْأَمْرَاضِ مَا يَكُونُ مُخَوِّفًا ، مُعْدِيًا ، وَبَاءٌ مُنْتَشِرًا ، وَقَدْ جَرَى ذَلِكَ فِي زَمَنِ اَلصَّحَابَةِ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، فَانْتَشَرَتْ بَعْضَ اَلْأَوْبِئَةِ فِي بَعْضِ اَلْجِهَاتِ ، وَمِنْ ذَلِكَ طَاعُونٌ نَزَلَ بِالشَّامِ زَمَنَ عُمَرْ بْنْ اَلْخَطَّابْ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَكَانَ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى اَلشَّامِ لِفَتْحِهَا وَدُخُولِ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ ، فَلَمَّا عَلِمَ بِنُزُولِ اَلْمَرَضِ شَاوَرَ اَلصَّحَابَةِ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي اَلْإِقْدَامِ عَلَى إِتْمَامِ اَلْمَسِيرِ إِلَى اَلشَّامِ ، فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ بِالرُّجُوعِ ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ بِالْمُضِيِّ ، وَاسْتَقَرَّ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ حِمَايَةٌ لِلصَّحَابَةِ مِنْ اَلْوَبَاءِ اَلْمُنْتَشِرِ ، وَالْمَرَضُ اَلشَّائِعُ ، فَجَاءَ أَبُو عُبَيْدَة رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَالَ لِعُمْرِ كَلِمَةٍ لَا زَالَتْ تَرَدُّد وَتَحَفُّظ: «أفرارًا من قدر الله يا أمير المؤمنين!» فردَّ عليه عمر بِبَصَرٍ نَافِذٍ، وَعَلِمَ رَاسِخٌ، وَاجْتِهَاد ثَاقِبٍ، قَالَ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: «نَفَرُ مِنْ قَدْرِ اَللَّهِ إِلَى قَدْرِ اَللَّهِ» فَلَا خُرُوج عَنْ أَقْدَارِهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَإِنَّمَا هِيَ أَسْبَابٌ يَأْخُذُهَا اَلْإِنْسَانُ لِيَتَوَقَّى مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ اَلْأَخْطَارِ، لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَقِيهُ مَا قَدَّرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ.
جَاءَ عَبْدُ اَلرَّحْمَنْ بْنْ عَوْفْ وَكَانَ غَائِبًا رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ اَلصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ اَلْمَوْقِف، فَقَالَ لَهُمْ: سُمِعَتْ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا» أخرجه البخاري (5729)، ومسلم (2219) . فَوَافَقَ قَوْلُ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِجْتِهَادُ عُمَرْ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَكَانَتْ سَنَةٌ نَبَوِيَّةٌ تُفِيدُ فِي مُعَالَجَةِ وَمُحَاصَرَةِ اَلْأَوْبِئَةِ اَلْمُعْدِيَةِ.
وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ»البخاري(5757), ومسلم(2220)، ثم قال صلى الله عليه وسلم في الحديث نفسه: «وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ» بهذا اللفظ أخرجه البخاري (5707) قال: قال عفان. وعفان شيخ البخاري، ووصله بصيغة التحديث أبو نعيم، أي: مَنْ بِهِ جُذَامٌ.
هَذَا اَلْحَدِيثِ اَلنَّبَوِيِّ فِي اَلصَّحِيحِ بَعْضَهُ، وَبَعْضَهُ أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِي مُعَلِّقًا إِلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ فِي غَايَةِ اَلْوُضُوحِ وَالْجَلَاءِ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى اَلْعَدْوَى، وَنَفْي اَلْعَدْوَى لَيْسَ نَفْيًا لِوُجُودِهَا فَهِيَ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّ بِتَأْثِيرِهِ فِي قَوْلِهِ: «وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ».
إِلَّا أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى أَمْرًا غَيْرَ اَلْوُجُودِ، وَقَدْ اِجْتَهَدَ اَلْعُلَمَاءُ فِي بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ» عَلَى أَقْوَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَأَقْرَبَ ذَلِكَ أَنَّ اَلَّذِي نَفَاهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ هُوَ مَا كَانَتْ تَعْتَقِدُ اَلْجَاهِلِيَّةُ مِنْ أَنَّ اَلْأَمْرَاضَ تَنْتَشِرُ بِذَاتِهَا دُونَ قَدَرِ اَللَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، فَنَفَى اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَأَخْبَرَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اَلْأَمْرَاضَ تَنْتَقِلُ بِمَشِيئَةِ اَللَّهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ رَجُلٌ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِبِلٍ فِيهَا مَرَضٌ أَيعَزَلْهَا أَوْ لَا؟ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ قَوْلاً فُهِمَ مِنْهُ نَفْيُ اَلْعَدْوَى فَقَالَ: (أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ اَلْإِبِلَ يَكُونُ فِيهَا اَلْأَوْرَقْ وَالْأَجْرَبِ فَتَجَرَّبُ كُلُّهَا) أَيْ يُصِيبُهَا اَلْجَرَبُ، فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فمن أعدى الأول؟» أخرجه البخاري (5717)، ومسلم (2220). مَنْ اَلَّذِي أَصَابَ اَلْأَوَّلُ بِالْمَرَضِ؟ إِنَّهُ اَللَّهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ بِقَدْرِهِ وَمَشِيئَتِهِ، فَانْتِقَالُهُ إِلَى غَيْرِهِ إِنَّمَا هُوَ بِمَشِيئَةِ اَللَّهِ وَقَدْرِهِ.
وَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلَّذِي قَالَ: «وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ»، وَكَانَ بِهِ جُذَامٌ فِي يَدِهِ أَوْ فِي بَدَنِهِ وَجَلَسَ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَ مَعَهُ فِي قَصْعَةٍ، فَأَكَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ اَلْمَجْذُومِ قَالَ: «بسم الله؛ ثقةً بالله وتوكلًا عليه» أخرجه أبو داود في السنن (3925)، والترمذي في السنن (1817)، وصححه ابن حبان (6120)، والحاكم في المستدرك (7196)، ووافقه الذهبي ، وجاءه رجل آخر مجذوم ليبايعه فقال: «ارجع فقد بايعناك» أخرجه مسلم (2231) ، وَلَمْ يُصَافِحْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَهَدْيُهُ يُفْهَمُ مِنْ جَمِيعِ مَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَجْتَزِئُ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ فَيُفْرِدُ بِالنَّظَرِ دُونَ بَقِيَّةِ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْعَدْوَى مُؤَثِّرَةٌ إِلَّا أَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ إِلَّا بِقَدَرِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مَا مِنْ شَيْءٍ يَجْرِي فِي اَلْكَوْنِ إِلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَّرٍ، قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾البقرة:102 فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَأَحْسِنَ صِلَتُكَ بِاَللَّهِ، وَثَّقَ بِهِ، وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَعَلَّقَ قَلْبَكَ بِهِ تَجِدُ كُلَّ طُمَأْنِينَةٍ وَسَعَادَةٍ، وَكَّلَ فَرَجْ وَمَخْرَجٍ؛ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ الطلاق:3 أي: اَللَّه ُكَافِيهُ، مَنْ تُوكَّل عَلَى اَللَّهِ سَيَجِد مِنْ اَللَّهِ اَلْكِفَايَةِ، وَقَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾الأنفال:64، اَللَّهُ كَافِيكَ، وَكَافِي مَنْ اِتَّبَعَكَ مِنْ اَلْمُؤْمِنِينَ. فَنَسْأَلُ اَللَّهَ أَنْ يَدْفَعَ عَنَّا وَعَنْكُمْ كُلّ سُوءٍ وَشَرٍّ.
وَعَلَى اَلْمُؤَمَّنِ أَنْ يَأْخُذَ بِالتَّدَابِيرِ اَلْوَاقِيَةِ لِلْأَضْرَارِ وَالْآفَاتِ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ، وَأَنْ يَعْتَقَدَ أَنَّهَا أَسْبَابٌ، مَا شَاءَ اَللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَقَدْ جَعَلَ اَللَّهُ لِكُلِّ شَيْءِ سَبَبًا، فَاُبْذُلْ اَلسَّبَبَ وَعَلِّقَ قَلْبَكَ بِالْمُسَبِّبِ، اَلَّذِي إِذَا أَرَادَ شَيْئًا كَانَ، وَإِذَا لَمْ يَرِدْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْلِبَ جَلَّ فِي عُلَاهُ اَلْخَطَرَ عَافِيَةً كَانَ، وَاذْكُر قَوْلَ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلنَّارِ لَمَّا أُلْقِيَ فِيهَا إِبْرَاهِيم: ﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾الأنبياء:69 فَسُبْحَان مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتَ كُلِّ شَيْءٍ، سُبْحَانَ مَنْ يَصِيرُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ، سُبْحَانَ مَنْ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ.
اَللَّهُمَّ أَلْهِمَنَا رُشْدَنَا، وَقِنَا شَرَّ أَنْفُسِنَا، اِمْلَأْ قُلُوبَنَا ثِقَةً بِكَ وَتَوَكُّلًا عَلَيْكَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَحِزْبَكَ، وَاغْفِرْ لَنَا اَلزَّلَلَ وَالْخَطَأُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنَّ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرحمنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ اَلْخَاسِرِينَ.
ارْزُقْنَا اَلْعِبْرَةَ وَالْعِظَةَ، اِهْدِنَا وَيَسِر اَلْهُدَى لَنَا، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلَا تُعِن عَلَيْنَا، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلَا تُعِن عَلَيْنَا، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلَا تُعِن عَلَيْنَا، اَللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، اَللَّهُمَّ آثِرْنَا وَلَا تُؤَثِّر عَلَيْنَا، اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا لَكَ ذَاكِرِينَ شَاكِرِينَ رَاغِبِينَ رَاهِبَيْنِ أُوَاهِينْ مُنِيبِينَ، اَللَّهُمَّ تَقْبَّلَ تَوْبَتَنَا، وَثَبِّت حُجَّتَنَا، وَاغْفِرْ زَلَّتَنَا، وَأَقِل عَثْرَتُنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِلْمُؤْمِنَيْنِ وَالْمُؤْمِنَاتِ اَلْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ.
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْد إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهَّابْ.
اَللَّهُمَّ اِدْفَعْ عَنَّا اَلْأَوْبِئَةَ وَالْأَمْرَاضَ، وَقِنَا شَرَّ مَا يَكُونُ مِنْ اَلْأَضْرَارِ وَالْأَوْزَارِ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
اِدْفَعْ عَنَّا كُلَّ سُوءٍ وَشَرٍّ، وَعَنْ سَائِرِ اَلْمُسْلِمِينَ وَالْبَشَرِ يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي اَلدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي اَلْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ اَلنَّارِ.
اَللَّهُمَّ أمِّنا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ اَلْعَالَمَيْنِ.
اَللَّهُمَّ وَفِّق وَلِيِّ أَمْرِنَا خَادِمَ اَلْحَرَمَيْنِ اَلشَّرِيفَيْنِ، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، سَدِّدَهُمْ فِي اَلْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، اِجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا، أَعِزَّ بِهُمْ اَلْحَقَّ، وَأَذِلَّ بِهُمْ اَلْبَاطِلَ يَا حَي يَا قَيُّوم، وَفِّقَ وُلَاةَ أُمُورِ اَلْمُسْلِمِينَ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ إِلَى مَا فِيهِ خَيْرُ اَلْعِبَادِ وَالْبِلَادِ.
اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد كَمَا صَلَّيَت عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيم؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.